الرءوف
كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...
العربية
المؤلف | عبدالباري بن عواض الثبيتي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
قدرَ نفسِه لا يرفعُها فوق حقيقتها، فهذا كِبرٌ وغرورٌ. ولا يُنزِلُها عن واقِعها، وفي ذلك احتقارٌ وإذلالٌ. الحكيمُ يُنزِلُ الناسَ منازِلَهم، ويعرِفُ قدرَهم، ويعذُرُهم، ويُشفِقُ عليهم، ويُؤازِرُهم. ومن أخلصَ لله قلبَه انبعَثَت الحكمةُ من أقواله وأفعاله، وسدَّد الله لسانَه، وبصَّره عيوبَ الدنيا ..
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي منَّ على عبادِه بالعلمِ والحِكمة، أحمدُه -سبحانه- وأشكرُه على كل خيرٍ ونعمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدَى عبادَه طريقَ الرَّشاد وحذَّرَهم حُلُولَ النِّقمة، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه جعل الله له في كل مِحنةٍ مِنحَة، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه أُولِي الفضائل والفِطنَة.
أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، وقال الله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة:269].
الحكمةُ علمٌ نافعٌ، وفقهٌ في الدين، وقولٌ صائِبٌ، وعقلٌ مُسدَّد. هي حُسنُ تدبيرٍ، وجودةُ ذهنٍ، وثقابَةُ رأيٍ، وصوابُ غَنمٍ.
الاتِّصافُ بالحِكمة، وتمثُّل معانِيها مطلبٌ أسمَى يسعَى إليه العُقلاء، الحكيمُ يجعلُ الأمورَ في نِصابِها، يُقدِمُ في محلِّ الإقدام، ويُحجِمُ في موضع الإحجام، يُدرِك العِلل والغايات ببصيرةٍ مُستنيرةٍ.
سِمةُ الحُكماء: تكفيرٌ مُعتدلٌ، ووعيٌ نيِّرٌ، وعاطفةٌ مُنضبِطةٌ، وحماسٌ مُتَّزِنٌ. يعرِفُ الحكيمُ قدرَ نفسِه لا يرفعُها فوق حقيقتها، فهذا كِبرٌ وغرورٌ. ولا يُنزِلُها عن واقِعها، وفي ذلك احتقارٌ وإذلالٌ.
الحكيمُ يُنزِلُ الناسَ منازِلَهم، ويعرِفُ قدرَهم، ويعذُرُهم، ويُشفِقُ عليهم، ويُؤازِرُهم.
ومن أخلصَ لله قلبَه انبعَثَت الحكمةُ من أقواله وأفعاله، وسدَّد الله لسانَه، وبصَّره عيوبَ الدنيا داءَها ودواءَها.
وإذا تخبَّط بعضُهم في موضع الفِتَن؛ فإن أهل الصدق والإخلاص يهدِيهم ربُّهم بإيمانهم، ويُظهِرُ الحقَّ في مواقِفِهم، وتنطِقُ به ألسِنتُهم.
وقد يُساءُ فهم الحكمة وتطبيقُها، حين تلوحُ المصالحُ الشخصية، والمكاسِبُ الدنيوية، وقد تُجعل مظلَّةً للتنازُل عن المبادِئ والانهِزام والتخاذُل. وأمَّتُنا اليوم بحاجةٍ إلى الحكمة حتى لا تفقِدَ قوَّتها، وتُضيِّع مكاسِبَها، وتذهبَ ريحُها.
الحكمةُ لا يُمكن أن تتشكَّل إلا في إطار الكتاب ونُور السنَّة، وقِيَم الإسلام. اتَّصَف ربُّنا بالحكمة، ونبيُّنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- مُلِئَ قلبُه حكمة، ومهمتُه تعليم الحكمة، وأعمالُه كلُّها مُلازِمةٌ للحكمةِ في أكملِ صُورِها.
نقرَ رجلٌ صلاتَه فأمرَه أن يُعيدَها، وارتَقَى الحسينُ ظهرَه في الصلاة فتركَه، ووقَّع صُلحَ الحُديبية، وأحلَّ دمَ من هجا المسلمين، وقال: "وايْمُ الله! لو أن فاطمةَ بنت محمدٍ سرَقَت لقطَعتُ يدَها".
