البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

معنى الاحتفال مع أعداء الملة

العربية

المؤلف عبد العزيز بن عبد الله السويدان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. بعض طقوس النصارى في الاحتفال بعيد الميلاد .
  2. الهزيمة النفسية لدى المسلمين ودورها في تقليد الغرب .
  3. شتم النصارى لله وانتقاصهم له .
  4. اعتزاز المسلم بدينه .
  5. حكم تهنئة الكفار بشعائرهم .
  6. دور وسائل الإعلام في التشجيع على الاحتفال بعيد الميلاد .
  7. حكم التشبه بالكفار .
  8. واجب المسلمين نحو الاحتفال يعيد الميلاد .
  9. ما لا يجوز فعله في عيد الميلاد .

اقتباس

إن أولئك النصارى يحتفلون بميلاد يسوع، أي بعيد ميلاد الرب عند أحد مذاهبهم، أو بعيد ميلاد ابن الرب عند مذهبهم الثاني، احتفالهم يكون عن طريق الذهاب إلى الكنائس بالنسبة للمتدينين، وتقديم الهدايا، وتبادل التهاني، وظهور ما يسمى بابا نويل، وشجرة عيد الميلاد، إلى آخر تلك المظاهر المليئة بالانحرافات العقدية، من صناعات البشر وفلسفاتهم. والزمان اليوم -أيها الإخوة- زمان قوة الغرب وسطوته، زمان انتشار قيم الغربيين، ورؤاهم بين قيم...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

احتفل النصارى بأعيادهم وما زالوا يحتفلون؛ حتى رأس السنة الميلادية ولا غرابة في احتفال قوم نشئوا على النصرانية، حتى أشربتها عقولهم وقلوبهم، فالنصرانية دينهم وعقيدتهم، ولكن الغرابة ممن يحتفلون بها من قوم ذو عقيدة مغايرة، مغايرة تماما للنصرانية المشركة!.

إن أولئك النصارى يحتفلون بميلاد يسوع، أي بعيد ميلاد الرب عند أحد مذاهبهم، أو بعيد ميلاد ابن الرب عند مذهبهم الثاني، احتفالهم يكون عن طريق الذهاب إلى الكنائس بالنسبة للمتدينين، وتقديم الهدايا، وتبادل التهاني، وظهور ما يسمى بابا نويل، وشجرة عيد الميلاد، إلى آخر تلك المظاهر المليئة بالانحرافات العقدية، من صناعات البشر وفلسفاتهم.

والزمان اليوم -أيها الإخوة- زمان قوة الغرب وسطوته، زمان انتشار قيم الغربيين، ورؤاهم بين قيم البشر، وكما قال تعالى: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140].

فنحن نعيش هذا الزمان، والمنهزم هزيمة نفسية غالبا ما يقلد الغالب؛ كما ذكر ابن خلدون في مقدمته، تحت الفصل الثالث والعشرين بعنوان: "أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده" "والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها، وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه...".

ثم قال: "لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها، بل و في سائر أحواله...".

ثم قال: "حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى، ولها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والاقتداء حظ كبير...".

قال: "فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم، والكثير من عوائدهم وأحوالهم، حتى في رسم التماثيل في الجدان والمصانع والبيوت...".

ولذلك نشأ في بلاد المسلمين ما هو غربي دخيل على قيم الإسلام؛ كالعلمانية، والليبرالية، أفكار دخيلة، مناهج دخيلة، بسبب غلبة الغرب، وانقياد الناس إليه من المسلمين.

كلها من آثار الهزيمة النفسية، وتجد ما يسمى باحتفالات عيد الكرسمس، ورأس السنة، لتكشف النقاب عن وجه الهزيمة من جديد، فنسأل الله الهداية لضال المسلمين.

أيها الإخوة: إن من أكبر وأقبح أنواع الشرك: ما كان فيه تنقيص، أو إهانة لذات الله -تعالى-، وشرك النصارى فيه تنقيص لذات الله، فالمشرك قد يعبد الصنم والوثن من دون الله -تعالى-، ولكنه لا يتعرض لذات الله بنقص، لكن النصارى يدعون لله الولد، بل يقسمون ذات الله -تعالى- ثلاثة: الأب والابن وروح القدس.

استمعوا إلى عظم هذا الأمر في كتاب الله، يقول سبحانه: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)[مريم: 88-93].

(تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ) تتشقق السماء، السماوات كلها تتشقق، والأرض تتشقق: (وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) بدعوة أن للرحمن ولدا، فقط مجرد القول، مجرد التلفظ بهذا القول: (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) فكيف باعتقاده؟! وكيف بإقامة الشعائر والاحتفالات من أجل هذا؟!

ألا تكفي هذه الآيات زجرا ورادعا لكل موحد يؤمن بالله ربا وإلها واحدا! من أن يشارك في احتفالات أصلها قائم على إهانة رب العباد؟! (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)[مريم: 91-93].

في الحديث القدسي الصحيح يقول الله -تعالى-: "شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني" قال: "أما شتمه لي إياه أن يقول: اتخذ الله ولدا، وأنا الصمد، لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفوا أحد".

هل نشترك في الشتم؟ هل نسعى إلى حضور وتكثير سواد من يشاركون في هذا الأمر؟!

