العربية
| المؤلف | سعيد الغامدي |
| القسم | خطب الجمعة |
| النوع | نصي |
| اللغة | العربية |
| المفردات | المنجيات |
ومن آثار التعبد بهذين الاسمين العظيمين: الحياء؛ فإن التأمل في إحسان الله ورحمته يورث العبد حياءً منه سبحانه، فيستحي العبد المؤمن من خالقه أن يعصيه، ثم إن وقع في الذنب جهلاً منه استحيا من الله بعد وقوعه، ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة للناس بذنوبهم خوفاً وخجلاً، وهذا أمر قلّ من يتنبه له، بل قد يظن كثير من الناس أن التوبة والعفو قد غمرت ذنوبه فلا يلتفت إلى الحياء بعد ذلك.
الخطبة الأولى:
كان حديث الجمعة الماضية عن اسمين جليلين كريمين من أسماء ربنا -تبارك وتعالى- وهما: "الرحمن الرحيم"، واستمعوا في هذا المقام لحديث عظيم مستشعرين ما فيه من عظيم رحمة الله -عز وجل- حديث رواه الشيخان في صحيحيهما -واللفظ لمسلم- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ: أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، فَيَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: يَا ابْنَ آدَمَ: لَعَلِّي إِنَّ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَى، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ: أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ: أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا، فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابُ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَيَيْنِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ: أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ: أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، هَذِهِ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ: مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؟! -أي ما يقطع مسألتك مني- أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟! قَالَ: يَا رَبِّ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟!"، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟! فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: "مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟! فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ".
وإن من تأمل هذين الاسمين الكريمين أثر ذلك في قلبه أموراً عظيمة؛ منها:
أولاً: الحب: فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، وكيف لا يحب الإنسان من أفاض عليه رحمته وعطفه ومنته وفضله، ومن هو أرحم به من أمه.
عباد الله: ومن آثار التعبد بهذين الاسمين العظيمين: الرجاء وحسن الظن بالله: قال العز بن عبد السلام: "من عرف سعة رحمة الله كان حاله الرجاء"، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي". متفق عليه.
وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا -وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا-، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ -وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ- فَاغْفِرْ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟! غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ -أَوْ أَصَبْتُ- آخَرَ، فَاغْفِرْهُ؟! فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟! غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا، قَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ -أَوْ قَالَ: أَذْنَبْتُ- آخَرَ، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟! غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ". رواه البخاري.
وقد دخل حماد بن سلمة على الثوري فقال سفيان: أترى أن الله يغفر لمثلي؟! فقال حماد: "لو خيرت بين محاسبة الله إياي وبين محاسبة أبوي لاخترت محاسبة الله؛ وذلك لأن الله أرحم بي من أبوي".
ومما يزيد العبد تعلقاً بربه وإحساناً للظن به أن الله تعالى يشكر عمل عبده القليل، بل ويغفر لصاحبه بسببه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا، فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجْرًا؟! قَالَ: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا". رواه مسلم.
وعن أَبي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ". رواه البخاري. والنصوص في هذا المعنى كثيرة.
وإن من حسن الظن بالله: أن ترى البلاء رحمة ونعمة، فكم من محنة محّصت الذنوب ونبهت من الغفلة وذكرت بالنعمة، وكم من محنة أصبحت منحة أعادت إلى الله وأنقذت من شرك الشيطان، ولو لم يكن في البلاء إلا تكفير الذنوب لكفى في كونه رحمة وفضلاً؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَب -أي تعب- وَلاَ وَصَبٍ -أي مرض-، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ". رواه الشيخان.
عباد الله: ومن آثار التعبد بهذين الاسمين العظيمين: الحياء؛ فإن التأمل في إحسان الله ورحمته يورث العبد حياءً منه سبحانه، فيستحي العبد المؤمن من خالقه أن يعصيه، ثم إن وقع في الذنب جهلاً منه استحيا من الله بعد وقوعه، ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة للناس بذنوبهم خوفاً وخجلاً، وهذا أمر قلّ من يتنبه له، بل قد يظن كثير من الناس أن التوبة والعفو قد غمرت ذنوبه فلا يلتفت إلى الحياء بعد ذلك.
كان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة والصوم حتى يصفر جسده، فلما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟! فقال: ما لي لا أجزع، والله لو أتيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت، إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحييًا منه، والله أحق أن يستحيا منه من الناس.
عباد الله: ومن آثار التعبد بهذين الاسمين العظيمين رحمة الخلق؛ ومن استشعر رحمة الله تعالى وشاهد ذلك بقلب صادق أفاض على قلبه رحمة الخلق، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أرحم الخلق بالخلق، وسماه ربه رحيماً فقال تعالى: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ". رواه الشيخان.
وقد حث النبي –صلى الله عليه وسلم- على الرحمة وجعلها سبباً لرحمة الله تعالى، وجعل من نزعت منه الرحمة شقياً؛ فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-". رواه مسلم.
وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ". رواه الترمذي وحسنه الألباني.
ومن الرحمة التي تغيب عن كثير من الأذهان رحمة عموم الخلق مسلمهم وكافرهم؛ قال ابن تيمية -رحمه الله- في أهل البدع: "ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القدر -والحيرة مستولية عليهم، والشيطان مستحوذ عليهم- رحمتَهم ورفقتَ عليهم، أُوتُوا ذكاءً وما أُوتوا زكاءً، وأُعطوا فُهومًا وما أُعْطُوا علومًا، وأُعطوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون)".
وقال ابن القيم:
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها | إذ لا تـرد مشيئة الديان |
وانظر بعين الأمر واحملهم على | أحكامـه فهما إذًا نظران |
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما | من خشية الرحمن باكيتان |
لو شاء ربك كنت أيضًا مثلهم | فالقلب بين أصابع الرحمن |
الخطبة الثانية:
أما بعد:
ختاماً للتأمل في هذين الاسمين الكريمين لا بد من التنبه إلى أن رحمة الله الخاصة إنما تحصل بطاعة الله واتباع مرضاته، فالله -عز وجل- يقول: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)، وليس لمن عصى الله أن يتعلق باسمه الرحمن ليستمر في العصيان؛ فالله تعالى يقول: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)، وقد حجّ عمر بن عبد العزيز مع سليمان بن عبد الملك فأصابهم برق ورعد كادت تنخلع له قلوبهم، فقال سليمان: هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟! قال: "يا أمير المؤمنين: هذا صوت رحمة الله، فكيف لو سمعت صوت عذابه!!".
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ". أخرجه الشيخان.
والله المسؤول أن يشملنا برحمته فهو أرحم الراحمين.