فالحكمةُ لينٌ في مكان اللِّين، وشِدَّةٌ في موضِع الشدَّة.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حكيمًا في تعامُلِه مع أصحابِه ومُراعاة أحوالِهم؛ فيُجيبُ السائلَ مُراعاةً لحالِه وحسب قُدراته وإمكاناته. جاءَه أعرابيٌّ سائلاً عن الفرائض، فأجابَه بالفرائض فقال: هل عليَّ غيرُها؟! قال: "لا، إلا أن تطوَّع".
صبرَ على المُنافِقين حتى توفَّاه الله، مع التحذير منهم وإبراز صِفاتِهم. حرِصَ على وحدة الصفِّ مع عدم السُّكوت على الباطِلِ.
ومن حكمةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: تعامُلُه مع الشابِّ الذي جاء يستأذِنُه في الزِّنَا، فلم يُوبِّخه ولم ينهَره، بل جادلَه بالتي هي أحسن، خاطبَ عقلَه وضميرَه وعاطفتَه، حتى انصرفَ الشابُّ بحالٍ غير التي قدِمَ بها.
وحكمتُه -صلى الله عليه وسلم- تتجلَّى في الدعوة؛ حيث بدأ بالإصلاح والبلاغ، وبناء المسجد، والمُؤاخاة، والصبر على الأذى، وتحمُّل مشاقِّ الدعوة في سبيل الله.
ومن حكمتِه: أسلوبُه الرَّصِين في تعامُلِه ومواقِفِه مع صنادِيد قُريش ورُؤوس الكفر والضلال.
وتبرُزُ حكمةُ أبي بكرٍ -رضي الله عنه- حين اشتدَّ الأمرُ على الصحابة عقِبَ وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أنكرَها بعضُهم، فكان موقف أبي بكرٍ -رضي الله عنه- تثبيتَ الناس، وتوضيحَ الحقِّ لهم.
ثم أعقبَتها حكمةُ عُمر -رضي الله عنه- الذي ثبَّت الناسَ على بيعة أبي بكرٍ -رضي الله عنهم أجمعين-، واجتمعَت كلمةُ المُسلمين على ذلك.
وقبل ذلك أعلن عُمر -رضي الله عنه- إسلامَه وأظهرَه. وفي هذا حكمةٌ وقوَّةٌ للمُسلمين، وبعد إظهار عُمر -رضي الله عنه- إسلامَه تمكَّن المُسلمون من الصلاة بالمسجِد الحرام.
ولُقمان كان حكيمًا في مُخاطبته لابنِه بأسلوبٍ حسنٍ، ولفظٍ هادِئٍ، وكلمةٍ مُشفِقة، فيما حكاه الله تعالى عنه: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان:16-17].
موعظةٌ جمعَت أصولَ العلم، وفروعَ الموعظة، والاعتقاد، والأمر والنهي بلا شَطَطٍ ولا تكلُّف.
وكان الإمام أحمد -رحمه الله- حكيمًا في مِحنة خلقِ القرآن بثبَاتِه على كلمة الحقِّ، وتحمُّل الأذَى، وكان يقولُ: "إذا كان العالِمُ يقولُ تقيَّةً، والجاهلُ يجهل؛ فمتى يتبيَّن الحقُّ؟!".
ومن الحِكمة: ترتيبُ الأولويات، والأهمّ على المُهمِّ؛ فالعقيدةُ ثم العبادة والأخلاق، الفروضُ تُقدَّم على النوافِل، والمصالِحُ العامَّةُ على المصالِح الخاصَّة عند التعارُضِ، كما يُقدَّم درءُ المفسَدة على جلبِ المصلَحة. والتدرُّج في تطبيقِ الأولويات حكمةٌ وعقلٌ؛ فقد كان تنزُّلُ القرآن مُنجَّمًا ومُفرَّقًا.
ومن الحكمة: أن نُفرِّق في المواقِف بين حال القوَّة والضعف، والسِّلم والحربِ، وقد تركَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هدمَ الكعبة خشيةَ الفِتنة، ولقُرب عهد الناسِ بالإسلام.
تكون الموعِظةُ الحسنةُ حكمةً لمن أقبلَ على الحق واعترفَ به، والجِدالُ بالتي هي أحسنُ حكمةٌ لهداية الخلق والباحث عن الحقِّ، وقد تكون الحكمةُ كلامًا قويًّا، وتأديبًا، وإقامةً للحدود لمن ملَكَ السُّلطةَ والولايةَ في حقِّ من عانَدَ وطغَى وتجبَّر.
والتِزامُ الوسطيَّة وعدم الجُنوح إلى الإفراط والتفريط في المواقِف والآراء عينُ الحكمة وجوهرُها. وحين تتحكَّم العاطِفة، وينفلِتُ عِقدُ الحماس؛ تغيبُ الحكمةُ وينشأُ الإفراطُ أو التفريطُ.