إن عزة المسلم تقتضي أن يرفع رأسه، بدينه وعقيدته، وأن يعلي ذات الله -تعالى-، وأن يعظمه في كل حين، فلماذا يهين نفسه ويذلها بتتبع أعداء عقيدته؟ لماذا يهينها بالتقاط فتاته وعادات وتقاليده؟

الحكمة هي ضالة المؤمن، وليست ترهات، فما جاء من حكمة أو معرفة أو حتى أدب أو خلق جميل، من أي إنسان كان، فهو محل التقدير والاحترام والتأسي، أما مجرد التقليد الأعمى البليد، المبني على هزيمة النفس، فهو السقوط بعينه.

معاشر الإخوة: ينبغي أن نأخذ هذا بكل جد وحزم، فالتهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم حرام بالاتفاق، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله -تعالى-، وأشد مقتا عن التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس.

أما الفتاوى التي تعارض هذا القول؛ يقول الإمام ابن باز -رحمه الله تعالى-: "وينبغي للإنسان أن يحتاط لدينه كما يحتاط لدنياه، بل أكثر؛ لأن هذه ليست آراء تختار منها ما تشاء، بل دين تسأل عنه يوم القيامة، ولا تنفعك فتوى فلان ممن لا يعرف بعلم، بل قد يكون ممن حذر منه العلماء، وأنت لا تعلم، فليأخذ الإنسان فتوى العلماء الكبار ممن يشهد لهم القاصي والداني، بالعلم والتقوى".

يقول ابن سرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم".

أسأل الله -تعالى- أن يرزقنا الحق حقا، ويرزقنا إتباعه، ويرزقنا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد:

ففي كل عام مثل هذا الوقت تنشط وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة؛ في كثير من الدول الإسلامية، فضلا عن غيرها، في نشر برامج احتفالات رأس السنة الميلادية، ودعوة الناس للمشاركة فيها، وتخصيص أماكن معينة للاحتفالات، وتزين الشوارع والأماكن العامة والخاصة بأنواع كثيرة من الزينة، ثم تنشط وكالات السفر، والترويج للسفر إلى تلك الأماكن.

فأقول -أيها المسلمون-: إن ما يعلم من الدين بالضرورة أن الله -تعالى- قد أكمل لنا الدين، وأتم الرسالة، إذ قال في كتابه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)[المائدة: 3].

وقال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[آل عمران: 19].

وقال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 85].

وكان مما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن أقواماً من أمته ستقلد أهل الكتاب فيما يفعلونه"؛ فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه" قلنا: يا رسول الله "اليهود والنصارى؟" قال: "فمن" [رواه البخاري] من غيرهم؟!

ولذلك حذر أهل العلم قديما وحديثا من التشبه بأهل الشرك، فقال ابن كثير: "فليس للمسلم أن يتشبه بهم لا في أعيادهم، ولا مواسمهم، ولا في عباداتهم؛ لأن الله -تعالى- شرف هذه الأمة بخاتم الأنبياء الذي شرع له الدين العظيم القويم الشامل الكامل الذي لو كان موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة، وعيسى بن مريم الذي أنزل عليه الإنجيل حيين، لم يكن لهما شرع متبع، بل لو كانا موجودين، بل وكل الأنبياء لما ساغ لواحد منهم أن يكون على غير هذه الشريعة المطهرة المشرفة المكرمة المعظمة، فإذا كان الله -تعالى- قد مَنَّ علينا بأن جعلنا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم- فكيف يليق بنا أن نتشبه بقوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل".

الواجب علينا وعلى المسلمين جميعا: أن يكون اليوم الأول من السنة الميلادية وليلته كسائر أيام العام، فلا نظهر فيه أي مظهر من مظاهر الاحتفال، فنحن لسنا منبتين عن ديننا، ولسنا كرعاع الناس، لا، هم لهم إلا الطبل والزمر والفرقعات واللهو واللعب، ولو كان ذا جانب ديني عقدي مغاير.

كما أن من الواجب: أن يتفقد كل واحد منا أهله وأولاده خشية الوقوع في شيء من ذلك، بسبب صحبة سيئة، أو قناة دعته إليه، أو حب استطلاع، أو تقليد؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنه، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"[رواه البخاري].

ونحذر كذلك من تبادل التهاني والتبريكات والهدايا بهذه المناسبة، لا مع المسلمين ولا مع غيرهم ممن يحتفلون بها، خاصة يوم ولد المسيح عيسى -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق".

ولا يجوز تعطيل الأعمال ذلك اليوم، لا دراسة، ولا عملا رسميا ولا خاصا، وينهى الاتصال على البرامج المباشرة الإذاعية والمرئية والأغاني وغيرها، إلا من يتصل عليها على وجه الإنكار والنصيحة؛ فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"[رواه مسلم].

وعلى تجار المسلمين: أن يتقوا الله -تعالى-، وأن لا يبيعوا شيئا مما يعين على إظهار هذه الشعيرة!.

فلنتق الله جميعا في كل مناسبة وفي كل مكان، ولنرفع رؤوسنا بديننا دون غيره من الأديان، ولنعزز ذلك بمواقفنا الصادقة.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان..