زكاة الفطر في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في زكاة الفطر بيَّنتُ فيها مفهوم زكاة الفطر: لغةً، واصطلاحًا، وأن الأصل في وجوبها عموم الكتاب، والسنة الصريحة، وإجماع أهل العلم، وذكرت شروطها المعتبرة عند أهل العلم، وأوضحت الحِكَمَ من زكاة الفطر، وأنها فرضٌ: على كل مسلمٍ حرٍّ، أو عبدٍ، أو كبيرٍ، أو صغيرٍ، أو ذكرٍ، أو أنثى، وأوضحت وقت إخراج زكاة الفطر، ومقدار زكاة الفطر: بالصّاع النبويّ وبالوزن، وذكرت درجات إخراج زكاة الفطر، ثم بيَّنت أهل زكاة الفطر الذين تُدفع لهم، وذكرتُ حُكْمَ دفع القيمة في زكاة الفطر، وأن زكاة الفطر تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول، ثم ختمت ذلك ببيان مكان زكاة الفطر، وحكم نقلها، وأحكام إخراج زكاة الأموال».
التفاصيل
المقدمة زكاة الفطر أولاًَ: مفهوم زكاة الفطر: ثانياً: الأصل في وجوب زكاة الفطر: عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع: ثالثاً: شروط وجوب زكاة الفطر ثلاثة شروط: رابعاً: الحكمة من وجوب زكاة الفطر: خامساً: زكاة الفطر فرض على كل مسلم سادساً: وقت إخراج زكاة الفطر: سابعاً: درجات إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي: ثامناً: مقدار زكاة الفطر وأنواعها: تاسعاً: مقدار الصاع الذي تؤدى به زكاة الفطر عاشراً: أهل زكاة الفطر الذين تدفع لهم: الفقراء والمساكين الحادي عشر: حكم دفع القيمة في زكاة الفطر: الثاني عشر: الفطرة تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول ممن تلزمه نفقته: الثالث عشر: مكان زكاة الفطر وحكم نقلها: الرابع عشر: أحكام إخراج زكاة الأموال: زكاة الفطر في ضوء الكتاب والسنةتأليف الفقير إلى الله تعالىد. سعيد بن علي بن وهف القحطانيبسم الله الرحمن الرحيم المقدمةإن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد: فهذه رسالة مختصرة في ((زكاة الفطر)) بيَّنتُ فيها مفهوم زكاة الفطر: لغةً، واصطلاحاً، وأن الأصل في وجوبها عموم الكتاب، والسنة الصريحة، وإجماع أهل العلم، وذكرت شروطها المعتبرة عند أهل العلم، وأوضحت الحِكَمَ من زكاة الفطر، وأنها فرضٌ: على كل مسلمٍ حرٍّ، أو عبدٍ، أو كبيرٍ، أو صغيرٍ، أو ذكرٍ، أو أنثى، وأوضحت وقت إخراج زكاة الفطر، ومقدار زكاة الفطر: بالصّاع النبويّ وبالوزن، وذكرت درجات إخراج زكاة الفطر، ثم بيَّنت أهل زكاة الفطر الذين تُدفع لهم، وذكرتُ حُكْمَ دفع القيمة في زكاة الفطر، وأن زكاة الفطر تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول، ثم ختمت ذلك ببيان مكان زكاة الفطر، وحكم نقلها، وأحكام إخراج زكاة الأموال، وقد استفدت كثيراً من ترجيحات سماحة شيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز، غفر الله له، ورفع منزلته.واللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل مباركاً، نافعاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله, وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.المؤلف: أبو عبدالرحمنسعيد بن علي بن وهف القحطانيحرر بعد الظهر من يوم السبت 28/3/1426هـ بمدينة الرياض زكاة الفطر أولاًَ: مفهوم زكاة الفطر:الزكاة لغة: النماء، والزيادة، والطهارة، والبركة، يقال: زكى الزرع: إذا نما وزاد([1]).الفطر: اسم مصدر، من قولك: أفطر الصائم، يفطر إفطاراً؛ لأن المصدر منه: الإفطار، وهذه يراد بها الصدقة عن البدن، والنفس، وإضافة الزكاة إلى الفطر، من إضافة الشيء إلى سببه؛ لأن الفطر من رمضان سبب وجوبها، فأضيفت إليه؛ لوجوبها به، فيقال: ((زكاة الفطر)).وقيل لها: فطرةٌ؛ لأن الفطرة: الخلقة، قال الله تعالى: ]فِطْرَةَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا[([2]). أي جبلته التي جبل الناس عليها، وهذه يراد بها الصدقة عن: البدن، والنفس، كما كانت الأولى صدقة عن المال([3])، ويقال: ((زكاة الفطر، وصدقة الفطر، ويقال للمُخْرَج: فطرة, وهي اصطلاحية للفقهاء، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة: أي زكاة الخلقة))([4]).زكاة الفطر في الاصطلاح: ((هي الصدقة تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث)) ([5]).وقيل: ((إنفاق مقدار معلوم، عن كل فرد مسلم يُعيله، قبل صلاة عيد الفطر، في مصارف مخصوصة))([6]).وقيل: ((صدقة واجبة بالفطر من رمضان، وتسمى فرضاً، ومصرفها كزكاةٍ))([7]).والحدُّ الذي يشمل التعريفات المتقدمة كلها، وهو: أن يقال: زكاة الفطر: صدقة معلومة بمقدار معلوم، من شخص مخصوص، بشروط مخصوصة، عن طائفة مخصوصة، لطائفة مخصوصة، تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين، والله تعالى أعلم. ثانياً: الأصل في وجوب زكاة الفطر: عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع:أما عموم الكتاب، فقيل: قول الله تعالى: ]قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[([8])([9]). وعموم قول الله تعالى:]وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [([10]).وأما السنة؛ فلأحاديث كثيرة، ومنها حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين...))([11]).وأما الإجماع، فأجمع أهل العلم: أن صدقة الفطر فرض، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر))([12]). ثالثاً: شروط وجوب زكاة الفطر ثلاثة شروط:الشرط الأول: الإسلام، فتجب على كل مسلم: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجل أو امرأة، صغيرٍ أو كبيرٍ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان، على كل نفس من المسلمين: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ))([13]). قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وجملته أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم، مع الصغر والكبر، والذكورية والأنوثية, في قول أهل العلم عامة، وتجب على اليتيم, ويخرج عنه وليه من ماله، وعلى الرقيق))([14]).الشرط الثاني: الغنى، وهو أن يكون عنده يوم العيد وليلته صاع، زائد عن قوته وقوت عياله، وحوائجه الأصلية([15]).