البحث

عبارات مقترحة:

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

النصرة لأهل الشام

العربية

المؤلف خالد بن سعد الخشلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. سنة التدافع والصراع بين الحق والباطل .
  2. بعض حكم الصراع بين الحق والباطل .
  3. الصراع في سوريا بين الحق والباطل .
  4. جرائم النظام النصيري في حق الشعب السوري .
  5. دفاع الشعب السوري عن دينه وعرضه وكرامته .
  6. حكم من قتل من الشعب السوري وهو يدافع عن عرضه .
  7. بطولات الشعب السوري رغم قلة العدة والعتاد .
  8. وقوف الغرب مع النظام السوري ضد الشعب الأعزل .
  9. خذلان العرب والمسلمين للشعب السوري .
  10. فضح الثورة السورية للعالم كله .
  11. واجبنا نحو الشعب السوري .
  12. حكم الذهاب للجهاد في سوريا .

اقتباس

لقد فضحت أحداث سوريا العالم كله، وكشفت مدى المعايير المزدوجة التي تتعامل بها المنظمات الدولة التي تدعي حقوق الإنسان، والدفاع عن المظلومين. لقد فضحت أحداث سوريا تلك الجماعات الطائفية، والأحزاب البدعية، فضحت وكشفت دعاواهم في نصرة الإسلام والمسلمين، ومناصرة المظلومين. ها هم الرافضة الصفويون يقدمون ويقفون بدعمهم المادي والمعنوي مع الظالم لقتل المظلوم واستئصاله، إنها أخوة العقيدة وأخوة المبادئ المنحرفة، وأخوة البدع الضالة. ولقد كشفت أحداث سوريا مدى ال...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، ومن تبعهم واقتفى، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فيا عباد الله: ما تزود العبد في دنياه وعمره المحدود، بمثل طاعته لربه ومولاه وتقواه -عز وجل-، وما رحل العباد إلى الدار الآخرة بمثل زاد التقوى: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)[البقرة: 197].

ألا فاتقوا الله -عباد الله-: واستعدوا لما أمامكم من أهوال الاحتضار، والقبر والحشر والنشر -رزقني الله وإياكم تقوه، وأنعم علينا بمحبته ورضاه، إن ربي رحيم ودود-.

أيها الإخوة المسلمون: إن من أعظم السنن الربانية: ما قدره الله وقضاه من سنة التدافع بين الحق والباطل، التدافع بين الإيمان والكفر، التدافع بين الهدى والضلال!.

هذا الصراع الذي وجد مع بدأ الخليقة من لدن آدم -عليه السلام-، ومرورا بالأنبياء والمرسلين بعده، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)[البقرة: 251].

إن في هذا التدافع بين الحق والباطل، بين أهل الإيمان وأهل الكفر؛ لحكم بالغة؛ منها ما نعلمه ومنها لا يعلمه إلا الله وحده.

إن الله -عز وجل- قادر على أن يجعل الناس كلهم مؤمنين: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا) [يونس: 99].

(لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) [الرعد: 31].

إن الله -سبحانه وتعالى- بقدرته العظيمة قادر في طرفة عين على أن يمحق الكافرين، ويستأصل شأفتهم، ويخلي الأرض منهم، هو وحده قادر على أن ينزل نصره على عباده المؤمنين في طرفة عين، ولكنها سنة التدافع بين الحق والباطل، سنة الامتحان والابتلاء؛ التي تخفي وراءها حكم عديدة، ودروس عظيمة: (وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) [محمد: 4].

إنما يجري اليوم على أرض سوريا من قتال بين المؤمنين وأعدائهم؛ يمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، والذي بلغ من شدته وقوته مبلغا عظيما، حيث تكالب أهل الباطل بعددهم وعدتهم؛ بدعمهم المادي والمعنوي، بتناصرهم وتحزبهم، من أجل القضاء على مسلمي الشام، الذين خرجوا على ذلك الطاغية الذي يريد استعبادهم، وإذلالهم واهانتهم، قتل الأطفال ورمل النساء، وشرد الأسر، وجعل فئاما من خيار أهل سوريا مشردين عن أوطانهم، في مشارق الأرض ومغاربها.

