البحث

عبارات مقترحة:

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

الاستعداد لرمضان

العربية

المؤلف عبد الله بن ناصر الزاحم
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الصيام
عناصر الخطبة
  1. من فضائل رمضان .
  2. خصائص شهر رمضان .
  3. أمور يجب المحافظة عليها في رمضان .
  4. أمور يجب الحذر منها في رمضان .
  5. وقفات مهمة بين يدي رمضان .

اقتباس

إنَّ من الكَيَاسةِ أن تُعمرَ أوقاتُه بجليل الطاعات، وعظيم القربات؛ من تلاوة القرآن، وكثرة والاستغفار، والمداومة على الدعاء والأذكار، وأن لا يُفَوِّتَ العبدُ باباً من أبواب الخير إلا وقد أخذ منه حظاً ونصيباً، فمنادي الله ينادي كل ليلة من ليالي رمضان ويقول: "يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ: هَلُمَّ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ: أَقْصِرْ". فلنُساهم في كلِّ سُبُلِ الخير؛ فهو...

الخطبة الأولى:

أمَّا بعد:

فاتَّقوا الله -عباد الله-: وأطيعوه، وعظِّموه أمره واشكُرُوه: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النــور: 52].

أيُّها المؤمنون: ما هي إلا أيام قلائل وتستَقبِلون موسمًا عظيمًا من مواسم العمل الصالح، وسوقاً رابحة للمتاجرة مع الرب الكريم، ومحطةً كبرى من محطات التزود بالإيمان والتقوى.

موسمٌ اختصه الله بخصال الخير، فيه تتنزَّلُ الرحمات، وتُقال العثرات، وتُحط الذنوب والسيئات -نسأل الله أن يبلغناه، ويوفِّقَنا فيه للتقرُّب إليه بما يحبُّه ويَرضاه، وأن يحشَرَنا في زمرة السابقين المقرَّبين، مع الأئمة المتَّقين المهديين-.

أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاجتهاد فيه، فقال: "فاستَكثِروا فيه من أربع خِصال؛ خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما: فأمَّا الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأمَّا اللتان لا غنى لكم عنهما فتَسأَلون الله الجنَّة، وتَعُوذون به من النار".

وروي عن جابر -رضي الله عنه-: "إذا صمتَ فليَصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم، ودَعْ أذَى الخادم، وليكن عليك وقارٌ وسَكِينة يوم صيامك، ولا تجعَل يومَ فطرك ويومَ صيامِك سَواء".

وإنَّ من الكَيَاسةِ أن تُعمرَ أوقاتُه بجليل الطاعات، وعظيم القربات؛ من تلاوة القرآن، وكثرة والاستغفار، والمداومة على الدعاء والأذكار، وأن لا يُفَوِّتَ العبدُ باباً من أبواب الخير إلا وقد أخذ منه حظاً ونصيباً، فمنادي الله ينادي كل ليلة من ليالي رمضان ويقول: "يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ: هَلُمَّ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ: أَقْصِرْ".

فلنُساهم في كلِّ سُبُلِ الخير؛ فهو شهر الخير والبركة والجود والإحسان.

اختص الله شهرَ رمضان بخصائصَ عن غيره مِن الشهور، ومِن أعظم تلك الخصائص أنْ جعَل الله فيه ليلةَ القدْر التي قال الله -تعالى- عنها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[القدر:3].

وقال عنها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قام ليلةَ القَدْر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنْبه".

فمن أراد أن يفوز بهذه الليلة فليحرصْ على أداء صلاة التراويح في كلِّ ليلة من ليالي الشهر، فمن صلى مع الإمام حتى ينصَرِف كُتب له قيامُ ليلته، ومن حافظ عليها جميعَ ليالي رمضان فإنَّه بفضل الله -تعالى- سيُدرِكها.

وهنا أنصح إخواني جميعا والشبابَ خصوصاً بأن يحافظوا على هذه الصلاة؛ لأننا نلاحظ كثيراً منهم يُصلُّون التراويح في الأيام الأولى من أيام الشهر بنشاط، ثم يفترون ويتكاسلون في أواخر أيام الشهر، مع أنها أفضلُ الليالي والأيام، وهذا نوع من الحرمان والخذلان -نعوذ بالله-، قال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا)[النحل: 92].

وليكن لك -يا عبدالله- جزءٌ من الليل تعيش فيه مع الله -عز وجل-، تستقبلُ رحماتِه ونفحاتِه، فإنَّه -جل وعلا- إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ من كلِّ ليلةٍ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نزولاً يَليق بجلاله، وينادي عبادَهُ: "هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ، هَلْ مِنْ دَاعٍ، حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ".