الشرط الثالث: دخول وقت الوجوب، وهو غروب الشمس من ليلة الفطر؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان))([16]) وذلك يكون بغروب الشمس، من آخر يوم من أيام شهر رمضان، فمن أسلم أو تزوج، أو وُلِدَ له ولد، أو مات قبل الغروب لم تلزمه فطرتهم، وإن غربت وهم عنده ثم ماتوا فعليه فطرتهم؛ لأنها تجب في الذمة، فلم تسقط بالموت ككفارة الظهار([17]). رابعاً: الحكمة من وجوب زكاة الفطر:لا شك أن مشروعية زكاة الفطر لها حِكم كثيرة من أبرزها وأهمها الحكم الآتية:1 – طُهرةٌ للصائم، من اللغو والرفث، فترفع خلل الصوم، فيكون بذلك تمام السرور.2 – طعمةٌ للمساكين، وإغناء لهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم؛ ليكون العيد يوم فرح وسرور لجميع فئات المجتمع.3 – مواساةٌ للمسلمين: أغنيائهم، وفقرائهم ذلك اليوم، فيتفرغ الجميع لعبادة الله تعالى، والسرور والاغتباط بنعمه I، وهذه الأمور تدخل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين...)) ([18]).4 – حصول الثواب والأجر العظيم بدفعها لمستحقيها في وقتها المحدد؛ لقوله ﷺ في حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً: ((فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))([19]).5 – زكاة للبدن حيث أبقاه الله تعالى عاماً من الأعوام، وأنعم عليه سبحانه بالبقاء؛ ولأجله استوى فيه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والغني والفقير، والحر والعبد، والكامل والناقص في مقدار الواجب: وهو الصاع.6 – شكر نعم الله تعالى على الصائمين بإتمام الصيام، ولله حكم، وأسرار لا تصل إليها عقول العالمين([20]). خامساً: زكاة الفطر فرض على كل مسلم فَضُل عنده يوم العيد وليلته صاع من طعام، عن قوته وقوت أهل بيته الذين تجب نفقتهم عليه؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر في رمضان على كل نفسٍ من المسلمين: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ، أو امرأةٍ، صغيرٍ، أو كبيرٍ، صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير)) وهذا لفظ مسلم في رواية, ولفظ البخاري: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)). وفي لفظٍ للبخاري عن نافع عن ابن عمر: ((فرض النبي ﷺ صدقة الفطر – أو قال: رمضان – على الذكر، والأنثى، والحر، والمملوك: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، فعدل الناس به نصف صاع من برٍّ، فكان ابن عمر يعطي التمر, فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيراً، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى إن كان يعطي بنيَّ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))([21]).ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الحمل؛ لفعل عثمان t([22]).وتخرج عن المملوك يخرجها سيده عنه؛ لحديث أبي هريرة t، قال: قال رسول الله ﷺ: ((ليس على المسلم في فرسه، ولا في عبده صدقة إلا صدقة الفطر))([23]). سادساً: وقت إخراج زكاة الفطر:وقَّت النبي ﷺ وقت إخراج زكاة الفطر في حديث ابن عمر السابق بقول ابن عمر عن النبي ﷺ: ((وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة))([24]). أي صلاة العيد. وفي رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))([25])؛ ولكن الأفضل أن تخرج يوم العيد قبل الصلاة؛ لسد حاجة الفقراء يوم العيد،وإغنائهم يوم العيد عن المسألة.ولا يجوز تأخيرها بعد الصلاة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرةً للصائم: من اللغو، والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))([26]).ولكن زكاة الفطر لا تجب إلا بغروب شمس آخر يوم من رمضان: فمن أسلم بعد الغروب، أو تزوج، أو وُلِد له وَلدٌ، أو مات قبل الغروب لم تلزم فطرتهم([27]). سابعاً: درجات إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي:الدرجة الأولى: جواز تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((... وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))([28])، وفي لفظ للإمام مالك: ((أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة))([29]). قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد؛ ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة))([30]). وقال شيخنا الإمام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله: ((ولا مانع من إخراجه قبله بيوم أو يومين, أو ثلاثة، ولكن لاتؤجل بعد العيد))([31])([32]).الدرجة الثانية: وقت الوجوب: هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان، فمن تزوج، أو ملك عبداً، أو وُلِد له ولد، أو أسلم قبل غروب الشمس، فعليه الفطرة، وإن كان ذلك بعد الغروب لم تلزمه، ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر، نص عليه الإمام أحمد، وبه قال الثوري، وإسحاق، ومالك في إحدى الروايتين عنه، والشافعي في أحد قوليه([33]). وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في أول وقت الوجوب لزكاة الفطر: ((إنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي ﷺ أمر بإخراجها قبل الصلاة))([34])([35]).الدرجة الثالثة: المستحب إخراج زكاة الفطر يوم الفطر قبل صلاة العيد؛ لأن النبي ﷺ أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما([36])، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما ((فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))([37]).الدرجة الرابعة: لا يجوز تأخيرها بعد صلاة العيد على القول الصحيح، فمن أخَّرها بعد الصلاة بدون عذر، فعليه التوبة، وعليه أن يخرجها على الفور، قال العلامة ابن مفلح رحمه الله: ((وفي الكراهة بعدها وجهان، والقول بها أظهر؛ لمخالفة الأمر، وقيل: تحرم بعد الصلاة، وذكر صاحب المحرر أن أحمد رحمه الله: أومأ إليه، وتكون قضاءً، وجزم به ابن الجوزي))([38]). وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((الواجب... إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد))([39]).وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله، في تعمد إخراجها بعد صلاة العيد: ((والصحيح أن إخراجها في هذا الوقت محرم، وأنها لا تجزئ، والدليل على ذلك حديث ابن عمر [رضي الله عنهما: أن النبي] ((أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة))([40]) فإذا أخرها حتى يخرج الناس من الصلاة، فقد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود؛ لقوله ﷺ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))([41]) بل إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما صريح في هذا، حيث قال: ((من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات))([42]). وهذا نص في أنها لا تجزئ...)) ([43]). وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عندما سئلت عن وقت زكاة الفطر هل يمتد الوقت إلى آخر يوم العيد؟ فبينوا وقتها ثم قالوا: ((... فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن يتوب من تأخيره، وأن يخرجها للفقراء))([44]). وهذا اختيار شيخ الإسلام وابن القيم([45])([46]). ثامناً: مقدار زكاة الفطر وأنواعها:هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: ((فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير...)). وعن أبي سعيد الخدري t أنه كان يقول: ((كنا نخرج زكاة الفطر: صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب)). وفي لفظ للبخاري: ((كنا نعطيها في زمان النبي ﷺ...)). وفي لفظ لمسلم: ((كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله ﷺ زكاة الفطر: عن كل صغير، وكبير، حرٍّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًّا أو معتمراً, فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت))([47]).وفي لفظ ابن ماجه قال أبو سعيد: ((لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله ﷺ أبداً ما عشت))([48]). وفي حديث أبي سعيد زيادات لم أذكرها؛ لأن فيها نظراً([49])، أما رأي معاوية t في أن البر يعدل المد منه المدين من غيره فيجزئ نصف صاع، فقال عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((حديث أبي سعيد دال على أنه لم يُوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافاً للطحاوي، وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان، ولا فرق بين الحنطة وغيرها، وهذه حجة الشافعي ومن تبعه. وأما من جعله نصف صاع منها بدل صاع من شعير فقد فعل ذلك بالاجتهاد))([50]).وقد قال الإمام النووي رحمه الله: ((قوله: عن معاوية أنه كلم الناس على المنبر فقال: إني أرى أن مدين من سمراء الشام يعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجها كما كنت أخرجها أبداً ما عشت، فقوله: سمراء الشام: هي الحنطة, وهذا الحديث هو الذي يعتمده أبو حنيفة وموافقوه في جواز نصف صاع حنطة، والجمهور يجيبون عنه: بأنه قول صحابي, وقد خالفه أبو سعيد وغيره ممن هو أطول صحبة، وأعلم بأحوال النبي ﷺ، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم بأولى من بعض، فنرجع إلى دليل آخر. وجدنا ظاهر الأحاديث، والقياس متفقاً على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرها، فوجب اعتماده، وقد صرح معاوية بأنه رأيٌّ رآه, لا أنه سمعه من النبي ﷺ، ولو كان عند أحد من حاضري مجلسه مع كثرتهم في تلك اللحظة علم في موافقة معاوية عن النبي ﷺ لذكره))([51]).وسمعت شيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله يقول فيمن جعل مُدين من الحنطة تقوم مقام الصاع من غيرها: ((اجتهد معاوية فجعل عدله مدين، والصواب أنه لا بد من صاع أخذاً بالنص؛ ولهذا قال أبو سعيد: أما أنا فلا أخرج إلا صاعاً وهو الصواب كما تقدم([52])، والله تعالى أعلم([53]). تاسعاً: مقدار الصاع الذي تؤدى به زكاة الفطر هو صاع النبي ﷺ وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي([54])، وهو أربعة أمداد، والمد ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدّ يديه بهما، وبه سمي مدّاً، قال الفيروزآبادي: ((وقد جربت ذلك فوجدته صحيحاً))([55])، والصاع أربع حفنات بكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما، إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي ﷺ،قاله الداوودي([56]). قال الفيروزآبادي: ((وجربت ذلك فوجدته صحيحاً))([57]).قال شيخنا ابن باز رحمه الله في تحديد مقدارالصاع: ((ومقداره أربع حفنات بملء اليدين المعتدلتين من الطعام اليابس، كالتمر، والحنطة، ونحو ذلك، أما من جهة الوزن فمقداره أربعمائة وثمانون مثقالاً، وبالريال الفرنسي ثمانون ريالاً فرانسه؛ لأن زنة الريال الواحد ستة مثاقيل، ومقداره بالريال العربي السعودي [الفضي] مائة واثنان وتسعون ريالاً، أما بالكيلو فيقارب ثلاثة كيلو، وإذا أخرج المسلم من الطعام اليابس: كالتمر اليابس، والحنطة الجيد، والأرز، والزبيب اليابس، والأقط بالكيل، فهو أحوط من الوزن))([58]).وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((المقدار الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي ﷺ، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريباً))([59]). عاشراً: أهل زكاة الفطر الذين تدفع لهم: الفقراء والمساكينقيل: تعطى صدقة الفطر لمن يجوز أن يعطى صدقة الأموال؛ لأن صدقة الفطر زكاة فكان مصرفها مصرف سائر الزكوات؛ ولأنها صدقة فتدخل في عموم قوله تعالى: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالـْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالـْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ[([60])([61]).وقيل: لا يجوز دفع زكاة الفطر إلا لمن يستحق الكفارة، فتجري مجرى كفارة اليمين، والظهار، والقتل، والجماع في نهار رمضان، ومجرى كفارة الحج، فتدفع لهؤلاء الآخذين لحاجة أنفسهم، وهم الفقراء والمساكين، ولا يعطى المؤلفة قلوبهم، ولا الرقاب ولا غير ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وهذا القول أقوى في الدليل))([62]). وقال رحمه الله: ((ولا يجوز دفع زكاة الفطر إلا لمن يستحق الكفارة، وهو من يأخذ لحاجته لا في الرقاب، والمؤلفة قلوبهم وغير ذلك))([63]).وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وكان من هديه ﷺ تخصيص المساكين بهذه الصدقة, ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحد من أصحابه، ولا من بعدهم، بل أحد القولين عندنا: أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة, وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية))([64]).وقال الشوكاني رحمه الله عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: ((وطعمة للمساكين...)) ([65]).