الحكيم
اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...
العربية
المؤلف | حفيظ بن عجب الدوسري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل |
ولأن خطرهم عظيم فقد حذرنا الله – تعالى - منهم، وبيّن خطرهم، فاليهود هم ألَدُّ أعداء الإسلام، وهم من أعظم من يحارب الإسلام والمسلمين؛ ولذلك فإن القرآن يكشف اللثام عن وجه اليهود الحقود الكالح؛ فيقول الله تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [البقرة:61].
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن الذي ينظر إلى واقع المسلمين في هذا الزمان يجد أنه قد تكالب عليهم الأعداء من كل جانب، وأصبحوا يرمونهم عن قوس واحدة.
وليس هذا بجديد في واقع المسلمين، فعلى مر التأريخ كان كيد الأعداء ظاهرا، لم تتوقف عجلة الصراع بين الحق والباطل منذ خلق الله الخلائق لحكمة أرادها الله جل وعلا، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
ومنذ فجر الإسلام ظهرت بوادر حرب ضروس بين الحق والباطل تمثلت في غارات شتى يشنها الحاقدون على الدين الإسلامي الجديد في محاولات مستميتة لإطفاء نور الله وإخماد أنفاسه، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
لقد تفجر الكفار غيظا وتفجر أهل الكتاب غيظا وحاربوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وماتوا كمدا وغيظا والأرض تطوى أمام جيوش الفاتحين، حتى صار حقدهم في نفوسهم الحاقدة يجعلهم يكيدون للإسلام في كل وقت وحين.
وغارة تلو غارة من ملل الكفر التي وقفت تحارب ملة الإسلام، ولكن؛ لا يزال الإسلام على مر التأريخ صامداً ثابتاً شامخاً أمام ذلك العداء الذي توالى على المسلمين.
كانت قريش تحارب هذا الدين... ثم غارات النصارى على المسلمين، وأعقبتها الحروب الصليبية... ويكفي لأن ندرك ضراوة الغارة على الإسلام أن نطل على التأريخ عن كثب وهو يورد ما تشيب منه الولدان.
ففي مسجد عمر في القدس ذبح الصليبيون عشرة آلاف مسلم، أما في قيسارية فقد احتمى بعض الأهالي بجامع المدينة؛ لكن الصليبيين لاحقوهم وذبحوهم داخل الجامع عن آخرهم، محولين ذلك الجامع إلى بركة كبيرة من دماء المسلمين، والتأريخ لا يكذب.
والأشنع من ذلك أن الصليبية الحاقدة الكافرة صاحبة الدين المحرف قد أهلكت الحرث والنسل، وهتكت الأعراض واستباحت المحرمات، أخذوا أموال المسلمين وسرقوها، واغتصبوا النساء وذبحوهن، ثم سلبوا حتى الأكفان، حتى الموتى أخرجوهم فربطوهم من أرجلهم بالحبال وسحبوهم أمام المسلمين وهم يقولون: "هذا محمدكم". هؤلاء هم الصليبيون، وملل الكفر واحدة.
وما خبر الفردوس المفقود ببعيد! الأندلس، وما أدراك ما الأندلس؟! حكمها المسلمون فكانوا خير من حكمها، وشادوا فيها حضارة عظيمة لا زال الغرب يستفيد منها... احتلها النصارى وخسرها المسلمون بتناحرهم وضعفهم وتركهم لدين الله.
فماذا فعل النصارى؟ ثلاثة ملايين من إخواننا ذهبوا بين ذبيح وحريق وقتيل في حالات إبادة جماعية، كقتلهم مائة ألف مهاجر من قافلة واحدة كانت متجهة من الأندلس إلى إفريقية، وهذا الكلام لا ننقله من مؤرخ مسلم أو عربي إنما ننقله من مستشرق كافر نصراني.
وما هذا -أيها المسلمون- إلا غَيْضٌ مِن فيضٍ، ويسيرٌ من كثيرٍ من ثمار تلك الغارات المتعاقبة على الأمة الإسلامية والتي انتهت عسكريا إلى الاستعمار الخبيث الذي قسم أراضي المسلمين ومزقهم شذر مذر، وأسقط خلافة المسلمين، وساعده العملاء والخونة في ذلك.