ملأ هو وأبوه من قبل السجون من أهل الخير والفضل، فقضى منهم في السجن من قضي، وانقطعت أخبار آخرين، وليس هذا هي وليد السنوات الثلاث، بل هي حرب ظالمة شنها النصيريون الظالمون على الإسلام وأهله في سوريا بدعم من قوى الكفر والانحراف.

وأمام هذا الإجرام والظلم الصارخ على أهلينا وإخواننا في سوريا الذي امتد عقودا عديدة، لم يكن في وسع أهل سوريا إلا مقاومة هذا الظلم والبغي والاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، بل والاعتداء على الدين، فهبوا دفاعا عن دينهم وعقيدتهم، وحريتهم وكرمتهم، وسطروا في ذلك شيبا وشبابا ورجالا ونساءً، سطروا أروع البطولات، وكتبوا أعظم القصص في الانتصار للدين، والثبات على العقيدة، والدفاع عن "لا إله إلا الله": (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ)[الشورى: 41-42].

هب إخواننا في سوريا دفاعا عن أنفسهم، وعن أعراضهم، وعن أموالهم وحريتهم وكرمتهم، بل وعن دينهم، وكل ذلك مما جاءت به الشريعة بالأمر بالمحافظة عليه، ضد أي عدوان.

لذا، فإن ما يقوم به إخواننا في سوريا في حربهم هذه "جهاد في سبيل الله" يرجى من حسنت نيته ومات في ذلك أن يكون في عداد الشهداء الموعدين بعظيم الأجر، وجزيل الثواب من الله -تعالى-، والموت هو الموت: (وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)[محمد: 4-6].

وأما أعدائهم من الكافرين والظالمين فيصدق عليهم قول الله -عز وجل-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)[محمد: 8].

وقف إخواننا في سوريا ضد هذا العدوان والإجرام بعتادهم القليل، وسلاحهم المحدود، الذي يأتيهم مما يغنمونه من أيدي أعدائهم، أو بما يستطيعون شرائه بإمكانيتهم الضئيلة، في الوقت الذي يملك فيه أعدائهم كافة أنواع الأسلحة والذخيرة والعتاد الجوي والبحري والجوي، وصنوف الأسلحة الفتاكة، حتى تلك المحرمة دوليا، من الأسلحة الكيماوية، والقنابل العنقودية، والبراميل المتفجرة، ومع هذا فإن الأسلحة لا زالت تتدفق على النظام النصيري من قبل حلفاءه من الملاحدة الشيوعيين، والرافضة الصفويين، في ظل حصار خانق على إمداد إخواننا في سوريا بالسلاح الذي يقيهم بغي النظام وإجرامه، والذي يتمكنون من خلاله من الدفاع عن أنفسهم ودينهم.

ويقف العالم الذي يدعي حقوق الإنسان موقف المتفرج إزاء هذا الظلم والبغي، دون اتخاذ أي إجراء فعال لإيقاف حمام الدم الذي لا زال ينزف منذ ثلاث سنوات تقريبا.

وليس بمستغرب ذلك على الكفار وأهله، فمنذ متى ناصروا قضايا المسلمين العادلة؟ منذ متى دافعوا عن المظلومين إذا كانوا من المسلمين؟ وها هو التاريخ المعاصر يشهد مواقف متعددة، ومآسي متكررة، نزلت بالمسلمين لم يحرك العالم الغربي فيها ساكنا، إلا إذا كان في ذلك خطر على مصالحه، ولو وقع شيء مما وقع على مجتمعات وثنية أو نصرانية، لهب العالم كله دفاعا عن أقلية قد تتعرض لأي اضطهاد إذا كانت من غير المسلمين.

وما أخبار إخواننا في بورما عنا ببعيد، حيث لم يحرك العالم ساكنا إزاء ما يتعرضون له من منازل وتحريق وتدمير لقراهم وإزهاق لأرواحهم، وطرد لهم عن بلدانهم.

أقول لكم -أيها الإخوة المسلمون-: ليس هذا الموقف المتخاذل بمستغرب على أمم الكفر وأنظمته، وإنما المستغرب تلك المواقف المتخاذلة من حكومات العالم الإسلامي وشعوبه؛ تجاه ما يحصل لإخواننا في سوريا!.