((وفيه دليل على أن الفطرة تصرف في المساكين دون غيرهم من مصارف الزكاة))([66]). وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ذكر القولين: ((هناك قولان لأهل العلم: الأول أنها تصرف مصرف بقية الزكوات، حتى المؤلفة قلوبهم والغارمين... والثاني أن زكاة الفطر مصرفها للفقراء فقط، وهو الصحيح))([67]). وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((زكاة الفطر شرعها الله مواساةً للفقراء والمحاويج، وطعمة للمساكين))([68]). وقال في موضع آخر: ((ومصرفها الفقراء والمساكين))([69]). ويجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة أشخاص))([70]). الحادي عشر: حكم دفع القيمة في زكاة الفطر:قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص))([71])([72]). قال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم، وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي ﷺ وأصحابه y))([73]). وقال رحمه الله: ((... زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرِّع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه))([74]).وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاماً، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية؛ لقول أحد من الناس))([75]). قال ﷺ: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))([76]). الثاني عشر: الفطرة تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول ممن تلزمه نفقته:قال الإمام الخرقي رحمه الله: ((ويلزمه أن يخرج عن نفسه وعن عياله، إذا كان عنده فضل عن قوتِ يومه وليلته))([77])، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر))([78]). فظهر أن الفطرة تلزم الإنسان القادر عن نفسه، وعن من يعوله، أي يمونه، فتلزمه فطرتهم، كما تلزمه مؤنتهم، إذ وجد ما يؤدي عنهم([79])؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((أمر رسول الله ﷺ بصدقة الفطر، عن الصغير، والكبير، والحر، والعبد، ممن تمونون))([80]).قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه، وعن كلِّ من تجب عليه نفقته، ومنهم الزوجة؛ لوجوب نفقتها عليه))([81]). ويبدأ بنفسه إذا لم يجد لجميع من ينفق عليهم, ثم من يليه في وجوب النفقة([82])؛ لحديث جابر t ، وفيه: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)) يقول: فبين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك([83]).وعن حكيم بن حزام t: أن رسول الله ﷺ قال: ((أفضل الصدقة، أو خير الصدقة عن ظهر غنىً، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول))([84]).وعن بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله، من أبرُّ؟ قال: ((أمك)) قال: قلت: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: قلت: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: قلت: ثم من؟ قال: ((ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب))([85])؛ ولحديث أبي هريرة t، قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك))([86]).وعنه t قال: قال رسول الله ﷺ: ((تصدقوا)) فقال رجل يا رسول الله عندي دينار، فقال: ((تصدق به على نفسك)) قال عندي آخر، قال: ((تصدق به على زوجتك)) قال: عندي آخر، قال: ((تصدق به على ولدك)) قال: عندي آخر: قال: ((تصدق به على خادمك)) قال: عندي آخر؟ قال: ((أنت أبصر به))([87]). الثالث عشر: مكان زكاة الفطر وحكم نقلها:الأصل في ذلك قول النبي ﷺ لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن: ((...فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم))([88]).قال الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى: ((والسنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي، وعدم نقلها إلى بلد آخر؛ لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم...)) ([89]). وقال رحمه الله عندما سئل عن حكم نقل زكاة الفطر: ((لا بأس بذلك, ويجزئ إن شاءالله في أصح قولي العلماء، لكن إخراجها في محلك الذي تقيم فيه أفضل وأحوط، وإذا بعثتها لأهلك؛ ليخرجوها على الفقراء في بلدك فلا بأس))([90]). الرابع عشر: أحكام إخراج زكاة الأموال:1 – يجب إخراج الزكاة على الفور، كالكفارة، والنذر؛ لأن الأمر المطلق يقتضي الفورية، ومنه قول الله تعالى: ]وَآَتَوُا الزَّكَاةَ[([91]) إلا إذا أخرها؛ ليدفعها إلى من هو أحق بها، من: ذوي القرابة، أو ذوي الحاجــة الشـديــدة، جــاز إذا كان وقتاً يسيراً([92])([93]).2 – من جحد وجوب الزكاة كفر، إذا كان عالماً بوجوبها؛ لتكذيبه لله، ولرسوله، وإجماع الأمة، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل([94])([95])، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين([96]).3 – من منع الزكاة بخلاً، وتهاوناً، أخذها إمام المسلمين أو نائبه منه، وعزّره؛ لارتكابه محرماً؛ ومنعه ركناً من أركان الإسلام؛ لينصره على نفسه، ويردعه عن فعله المحرم([97])([98]).4 – يخرج الزكاة من مال: الصغير، واليتيم، والمجنون وليهم؛ لأنه حق تدخله النيابة، فقام الولي فيه مقام المولَّى عليه: كنفقته، وغرامته؛ ولأن الزكاة واجبة في المال، ولم يشترط البلوغ والعقل في وجوب الزكاة في المال([99])([100]).5 – والأفضل: أن يفرِّق زكاته بنفسه؛ ليتيقن وصولها إلى مستحقيها؛ وليحصل على أجر التعب؛ لأن تفريقها عبادة لله تعالى، وليجتهد في إيصالها إلى أهلها بيقين، قال عثمان t: ((هذا شهر زكاتهم، فمن كان عليه دين فليقضه، ثم يزكي بقية ماله))([101]).وعن أبي سعيد المقبري قال: جئت عمر بن الخطاب بمائتي درهم، قلت: يا أمير المؤمنين هذا زكاة مالي، قال: وقد عتقت يا كيسان؟ قال: قلت: نعم، قال: ((اذهب بها فاقسمها))([102]).وإذا اجتهد في الإخلاص لله تعالى وأخفاها ابتغاء مرضاته سبحانه أظله الله تعالى في ظله، يوم لا ظل إلا ظله؛ لحديث أبي هريرة t ، عن النبي ﷺ قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله، يوم لا ظل إلا ظله...)) وذكر منهم ((... ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))([103]).