البحث

عبارات مقترحة:

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

خطر الشائعات والأراجيف وقت الحروب

العربية

المؤلف أحمد بن محمود الديب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. المعنى اللغوي والاصطلاحي للشائعة والأراجيف .
  2. الأثر السلبي للشائعات على المجتمع .
  3. موفق الإسلام من الشائعات .
  4. صفات مروج الشائعة .
  5. سهولة رواج الشائعات في العصر الحاضر .
  6. منهج التعامل مع الشائعات .

اقتباس

ظهرت في مجتمعنا آفة اجتماعية خطيرة ابتلي بها كثير من الناس إلا من رحم الله تعالى، هذه الآفة تفت في عضد المجتمعات، فهي من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميرًا، وأعظمها وقعًا وتأثيرًا، وليس من المبالغة في شيء إذا عُدَّت ظاهرة اجتماعية عالمية، لها ..

أيها الإخوة الكرام الأحبة: أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى؛ فإن التقوى هي خير زاد وهي خير وصية.

أيها الإخوة الكرام الأحبة: ظهرت في مجتمعنا آفة اجتماعية خطيرة ابتلي بها كثير من الناس إلا من رحم الله تعالى، هذه الآفة تفت في عضد المجتمعات، فهي من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميرًا، وأعظمها وقعًا وتأثيرًا، وليس من المبالغة في شيء إذا عُدَّت ظاهرة اجتماعية عالمية، لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية، وأنها جديرة بالتشخيص والعلاج، وحريةٌ بالتصدي والاهتمام لاستئصالها والتحذير منها، والتكاتف للقضاء على أسبابها وبواعثها، حتى لا تقضي على الروح المعنوية في الأمة، التي هي عماد نجاح الأفراد، وأساس أمن واستقرار المجتمعات، وركيزة بناء أمجاد الشعوب والحضارات.

إنها -إخواني في الله- الشائعات، فما الشائعة؟! وما خطر الشائعة؟! وماذا فعل الإسلام للشائعات؟! وما مفاسد الشائعات؟! وما الشائعات في العصر الحاضر؟! وكيف نواجه هذا الشائعات؟! هذه أسئلة وغيرها من الأمور التي تتعلق بهذه الآفة الاجتماعية سوف نتناولها معًا في هذه الخطبة -بمشيئة الله تعالى-.

أيها الإخوة الكرام الأحبة: ما أكثر الشائعات التي تطلق في أوساطنا ونسمعها هذه الأيام، شائعات مقصودة، وشائعات غير مقصودة، فلا تكاد تشرق شمس يوم جديد إلا وتسمع بشائعة في مكان ما، من هنا أو من هناك.

فما الشائعة؟! الشائعة: مصدر أشاع، وأشاع ذكر الشيء: أطاره وأظهره، وشاع الخبر في الناس شيوعًا، أي: انتشر وذاع وظهر. ولا يخرج استعمال الفقهاء عن هذا المعنى اللغوي. وقد تطلق الشائعة على الأخبار التي لا يعلم من أذاعها. وكثيرًا ما يعبر الفقهاء عن هذا المعنى بألفاظ أخرى غير الشائعة؛ كالاشتهار والإفشاء والاستفاضة.

والشائعة اصطلاحًا: نشر الأخبار التي ينبغي سترها، لِشَيْنِ الناسِ.

واعلموا -إخواني في الله- أنه يحرم إشاعة أسرار المسلمين وأمورهم الداخلية مما يمس أمنهم واستقرارهم، حتى لا يعلم الأعداء مواضع الضعف فيهم فيستغلوها، أو قوتهم فيتحصنوا منهم؛ كما يحرم إشاعة ما يمس أعراض الناس وأسرارهم الخاصة، قال الله تعالى في محكم التنزيل: (إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) [النور:19]. هذا هو الحكم الأخروي، وبالنسبة للحكم المترتب على الشائعة الكاذبة فهو حد القذف إن توفرت شروطه، وإلا فالتعزير.

والإرجاف في اللغة: الاضطراب الشديد، ويطلق أيضًا على الخوض في الأخبار السيئة وذكر الفتن؛ لأنه ينشأ عنه اضطراب بين الناس. والإرجاف في استعمال الفقهاء: التماس الفتنة، وإشاعة الكذب والباطل للاغتمام به. والإرجاف حرام، وتركه واجب؛ لما فيه من الإضرار بالمسلمين، وفاعله يستحق التعزير. قال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) [الأحزاب:60،61]. قال القرطبي: "لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ: لسلطناك عليهم فتستأصلهم بالقتل".

