البحث

عبارات مقترحة:

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

تنبيه الفاطن لفقه اسم الله الباطن

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. الله عالم السر والعلن .
  2. اسم الباطن في القرآن والسنة وأقوال أهل العلم .
  3. دلالات اسم الله " الباطن" .
  4. لماذا احتجب الله عن خلقه؟ .
  5. الآثار الإيمانية والتعبدية لاسم الله " الباطن". .
اهداف الخطبة
  1. توضيح الآثار الإيمانية والدلالات الربانية لفقه اسم الله الباطن
  2. اسم الباطن في اللغة والاصطلاح
  3. المعاني البديعة لاسم الله الباطن
  4. الآثار الإيمانية والصور التعبدية لاسم الله " الباطن ".

اقتباس

فالباطن من أسماء الله الحسنى، يتضمن صفة الباطنية وهي بمعنى القرب والإحاطة العلمية والمكانية, والله تبارك وتعالى الباطن، المحتجب عن أبصار الخلق، الذي لا يراه أحد في الدنيا، ولا تدركه الأبصار في الآخرة، ولا تحيط به سبحانه عين ولا فكر ولا حسّ ولا سمع ولا خطر قلب: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 103]. فهو رقيب ومطلع عليهم من حيث لا يُرى, فيجب أن يخاف ويحذر...

الخطبة الأولى:

الحمد لله قابل التوب، وغافر الذنب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، تقدست أسماؤه، وتباركت صفاته، تجلى في عليائه، وتعالى في كبريائه، هو الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، والظاهر بلا عناء، والباطن بلا نظراء.

وأصلي وأسلم على خاتم النبيين وإمام المرسلين وسيد العالمين، صاحب النفس الطاهرة، المؤيد بالحجج الظاهرة، والمعجزات الباهرة، محمد بن عبد الله، المطلبي الهاشمي العدناني، خير ولد الخليل، الذي جاء بالتنزيل، وبلغ رسالة الجليل، صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الرحيل، وعلى آله وصحبه والتابعين الجيل تلو الجيل.

أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، والسراء والضراء، وفي السفر والحضر، فاتقوا الله أينما كنتم، يؤتكم من خزائن رحمته، ونجائب فضله.

عباد الله: أخرج الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة. فصبحنا القوم. فهزمناهم. ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم. فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. فكف عنه الأنصاري. وطعنته برمحي حتى قتلته. قال فلما قدمنا. بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: " يا أسامة ! أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ " قال قلت: يا رسول الله ! إنما كان متعوذا. قال، فقال: " أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ " قال فما زال يكررها على حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " [ البخاري (6872) مسلم(96)] وفي رواية عند الهيثمي في مجمع الزوائد قال له " هل شققت عن قلبه ".

وفي هذا الحديث أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبدأ العمل بالظاهر، وتفويض الباطن للباطن الذي يعلم السر وأخفى، العليم بخبايا الصدور.

هذا الحديث يقابله في كتاب الله آية تؤكد على هذا المعنى الرباني، تؤكد على علم المولى بالبواطن وبالسرائر وما تخفيه الصدور، وهي قوله عز وجل: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) [ التوبة 101], أي أنك يا محمد رغم ما آتاك الله من العلم والحكمة والرسالة لا تعلم هؤلاء المنافقين من شدة تمرسهم وإتقانهم للنفاق، فلا يعلم إلا الله الذي يعلم بواطن أمرهم، وخفايا صدورهم، فسبحان من يعلم السر وأخفى.

عباد الله: في مسيرة فقه أسماء الله وصفاته، حديثنا اليوم عن اسم الله " الباطن " وما فيه من دلالات عظيمة وإشارات لطيفة وعبارات ومعاني بديعة حري بكل مسلم أن يقف عندها ويتزود من معين خيرها وفهمها.

اسم الله الباطن كما اسم الله الأول والآخر والظاهر، لم يرد في كتاب الله كاسم من أسماء الله، سوى مرة واحدة في سورة الحديد: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)[الحديد:3].

وهذه الأسماء جاءت مفسرة ومبينة، على لسان المعصوم عليه الصلاة والسلام؛ صاحب جوامع الكلم، فشفي فيها وأكفي واختصر وأوجز في كلمات معدودة، فقد ثبت من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذَ أَحَدُنَا مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ، وَرَبَّ الأَرَضِينَ، وَرَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَالظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَالبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الفَقْرِ". [الترمذي حَسَنٌ صَحِيحٌ (3400)].