وقد أزكى نار حماس هؤلاء الصليبيين الحقد الدفين الذي أودعه الصليبيون القدامى صدور الجيوش الغربية التي صامت طويلا ثم أفطرت على دماء المسلمين وخيراتهم في الشرق حينما كانوا ينسِلون من كل حدب ليقتلوا المسلمين.
لقد انتشر الاعتقاد بينهم بأن الإسلام هو العدو المتربص للغرب في أوساط مفكري أوروبا وساستها، فقاموا ينادون بالتعبئة العامة ضد الإسلام، ويلهبون حماس شعوبهم للانخراط في جيوش الاستعمار التي توجهت إلى عالمنا الإسلامي.
أيها المسلمون: يقول أحد المستشرقين -لتعلموا أن ملل الكفر واحدة، وأنها تجتمع على الإسلام، سواء أكانوا يهودا أم نصارى-: "لقد كنا نخوَّف بشعوب مختلفة، لكننا بعد اختبارهم لم نجد مبررا لهذا الخوف، لقد كنا نخوف بالخطر اليهودي والخطر الأصفر والخطر البلشفي، لكن هذا التخويف لم يتحقق كما تخيلناه، إننا وجدنا اليهود أصدقاء لنا، وعلى هذا يكون كل مضطهد لهم عدوا لنا، ثم رأينا البلاشفة حلفاءنا، أما الشعوب الصفراء فهناك دول ديمقراطية كبرى تقاومها، لكن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع، وفي حيويته، إنه الجدار الوحيد في وجه المد الأوربي" انتهى كلام المستشرق الكافر.
لقد كان الإسلام -يا عباد الله- كما يظهر من كلامهم الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي، كما كان رافد المقاومة الشعبية؛ وبذلك كان العقبة الكؤود التي تحطمت قوة الغرب أمامها...
فلما رأوا ذلك كان لا بد لهم من أن يغزونا ثقافيا عندما عجزوا عن غزونا حربيا، فكلما أرسلوا جيشا انكسر واندحر وانهزم، فحاربونا بغارتهم الثقافية لمكافحة هذا الإسلام العظيم، ولم يجدوا لهم قدرة على السلاح فأصبحوا يحاربون الإسلام بطرق ملتوية، وإن كانت في نظرهم أشد فتكا في الإسلام والمسلمين.
أيها المسلمون: لقد أعاد الغرب الصليبي غارته على العالم الإسلامي ولكن في لبوس العلم والمعرفة بعد الفشل الذريع الذي مني به إبان غزوه القديم بالعنف والقوة، وبالفعل؛ بدأت الغارة الغربية تستشري في ثوبها المخادع الجديد، وهي تفعل في الإسلام وأهله ما عجزت الجيوش الجرارة عن فعله على مدى عشرات السنين.
أيها المسلمون: ما الهدف الذي يسعون إليه؟ إنه صرف المسلمين عن دينهم، وتزهيدهم في اتباع رسولهم -صلى الله عليه وسلم-، والقضاء على وحدتهم، وإشاعة الكفر والإلحاد بينهم، وزرع عوامل التحلل والفساد في صفوفهم، وفوق ذلك كله تحويل مواطن القوة والعز فيهم إلى مواطن ضعف وذلة؛ وبذاك يقع المسلمون فريسة بين أنياب عدوهم وتكون الغلبة للكافرين.
أيها المسلمون: لقد حدد عدوكم أهدافه في حربه عليكم بغارته المشؤومة التي تخدم أهدافه الدينية، إنهم لا يريدون بترولاً أو مالاً فحسب؛ ولا يريدون رمالا؛ إنهم يتحسَّسون مكامن القُوَّة في نفوسنا ويسعون لتدميرها خشية أن تنقلب عليهم ريحا صرصراً تقوض بنيانهم وتزعزع باطلهم.