فبالله عليكم: أين المواقف الفعالة لدعم المجاهدين والمقاتلين في سوريا؟ أين المواقف الفعالة لمساعدة إخواننا الذين أنهكم البرد والجوع والألم؟ أين المواقف الفعالة لإغاثة اللاجئين والمشردين؟ أين الكساء والغطاء؟ أين العلاج والدواء؟ أين العناية بالأطفال اليتامى والنساء الثكالى؟

والعالم الإسلامي يملك من الخيرات ما لو صرف اليسير منه من قبل الحكومات والشعوب لسدت حاجة إخواننا في سوريا، فإلى الله المشتكى مما حل لإخواننا في سوريا من ظلم الأباعد، وخذلان الأقارب.

لقد فضحت أحداث سوريا العالم كله، وكشفت مدى المعايير المزدوجة التي تتعامل بها المنظمات الدولة التي تدعي حقوق الإنسان، والدفاع عن المظلومين.

لقد فضحت أحداث سوريا تلك الجماعات الطائفية، والأحزاب البدعية، فضحت وكشفت دعاواهم في نصرة الإسلام والمسلمين، ومناصرة المظلومين.

ها هم الرافضة الصفويون يقدمون ويقفون بدعمهم المادي والمعنوي مع الظالم لقتل المظلوم واستئصاله، إنها أخوة العقيدة وأخوة المبادئ المنحرفة، وأخوة البدع الضالة.

ولقد كشفت أحداث سوريا مدى الذل والهوان والضعف والخور الذي ضرب على المجتمعات الإسلامية، مما جعلهم يقفوا هذا الموقف المتخاذل في لنصرة إخوانهم في سوريا.

فإلى الله نشكو ضعفنا، وضعف المسلمين إلى الله وحده لا إلى غيره، نرفع شكوانا ونطلب منه سبحانه العون والمدد، والنصر والتأييد.

أيها الإخوة المسلمين: على الرغم من الواقع الأليم لما يجري على أرض الشام يسطر إخواننا في كل وقت صور من صور البطولة والفداء، صور من صور الشجاعة والثبات والإباء، إنه الإيمان متى استقر في القلوب صنع العجائب والمعجزات.

إنها العقيدة، عقيدة التوحيد، عقيدة "لا إله إلا الله" التي يتعلم المسلم من خلالها أن الله وحده هو الناصر لا ناصر غيره: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك".

إنها عقيدة التوحيد التي من خلالها يعلم السلم أن الإبتلاء سنة ماضية، أن الإبتلاء في الأنفس والأولاد والأهل والأوطان سنة ثابتة، ترتفع بها درجات المؤمنين الصابرين، وتكفر بها سيئات المذنبين، ثم تكون العاقبة للمتقين: (لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[الأنفال: 37].

أيها الإخوة المسلمون: إننا على ثقة تامة، ويقين لا يخالطه أدنى شك: أن النصر للمجاهدين في سوريا آت لا محالة، وأن العاقبة للحق وأهله، ولكن لا بد من صبر ومصابرة، لا بد من تضحيات وثبات، فإن النصر اليسير لا طعم له ولا لون ولا ريح: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)[البقرة: 214].

اللهم إنك تعلم بما وقع لإخواننا في سوريا من ظلم وعدوان على أيدي أعدائك الكافرين والظالمين، اللهم إن إخواننا في سوريا قد مسهم الضر وأنت أرحم الراحمين، اللهم إنهم مغلوبون فانتصر لهم يا خير الناصرين وحسبنا الله ونعم الوكيل.

بارك الله لي ولكن في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والسلام على قائد المجاهدين، وإمام الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثير.

أما بعد:

أيها الإخوة: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا بالعروة الوثقى، واحذروا المعاصي كلها صغيرها وكبيرها، فإن أجسادكم ضعيفة على النار لا تقوى -جعلني الله وإياكم ممن خافه واتقاه، ولازم أمره، وأقام على هداه، إنه أكرم مسئول، وأعظم مأمول-.

أيها الإخوة المؤمنون: إن حق علينا وواجب شرعي تجاه ما يعانيه إخواننا في بلاد الشام: مناصراتهم، ومعونتهم، والدفاع عن قضيتهم العادلة.