فيحصل على هذا الثواب العظيم بتوزيعها بنفسه([104]).6 – والأفضل أن يسأل الله تعالى أن يتقبَّل منه، كأن يقول: ((اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم)) وغير ذلك من الدعاء المناسب([105]).7 – يقول آخذ الزكاة ما ورد، كأن يقول: ((اللهم بارك فيه وفي ماله))([106])، وكان رسول الله ﷺ إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ((اللهم صلِّ عليهم)) فأتاه أبو أوفى بصدقته، فقال: ((اللهم صلِّ على آل أبي أوفى))([107]).8 – ويشترط لإخراجها نية من مكلَّف، وله تقديمها بيسير، والأفضل قرنها بالدفع، فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة تقرباً لله تعالى، وكذلك إذا وكل نوى، وينوي الوكيل عمن وكله؛ لقوله ﷺ: ((إنما الأعمال بالنيات))([108])([109])، قال العلامة السعدي رحمه الله: ((والصحيح أنه إذا نوى المتصدق الزكاة، ودفعها للوكيل، ثم دفعها الوكيل للمُعْطى أن ذلك يجزئ, ولو أن الوكيل لم ينو أنها زكاة، سواء تأخر دفعها عن نية المتصدق أو قارنها...)) ([110]).9 – يجوز تعجيل الزكاة لحولين إذا كمل النصاب؛ لحديث علي t: ((أن النبي ﷺ تعجل من العباس صدقة سنتين))([111])؛ ولحديثه t: ((أن العباس سأل النبي ﷺ في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخَّص له في ذلك، فأذن له في ذلك))([112])، ويشترط في ذلك: وجود سبب وجوب الزكاة: وهو كمال النصاب، فإن لم يكن عنده نصاب؛ فإنه لا يجزئ إخراجه؛ لأنه قدمها على سبب الوجوب، وهو ملك النصاب([113])([114]).10 – الأفضل جعل زكاة كل مال في فقراء بلده، إلا لحاجة أو مصلحة راجحة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن: ((... فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم...)) ([115]). ولحديث إبراهيم بن عطاء - مولى عمران بن حصين – عن أبيه: أن زياداً – أو بعض الأمراء – بعث عمران بن حصين على الصدقة، فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال: ((وللمال أرسلتني؟ أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله ﷺ، ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله ﷺ))([116]).هذا هو الأفضل: أن تجعل زكاة كل بلد في فقراء بلده([117])، والراجح من أقوال أهل العلم في حكم نقل الزكاة: أن الأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده؛ لأن أهل البلد المحاويج أحق بالبر والإحسان؛ ولغرس المحبة بين الأغنياء والفقراء؛ ولأن أطماعهم تتعلق بما عند الأغنياء في بلدهم من المال؛ ولأنه أيسر للمكلف؛ لأن نقلها من بلد إلى بلد آخر قد يكون فيه مشقة وكلفة، وقد يكون في السفر عرضة لتلف مال الزكاة، ولكن مع ذلك يجوز نقل الزكاة لمصلحة شرعية, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية([118])، قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: ((والصحيح جواز نقل الزكاة ولو لمسافة قصر إذا كان لذلك مصلحة...))([119]). وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((وهذا القول هو الصحيح؛ لعموم الدليل: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالـْمَسَاكِينِ [([120]). أي للفقراء والمساكين في كل مكان))([121]). وقال شيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((يجوز نقل الزكاة من محل المزكي ((بلده)) إلى بلد أخرى إذا كان ذلك لمصلحة شرعية في أصح قولي العلماء...))([122]). وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((لا مانع من ذلك في أصح قولي العلماء إذا كان نقل الزكاة من البلد الذي يقيم فيه صاحب المال لمصلحة شرعية: كشدة الفقر، أو قرابة من تدفع إليه الزكاة؛ وكونه طالب علم شرعي يحتاج إلى الإعانة على ذلك...)) ([123]). وهو اختيار الإمام البخاري رحمه الله تعالى، قال رحمه الله: ((باب أخذ الصدقة من الأغنياء، وتردُّ في الفقراء حيث كانوا))([124]). قال ابن المنير رحمه الله: ((اختار البخاري جواز نقل الزكاة من بلد المال؛ لعموم قوله: ((فترد على فقرائهم))؛ لأن الضمير يعود على المسلمين، فأي فقير منهم رُدت فيه الصدقة في أي جهة كان؛ فقد وافق عموم الحديث))([125]).11 – إذا كان صاحب المال في بلد وماله في بلدٍ آخر:أخرج زكاة المال في بلد المال، وأخرج فطرته في البلد الذي هو فيه؛ لأن زكاة الفطر تتعلق بالبدن، والمال زكاته تتعلق به؛ فإن نقل إحدى الزكاتين لمصلحة شرعية راجحة جاز؛ لما سبق في نقل الزكاة، والله تعالى أعلم([126]).([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب الزاي مع الكاف، مادة ((زكا))، 2/307، ولسان العرب، لابن منظور، باب الواو والياء من المعتل، فصل الزاي، مادة ((زكا)) 14/358، والقاموس المحيط، باب الواو والياء، مادة ((زكا))، ص 1667، والتعريفات، للجرجاني، ص 152.([2]) سورة الروم، الآية: 30.([3]) انظر: غريب الحديث، لابن قتيبة، 1/184، والمغني، لابن قدامة، 4/282.([4]) المجموع للنووي، 6/48، فرضت زكاة الفطر في السنة الثانية للهجرة [فتح القدير للشوكاني، 5/425].([5]) الإقناع لطالب الانتفاع، لموسى بن أحمد الحجاوي الحنبلي، 1/449، ومنتهى الإرادات، لمحمد بن أحمد الفتوحي، 1/496، وحاشية الروض المربع لابن قاسم، 3/269. ([6]) معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس، ص 208، مادة ((زكاة)).([7]) منتهى الإرادات، للفتوحي، 1/496، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب، لعبدالقادر بن عمر التغلبي، 1/255.([8]) سورة الأعلى، الآيتان: 14- 15.([9]) ذكر الإمام الطبري في تفسير،ه 24/374 عن أبي العالية: ما يفيد ذلك، وذكره عبدالرزاق في مصنفه، برقم 5795 عن سعيد بن المسيب، وذكر ابن كثير في تفسيره أن عمر بن عبدالعزيز كان يتلو هذه الآية عندما يأمر الناس بزكاة الفطر، وذكر ابن قدامة في المغني، 4/82، والزركشي على مختصر الخرقي، أن سعيد بن المسيب وعمر بن عبدالعزيز قالا في هذه الآية: قد أفلح من تزكى ((هو زكاة الفطر)) والله تعالى أعلم.([10]) سورة الحشر، الآية: 7.([11]) متفق عليه: البخاري، برقم 1503، ومسلم، برقم 984، وسيأتي تخريجه.([12]) الإجماع لابن المنذر، ص 55، وانظر: المغني لابن قدامة، 4/280، والشرح الكبير مع المغني والإنصاف، 7/79.([13]) متفق عليه: البخاري، برقم 1503، ومسلم, برقم 984، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.([14]) المغني، لابن قدامة، 4/283.