يرى أحد المستشرقين أن المسلمين أمة ضعيفة لا يجب الحفاظ على ضعفها وحسب، وإنما يجب -في نظره- تحطيم مكامن القوة فيها، رغم عدم استغلالها لما تملكه من قوة، فيقول المستشرق الكافر: "إن الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية ليس ناتجا عن وجود البترول بغزارة عند العرب؛ بل بسبب الإسلام، يجب محاربة الإسلام للحيلولة دون وحدة المسلمين التي تؤدي إلى قوتهم؛ لأن قوة العرب -وهو يعني المسلمين- تتصاحب دائما مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره".
أيها المسلمون: إنهم يحاربون وحدة المسلمين لأنهم يعلمون أنهم إذا توحدوا فسينتصرون عليهم، وقد استهدفوا في حربهم جوانب متعددة، من أهمها عقيدتنا الإسلامية، توحيدنا، وقد عملت قوى التبشير والاستشراق والاستعمار وأذناب الكفر في بلاد المسلمين جنبا إلى جنب على زعزعة العقيدة في نفوس معتنقيها، والقضاء على الوازع الديني لدى المسلمين، جاعلين من العقيدة بؤرة النزاع ومدار النزال.
هكذا عرفوا مكامن القوة وأعظم مكامنها فأخذوا يهدمونها صرحا صرحا، العقيدة الإسلامية، القرآن الكريم، أدركوا أنه يسوس المليارات من المسلمين وهو العقبة التي يجب أن يزيلها الغرب فحاولوا أن يزيلوه من المسلمين، وقد أجروا اختبارا في بعض البلاد لإزالة القرآن من النفوس، ولكن هيهات!.
يقول أحد قادتهم وهو الحاكم الفرنسي في الجزائر: "يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم حتى ننتصر عليهم".
وقد اقتلعوا اللسان العربي من الجزائر وغيرها من بعض دول المسلمين فأصبح المسلمون يلقنون لغة الغرب ويتحدثون برطانتهم، ولكنهم لم يستطيعوا أن يزيلوا القرآن، وقد قال أحدهم، وهو غلادستون: "مادام القرآن موجوداً في أيدي المسلمين, فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان". وقد صدق الكافر وهو كذوب.
أيها المسلمون: وحيث إن الأمر كذلك فإن الصليبيين قد أعلنوا غارتهم على القرآن الكريم، فحقروه في نفوس المسلمين وعللوا به تخلفهم عن ركب الحضارة، كما ألبوا عليه الحاقدين والعملاء والخونة والمنافقين والجهلة، آملين أن يصلوا إلى إرواء غليلهم في تحقيق مرادهم في القضاء على هذا الدستور العظيم، وقد خرج من أبناء جلدتنا من عملاء الغرب ... من يعلم صدق القرآن وحقه ويعمل مع الكفار على نبذه واستبعاده وحربه، حسبنا الله ونعم الوكيل!.
يقول أحد الكفار الغربيين: "متى توارى القرآن ومدينة مكة من بلاد العرب أمكننا أن نرى العربي يتدرج في سلم الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه"، وهذا يقول به بعض عملائهم وبعض الذين درجوا في البعثات التي أرسلت إليهم، وبعض المتفرجين والمتشبهين يقولون بمثل هذا الكلام، ومن قاله من المسلمين الكفرة بالله العظيم.
أيها المسلمون: لما عجزوا أن يغيروا اعتقاد المسلمين وتمسكهم بكتابهم؛ ما الذي عمدوا إليه؟ عمدوا إلى التشكيك فيه وإنقاص قيمته العلمية أو نفيها بالكلية، وبذلك يصبح القرآن كله سلاحا ضد أهله، على تعبيرهم، لعنهم الله.
أيها المسلمون: يقول غلادستون كبير وزراء بريطانيا: "إنَّ العقبةَ الكؤود أمامَ استقرارنا بمستعمراتنا في بلاد المسلمين هما شيئان، ولابد من القضاءِ عليهما مهما كلَّفنا الأمر: أولهما هذا الكتاب (القرآن) -وسكت قليلاً بينما أشارَ بيدِه اليسرى نحو الشرق وقال:- وهذه الكعبة".
هذا هو حالهم، وهذه هي عقيدتهم، ولذلك فهم يحاربون القرآن العظيم لمعرفتهم أن عودة المسلمين إليه تعني انتصاره عليهم، لما فشلت قوات الكفار في المغرب العربي قال قائدهم ووزيرهم: ماذا أفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟.
وهو أقوى من فرنسا وأقوى من أمريكا وأقوى من النصارى وأقوى من المجوس، وأقوى من الإلحاد وأقوى من اليهود وأقوى من كل حضارة؛ إنه كلام رب العاملين، لما عجزوا اعترفوا، والحق ما شهدت به الأعداء، ولكنهم لم يتوقفوا عن الكيد للإسلام والمسلمين.
أيها المسلمون: ولما عجزوا عن تثبيط الناس عن القرآن وإبعادهم عنه -وإن كانوا نجحوا في كثير من بلاد المسلمين في إبعاد الناس عن القرآن العظيم- اتجهوا إلى الوحدة الإسلامية التي كانت سبب عز المسلمين، وأخذوا يدينون بعقيدتهم الإنجليزية: "فَرِّقْ تَسُدْ" التي فرقوا بها بلاد المسلمين شذر مذر، فبعد أن كنا أمة واحدة تحكم الدنيا بأسرها إذا نحن دويلات متفرقة.
كنا قِلادةَ جيدِ الدهرِ وانْفَرَطَتْ | وفي يمين العُلا كُنا رياحينا |
الوحدة الإسلامية هي نقطة الالتقاء بين مئات الملايين من المسلمين الذين يوحدون الله بالعالم، تجمعهم رابطة الإيمان بالله واليوم الآخر: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:63].
ولما كانت رابطة الوحدة الإسلامية رابطة متينة فإن حلها يتطلب جهودا هائلة... يقول المستشرق الكافر القس سيمون: "إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنةً على العالم وخطراً، أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين، فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير"، وقد صدق في قوله هذا.
ومما لا شك فيه -يا أيها المسلمون- أن تمزيق شمل المسلمين والقضاء على وحدتهم يراد منه إفقادهم الهوية الإسلامية أولا، ثم جعل بأسهم بينهم شديداً، وبتحقيق هذين الهدفين يصبح المسلمون لقمة سائغة في أيدي عدوهم.
أيها المسلمون: إن أعداء الإسلام في الخارج يرون في وحدة المسلمين نذيراً يأذن بقرب هلاكهم واضمحلال حضارتهم، فلا غرو أنْ لا يقر لهم قرار، ولا يهدأ لهم بال، إلا إذا تفرق شمل المسلمين، وتمزّقت أمتهم.
يقول أحد علماء المسلمين: "لقد ترك الاستعمار آثاراً سيئة من ضعف في التدين، وانحطاط في الخلق، وتخلف في العلم؛ ولا يمكن القضاء على هذه الآفات الاجتماعية الخطيرة إلا إذا عادت الأمة موحَّدَة الهدف، متراصّة البنيان، متجمعة الكلمة، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" انتهى كلامه رحمه الله.
أيها المسلمون: لقد سَعَى الذين يحاربون الوحدة الإسلامية إلى سلاح قويٍّ ظنوا أنه يجدي في شق عصا المسلمين وسلخ المسلمين من مبدأ الولاء والبراء الذي عليه يجتمعون وعليه يتفرقون، فسيروا الحملات التنصيرية، وجندوا في خدمتها بلايين الدولارات لضرب الوحدة الإسلامية التي يؤكد عليها مبدأ الولاء والبراء في الإسلام، الذي أصبح بعض المسلمين يتناساه.
أيها المسلمون: وهل يستمر هذا العداء بعد أن لاحت بوادر الفجر الجديد، وبدت بوادر التئام الجرح الدامي في جسد أمتنا؟ ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أيها الأحباب: ليست عداءات الكفر هذه قريبة العهد، إن لها جذورا تمتد في عمق التاريخ والزمن، لقد حاربونا في تواريخ متقدمة وهم يحاربوننا الآن، وما الحملات الصليبية المسيرة على العالم الإسلامي في القديم والحديث إلا إفراز طبيعي لهذا العداء القديم الذي يزداد حدة وضراوة كلما تقدم الزمن، مما يترك في نفوس المتحاملين على الإسلام كرها مقيتا تجدده وتؤججه الحملات الموجهة إعلاميا وثقافيا بل سياسيا وعسكريا ضد الإسلام؛ ولذلك نجد أن موقف الرجل الغربي الكافر من الإسلام مغايرا تماما لموقفه من سائر الأديان ومن سائر الملل.
