البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

المعطي

كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

التبرج والسفور وواجب ولي المرأة

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. زمن ظهور الفتن .
  2. فضيلة تربية البنات ورعايتهن .
  3. من صور الإحسان إلى المرأة .
  4. مظاهر التقصير لدى بعض النساء .

اقتباس

إننا نعيش في زمن ظهرت فيه الفتنُ وتكالبت، وطغت الماديات على أهله، وضعف الدين، وقل تعظيمه في قلوب عامة الناس، وكلما ذهبت فتنة تبعتها أخرى، كل فتنة كقطع الليل المظلم، فتن يرققُ بعضها بعضًا، وإن من أعظم الفتن التي استغلها الشياطين من الجن والإنس هي فتنة النساء.

الخطبة الأولى: 

الحمد لله...

أما بعد:

عباد الله: إننا نعيش في زمن ظهرت فيه الفتنُ وتكالبت، وطغت الماديات على أهله، وضعف الدين، وقل تعظيمه في قلوب عامة الناس، وكلما ذهبت فتنة تبعتها أخرى، كل فتنة كقطع الليل المظلم، فتن يرقُ بعضها بعضًا، وإن من أعظم الفتن التي استغلها الشياطين من الجن والإنس هي فتنة النساء.

أخرج البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وإن الناظر في أحوال النساء في هذا الزمن ليعجب من ذلك، ويعتصر قلبه ألمًا لهذا الواقع الذي يعيش فيه، فلقد سادت فيه أخلاق الغرب، وظهر التأثر بذلك جليًا واضحًا.

أيها المسلمون: لقد وهبكم الله نعمًا عظيمة، واسترعاكم فيها لينظر كيف تعملون، وإن من أعظم النعم نعمة الذرية، قال -جل وعلا-: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ[الشعراء 133:132]، واعلموا -عباد الله- أنه كلما عظمت النعمة عظم السؤال عنها، أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته"، فيجب عليك أن ترعى أسرتك ومن تحت ولايتك بالمنظور الشرعي، والآداب الإسلامية، والحذر الحذر من التهاون وعدم النصح، فإن العقوبة وخيمة.

أخرج البخاري ومسلم من حديث معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة"، وإن الأمانة تجاه البنات أعظم منها تجاه الأبناء لأنهن ضعيفات العقل والبدن، سريعات التأثر، فكان الواجب أعظم، وبعظمه عظم الثواب والأجر.

أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من ابتلي من هذه البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له سترًا من النار"، وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عال جاريتين حتى يدركا، دخلت أنا وهو الجنة كهاتين".

وإن من الإحسان إلى المرأة: أن تحسن تأديبها بآداب الإسلام وأخلاقه، خصوصًا بناتك اللاتي تحت يديك، فتحرص على تعليمها خصوصًا تعلم كتاب الله وحفظه، وتحرص على إشغال وقتها بما يعود عليها بالمنفعة، وأن تصرف عنها كل ما يدنس خلقها وعرضها، من أجهزة أو صاحبات.

كما يجب عليك -أخي المسلم- أن تراقبها مراقبةً شديدة في مكالماتها، وفي ذهابها وإيابها، وأن لا تخرج من المنزل لوحدها أبدًا، وأن لا تزور صديقتها وحدها، فإن أهل الشر كثر ولا يألون المؤمنين خبالاً، كما يجب عليك أن تنتقي لها المدرسة المحافظة التـي تضم في جنباتها الحياء والعفة.

كما يجب عليك أن تسعى في تزويجها من المسلم الكفء، الذي ترتضي خلقه ودينه، وعجّل تزويجها، ولا يصدنها عن ذلك دراسة ولا غيره، فإننا نعيش في زمن مليء بالفتن التـي لربما لم تصبر المرأة فيه على العفة والحياء، خصوصًا وأن دعاة الضلالة قد رفعوا عقيرتهم ينادون بإفساد المرأة باسم الحرية والمساواة.

أيها المؤمنون: إن المرأة هي أداة عظيمة لإصلاح المجتمع، وأداة عظيمة لفساده، فإن فساد امرأة واحدة هو فساد لجزء كبير من المجتمع، وإن صلاحها صلاحٌ لفئة عظيمة من المجتمع.

اللهم منّ علينا وعلى نسائنا بالعفة والحياء، اللهم جنب نساءنا التبرج والسفور، ودعاة الإلحاد، يا قوي يا عزيز.