([15]) الكافي، لابن قدامة، 2/168، والشرح الممتع، 6/153.([16]) متفق عليه: البخاري، برقم 1503، ومسلم، برقم 984، وسيأتي تخريجه.([17]) الكافي، لابن قدامة، 2170.([18]) أبو داود، برقم1609، وابن ماجه، برقم 1827، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 1609، وفي صحيح ابن ماجه، برقم 492 - 1854، ويأتي تخريجه إن شاءالله.([19]) أبو داود، برقم 1609، وابن ماجه، برقم 1827، وهو جزء من الحديث الذي قبله.([20]) إرشاد أولي البصائر والألباب، لنيل الفقه بأقرب الطرق، وأيسر الأسباب للعلامة عبدالرحمن السعدي، ص 134.([21]) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر، برقم 1503، وباب صدقة الفطر على الحر والمملوك، برقم 1511، ومسلم، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين، برقم 16 – 984.([22]) أخرجه ابن أبي شيبة، 3/419، وأخرجه عبدالله بن أحمد في مسألة 644، عن حميد وقتادة: ((أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحمل)). وأخرج ابن أبي شيبة، 3/419، وعبدالرزاق، برقم 788, عن أبي قلابة قال: ((كانوا يعطون صدقة الفطر، حتى يعطوا عن الحبل))، وفي رواية لأحمد: أن زكاة الفطر عن الحمل تجب. الشرح الكبير، 7/96، وانظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/366، 367، والمغني لابن قدامة، 4/216، ومجموع فتاوى ابن باز 14/201.([23]) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، برقم 982، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه، 4/82، فقال: ((باب الدليل على أن صدقة الفطر عن المملوك واجبة على مالكه، لا على المملوك كما توهم بعض الناس)).([24]) متفق عليه، البخاري, برقم 1503، ومسلم، برقم 984، وتقدم تخريجه.([25]) البخاري, برقم 1511، ومسلم, برقم 984، وتقدم تخريجه.([26]) أبو داود,كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم 1609، وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم 1827، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 1609، وصحيح ابن ماجه، برقم 1854، وإرواء الغليل، برقم 843.([27]) انظر: الكافي لابن قدامة، 1/170، والروض المربع، وقال الإمام النووي: ((قوله: من رمضان)) إشارة إلى وقت وجوبها وفيه خلاف للعلماء: فالصحيح من قول الشافعي إنها تجب بغروب الشمس ودخول أول جزء من ليلة عيد الفطر. والثاني تجب لطلوع الفجر ليلة العيد، وقال أصحابنا: تجب بالغروب والطلوع معاً، فإن ولد بعد الغروب أو مات قبل الطلوع لم تجب، وعن مالك روايتان: كالقولين، وعند أبي حنيفة تجب بطلوع الفجر)) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/63، وانظر: المقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، 7/113.([28]) متفق عليه: البخاري، برقم 1511، ومسلم، برقم 984، وتقدم تخريجه.([29]) موطأ الإمام مالك، كتاب الزكاة، باب وقت إرسال زكاة الفطر، برقم 55.([30]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/369.([31]) فتاوى ابن باز، 14/216.([32]) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تحديد أول وقت لجواز دفع زكاة الفطر، على أقوال: القول الأول: يجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين، وجاء في الموطأ ((ثلاثة)), وهذا القول هو الذي عليه الدليل, كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ((وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين)) متفق عليه، وهذا فيه إشارة إلى جميع الصحابة فكان إجماعاً [المغني، 4/301]. القول الثاني: قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وقال بعض أصحابنا: يجوز تعجيلها من بعد نصف الشهر كما يجوز تعجيل أذان الفجر والدفع من مزدلفة بعد نصف الليل)) [المغني، 4/300، والشرح الكبير، 7/116]. القول الثالث: وقال أبو حنيفة: يجوز تعجيلها من أول الحول؛ لأنها زكاة، فأشبهت زكاة المال، [المغني، 4/300]. القول الرابع: وقال الشافعي: يجوز من أول شهر رمضان؛ لأن سبب الصدقة: الصوم, والفطر عنه، فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها كزكاة المال بعد ملك النصاب، [المغني 4/300]. والقول الأول هو الصحيح، لثبوته في حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ ولأن سبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه؛ ولأن العبادات توقيفية، [المغني، 4/300].([33]) المغني، لابن قدامة، 4/298، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 7/113.([34]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/373.([35]) وقال الليث وأبو ثور، وأصحاب الرأي: تجب بطلوع الفجر يوم العيد، وهو رواية عن مالك، والصواب الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة: أن أول وقت الوجوب غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويجوز تقديمها بيوم أو يومين أو ثلاثة. وانظر: المغني لابن قدامة، 4/298.([36]) متفق عليه: البخاري, برقم 1511، ومسلم, برقم 984، وتقدم تخريجه.([37]) أبو داود، برقم 1609، وابن ماجه، برقم 1827، وتقدم تخريجه.([38]) كتاب الفروع، لابن مفلح، 4/227.([39]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/201.([40]) متفق عليه: البخاري، برقم 1511، ومسلم، برقم 984، وتقدم.([41]) متفق عليه: البخاري، برقم 2697، ومسلم، برقم 1718، ويأتي تخريجه إن شاء الله.([42]) أبو داود، برقم 1609، وابن ماجه، 1827، وتقدم تخريجه.([43]) الشرح الممتع، لابن عثيمين، 6/171 – 172.([44]) فتاوى اللجنة الدائمة، 9/373.([45]) انظر: حاشية ابن قاسم على الروض، 3/82، والإنصاف، 7/118، وزاد المعاد، 2/21.([46]) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فإن أخرها عن الصلاة ترك الأفضل... ومال إلى هذا القول عطاء، ومالك... وأصحاب الرأي... فإن أخرها عن يوم العيد أثم ولزمه القضاء... وحكي عن ابن سيرين والنخعي: الرخصة في تأخيرها عن يوم العيد... واتباع السنة أولى)) المغني، 4/298، قلت: والصواب أنه لا يجوز تعمد إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد، كما دلت على ذلك الأدلة المذكورة في المتن.