أيها المسلمون: إنهم حين يتوجَّهُون إلى الإسلام يختل عندهم التوازن ويكيلون بمكيالين، ويصبح هذا الإسلام عدوهم اللدود الذين يحاربونه بشتى الطرق والوسائل، ولا ريب أن هذا العداء السافر ليس وليد الساعة يا عباد الله، فعداء أهل الكتاب من اليهود والنصارى للإسلام ونبيه وكتابه تزامن مع أول بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-...
الطائفة الأولى [اليهود] أمضى سلاحاً وأكثر خطرا على الإسلام من أختها: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) [المائدة:82].
فعداء اليهود قد عم جميع الأمم، إلا أنه كان مصوباً ضد الإسلام منذ القدم وهو ذو جذور موغلة في أعماق التاريخ، يسقيه الحقد الدفين الذي امتلأت قلوب اليهود بعد انتقال النبوة من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل العرب.
أيها الأحباب: إن عداءهم ظاهر، وحسدهم لبعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- ظاهر، لقد كانوا يستفتحون على النصارى بنبي يتوعدونهم به... يتوعدونهم بالذبح إذا خرج، (وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ) [البقرة:89].
لما رأوا أن الأنصار من الأوس والخزرج سبقوهم إلى الإسلام لم يصدقوا وكذبوا، مع إيقانهم بأنه هو النبي صلى الله عليه وسلم، ولا زال الحقد يغلي في نفوس اليهود حتى أصبح سمة لا تنفك عنهم، وهي دائما مصاحبة لهم، وكذلك كانوا يديرون رحى الحروب ضد المسلمين، وكمدهم لا يقر له قرار، ومن هنا اندلعت أحقادهم وانفجرت، فصاروا حربا عاصفة، وأثاروا حروباً من الدس والكيد والتحريض على الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ولما اشتد عود الدين الإسلامي والتف أبناؤه حول ذروة الجهاد في سبيل الله دب الرعب في نفوس اليهود، وكانوا يتأملون انتصارات الإسلام الأولى في جزيرة العرب، وهم يحترقون حقدا وحسدا وكيدا... يريدون عرقلة سير الإسلام، لكنهم لم يستطيعوا، ولذلك شنوا الغارات الفكرية على الإسلام.
أيها المسلمون: ولأن خطرهم عظيم فقد حذرنا الله تعالى منهم، وبيّن خطرهم، فاليهود هم ألَدُّ أعداء الإسلام، وهم من أعظم من يحارب الإسلام والمسلمين؛ ولذلك فإن القرآن يكشف اللثام عن وجه اليهود الحقود الكالح؛ فيقول الله تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [البقرة:61].
ويقول الله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة:75].
ويقول الله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) [البقرة:100].
ويقول جل في علاه: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران:78].
ويقول الله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [آل عمران:112].
وقال -عز وجل-: (وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ) [المائدة:61].
أيها المسلمون: لعنهم الله: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [المائدة:78-79].
ويقول الله عنهم: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [الجمعة:5-7].
ووجوه غدرهم ومكرهم وخداعهم وحربهم للإسلام بيِّنَةٌ في الكتاب والسنة؛ ولذلك فإن الكتاب العزيز حذر من اليهود وبين خطرهم، قال الله جل في علاه: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) [البقرة:105].
ويقول الله عز وجل: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة:109].
ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].
أيها المسلمون: إن تحذير القرآن منهم لم يكفّهم عن معاداة الإسلام والمسلمين والتخطيط لحربه، بل استمروا في ذلك، وحينما كان الوحي ينزل بين السماء والأرض فتحفظه الصدور وتقيده السطور كانت الآيات البيِّنات تنزل على اليهود وهي تكشف خبثهم وسوء طويتهم، وتميط اللثام عن قبيح فعالهم بأنبيائهم وصالحيهم.