والباطن في اللغة العربية؛ لغة القرآن: هو الخافي, والباطن داخل كلّ شيء, والباطن: مَن اتصف بالبطون, والبطون خلاف الظهور, ولهذا كثيرا ما يقترن الظاهر والباطن في كتاب الله, قال تعالى: (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) [الأنعام: 120], وقوله: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً...) [لقمان: 20], وقوله: (..فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) [الحديد: 13].

والباطن - عباد الله - من جهة إطلاقه على الله عز وجل، له العديد من المعاني البديعة التي لا تليق إلا بالله جل في علاه، فالباطن: من أسماء الله الحسنى، يتضمن صفة الباطنية وهي بمعنى القرب والإحاطة العلمية والمكانية, والله تبارك وتعالى الباطن، المحتجب عن أبصار الخلق، الذي لا يراه أحد في الدنيا، ولا تدركه الأبصار في الآخرة، ولا تحيط به سبحانه عين ولا فكر ولا حسّ ولا سمع ولا خطر قلب: (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 103].

فهو رقيب ومطلع عليهم من حيث لا يُرى, فيجب أن يخاف ويحذر فهو قريب ولو كان مستو على عرشه, قال سبحانه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) [المؤمنون: 17]، فالخالق جل جلاله ذو الملكوت، والجبروت، والكبرياء، والعظمة، له العزة والعظمة، وله الجلال والكبرياء، هو أعظم وأجل وأكبر من أن يحيط به أحد من خلقه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل هو المحيط بكل شيء: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 12].

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: "والباطن يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا والخفايا ودقائق الأشياء، كما يدل على كمال قربه ودنوه، ولا يتنافى الظاهر، والباطن لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت فهو العلي في دنوه القريب في علوه".

والباطن العالم بكل شيء، والمحتجب عن ذوي الألباب، كنه ذاته وكيفية صفاته عز وجل؛ إذ ليس دونه شيء, فبصره نافذ لجميع المخلوقات, وسمعه واسع لجميع الأصوات, وعلمه محيط بكل شيء.

يقول ابن القيم في تفسير الأسماء الأربعة في كتابه طريق الهجرتين: " الأول والآخر والظاهر والباطن: هي أركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه, واعلم أن لك أنت أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، بل كل شيء فله أول وآخر وظاهر وباطن، حتى الخطرة واللحظة والنفس، وأدنى من ذلك وأكثر... ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء، بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، وهذا القرب غير قرب المحب من حبيبه، فهذا لون وهذا لون، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، ولا يحجب عنه ظاهرٌ باطناً، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية..".

ومن خلال هذه المعاني يتضح لنا - عباد الله - أن أبرز معاني ودلالات " الباطن " سبحانه، أنه المحتجب عن عيون خلقه، وأن كنه حقيقته غير معلومة للخلق، فهو الظاهر بنعمته، الباطن برحمته، الظاهر بالقدرة على كل شيء، والباطن العالم بحقيقة كل شيء, والباطن الخفي, فهو محجوب عن إدراك الحواس الظاهرة، وللمقارنة بين حواس البشر وقدراتهم الضعيفة المحددة القاصرة، وعجزها الكامل عن إدراك الذات العلية بما لها من صفات وكنه هذه الصفات.

ويقول الأستاذ سيد قطب – رحمه الله – في الظِلال: " إن أبصار البشر وحواسهم وإدراكهم الذهني، كلها إنما خلقت لهم ليزاولوا بها التعامل مع هذا الكون، والقيام بالخلافة في الأرض، وإدراك آثار الوجود الإلهي في صفحات هذا الوجود المخلوق، فأما ذات الله - سبحانه - فهم لم يوهبوا القدرة على إدراكها؛ لأنه لا طاقة للحادث الفاني أن يرى الأزلي الأبدي, فضلاً على أن هذه الرؤية لا تلزم لهم في خلافة الأرض, وهي الوظيفة التي هم معانون عليها وموهوبون ما يلزم لها".

ثم يتكلم رحمه الله عن تبجح العلمانيين والملحدين، المنكرين لآثار قدرة الله الدالة على وجوده، بحجة أنه مخفي عنهم لا يرونه بأعينهم، فيقول كلاما رائعا: " وقد يفهم الإنسان سذاجة الأولين, ولكنه لا يملك أن يفهم سماجة الآخرين! إن هؤلاء يتحدثون عن " الذرة " وعن " الكهربة " وعن " البروتون " وعن " النيوترون " وواحد منهم لم ير ذرة ولا كهرباً ولا بروتوناً ولا نيوترونا في حياته قط, فلم يوجد بعد الجهاز المكبر الذي يضبط هذه الكائنات،ولكنها مسلمة من هؤلاء، كفرض، ومصداق هذا الفرض أن يقدروا آثاراً معينة تقع لوجود هذه الكائنات, فإذا وقعت هذه الآثار (جزموا) بوجود الكائنات التي أحدثتها! بينما قصارى ما تصل إليه هذه التجربة هو " احتمال " وجود هذه الكائنات على الصفة التي افترضوها! ولكنهم حين يقال لهم عن وجود الله سبحانه عن طريق آثار هذا الوجود التي تفرض نفسها فرضاً على العقول! يجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ويطلبون دليلاً مادياً تراه الأعين، كأن هذا الوجود بجملته، وكأن هذه الحياة بأعاجيبها لا تكفي لتكون هذا الدليل! ".

معاشر المسلمين: قد يتساءل البعض لماذا احتجب الله عن خلقه، وهو قادر على أن يكون ظاهرا لهم بذاته كما هو ظاهر بصفاته؟

وللجواب على هذا نقول كما علمنا الله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [آل عمران:7], فشعارنا: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء:23]، والله عز وجل باطن احتجب بذاته عن أبصار الناظرين لحكمة أرادها في الخلائق أجمعين, فهو يُرى في الآخرة ولا يُرى في الدنيا؛ لأنه شاء أن تقوم الخلائق على معنى الابتلاء, ولو رأيناه في الدنيا وانكشف الحجاب والغطاء, لتعطلت حكمته في تدبيره الأشياء. قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[الملك:2], ومن هنا كان البطون ووضع الغطاء على أهل الابتلاء, وإذا كان تعالى لا يُرى في الدنيا ابتلاء فإنه يُرى في الآخرة إكراما وجزاءا لأهل طاعته, لأن الأمر في الآخرة مختلف, إذ أن مدركات الإنسان وقدرتها تتغير بالكيفية التي تناسب أمور الآخرة وأحداثها، لذلك قال العارفون: " محجوب عن عين الرأس، ظاهر لعين القلب، محجوب عن الكافر في الدنيا والآخرة، ومحجوب عن المؤمن في الدنيا، متمتع برؤيته في الآخرة.

اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ن ومتع أبصارنا بلذة النظر إلى وجهك الكريم، يوم يحجب عنك الكافرين والمنافقين، أقول قولي هذا أستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على نعمائه، وأشكره وأثني عليه في عليائه، وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه، وخير أصفيائه، وعلى آله وصحبه وأوليائه.

أما بعد:

عباد الله: إن دراسة أسماء الله الحُسنى ومعرفة فقهها ومعانيها وآثارها الإيمانية والتعبدية على حياة العبد، لا يعلو عليها شيء في الدين، فإن أشرف مهمة وهي أن تعرف الله عز وجل حق المعرفة، لا يكفي أن تعرف أنه الخالق الرازق المدبر, فهذه معرفة بدائية سطحيّة يعرفها كل الخلق، بل يعرفها حتى مشركو قريش: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) [العنكبوت:61]، وإنما ينبغي أن تفقه أسماءَه الحُسنى، كما في التوجيه النبوي:" إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ", والإحصاء غير العدّ، إذ الإحصاء يتطلب دراسة معانيها وشروحها أو العكوف على التأمل فيها، ولاحظ الفكر والنظر في أرجاء الكون كلّه، وأما العد عمل آلي، كأن يقول:" هو الخالق البارئ المصور وعدَّها بنغم ممتع".

فمن رام التعبّد باسم الله:" الباطن" فإنه ولا بد أن يتدبر معانيه، يقول الإمام ابن القيم: " وأما تعبده باسمه الباطن فأمر يضيق نطاق التعبير عن حقيقته ويكل اللسان عن وصفه، وتصطلم الإشارة إليه وتجفو العبارة عنه، فإنه يستلزم معرفة بريئة من شوائب التعطيل مخلصة من فرث التشبيه، منزهة عن رجس حلول أهل الانحراف، فمن رزق هذا فهم معنى اسمه (الباطن) ووضح له التعبد به، وباب المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد. قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ) [الإسراء: 60]، وقال: (وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ)[البروج: 20]، ولهذا يفرق سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنيين: اسم العلو الدال على أنه (الظاهر) وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى: ( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) [الشورى: 4]، وقال تعالى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ )[سبأ: 23]، وقال عز وجل: ( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )[البقرة: 115]، وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء فهو (الباطن) بذاته فليس دونه شيء بل ظهر على كل شيء فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيء من نفسه".