وبلغ رسول الله أن ناسًا من المنافقين يثبطون الناس عنه في غزوة تبوك، فبعث إليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت، ففعل طلحة ذلك.

هذا هو معنى الأراجيف والشائعات، فكم للشائعات والأراجيف -يا عباد الله- من خطر عظيم في انتشارها وأثر بليغ في ترويجها، فهي تعتبر من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأشخاص. فكم أقلقت الشائعة والأراجيف من أبرياء، وكم حطمت الشائعة والأراجيف من عظماء، وكم هدمت الشائعة والأراجيف من وشائج، وكم تسببت الشائعات والأراجيف في جرائم، وكم فككت الإشاعة والأراجيف من علاقات وصداقات، وكم هزمت الشائعة والأراجيف من جيوش، وكم أخّرت الشائعة والأراجيف في سير أقوام.

وإن الشائعة لها أثر كبير على نفسية الإنسان، بل ربما يصل تأثيرها إلى دين المسلم وخلقه، ولها تأثير كبير كذلك على المجتمعات بأسرها، ولا أكون مبالغًا إذا قلت: إن الشائعة ربما تقيم دولاً وتسقط أخرى.

أيها الإخوة الكرام الأحبة: إن المستقرئ للتاريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، بل إنها عاشت وتكاثرت في أحضان كل الحضارات، ومنذ فجر التاريخ، والشائعة تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي والانتماء الحضاري لكل الشعوب والبيئات.

ولما جاء الإسلام اتخذ الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها؛ لما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه وسلامة لُحْمته، والحفاظ على بيضته، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكًا مرذولاً، منافيًا للأخلاق النبيلة والسجايا الكريمة والمثل العليا التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء، والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء، وهل الشائعة إلا نسف لتلك القيم ومعول هدم لهذه المثُل؟!

كما حذّر الإسلام من الغيبة والوقيعة في الأعراض، والكذب والبهتان والنميمة، والقالة بين الناس، وهل الشائعة إلا كذلك؟! وأمر بحفظ اللسان، وأبان خطورة الكلمة، وحرّم القذف والإفك، وتوعّد محبّي رواج الشائعات بالعذاب الأليم، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَلآخِرَةِ) [النور:19]. وحث على التثبت والتبيّن في نقل الأخبار، يقول -سبحانه وتعالى-: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَـادِمِينَ) [الحجرات:6]، وقرأ حمزة والكسائي: فتثبَّتوا. وأخبر -سبحانه وتعالى- أن الإنسان مسؤول أمام الله -عز وجل- ومحاسب عن كل صغير وجليل: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18]، (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَلْبَصَرَ وَلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36]. والشائعات مبنية على سوء الظن بالمسلمين، والله -عز وجل- يقول: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مّنَ الظَّنّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ) [الحجرات:12]، وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة، أن رسول الله قال: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا".

كما نهى الإسلام أتباعه أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرَهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق، ويصدّقوا قول كل دعيٍّ مارق، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"، وفي رواية: "كفى بالمرء إثمًا". ويقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما سمع"؛ وذلك سدًّا للباب أمام الوشاة المغرضين ونَقَلة الشائعات المتربّصين، ومنعًا لرواج الشائعة، والبلاغات المجهولة الكيدية المغرضة، والأخبار الملفقة المكذوبة على البرآء الغافلين، يقول فيما رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد عن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-: "ألا أخبركم بشراركم؟!"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت".

أيها الإخوة الكرام الأحبة: إن مروّج الشائعة لئيم الطبع دنيء الهمة، مريض النفس منحرف التفكير، صفيق الوجه عديم المروءة ضعيف الديانة، يتقاطر خسَّة ودناءة، قد ترسّب الغلّ في أحشائه، فلا يستريح حتى يزبد ويُرغي، ويفسد ويؤذي، فتانٌ فتاكٌ، ساع في الأرض بالفساد، يؤذي البلاد والعباد.

ومنذ فجر التاريخ والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله، لا سيما في أهل الإسلام، يروّجها ضعاف النفوس والمغرضون من أعداء الديانة، ويتولى أعداء الإسلام عبر التاريخ -لاسيما اليهود قتلة الأنبياء ونقضة العهود- كبر الشائعات؛ بغيةَ هدم صرح الدعوة الإسلامية والنيل من أصحابها والتشكيك فيها، ولم يسلم من شائعاتهم حتى الأنبياء -عليهم صلوات الله وسلامه-، فقد تعرّضوا لحملة من الافتراءات والأراجيف ضد رسالتهم، تظهر حينًا وتحت جُنح الظلام أحيانًا: (فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) [البقرة:87]. فهذا المسيح -عليه السلام- تشكك الشائعات المغرضة فيه وفي أمه الصديقة: (ياأُخْتَ هَـارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم:28]. والكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف -عليه السلام- نموذج من نماذج الطهر والنقاء ضد الشائعات المغرضة التي تمس العرض والشرف: (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوء وَلْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24].