وأعظم ما يجب تبنيه الإدراك بأن جهادهم الإدراك واليقين قتال شرعي لصد من بغى عليهم، واعتدى على حرمتهم: "ومن قتل منهم دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه أو عرضه أو ماله فهو شهيد" كما أخبرنا بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

إنهم بأمس الحاجة إلى الدعم المادي لتوفير جميع ما يحتاجونه في جهادهم المشروع، والنفقة في هذا الباب نوع من أنواع الإنفاق في سبيل الله، بل نوع من أعظم أنواع الجهاد بالمال الذي قدمه الله في كتابه على الجهاد بالنفس في مواضع عديدة.

وهذا الواجب يقع القسط الأكبر منه على الحكومات والدول، ولكنه لا يعفي الشعوب المسلمة والمجتمعات الإسلامية عن القيام بواجبها في الدعم المادي لإغاثة النازحين والمحاصرين واللاجئين، ودعم المقاتلين لتوفير كل ما يحتاجونه في الدفاع عن دينهم وأنفسهم وأعراضهم، حتى يتحقق النصر المبين لهم -إن شاء الله-.

وثم أمر آخر: ألا وهو مواصلة الدعاء وملازمة التضرع إلى الله -عز وجل-، وسؤاله سبحانه، وهو القادر وحده تعجيل الفرج وإنزال النصر لأوليائه، وبخاصة في ساعات الإجابة؛ كالثلث الأخير من الليل، وعند إفطار الصائم، وفي السحر، وعند آخر ساعة من يوم الجمعة.

فألحوا -أيها الإخوان- بالدعاء، واستنصروا بربكم -عز وجل- لإخوانكم؛ كبارا وصغارا، نساء ورجالا، ولن يهلك مع الدعاء أحد، لا تقنطوا من رحمة، لا تيأسوا من روح الله، وأملوا بربكم الكريم، بربكم القوي القاهر، أملوا بربكم خيرا.

أيها الإخوة المسلمون: إن مما ينبغي التنبيه عليه بهذه المناسبة: أن إخواننا المجاهدين في سوريا لا تنقصهم الأعداد بقدر ما ينقصهم العتاد والسلاح، ومن ثم فإن ما يدور في أذهان الكثير من المسلمين، وبخاصة الشباب من الرغبة في نصرة إخوانهم هناك بالنفس، والمشاركة معهم في الجهاد أمر يدل على غيرة وحب للإسلام، وصدق في المودة والإخوة بين المسلمين.

لكن الناظر في الأحداث والمتأمل في الوقائع يدرك يقينا أنه ليس ثمة مصلحة شرعية، أو سياسية، في الذهاب إلى هناك للمشاركة في القتال والجهاد مع إخواننا في الشام، فجهادهم فرض كفاية، وأهل الشام أدري ببلدهم، وكيفية التعامل مع أعدائهم!.

ومن ثم فإن النصيحة لشباب المسلمين في هذه البلاد وفي كل مكان؛ بعدم الذهاب إلى هناك؛ لما يترتب على ذهابهم من مفاسد وآثار، قد تطال الجهاد نفسه.

الحماسة وحدها لا تكفي، والعاطفة وحدها لا تجدي، لا سيما وقد قرر أهل العلم والفضل والدعوة في هذه البلاد أن لا مصلحة في ذهاب الشباب للمشاركة في القتال هناك، وشاركهم في هذا الموقف علماء الشام ودعاة الشام.

وما الأحداث الأخيرة عنا ببعيد حيث كان من أسبابها مشاركة غير السوريون في الجهاد، وما قد يترتب عليه، بل قد ترتب من تسلل بعض أفكار الغلو والتفكير إلى صفوف بعض المقاتلين.

فنسأل الله -عز وجل- أن يأخذ بأيدينا جميعا لنقف موقفا يرضى به ربنا عنا، مع إخواننا في بلاد الشام.

نسأله سبحانه أن يوفق حكومات المسلمين وشعوب المسلمين للوقوف مع إخوانهم في سوريا دعما لهم ماديا ومعنويا، إن ربي على كل شيء قدير.

هذا، وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم ربكم بهذا في كتابه، فقال عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

وقال عليه الصلاة والسلام: "من صلى علي صلاة؛ صلى الله عليه بها عشرا".

اللهم صل وسلم وبارك...