أيها المسلمون: لقد أخفقت جميعُ محاولاتِ اليهودِ في حرب الإسلام، وقد حاولوا بشتى الطرق، أعلنوا حرباً سافرة على الإسلام وأهله، نقضوا المواثيق، قطعوا العهود والوعود، يحاولون اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، يؤلبون القبائل ضد المسلمين، الأمر الذي جر عليهم مواجهة لا قبل لهم بها، فوقع الصدام المسلح بين المسلمين واليهود، وقد أجلاهم المسلمون وتركوهم على دينهم.
وكان أول لقاء بين الإسلام واليهودية مع بني قينقاع... وسبب ذلك أن اليهود تعرضوا لامرأة من نساء المسلمين كانت تمر بسوق قينقاع وجلست إلى صائغ منهم فعمد إلى ثوبها فعقده على ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فقام القوم يتضاحكون مما حدث لها، فصاحت مستغيثة، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وتجمع اليهود على المسلم فقتلوه وكانت هذه هي الشرارة الأولى التي جرت الوبال على يهود المدينة، فحاصرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خمس عشرة ليلة، ثم أجلاهم عن المدينة بعد أن استسلموا.
ولنا مع بني النضير لقاءٌ ثانٍ، إذ حاولوا الغدر بالنبي عليه الصلاة والسلام، وتآمروا على قتله، فحاصرهم المسلمون ست ليالٍ من شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، ولما جنحوا للسلم سمح لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجلاء، على أن ينقلوا معهم ما يستطيعون نقله من أموال، فنزحوا إلى خيبر قرب المدينة بعد أن خربوا ديارهم بأيديهم قبل رحيلهم.
(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) [الحشر:2]
ولنا حادثة مع بني قريظة، وهي المجابهة الثالثة بيننا وبين يهود، حيث تعاونوا مع كفار قريش وغطفان، وأسهموا في تأليب الأحزاب وتشجيعها على محاربة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجمعوا من العرب جيشا زاحفا قوامه عشرة آلاف مقاتل، وعدد جيش المسلمين لا يزيد على ثلاثة آلاف.
ولما نصر الله نَبِيَّهُ وجيشه وانسحب الكفار في موقعة الخندق كان لا بد من وضع حَدٍّ لمؤامرات اليهود وغدرهم، ولذلك اتجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لبني قريظة لمحاربتهم واستئصال شأفتهم، فحاصرهم المسلمون خمس عشرة ليلة من أواخر ذي القعدة وأوائل ذي الحجة سنة خمس للهجرة.
واستسلم بنو قريظة ونزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، وقضى بأن يقتل رجالهم المحاربون وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم، ولقد كان هذا الجزاء الصارم نتيجة ما عاناه المسلمون من بلاء كبير على أيدي اليهود الغابرين الذين كانوا يشكلون تهديدا خطيرا للإسلام والدعوة الإسلامية.
أما خيبر، وما أدراكم ما خيبر؟! فهي الفصل الأخير في الحرب معهم في عصر النبوة، فقد كانوا في خيبر آخر معاقل اليهود في جزيرة العرب يشكلون خنجرا مسموما في مسيرة المسلمين، فسار إليهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في السنة السابعة للهجرة، وشرع يفتح حصونهم الواحد تلو الآخر، وحينما يئس اليهود استسلموا، وسألوا الرسول أن يحقن دماءهم، وأن يسمح لبعضهم في إدارة شؤون الأملاك، فكان لهم ذلك، حتى جاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأجلاهم من خيبر، إذ إنه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب.
وهكذا تم استئصال الغدر والخيانة من الجزيرة العربية، وخرجوا مدحورين مذلولين؛ لأنهم كانوا خائنين غادرين، وقد بقيت مرارة الهزيمة والجلاء عن الجزيرة العربية تتحشرج في صدور اليهود يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويتواصون بنبئها خلفاً عن سلف، يتوعدون بالانتقام من الإسلام وأهله.