فلا تحرِم نفسك مِن هذه النفحاتِ.

ومما يجب الحذر منه: السهر على غير طاعة الله؛ فإنَّه ينزِع بركةَ الوقت، ويُفوِّتُ الخيرَ، ويجرُّ إلى الوقوع في الإثم.

فاتقوا الله -عباد الله-: وأعِدُّوا العدَّةَ لصيامِ أيامه وقيامِ لياليه، والتنافُسِ في أعمالِ البر، والمسابقةِ إلى سبلِ الخير، والتعرَّضِ لنفحات الرب الكريم، فرُبَّ ساعةٍ يُوفَّق فيها العبدُ يرتفع فيها إلى منازل المقربين: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الجمعة: 4].

أسأل الله أن يبارَك لنا في القرآن العظيم، وينفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله...

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5].

معاشر المؤمنين: قبل حلول هذا الشهر المبارك لنا بعض الوقفات:

الوقفة الأولى: علينا أن نستعد لرمضان بتطهير أنفسنا من المعاصي والسيئات، وتنقية قلوبنا من الشرور والآفات؛ ويكون ذلك بالتوبة النَّصوح، فالمعاصي تُقسِّي القلوب، وتُثبِّطُ عن العمل، وتُهوِّنُ الوقوع في الآثام، فالصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر.

واعلموا -عباد الله-: أن يَبسُط يدَه بالليل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويبسط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ الليل، وينادي عباده، ويقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

الوقفة الثانية: علينا أن نعودَ إلى كتابِ الله -جل وعلا- في هذا الشهرِ الكريم، ونعيشَ في رِحابه، ونحرِصْ على أن لا نكون ممن يدخل في قول الرسول -رضي الله عنه-: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان: 30].

ومن مر عليه رمضانُ ولم يختم فيه القرآنَ فليعلم أنه محرومٌ استحوذ عليه الشيطانُ فأنساهُ ذكرَ الله.

الوقفة الثالثة: ليحرِصْ كلُّ واحدٍ منا أن يكونَ في رمضانَ مِثالاً للمؤمِنِ الحقِّ، الذي يُعرَفُ بحُسْنِ أخلاقِه؛ يحترمُ الكبيرَ، ويعطِفُ على الصغيرِ، ويصِل الرحِم.

الوقفة الرابعة: عِندَمَا يَدخُلُ رَمَضَانُ يَتَبَادَلُ النَّاسُ المُكَالَمَاتِ وَالرَّسَائِلَ مُهَنِّئِينَ بَعضَهُم بِدُخُولِهِ، وتلهجُ أَلسِنَتُهُم بِالشُّكرِ لِلمَولى إِذْ بَلَّغَهُم إِيَّاهُ، وهذا أمر محمود، وفعل يُنْبِي عن ما في القلوب من الإيمان.

ولكن الذي يُؤسِف أن لا تجد لِذَاكَ الشُّكرِ القَوليِّ مِنَ الشُّكرِ العَمَليِّ نَصِيبًا في واقع بعض الناس، إِذْ تَرَى مقابل ذلك نَومًا عَنِ الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَات، وَتَركًا لِلسُّنَّنِ، وَزُهدًا في النَّوَافِلِ، وَغَفلَةً شَنِيعَةً عَنِ الدُّعَاءِ، وَهَجرًا طَوِيلاً لِلقُرآنِ، وَقَبضًا لِلأَيدِي عَنِ الإِنفَاقِ في سَبِيلِ اللهِ، وإحجاماً عَن قَضَاءِ الحَاجَاتِ وَتَفرِيجِ الكُرُبَاتِ.

فَهَل هَذِهِ هِيَ حَالُ الشَّاكِرِينَ المُدرِكِينَ لأَهَمِّيَّةِ بُلُوغِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ؟

في الصحيحين عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَامَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا وَقَد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: "أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا؟".

هذا هو الشُّكرُ الحَقِيقِيُّ عند نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فالشكرُ لَيسَ مُجَرَّدَ أقوالٍ باللسان، وحُرُوفٌ تُرَدِّدُهَا الشَفَتَانِ، بَل قِيَامٌ طَوِيلٌ وَقُنُوتٌ، وَتَبَتُّلٌ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ، وَقِرَاءَةٌ وَذِكرٌ وَدُعَاءٌ، وَتَعَبٌ في طَاعَةِ اللهِ وَنَصَبٌ: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) [الشرح: 7-8].

نسأل الله -جل وعلا- أن يبلغنا شهر رمضان، وأن يوفقنا وجميع المسلمين إلى البر والتقوى والعمل الذي يرضى.

واعلموا -عباد الله-: أن الله قد أمركم بالصلاة والسلام على رسول الله، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].