البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - المهلكات |
من المعلوم يقينا: أن طبائع الناس وأخلاقهم تختلف؛ فمنهم السهل السمح، ومنهم الحزن العكر، ومنهم المتواضع، ومنهم المتكبر، ومنهم سريع الغضب، قريب الفيئة، أي قريب الرجوع للحق، ومنهم بطيء الغضب، بطيء الفيئة. فخيرهم بطيء الغضب، سريع الفيئة، وشرهم سريع الغضب، بطيء الفيئة، الذي...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن مما ينبغي أن يعتني به المؤمن، وأن يحرص على إتمامه: "مكارم الأخلاق" فقد نص حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما في سنن الترمذي وغيره: لما سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة على حسن الخلق، وجعل ذلك عاملا من عوامل من دخولها، بعد تقوى الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "تقوى الله، وحسن الخلق".
فهذه دعوة لنا جميعا للعناية بهذا الجانب المهم؛ من جوانب الحياة الكريمة في الدنيا، وموجبات دخول الجنة في الآخرة.
معاشر الإخوة: لن نستعرض جميع الأخلاق، وإنما سنركز على خصلة واحدة تحتاج منا إلى مراجعة، إنها خصلة الاعتراف بالخطأ!.
فإن مما يميز حسن الأخلاق: رجوعه للحق، واعترافه بالخطأ، وهو أمر عزيز جدا، قلما تجد النفوس تقبل بالاعتراف بأخطائها.
نعم قد تعرف الخطأ، ولكنها لا تعترف به، فما الذي يمنع الإنسان من التسليم بخطئه، ويدفعه إلى معارضة من يبين له الخطأ؟
من أكبر الأسباب: "الكبر" فإنه كلما استحكم الكبر في النفس صعب عليها الاعتراف بالخطأ؛ حتى تصل النفس إلى أن تعتز بالباطل على حساب الحق؛ كما في قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ) [البقرة: 206] يعتز بإثمه!.
فرفض الحق من أكبر سمات المتكبرين، ولذلك قدم رفض الحق على احتقار الناس في تعريف الكبر؛ عندما عرفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "الكبر: بطر الحق، وغمط الناس" [صح ذلك في مسلم وغيره من حديث ابن مسعود].
والكبر له أكثر من محفز في نفس الإنسان: الجاه، والسلطان، والثراء، والعلم.
نعم، العلم لصاحب العلم، وخصوصا إذا اشتهر به الإنسان، فإنه يحدث في نفسه شيئا من الكبر -نسأل الله السلامة-، فيكره أن تبين له أخطائه، فضلا عن أن يعترف بها.
ومن أسباب امتناع الإنسان عن الاعتراف بخطئه: طبيعة العناد، والتعصب للرأي.
فمن المعلوم يقينا: أن طبائع الناس وأخلاقهم تختلف؛ فمنهم السهل السمح، ومنهم الحزن العكر، ومنهم المتواضع، ومنهم المتكبر، ومنهم سريع الغضب، قريب الفيئة، أي قريب الرجوع للحق، ومنهم بطيء الغضب، بطيء الفيئة.
فخيرهم بطيء الغضب، سريع الفيئة، وشرهم سريع الغضب، بطيء الفيئة، الذي لا يكاد يقر بخطأ، أو يعترف بذنب، فلا يبدي الأسف، ولا يبادر بالاعتذار.
فالعنيد بطبيعته قلما يعترف بخطئه، بل قد لا يعترف به مطلقا، فإن العناد من أخلاق المنافقين.
العنيد تجتمع فيه خصلتان: الكبر، والنفاق، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) [البقرة: 11-13].
هذا العناد واجهه الأنبياء عبر العصور، وواجهه الدعاة أيضا، وما زالوا يواجهونه، بكثير من المواقف.
المعاند لا طائل من وراء جداله؛ لأنه لا يقبل الحق، لدود في خصومته، لدود في جداله، يراوغ ويلتف؛ لأنه لا يبحث عن الحقيقة، وإنما يبحث عما ينصر قوله ولو بأي طريقة، ولو بالباطل!.
ولذلك قال تعالى في كفار قريش: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)[الزخرف: 57-58].
