البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

الاستعداد للصلاة يعين على إقامتها

العربية

المؤلف عبد الله بن ناصر الزاحم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة
عناصر الخطبة
  1. أهمية الصلاة ومكانتها .
  2. بعض سنن الأذان .
  3. الوضوء آدابه وشروطه .
  4. السنن المستحبة لمن دخل المسجد قبل الأذان .
  5. أمور يجب الحذر منها في المسجد .
  6. بعض آداب المساجد .

اقتباس

يجب الاعتناءُ بها، والحرصُ على إقامتها بتمام شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، وحيث أن الاستعداد المبكر لها يعين على تمام إقامتها، ويسبقُها أعمالٌ من حافظ عليها أعانته على أدائها على الصورة التي أمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لذا سأذكر بعض الملاحظات التي يغفل عنها كثير من المسلمين، وهي عونٌ لهم بإذن الله على أداء صلاتهم، فينبغي للعبد أن...

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فاتقوا الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].

أيها المسلمون: الصلاة هي عمود الدين، وهي أهم ما يميز المسلمَ عن غيره، وهي أول ما يحاسب عليه العبد، فإن صلُحت فقد أفلح، عن بريدة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ".

لذا يجب الاعتناءُ بها والحرصُ على إقامتها بتمام شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، وحيث أن الاستعداد المبكر لها يعين على تمام إقامتها، ويسبقُها أعمالٌ من حافظ عليها أعانته على أدائها على الصورة التي أمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لذا سأذكر بعض الملاحظات التي يغفل عنها كثير من المسلمين، وهي عونٌ لهم بإذن الله على أداء صلاتهم، فينبغي للعبد أن يعيها ويحرص عليها.

من تلك الملاحظات: ما هو مختص بالأذان ومتابعة المؤذن، فمتابعةُ المؤذنِ يُعتبر من التهيؤِ والاستعداد للصلاة، وكثيرٌ من المسلمين يتركُ سُنَنَ الأذانِ، إما تهاوناً أو جهلا، ويحرم نفسه من خيرٍ كثير في دنياه وأخراه؛ روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ".

فالسنة أن يقول المسلم كما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين: "حي على الصلاة" و"حي على الفلاح" فإنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله".

ومن سنن الأذان: أن يأتي بالشهادتين عند قول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ويقول معها: "رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا"؛ لما روى سعدٌ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا غُفِرَ لَهُ".

أما السنة الثالثة: أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فراغ المؤذن من الأذان.

والرابعة: أن يقول: "اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ، وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ".

زاد البيهقي بسند جيد عن جابر بعد قوله: "الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد".

روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ".

أما السُّنَةُ الخامسة: أن يدعو، فهذا الموضع من مواضع إجابة الدعاء، روى سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اثنتان لا تردان -أو قال قلَّمَا تردان- الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا".

وفي رواية: "وتحت المطر"

أيها المسلمون: الطهارة أحد شروط الصلاة، فلا صلاة لمن لم يتوضأ؛ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، وَلاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ -تعالى- عَلَيْه".

ومما نُذكِّرُ به المتوضئين: أنه يجب على أصحاب اللحى الخفيفة أن يغسلوا باطن اللحية، فصاحب اللحية الخفيفة لابد أن يغسل الجلد أسفلها لظهور البشرة، أما إن كانت اللحية كثيفة فيستحب تخليلها بالماء فقط.

وأنَّ السُّنَةَ في المضمضة والاستنشاق: أن يتمضمض ويستنشق من غَرْفَةٍ واحدة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة ثلاث مرات.

وكثيرٌ من المسلمين يتمضمضون ثلاثاً، ثم يستنشقون ثلاثاً، وإن كان هذا ليس فيه حرج، ولكن السُّنَّةَ أولى وأفضل.

ومما يجب أن يلاحظ عند الوضوء: غسل الأعقاب، فبعض الناس يغفل عن غسل عَقِبَيْه، وهي مؤخرة القدمين؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ، فَقَالَ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ".

كذلك غَسْلُ اليدين، فالصحيح أن يغسلهما من أطراف الأصابع إلى المرفقين، وليس من الساعد كما يفعل بعض المتوضئين.

كما أوصيكم ونفسي بالتنزه والاستتار من البول، فعدم التنزه والاستتار منه من أسباب عذاب القبر؛ جاء في الحديث الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ".

نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا الفقه في دينه، وأن يتقبل منا صلاتنا، ويغفر لنا خطأنا وجهلنا ونسياننا.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5].

عباد الله: ومن الملاحظات: أن بعض المسلمين إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن ينتظرون حتى ينتهي المؤذنُ من أذانه، ثم يؤدون تحية المسجد، والواجب على المسلم في هذه الحال أن يصلي مباشرة ولا ينتظر؛ فسماع الخُطبة واجب وإجابةُ المؤذنِ سنة، والواجبُ مُقدًّمٌ على السُّنة.

ومن السنن المستحبة لمن كان في المسجد قبل الأذان: أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة؛ لما روى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ -رضي الله عنه- أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ" وقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ"، والأذانان: "الأذان والإقامة" ولا يدخل في هذا الأذان الثاني يوم الجمعة.

ومن الملاحظات الهامة التي تساهل فيها كثير من الناس، ويجب الاهتمام بأمرها: النظافة في الملبس وطيب الرائحة؛ لقول الله -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31].

فمن المسلمين من لا يهتم بلباسه ولا برائحته عند ذهابه للمسجد، مع إيمانه أنه سيقف بين يدي الله -تعالى-، ومعرفتِهِ أمرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- آَكِلَ الثومِ والبصلِ باعتزال المسجد؛ لما فيه من أذىً للملائكة وللمسلمين؛ فعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ".

وفي رواية: "أو كُرَّاثاً".

وفي حديث آخر: "فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ".

فعلى المسلم أن يحذر من أذيَّةِ المسلمين، ومن آذاهم فقد تحمَّلَ إثما كبيرا.

ومن إيذاءِ المسلمين: أصواتُ الجوالات بوجه عام، والنغمات الغنائية بوجه خاص، فمِمَّا يُؤسِفُ ويُحزِنُ أن تسمع تلك النغماتِ من المسلمين خارج المسجد، فكيف حين تسمعها في المسجد، بل أثناء الصلاة، وقد صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء بعدم جواز النغمات الموسيقية؛ فالواجب علينا الاستجابة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى من ابتلاه الله بهذه المعصية أن يستتر ولا يجاهر؛ ففي الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".

ولا يخفى عليكم أن هذه الأصوات تؤذي المصلين وتزعجهم وتشغلهم عن صلاتهم، وتُذهب خشوعهم، والله -جل وعلا- يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 58].

عباد الله: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ حتى لو دخله في وقت نهي، فمتى دخلتَ المسجد فصلِّ ركعتين تحيةً للمسجد؛ فعَنْ أَبِى قَتَادَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ فَجَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، قَالَ: "فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ".

ومن الملاحظ أيضا: عدم اهتمام بعض الناس بالتيامن عند دخول المسجد، والابتداء بالشمال عند الخروج منه، فالسنة للمسلم إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول، قائلاً: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم".

أو يقول: "باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك".

وإذا خرج قدم رجله اليسرى قائلاً: "باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إني أسألك من فضلك".

وزاد ابن ماجة: "اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم".

فإن في ذلك أجرٌ عظيم، ولو عوَّدَ الإنسانُ نفسَه على ذلك لأصبح الأمرُ يسيراً عليه.

نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع، ويوفقنا للعمل الصالح، وأن يجعلنا في الدنيا وفي الآخرة من الفائزين.

عباد الله: صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، فقد أمركم ربكم بذلك في كتابه المبين، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].