الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
معاشر المسلمين: لقد عِشنا شهرًا عظيمًا، وموسمًا كريمًا، فللَّه الحمد والمنّة. ألا وإنّ هذا الشهرَ الكريم قد عزَم على الرحيل ولم يبق فيه إلا القليل، فمن مِنا أحسن فعليه بالتمام، ومن كان قد فرّط فليختِمه بالحُسنى فالعمل بالخِتام. فلنودِّع هذا الشهر بالتقرب من الملك العّلام، فمِنْ ...
الخطبة الأولى:
أمّا بعد:
فيا أيّها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فلا سعادةَ إلا بالتقوَى، ولا فلاح إلا بطاعة المولى.
معاشر المسلمين: لقد عِشنا شهرًا عظيمًا، وموسمًا كريمًا، فللَّه الحمد والمنّة.
ألا وإنّ هذا الشهرَ الكريم قد عزَم على الرحيل ولم يبق فيه إلا القليل، فمن مِنا أحسن فعليه بالتمام، ومن كان قد فرّط فليختِمه بالحُسنى، فالعمل بالخِتام.
فلنودِّع هذا الشهر بالتقرب من الملك العّلام، فمِنْ أعظم الخسران التفريطُ في أيام هذا الشهر ولياليه.
جاء في حديثٍ صحَّحه أهل العلم بشواهده الكثيرة: أنَّ النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- صعد المنبر، فقال: "آمين، آمين، آمين" قيل: يا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، إنك صعدتَ المنبر، فقلتَ: "آمين، آمين، آمين" فقال: "إنَّ جبريلَ أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله، قُل: آمين، فقلتُ: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدَهما فلم يبرّهما فمات فدَخل النار فأبعده الله، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ومن ذُكرتَ عنده فلم يصلِّ عيك فدخل النار فأبعده الله، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين".
أيها الفُضلاء: تحرّوا ليلة القدر فيما بقيّ من ليالي العشر، ففي الصحيحين قوله: "من كان متحرّيَها فليتحرَّها في السبع الأواخر".
وقد قال الحسن ومالك وغيرهما: أنها تُطلب في جميع ليالي العَشر أشفاعِه وأوتاره.
فشمِّروا لنيلِ عظيم أجرها وكبير فضلها، ففي الصحيحين أنّ النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدّم من ذنبه".
وفي المسندِ وسنن النسائيّ بسندٍ صحيح عند أهل العلم: "من قام ابتغاءها ثم وقعتْ له غُفرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
إخوة الإسلام: ثبتَ في الصحيحين أنّ النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشرَ الأواخر من رَمضان، لمناجاةِ ربِّه، وذِكره ودُعائه.
فالاعتكاف يعني التخلِّي لمناجاة الربِّ -سبحانه-.
فاحبِس نفسك -أيها المعتكف- على طاعة الله وذكره، واقطع عن نفسِك كلَّ شاغل، واعكُف بقلبك وقَالبك على ما يُقّربك من ربّك عزّ شأنه.
قال داود الطائي الزاهد العابد الفقيه: "همُّك عطَّل عليّ الهموم، وشوقي إلى النظر إليك أوبَق مني اللذات وحال بيني وبين الشهوات".
فاجتهدوا في طاعة الرحمن، واغتنموا مثلَ هذه الأزمان؛ تنالوا رِضا المنّان: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[البقرة: 197].
بارك الله لي ولكم في القرآنِ، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرّحيم، مالك يومِ الدين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له إلَه الأوَّلين والآخرين، وأشهد أنَّ سيِّدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله سيّد ولد عدنان عليه أفضل الصلاة والسلام.
أمّا بعد:
فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فهي وصية الله للأولين والآخرين.
أيها المسلمون: فرضت عليكم بنصوص الوحيين صدقةُ الفطر طُهرةً من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين.
فيجب على المسلم إخراجها عن نفسِه وعمَّن تلزمه نفقتُهم من الأولاد والزوجة والوالدين، ويُستَحَبّ إخراجها عن الجنين.
والواجب صاعٌ من البُرّ، أو الشعير، أو الأقِطِ، أو التمر، أو الزبيب، ويجزئ غيرها ممّا يَطعمه أهلُ البلد كالأرز ونحوه، ولا يجزئ إخراجُها قيمةً بأن يدفَعَ دراهمَ بدلَ الطعام؛ لأنه خلاف النصّ عن المعصوم -عليه أفضل الصلاة والسلام-.
والأفضل إخراجُها ما بين صلاةِ الفجر وصلاةِ العيد، وإن أخرَجها قبل العيد بيومٍ أو يومين جاز، ولا يجوز قبل ذلك.
تُخرج في المكان الذي فيه الصائم، ولا بأسَ أن يُوكِّل من يُخرجها عنه في بلدِه إذا كان مسافرًا، خاصةً عند وجود المصلحةِ الراجحة والمنفعة الظاهرةِ.
إخوة الإسلام: مِن حسن توديع هذا الشهرِ: الإكثارُ مِن ذكر الله -جل وعلا- واستغفاره: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
قال أهل العلم: "ويُسنّ التكبير ليلةَ العيد في خَلَوات الناس ومجامعهم، حتى تنقضي صلاة العيد، يجهر بها الرّجال ويُسِرّ بها النساء".
والمنقول عن الصحابة -رضي الله عنهم- في صفات التكبير: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
وثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجلّ، الله أكبر على ما هدانا".
وعن بعض الصحابة: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا".
أيها المسلمون: إنّ من أفضل الأعمال وأزكاها عند المولى -جل وعلا- الإكثار من الصلاة والسلام على النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.