وسواء إن كان قصدهم بطرح هذا السؤال: (أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) أنهم يعبدون الملائكة التي هي في تصورهم خير من نبي الله عيسى؛ لأنه بشر، أو كان قصدهم غير ذلك؟
(أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) فإن إخبارهم بهذا الموضوع مراوغة، والتفات عن صلب الموضوع، فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يطالبهم بعبادة عيسى –حاشاه-، ولكن القرآن، قال: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)[الزخرف: 58].
وكذلك الخوارج أهل الأهواء، هم أهل أهواء لا يقبلون بالحق، ولا يرضون إلا بما يوافق أهوائهم فقط، بل ربما رموا خصمهم بما هو فيهم؛ من سوء الطوية، وفساد الخلق.
الخوارج؛ كما حصل لابن عباس لما حاورهم وأفحمهم، وفند كلامهم، حول تكفير علي ومعاوية، بالحجج الدامغة، فإنهم أول ما رأوه، كشفوا عن كبرهم، وقالوا له بشيء من الفوقية: "ما جاء بك يا بن عباس؟ وما هذه الحلة عليك؟" يستنكرون عليه ما لبس من حسن الملابس.
فرد عليهم قائلا: "ما تعيبون مني؟ فقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه حلة من أحسن ما يكون من الثياب اليمنية؟" ثم قرأ: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف: 32].
حبر القرآن، ابن عباس -رضي الله عنهما- من ينافسه بالحوار؟
فأسكتهم رضي الله عنه، ثم قال لهم: "جئتكم من عند صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار، لأبلغكم ما يقولون، فعليهم نزل القرآن -أي نزل في زمانهم- وهم أعلم بالوحي منكم، وفيهم أنزل -أي القرآن- وليس فيكم منهم أحد".
ولما طالبهم بالحجة، قال بعضهم لبعض: "لا تخاصموه، فإنه ممن قال الله فيه: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)[الزخرف: 58] يقولون عن ابن عباس!.
قال الشاطبي: "فرجحوا المتشابه على المحكم، وناصبوا بالخلاف السواد الأعظم" خالفوا جماهير الأمة ببدعتهم، وجرأتهم على التكفير.
فالخوارج في كل زمان مثال صارخ لرفض الاعتراف بالخطأ.
ولذلك كان التوجيه بالإعراض عمن يجادل بالباطل، بعد التعرف على طبعه وخلقه، منعا لمزيد من اعتدائه، وتوفيرا للوقت، قال تعالى: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) [النجم: 29].
وقال سبحانه في سورة الكهف: (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) [الكهف: 22].
(فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ) أي لا تشتغل بالجدال معهم بما ليس فيه جدوى حول تفاصيل فتية أهل الكهف، ولذلك استثنى، فقال: (إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا).
المراء الظاهر، هو: الذي لا سبيل إلى إنكاره، ولا يطول الخوض فيه، وذلك مثل قوله: (قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ) [الكهف: 22].
قال المفسرون: "فهذا مما لا سبيل إلى إنكاره، والاعتراض عليه، لوضوح حجته: (قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم).
وما وراء ذلك محتاج للحجة، فلا ينبغي الاشتغال به، لقلة جدواه مع هؤلاء المجادلين بالباطل.
وقال تعالى: (وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحـج: 68].
هذا أدب حسن، علمه الله -تعالى- عباده، ليردوا به من جادلهم بتعنت، ولا يجيبوه، قال ابن الجوزي -رحمه الله-: "فلو بان له سوء قصد خصمه؛ توجه تحريم مجادلته".
وفي صحيح الترغيب من حديث أبي أمامة، قال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء -أي الجدال العقيم- وإن كان مازحاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خُلُقَه".
ومن أسباب امتناع الإنسان الاعتراف بخطئه: جهله بجهله؛ فمن الناس من لا يستطيع تصور جهله في شيء ما، تراه يعتقد أنه يعرف كل شيء، ويحيط بكل فن، ويفتي في كل موضوع.
فإذا تبين له الحق الذي هو خلاف قوله، لم تقبل نفسه الإقرار به؛ لأنه خلاف علمه، وخلاف قوله، فشخصيته لا تقبل إلا أنه الأعلم والأحكم والأفهم.
الحاصل: أن التجرد للحق قليل في زمن ضعف الإيمان، والانتصار للنفس، لا للحق.
ضعف في المؤمن، وحظوظ النفس، إنما تسيطر على الإنسان في حالتين: الأولى: عندما تعتز نفسه بالباطل، في مقابل الحق، كبرا أو عنادا.
والثانية: عندما تكون هناك مصلحة سيفقدها لو اعترف بالحق، هناك مصلحة لو قال الحق، واعترف بالخطأ، لفقد تلك المصلحة وفاتته.
وكلا الأمرين رديء.
والمؤمن الذي يواجه شهوة انتصار نفسه بشجاعة، المؤمن الذي يكبح جماح نفسه من أجل الحق، هو قوي الإرادة، وعكسه هو الضعيف الواهي.
أسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوالنا وأخلاقنا، وجميع أعمالنا.
وأستغفر الله، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد قال ابن عقيل في الواضح مبينا ما تقتضيه الفطرة من وحشة يحس بها الإنسان إذا ظهر الحق على خلاف رأيه.
"هناك وحشة تكون في النفس فترة عندما يظهر الحق على خلاف رأي الإنسان، وأن الله -تعالى-يعصم الموفقين من التعصب للرأي بالرغم من وجود تلك الوحشة، فقال: "وكل جدل لم يكن الغرض فيه نصرة الحق، فإنه وبال على صاحبه، والمضرة فيه أكثر من المنفعة؛ لأن المخالفة توحش، وهذا أمر طبيعي، إذ الإنسان مهما قوى نفسه، وقوى إيمانه، وتعلق بالله -عز وجل-، وكان الحق أحب إليه من نفسه، فلا بد من الوحشة التي تقع في النفوس".
ثم قال: "ونعوذ بالله من قصد المغالبة" أي قصد الانتصار للنفس، ولو على حساب الحق.
معاشر الإخوة: ينبغي التنبه إلى أن المسائل الشرعية الاجتهادية التي لم يثبت فيها نص، وخفي فيها وجه الحق، فإنه لا يلزم فيها ما يلزم في القطعيات؛ ففي مسائل الاجتهاد لكل من العلماء رأيه، ولا يقال فيها ما يقال في غيرها من الثوابت والقطعيات، التي تكون الأدلة فيها واضحة، والتي يجب فيها الخضوع للحق، ولو خالف الرأي.
لكن في الجملة -أيها الإخوة-: يجب على المسلم أن يكون وقافا عند الحق، وأن الحق أحب إليه من كل أحد، وأن يدرك أن هذا من أسمى الفضائل، وأن قدره يعلو عند الله -تعالى- بخضوعه للحق، قدر الإنسان يرتفع عند الله بخضوعه للحق.
ولقد قال سبحانه وتعالى فيمن خضعوا للحق من رهبان النصارى: (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ)[المائدة: 83-85].
وكذلك اعترف السحرة بأخطائهم لما عرفوا الحق، فسجدوا لله خضوعا وتسليما أمام الطاغية فرعون، قال تعالى: (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى)[طه: 70].
وقالوا: (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[طه: 73].
المؤمن؛ كما في الجامع الصغير من حديث العرباض، قال صلى الله عليه وسلم: "فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد" يقبل الحق سهل، لين، طيب، حبيب.
وإن من جميل ما يروى ما حكاه المروزي؛ قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: "كنا في جنازة فيها عبيد الله بن الحسن، وهو على القضاء قاضي، وكان القاضي في ذلك الوقت هو كل شيء تقريبا بعد الخليفة، فلما وضع السرير جلس، وجلس الناس حوله، قال: فسألته عن مسألة، فغلط فيها، فقلت: أصلحك الله القول في هذه المسألة كذا وكذا إلا أني لم أرد هذه، إنما أردت أن أرفعك إلى ما هو أكبر منها، أي من تلك المسألة- فاطرق ساعة ثم رفع رأسه، فقال: إذا أرجع وأنا صاغر، إذا أرجع وأنا صاغر؛ لئن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل".
أرجع للحق ليس لذلك الإنسان ولا لغيره، إنما للحق.
ويذكر ابن عساكر: عن عمرو ابن مهاجر: أن الخليفة عمر بن عبد العزيز أوصى عمرو بن مهاجر، فقال له:"يا عمرو إذا رأيتني ملت عن الحق، فضع يدك في تلابيبي وهزني، ثم قل لي: ماذا تصنع يا عمر؟".
اللهم كما حسنت خلقنا، فحسن أخلاقنا...