المتين
كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
فكما دخل في هذا الإحسان الديني, يدخل فيه الإحسان الدنيوي, وكما يدخل فيه المعروف بالجاه والمقال، يدخل فيه المعاونات البدنية, والإحسان بالمال. فمن علَّم غيره علماً, أو أهدى له نُصْحاً؛ فقد تصدق عليه، ومن نَبَّهَهُ على مصلحة دينية, أو دنيوية, أو حذَّرهُ من مضرة..
الحمد لله المعروف بالخير والكرم والامتنان, المجازي على البر بالبر, وعلى الإحسان بالإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, سيد الرسل, وخلاصة الإنسان، اللهم صل وسلم وبارك على محمد, وعلى آله وصحبه, والتابعين لهم بإحسان.
أمَّا بعد:
أيها الناس, اتَّقوا الله تعالى، واعلموا أنَّ مدار التَّقوى على فعل الخير, واجتناب الشر والفساد، وعلى إخلاص الدين للمولى, والإحسان إلى العباد.
فلقد قال من أُعْطِيَ جوامع الكلم: " كلُّ معروف صدقة". فيا لها من كلمة عظيمة, جامعة للخيرات، ويا له من كلام بليغ, محيط بأصناف البر والبركات.
فكما دخل في هذا الإحسان الديني, يدخل فيه الإحسان الدنيوي, وكما يدخل فيه المعروف بالجاه والمقال، يدخل فيه المعاونات البدنية, والإحسان بالمال. ويتناول المعروف إلى الصاحب والقريب، والمعروف إلى العدو والبعيد.
فمن علَّم غيره علماً, أو أهدى له نُصْحاً، فقد تصدق عليه، ومن نَبَّهَهُ على مصلحة دينية, أو دنيوية, أو حذَّرهُ من مضرة, فقد أحسن إليه.
أيها العبد، لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً, ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. وتباشر جليسك بالبشاشة, وحسن الخلق، ولو أن تفرغ الدَّلْوَ للمستقي والمتوضي، ولو أن تعطي صلة الحبل, وتعير الإناء للمستجدي، وكلما كانت العارية أنفع؛ كان أجرها أفضل.
ومن المعروف: إماطة الأذى عن الطريق, وعزل العظم, والشوكة, وجميع ما يؤذي.
ومن المعروف: هداية الأعمى في المساجد, والطرق, وهداية الحيران، وأن تُسْمِع الأصمَّ, وتطعم الجائع, وتسقي الظمآن، وتغيث المكروب واللهفان.
ومن المعروف: إعانة أصحاب الحوائج, من الأقارب, والأباعد, والجيران، والعفو عمَّن ظلمك, ومقابلة الإساءة بالإحسان.
ومن المعروف: الدعوة إلى طعام, أو قهوة أو شراب، للأغنياء والفقراء, والبعداء والأقراب، وسماحك لمن ينتفع بشيء من ملكك، من ماشية, ونخل وأشجار، بلبن أو خوصٍ, أو حطبٍ أو ثمار، وإعانة المسلم, بكتابة, وعمل صنعة, ونقل متاع.
ومن المعروف بذلك: الفضل في المعاملات, والمحاباة فيها, فما شيء يترك ثوابه ولا يضاع.
ومن المعروف: الإحسان إلى المماليك, من الآدميين, وسائر الحيوانات. ففي كل كبد, جزاء وأجر, واكتساب للخيرات.
ومن المعروف: أن تبذل لغيرك دواء نافعاً, أو تباشره بطب, أو تصف له حمية, أو دواء ناجحاً.
فكلَّما أوصلته إلى الخلق, من البر والإحسان والتكريم؛ فإنه داخل في خطاب النبي الكريم، قال تعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل: من الآية20].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.