([47]) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر صاع من طعام، برقم 1506، وباب صاع من زبيب، برقم 1508، ومسلم، كتاب الزكاة،باب زكاة الفطر على المسلمين،برقم 985.([48]) ابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم 1829.([49]) من ذلك الحنطة، قال الحافظ بعد ذكره لزيادة الحنطة عند الحاكم وابن خزيمة: ((قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم...)) ثم نقل الحافظ أن أبا داود أشار إلى أن ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، وذكر أن معاوية ابن هشام روى في هذا الحديث: نصف صاع من بر، وهو وهم, وأن ابن عيينة حدث به عن ابن عجلان عن عياض فزاد فيه: ((أو صاعاً من دقيق)) وأنهم أنكروا عليه فتركه، قال أبو داود [القائل ابن حجر]: ((وذكر الدقيق وهم من ابن عيينة)) فتح الباري، 3/373.([50]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، 3/374.([51]) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/67.([52]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1507، 1508.([53]) وفي سنن أبي داود, برقم 1620, عن ثعلبة بن صعير قال: قام رسول الله ﷺ خطيباً، فأمر بصدقة الفطر صاع تمر، أو صاع شعير، عن كل رأس. وفي زيادة: ((أو صاع بر أو قمح بين اثنين، عن الكبير والصغير، والحر والعبد)). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/449، وذكر الشوكاني الروايات في نيل الأوطار، 3/102، التي جاءت في أن نصف الصاع يجزئ، ثم قال: ((وهذه تنهض بمجموعها للتخصيص، ولكن سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله يرى أن جميع الكفارات: الإطعام فيها يكون نصف صاع، أما زكاة الفطر فقد حددها النبي ﷺ بصاع)).([54]) الدارقطني، 2/151، والبيهقي، 10/278، قال الشوكاني في رواية البيهقي: ((بإسناد جيد)) نيل الأوطار، 3/104، وانظر: المغني، لابن قدامة، 4/287.([55]) القاموس المحيط، ص 407.([56]) المرجع السابق، ص 955.([57]) القاموس المحيط، ص 955، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 11/597، وفتاوى اللجنة الدائمة، 9/365.([58]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/204 – 205.([59]) فتاوى اللجنة الدائمة، 9/371.([60]) سورة التوبة, الآية: 60.([61]) انظر: المغني لابن قدامة، 4/314، قال: وبهذا قال مالك، والليث، والشافعي، وأبو ثور, وقال أبو حنيفة: يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع زكاة المال إليه، وإلى الذمي)).([62]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 25/73.([63]) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 151.([64]) زاد المعاد في هدي خير العباد، 2/22.([65]) أبو داود, برقم 1609، وابن ماجه, 1827، وتقدم تخريجه.([66]) نيل الأوطار للشوكاني، 3/103.([67]) الشرح الممتع 6/184، وانظر: الإنصاف مع الشرح الكبير، 7/137.([68]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/215.([69]) المرجع السابق، 14/202.([70]) المغني لابن قدامة، 4/316، ومجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/377، وكتاب الفروع لابن مفلح، 4/239.([71]) الكافي لابن قدامة، 2/176، والمغني، 4/295.([72]) ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجوز دفع القيمة؛ لأنه لم يرد نص بذلك؛ ولأن القيمة في حقوق الناس لا تجوز إلا عن تراضٍ منهم، وليس للصدقة مالك معين حتى يجوز رضاه أو إبراؤه.وذهب الحنفية إلى أنه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر [الموسوعة الفقهية، 23/344].([73]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/202.([74]) المرجع السابق، 14/208.([75]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 9/379.([76]) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم 2697، ومسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718.([77]) مختصر الخرقي مع المغني، 4/301.([78]) الإجماع لابن المنذر، ص 55.([79]) المغني، لابن قدامة، 4/301.([80]) أخرجه الدارقطني، 2/241، برقم 11، 12، والبيهقي، 4/161، وأخرج نحوه من رواية علي بن أبي طالب t [انظر: نصب الراية، 2/413] والحديث حسنه الألباني في إرواء الغليل، 3/320 برقم 835.([81]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/367.([82]) يبدأ بنفسه، فزوجته، فرقيقه، فأمه، فأبيه، فولده، فأقرب في الميراث. انظر: منار السبيل، 1/258، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/276، والمغني لابن قدامة، 4/301 – 303، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/199.([83]) مسلم، كتاب الزكاة، باب الابتداء في النفقة بالنفس، ثم أهله، ثم القرابة، برقم 997.([84]) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غني، برقم 1427، ومسلم، واللفظ له، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة، وأن السفلى هي الآخذة، برقم 1034.([85]) الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في بر الوالدين، برقم 1897، وأحمد، برقم 19524، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 2/199.([86]) متفق عليه، واللفظ لمسلم: البخاري، كتاب الأدب، باب البر والصلة، برقم 5971، ومسلم، كتاب البر والصلة، والآداب، باب بر الوالدين، برقم 2548.([87]) النسائي، كتاب الزكاة، باب 54، تفسير ذلك، برقم 2534، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، برقم 1691، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 2/206، وفي صحيح سنن أبي داود 1/469.([88]) متفق عليه: البخاري، برقم 1395، ومسلم، برقم 19، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام، حكم الزكاة.([89]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/213.([90]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/214، 215، وانظر: فتاوى اللجنة الدائمة، 9/284، والموسوعة الفقهية، 23/345 و23/331.([91]) سورة البقرة, الآية: 277.([92]) انظر: المغني لابن قدامة، 4/147 – 148، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 6/387، و7/139، والفروع، لابن مفلح، 4/146، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/186 – 189، ومنار السبيل، 1/263.