فالمسلم إذا ما استقر في قلبه وصدره المعاني والدلالات البديعة لاسم الله " الباطن " أورثته الآثار الإيمانية والتعبدية منها:

استشعار معية الله لعبده المؤمن، والإحساس بقربه الدائم من العبد، مما يسكب في القلب الطمأنينة والراحة والأمان في حياة المسلم بأسرها، والله عز وجل (باطن) قريب أقرب إلينا من حبل الوريد (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) [ق: 16]، وله قرب خاص من عباده المؤمنين: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [البقرة: 186]. وكان سبب نزول هذه الآية أنه لما نزل قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )[غافر: 60]، قال بعض الناس لو نعلم أي ساعة ندعو فنزلت الآية تبين أن الله قريب باطن يسمع ويرى عباده لا يغيب عنهم لحظة واحدة.

وأوضح النبي صلى الله عليه وسلم لمن أحب القرب إلى ربه فعليه بالسجود قال عليه الصلاة والسلام: "أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ" [ مسلم(215)].

ومنها استشعار مراقبة الله للعبد في كل حركاته وسكناته، مما يورث العبد المؤمن خشية الله وتقواه في السر والعلن، وكثير من الناس يؤمنون بهذه المراقبة نظريا فقط، ولا يستشعرون بحقيقتها، ولا يعيشون في ظلالها، لذلك قال المولى معاتبا ومخوفا لهم: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) [ النساء 108], وفي هذا المعنى يقول أبو العتاهية:

إذا خلوت الدهر يوماً فلا تقل

خلوت ولكن قل على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة

ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

ومنها يقين العبد بقدرة الله الشاملة وإحاطته الكاملة بكل ما في السموات والأرض، فعبادة الله عزَّ وجلَّ باسمه الباطن تستوجب يقين العبد بإحاطة الرب جل جلاله بالعالم العلوي والسفلي، ومعرفته بعظمته وكبريائه، وقد كره عليه الصلاة والسلام من أصحابه ارتفاع أصواتهم بالتكبير, وكانوا في سفر, فكانوا كلما صعدوا مرتفعا أو هبطوا سهلا كبروا الله بصوت مرتفع فقال: " يَا أيُّهَا النَّاسُ أَرْبعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ" [البخاري (2992)].

اللهم جدد الإيمان في قلوبنا، ورسخ اليقين في صدورنا، وارزقنا خشيتك في الغيبة والشهادة، وتقواك في السر والعلن، اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك .. ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .

اللهم انا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء.

اللهم انا نعوذ بك من الفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء .. ونعوذ بك من الصمم والبكم والجنون وسيء الأسقام.

اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء .. وتنزع الملك ممن تشاء .. وتعِز من تشاء وتذل من تشاء .. بيدك الخير انك على كل شيء قدير .. رحمن الدنيا والآخرة .. تعطيها من تشاء وتمنعها ممن تشاء .. ارحمنا رحمة تغنينا عن رحمة من سواك.

اللهم إنا نعوذ بك من الهَم والحَزَن ونعوذ بك من العجز والكسل

ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلَبة الدَين وقهر الرجال

اللهم رب السموات السبع وما أظلّت .. ورب الأرضين وما أقلت ورب الشياطين وما أضلت .. كُن لنا جارًا من شر خلقك أجمعين أن يُفرط علينا أحد منهم أو يطغى .. عز جارُك .. وتبارك اسمك.

اللهم أسلمنا وجوهنا إليك .. وفوّضنا أمورنا إليك وألجأنا ظهورنا إليك .. رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك .. آمنا بكتابك الذي أنزلت .. ونبيك الذي أرسلت .

اللهم أنت حسنت خَلقنا فحسن خُلقنا وحرم وجوهنا على النار .. الحمد لله الذي سوى خلقنا فعدله وكرم صورة وجوهنا فأحسنها .. وجَعَلنا من المسلمين .

اللهم اكفِنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سِواك .

اللهم اغفر لموتى المسلمين وارحمهم .. وعافهم واعفُ عنهم .. وأكرِم نزلهم .. ووسّع مُدخلهم .. واغسلهم بالماء والثلج والبَرَد ونقهم من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنَس .. وأبدلهم دارًا خيراً من دارهم .. وأزواجاً خيراً من أزواجهم .. وأدخلهم الجنة وأعذهم من عذاب القبر ومن عذاب النار.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها .. دِقها وجلّها .. وأولها وآخرها .. وعلانيتها وسرها .

اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض وملء ما بينهما .. وملء ما شئت من شيء بعده ..أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد .. وكلُنا لك عبد .. لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت .. ولا ينفع ذا الجد منك الجد .

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر.. ونعوذ بك من فتنة المسيح الدجال .. ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات .. ونعوذ بك من المأثم والمغرم.

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق ..أحيينا إذا علمت الحياة خيرًا لنا .. وتوفنا إذا علمت الوفاة خيرًا لنا ..

اللهم إنا نسألك خشيتك .. في الغيب والشهادة ..ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضى ..ونسألك القصد في الفقر والغنى ..ونسألك نعيمًا لا ينفد ونسألك قرة عين لا تنقطع .. ونسألك الرضى بعد القضاء .. ونسألك برد العيش بعد الموت .. ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك .. في غير ضراء مضرة .. ولا فتنة مضلة .. اللهم زينا بزينة الإيمان .. واجعلنا هداة مهتدين .

اللهم آتِ أنفسنا تقواها .. وزكّها أنت خيرُ من زكّاها .. أنت وليّها ومولاها

اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع .. ومن قلبٍ لا يخشع .. ومن نفس لا تشبع .. ومن دعوة لا يُستجاب لها.

اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث .. أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من الآيسين ... اللهم أغِثنا .. اللهم

أغِثنا .. اللهم أغِثنا

اللهم سُقيا رحمة .. لا سُقيا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق، اللهم إنا نسألك الهدى والتُقى .. والعفاف والغنى

اللهم إنا نسألك العفو والعافية .. في الدين والدنيا والآخرة

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات .. والمؤمنين والمؤمنات ...الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين .

اللهم إنا نعوذ بمعافاتك من عقوبتك ونعوذ برضاك من سخطِك ونعوذ بك منك اللهم لا نحصي ثناءً عليك - ولو حرصنا - أنت كما أثنيتَ على نفسك

اللهم اغفر لنا ذنبنا .. واخسِئ شيطاننا .. وفك رهاننا .. وثقل ميزاننا .. واجعلنا في النديّ الأعلى

اللهم انك تعلم سرنا وعلانيتنا .. فأقبل معذرتنا وتعلم حاجتنا .. فأعطنا سؤالنا ..وتعلم ما في نفوسنا .. فاغفِر لنا ذنوبنا

اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبَنا .. ويقينا صادقاً حتى نعلم وأنه لن يصيبنا إلا ما كتبته علينا والرضا بما قسمته لنا يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم إن هذا خلق جديد .. فافتحه علينا بطاعتك .. واختمه لنا بمغفرتك ورضوانك .. وارزقنا فيه حسنة تقبلها منا .. وزكها وضّعفها لنا وما عملنا فيه من سيئات فاغفر لنا انك غفور رحيم .. ودود كريم

اللهم إنا نعوذ بك اليوم فأعِذنا .. ونستجيرك اليوم من جهد البلاء فأجرنا .. ونستغيث بك اليوم .. فأغثنا .. ونستصرخك اليوم على عدوك وعدونا فأصرخنا .. ونستنصرك اليوم فانصرنا .. ونستعين بك اليوم على أمرنا فأعِنا .. ونتوكل عليك فاكفنا .. ونعتصم بك فاعصمنا .. وآمنا بك فأمِّنا .. ونسألك فأعطنا .. ونسترزقك فارزقنا .. ونستغفرك فاغفر لنا .. وندعوك فاذكرنا .. ونسترحمك فارحمنا

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل

الشرك والمشركين .. ودمر أعداء الدين .. واحمِ حَوزة الإسلام .. يا رب العالمين

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان .. اللهم وحِّد صفوفهم .. واربط على قلوبهم .. وسدد سهامهم وآراءهم وانصرهم على عدوك وعدوهم .. يا قوي يا عزيز

اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود الغاصبين ، اللهم انصرهم على أخوان القردة والخنازير

اللهم عليك باليهود ومن هاودهم وبالنصارى ومن ناصرهم

وبالشيوعيين ومن شايعهم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.