أيها الإخوة الكرام الأحبة: لقد تطوّرت الشائعات بتطور العصور، ويمثّل عصرنا الحاضر عصرًا ذهبيًّا لرواج الشائعات المغرضة، وما ذاك إلا لكثرة وسائل الاتصالات التي جعلت العالم قرية كونية واحدة، فآلاف الوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية والشبكات المعلوماتية تتولّى كِبرَ نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية المحمومة، في صورة من أبشع صور الإرهاب النفسي والتحطيم المعنوي، له دوافعه المشينة وأغراضه المشبوهة، ضد عقيدة الأمة ومُثلها وثوابتها وقيمها.

وإنك لتأسف أشد الأسف ممن يتلقى الشائعات المغرضة وكأنها حقائق مسلّمة، يجلس أحدهم الساعات الطوال أمام أجهزة الشبكات المعلوماتية بوجهها الكالح، وما يعرف بالإنترنت عبر مواقعه المشبوهة، فيلطّخ سمعه وبصره من الشائعات الباطلة، وتلفيق التهم ضد أمن الأمة ومجتمعاتها الإسلامية؛ فاحذروا -يا عباد الله- من الإشاعة والأراجيف واقضوا عليها في مهدها.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة الكرام الأحبة: أحذّر نفسي وإياكم من خطورة الشائعات، واعلموا -أيها الإخوة الكرام الأحبة- أننا نعيش في زمن كثر فيه ترويج الشائعة، ولكي لا تؤثر هذه الشائعات على المسلم بأي شكل من الأشكال، فلا بد أن يكون هناك منهج واضح محدد لكل مسلم يتعامل فيها مع الشائعات، ألخصها في أربعة نقاط مستنبطة من حادثة الإفك، التي رسمت منهجًا للأمة في طريقة تعاملها مع أية إشاعة إلى قيام الساعة.

النقطة الأولى: أن يقدم المسلم حسن الظن بأخيه المسلم، قال الله تعالى: (لَّوْلا? إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُواْ هَـاذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ) [النور:12].

النقطة الثانية: أن يطلب المسلم الدليل البرهاني على أية شائعة يسمعها، قال الله تعالى: (لَّوْلاَ جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـائِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النور:13].

النقطة الثالثة: أن لا يتحدث بما سمعه ولا ينشره؛ فإن المسلمين لو لم يتكلموا بأية شائعة لماتت في مهدها، قال الله تعالى: (لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُواْ هَـاذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) [النور:12].

النقطة الرابعة: أن يرد الأمر إلى أولي الأمر، ولا يشيعه بين الناس أبدًا، وهذه قاعدة عامة في كل الأخبار المهمة، والتي لها أثرها الواقعي، قال الله تعالى: (وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:83].

فإذا حوصرت الشائعات بهذه الأمور الأربعة، فإنه يمكن أن تتفادى آثارها السيئة المترتبة عليها بإذن الله -عز وجل-.

واحذروا أن تكونوا أنتم الانطلاقة لكل شائعة، واحذروا أن تكونوا مروّجين لهذا الشائعات، فإذا ما سمعت -أخي المسلم- بخبر ما، سواء سمعته في مجلس عام أو خاص، أم قرأته في مجلة أو جريدة، أم سمعته في إذاعة، وكان ما سمعته يتعلق بجهة مسلمة، سواء كانت طائفة أم مجتمعًا أم شخصًا، وكان الذي سمعته لا يسُرّ، أو فيه تنقص أو تهمة، فاحتفظ بالخبر لنفسك لا تنقله لغيرك، مع أن الذي ينبغي أن يبقى في نفسك هو عدم تصديق الخبر؛ لأن الأصل -كما قلنا- إحسان الظن بالمسلمين حتى يثبت بالبرهان والدليل والأدلة صدق هذا الاتهام؛ لأن القضية قضية دين، والمسألة مسألة حسنات وسيئات.

فليحافظ كل منّا على دينه، وليحافظ كل منّا على حسناته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارضَ اللهم عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.