([93]) وتقدم التفصيل في منزلة الزكاة في الإسلام، في مسائل مهمة في الزكاة، المسألة الخامسة، فلتراجع هناك.([94]) انظر: المغني، لابن قدامة، 4/6، والشرح الكبير مع المقنع، والإنصاف، 7/143، ومنار السبيل، 1/263، والشرح الممتع، لابن عثيمين، 6/190، و 6/7، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/227، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/14.([95]) تقدم التفصيل في منزلة الزكاة في الإسلام، الرقم الثاني عشر.([96]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/184، وفتاوى ابن باز، 14/227.([97]) انظر: المقنع مع الشرح الكبير، والإنصاف، 7/144، ومنار السبيل، 1/263، والمغني لابن قدامة، 4/8 – 9، والكافي، 2/87، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/227، والشرح الممتع، 6/198.([98]) وانظر: تعزير مانع الزكاة بخلاً: منزلة الزكاة في الإسلام للمؤلف، المنزلة الرابعة عشرة.([99]) انظر: المغني لابن قدامة، 4/69، والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير، 6/298، و7/150، والشرح الممتع، 6/25 – 28، 202، ومنار السبيل، 1/140، 263، والروض المربع، 3/167، 296، ومجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 9/410، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/235، 240، ومجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 9/410.([100]) وتقدم التفصيل في منزلة الزكاة في الإسلام في مسائل مهمة في الزكاة، المسألة السابعة.([101]) أخرجه الإمام مالك، 1/253 وغيره، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 3/341، برقم 850.([102]) البيهقي، 4/114، وأبو عبيد، برقم 1805، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 3/342.([103]) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، برقم 1423، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم 1031.([104]) انظر: المقنع والشرح الكبير، 7/152, ومنار السبيل، 1/263، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/205.([105]) انظر: منار السبيل، 1/263، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 7/168، والشرح الممتع، 6/207.([106]) لحديث وائل بن حجر t: أن رجلاً جاء بناقة حسناء، فقال له النبي ﷺ: ((اللهم بارك فيه وفي إبله)) [أخرجه النسائي، برقم 2457، وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/185، وتقدم تخريجه في زكاة بهيمة الأنعام].([107]) مسلم، كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بالصدقة، برقم 1078.([108]) متفق عليه: البخاري، برقم 1، ومسلم, برقم 1907، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام، في مسائل مهمة، المسألة السادسة.([109]) انظر: المغني، لابن قدامة، 4/88 – 90، والمقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، 7/159، ومنار السبيل، 1/264، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/53 – 54.([110]) المختارات الجلية للسعدي، ص 79.([111]) أخرجه أبو عبيد في الأموال، برقم 1885، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 3/316، برقم 857.([112]) أبو داود، برقم 1624، والترمذي، برقم 678، 679، وابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/450، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام في مسائل مهمة في الزكاة المسألة التاسعة.([113]) انظر: المغني، لابن قدامة، 4/79، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 7/179، ومنار السبيل، 1/265، والكافي، 2/181، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/143، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/422، والشرح الممتع، 6/213.([114]) وتقدم التفصيل في ذلك في منزلة الزكاة: المسألة التاسعة من المسائل المهمة في الزكاة.([115]) متفق عليه: البخاري, برقم 1395، ومسلم, برقم 19، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام، في حكم الزكاة.([116]) أبو داود، كتاب الزكاة، باب في الزكاة هل تحمل من بلد إلى بلد؟ برقم 1625، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/45.([117]) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في نقل الزكاة على أقوال: القول الأول: مذهب الإمام أحمد رحمه الله: لا يجوز نقل الزكاة إلى ما تقصر فيه الصلاة، فإن نقلها ففي المذهب روايتان: إحداهما تجزئ مع الإثم، وهو الصحيح من المذهب، والثانية لا تجزئ. القول الثاني: الإمام مالك لا يجوز إلا أن يقع بأهل بلد حاجة, فينقلها الإمام إليهم على سبيل النظر والاجتهاد. القول الثالث: الشافعي، لا يجوز ولا يجزئ نقلها. القول الرابع: أبو حنيفة: يكره إلا أن ينقلها إلى قرابة له محاويج، أو قوم هم أمس حاجة من أهل بلده. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أن تحديد المنع بمسافة قصر لا دليل عليه، ورجح جواز نقلها لمصلحة شرعية [الاختيارات الفقهية، ص 47 - 48]، وانظر: كتاب الفروع لابن مفلح مع تصحيح الفروع، للمرداوي، 4/262، 266، والمغني لابن قدامة، 4/131، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 7/171، والروض المربع المحقق بإشراف الأستاذ الطيار [وقد نقلوا أقوال المذاهب] 4/200 – 202، ومنار السبيل، 1/265.([118]) الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 147 – 148.([119]) المختارات الجلية من المسائل الفقهية، للسعدي، ص 79.([120]) سورة التوبة، الآية: 60.([121]) الشرح الممتع لابن عثيمين، 6/208 – 210.([122]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/243.([123]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/417.([124]) صحيح البخاري، كتاب الزكاة 63 – بابٌ، قبل الحديث رقم 1496.([125]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 3/357.([126]) انظر: المغني، 4/133 – 134، والمقنع مع الشرح الكبير، والإنصاف، 7/176، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/213، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/213، 214، 215، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/284، والموسوعة الفقهية، 23/331، 345.