وها هم اليهود يتربعون على أرفع كراسي السلطة في العالم، فهم يحركون أكبر دول العالم كأنها خاتم في أيديهم، من خلال مناصبهم العالية، وينشرون الفواحش والرذيلة، ويبعثون الفتن والعداوات بين الشعوب كما يقول الدكتور اليهودي أوسكار ليفي: "نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم، ومفسديه، ومحركي الفتن فيه، وجلاديه" انتهى كلامه.
إلا أن إسلامنا العظيم له النَّصيب الأوفر من هذه السموم المحمومة والعداوة الظاهرة، وهو يقف وحيدا في مواجهة تحدِّي اليهودية العالمية بعد أن نجحت خطط اليهود في التحالف مع النصارى... يوجِّهُون قواهم لغزو ديار المسلمين، وما حربهم على المسلمين في هذه الأيام في فلسطين وفي أفغانستان وفي العراق وفي شتى بقاع أرض المسلمين إلا دليل ظاهر على ذلك.
أيها المسلمون: إن قضيتهم الكبرى ضرب الإسلام، وتهشيم صخرته الصماء التي حالت دون سيطرتهم على العالم، ولذلك فهم يعملون بهمة عالية راسخة على كسر بيضة هذا الدين العظيم بعد أن تمكنوا من معظم معاقل الإنسانية في العالم فسيروها في خطوات مخططاتهم وبروتوكولاتهم.
أيها المسلمون: صوبوا سهامهم إلى عقيدة المسلمين حتى أوهنوها، ثم كروا على وحدة المسلمين ففتتوها، وعمدوا إلى ديارهم فمزقوها، وبذلك نالوا موطئ قدم على أرض الإسراء، فتوثبوا عليها توثب السباع على الفريسة، وهم يعتبرون سقوط بيت المقدس في أيديهم حقاً لهم ثأراً من الإسلام.
أيها المسلمون: انطلقت الهتافات من حناجر الحاقدين وهم يمسحون دموع التماسيح عن وجناتهم السوداء عند حائط المبكى مرددين: "حط المشمش على التفاح دين محمد ولى وراح"، ورددوا أيضا: "محمد مات وخلف بنات"، صلى الله عليه وسلم.
ولما استقر لهم الأمر أكثر وصفت لهم أجواء العالم راحوا يعلنون مخططاتهم، فعلقوا على باب كنيستهم خريطة ما يسمونه "إسرائيل الكبرى" وحددوا معالمها من النيل إلى الفرات، واضعين عليها خيبر ويثرب وغيرهما من المدن التي أجلاهم عنها جنود التوحيد.
أيها المسلمون: يقول أحدهم في نيويورك تايمز الأمريكية: "لابد من تشكيل جيش يهودي لاحتلال المدينة المنورة بالسعودية وهدم المسجد النبوي فيها لإرغام العرب والمسلمين على الخضوع لليهود والركوع على أقدامهم"، ولن يقف اليهود ولا النصارى عند حدهم إلا بأن يقوم المسلمون بحربهم.
يقول أحد الكفار الإسرائيليين رئيس وزرائهم: "إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد".
اللهم صل على محمد، وهم يعنون بذلك أن يظهر قائد من أبناء المسلمين يقف للكفار، وكلما ظهر قائد وظهرت خلافة إسلامية ودولة وظهر أبطال مجاهدون تجمعت عليهم قوى الكفر من يهودية ونصرانية، وملل الكفر واحدة، يساعدهم أيضا في ذلك بعض أبناء المسلمين الخونة، وحكامهم العملاء الجبناء، ومن على شاكلتهم من المنافقين.
أيها المسلمون: لا تظنوا أنهم سينتصرون على المسلمين، فالمسلمون سينتصرون بإذن الله، إذ يقول حبيبكم -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر أو الشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود".
ألا إن نصر الله قريب، وما ذلك على الله بعزيز.
اللهم إنا نسألك نصرا عاجلا للإسلام والمسلمين، ونعوذ بك من الهزيمة والخذلان، ونسألك العز والتمكين...