الخطبة الثانية:

عباد الله: إن المتأمل في حال النساء في المجتمع يرى الانحلال الخلقي من طبقة كبيرة من المجتمع، وإذا استعرضنا بعض ما يقع فيه النساء هذه الأيام، اتضح ذلك جليًا، فمن ذلك:

لباس المرأة: نلحظ أن أعداء الدين ينزلون كل يوم موضة جديدة، في العباءات والطرح، فمرة تضيفها على الرأس وأخرى على الكتف، والمرأة المسكينة تلهث وراء شبح الموضة، ولا رقيب ولا حسيب.

وقلّب بصرك فيمن حولك من النساء فقلّ أن تجد امرأة إلا وهي ترتدي نقابًا قد أظهر العينين التـي قد جُمّلت، وشيئًا من الحاجبين والخدين، وإن هذا -يا عباد الله- طريق سريع لنزع الحجاب، فاتقوا الله -عباد الله- في نسائكم وبناتكم.

وانظر إلى لبسها تجد الضيق والقصير، والذي قد فتح إلى نصف الساق، أو يزيد أو تلبس اللبس الواصف للبشرة أو المحجّم لها، أو له ألوان فاتنة تجلب الأنظار، وإن مما يدمي القلب كثرة الشابات اللاتي تخرج من بيتها ذاهبةً إلى السوق ونحوه، وقد ارتدت بنطالاً، وأعجب من ذلك كله أنها تسير بكل ما ذُكرَ وزوجها أو أبوها أو أخوها يسايرها، بلا حياء ولا خجل.

ومما انتشر في أوساط النساء لبس الكعب العالي، الذي أفتى جمع من أهل العلم بتحريمه.

يا أمة محمد: من هن النساء اللاتي نصف حالهن، وقد ملأن الأسواق والشوارع؟! أين الرقيب عليهن؟! أين أهل الغيرة والعفة؟! أين الرجولة والشهامة والحياء؟! هل من الغيرة والعفة ترك المرأة الضعيفة تخرج مع السائق وحدها وكأنه محرمٌ لها؟!

هل من الغيرة أن تسمح لنسائك أن يشاهدن الرجال -بل أشباه الرجال- في أجهزة الإعلام؟! بل ربما تكون معجبة بل مُحبة للفنان الماجن الفلاني، أو المطرب الساقط الفلاني أو الفريق العفن الفلاني، سبحان الله!! أين يذهب بعقول الرجال؟!

وإن مما أدى ببعض الأسر إلى الهاوية الثقة العمياء التـي يضعها ولي الأمر بينه وبين عائلته! أنا لا أدعو إلى الوسوسة والشك في المحارم، ولكن كن حذرًا، فإن المؤامرات تدار عليك وعلى أهل بيتك من كل حدب وصوب، والمرأة ضعيفة، والذئاب البشرية كثيرة، ومثل هذه الأمور لا تقال فيها العثرة ولا ينفع فيها الاعتذار.

عباد الله: إن من النساء اللاتي يعشن في هذا المجتمع بلا رقيب ولا حسيب إذا حضرت المواسم سقط الحياء، فيزداد تبرج النساء في الأعياد وفي الأعراس والمناسبات، بل والمتنزهات، فإن كان خارج البلاد فحدّث ولا حرج، وإن كان داخل البلاد، فإن الحجاب يسقط، وكأن المرأة إذا خرجت سقط عنها الحجاب والحياء.

ومع هذا كله تجد ولي الأمر غافلاً عن هذا الأمر وكأنه لا يعنيه.

أيها المؤمنون: أهكذا تكون صيانة المحارم؟! أم هكذا تكون رعاية الأمانة؟! اعلم -أيها المسلم- أنك بسماحك أو سكوتك عن تبرج نسائك تزداد إثمًا؛ لأنك تساعد في نشر هذا المنكر، وتسهّل من أمره، لربما يستعظم بعض من يسمع هذا العرض، هذا الواقع، وإنني أطالب الجميع بزيارة مراكز الهيئات التي نسأل الله أن يبارك في جهودهم ليروا الواقع الذي يعيش فيه كثير من النساء، وكل هذا من جراء غيبة الرقيب أو تساهله واستعمال الثقة العمياء.

فاتقوا الله -عباد الله- وانظروا فيما استرعاكم الله فيه من الأمانة؛ فإن السؤال عنها عظيم، وإن النساء -إلا من رحم الله من أهل العفة والحياء- ليسرن في طريق مظلمة تؤدي إلى ضياع الشرف والحياء.

فهل من مجيب قبل فوات الأوان واستحكام الخذلان؟! اللهم احفظ نساء المسلمين، اللهم استر عليهن وارزقهن العفة والحياء، وجنبهن التبرج والسفور، اللهمّ من أراد نساءنا وبلادنا بمكيدة وفساد فاجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره، واجعل الدائرة عليه، يا سميع الدعاء، اللهم أرنا الحق حقًّا...