الصمد
كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...
العربية
المؤلف | عبد الرحمن بن ناصر السعدي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات |
فمن عامل الله في حال صحته وشبابه وقوته، عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته، ومن كان مطيعاً لله لاهجاً بذكره في حال السراء، أغاثه الله, وأنقذه من المكاره والضراء، لا سيما عند انتقاله من الدنيا في تلك الشدائد والكروب؛ فإن الله يلطف به ويثبته, فيخرج ..
الحمد لله ذي الألطاف الواسعة والنعم، وكاشف الشدائد والمكاره والنقم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, ذو الجود والكرم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي فضل على جميع الأمم، اللهم صل وسلم على محمد, وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم في طريقهم الأمم.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله تعالى, وتعرفوا إلى الله في الرخاء, يعرفكم في الشدة، وتقربوا إليه بطاعته, يجلب لكم السعادة, ويدفع عنكم المشقة؛ فمن اتقى الله, وحفظ حدوده, وراعى حقوقه في حال رخائه - عرفه الله في شدته, ورعى له تعرفه السابق, وكان معه ومحل طمعه ورجائه، قال تعالى: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات:144]. فكان ليونس مقدمة صدق نجى بها، ويعين الله ما يتحمله المتحملون.
فمن عامل الله في حال صحته وشبابه وقوته عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته، ومن كان مطيعاً لله لاهجاً بذكره في حال السراء أغاثه الله, وأنقذه من المكاره والضراء، لا سيما عند انتقاله من الدنيا في تلك الشدائد والكروب؛ فإن الله يلطف به ويثبته, فيخرج من الدنيا على غاية المطلوب, ولقي ربه وهو راض عنه, حيث قدم رضى ربه على كل محبوب، ومن نسي الله في حال قوته وصحته، ولم ينسب إلى ربه ولا تاب من زلته - فلا يلومنّ إلا نفسه حين وقوعه في كربة وشدته وشقوته، قال صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه: " من عادى لي وليَّاً, فقد آذنته بالحرب, وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه, ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه, وما ترددت عن شيء أنا فاعله, ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن, يكره الموت, وأكره مساءته, ولا بد له منه".
والمؤمن المتقي إذا حضره الموت, فبُشّر بالسعادة, أحب لقاء الله, وأحب الله لقاءه، والمعرض الغافل إذا بُشّر بالشقاء، كره لقاء الله, وكره الله لقاءه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.