ويفقِدُ المرءُ مسارَ الحكمة حين يُسيطِرُ عليه الهوَى والجهلُ، قال الله تعالى: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [ص:26].
أو يعيشُ حياتَه مُنفرِدًا مُنعزِلاً عن أهل العلمِ والرأيِ والحكمة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإنما يأكلُ الذئبُ القاصِيَة".
كما ينحرِفُ المرءُ عن مسالِكِ الحكمة حين يتعاملُ مع المواقِف بالعجلَة، وسُرعة الغضب والانفِعال، أو تختلِطُ عليه الأحداث، ولا يتصوَّرُها بمنظورها الصحيح أو يغفُلُ عن مكائِد الأعداء.
ومن الحِكمة التي لا يختلِفُ فيها العُقلاء: العملُ على وحدة الأمة ولمِّ شملِها، وسدِّ المنافِذ التي تُفضِي إلى تفرُّق وتشرذُم أبنائِها وإنهاك قُواها، قال الله تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].
ومن الحكمة: التثبُّت والتأنِّي عند وُرود الإشاعات والأراجِيف، فَفي المنهج الربَّاني: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6].
ولهذا قال الله تعالى لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) [الروم:60]، فالاستخفافُ من خوارِم الحكمة.
وبعد أن أمر الله بالتبيُّن قال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) [الحجرات:7] أي: لو أن الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- استجابَ لما يُريدون دون تثبُّتٍ ولا روِيَّة لأصابَهم العنَتُ والمشقَّة.
والعملُ الجادُّ واستِثمارُ المرء لقُدراته ومواهِبِه حكمة؛ فاليدُ العُليا خيرٌ من اليد السُّفلَى، والمُؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المُؤمن الضعيف.
والإعلامُ هو المنهجُ التطبيقيُّ للحكمة، بالتِزامِه المنهج الإسلامي، ورُقِيّ الكلمة، وسُمُوّ الهدف، وطهارة المُحتوى، ونقاء الفِكرة.
ومن الحكمة: التوظيفُ الصحيحُ للأجهزة الحديثة، والتعامُلُ الرَّشيدُ معها؛ بتحديد ساعات الجُلوس، ونوعيَّة المواقِع، وطبيعة البرامِج، للإفادة من أطايِب ثِمارها، ولنبنِيَ سِياجًا واقيًا لدينِنا وأولادِنا وقِيَمنا من أخطارِها المُحدِقة، ونِيرانها المُتأجِّجة.
وتتأكَّدُ الحكمةُ -عباد الله- في الأُسرة بمُراعاة أحكام الإسلام، وتضييقِ كل أشكال الخِلاف والتنازُع الأُسريِّ، وعدم إثارتِه وتصعِيدِه، ومُواجَهة المُشكِلات بوعيٍ وبصيرةٍ، وبُعدِ نظرٍ، وأناةٍ، لتظلَّ بيوتُنا صامِدةً قويَّةً، شامِخةً نقيَّةً.
والحكمةُ تقتَضِي حُسن التصرُّف في المال، قال الله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) [الإسراء:29].
والعملُ على تنمية المالِ وإنفاقِه حكمة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بَينا رجلٌ بفلاةٍ من الأرض، فسمِع صوتًا في سحابة: اسقِ حديقةَ فُلان، فتنحَّى ذلك السحاب، فأفرغَ ماءَه في حرَّةٍ فإذا شرْجَةٌ من تلك الشِّراج قد استوعَبَت ذلك الماءَ كلَّه، فتتبَّع الماءَ، فإذا رجلٌ قائمٌ في حديقته يُحوِّلُ الماءَ بمِسحاته، فقال له: يا عبد الله: ما اسمُك؟! قال: فلان -للاسم الذي سمِع في السحابة-. فقال له: يا عبد الله: لم تسألني عن اسمِي؟! فقال: إني سمعتُ صوتًا في السَّحاب الذي هذا ماؤُه يقول: اسقِ حديقةَ فُلانٍ -لاسمِك-، فما تصنعُ فيها؟! قال: "أما إذا قلتَ هذا فإني أنظرُ إلى ما يخرُج منها، فأتصدَّقُ بثُلُثه، وآكُلُ أنا وعِيالِي ثُلُثًا، وأرُدُّ فيها ثُلُثًا". رواه مسلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول، وأستغفرُ الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله البريَّات، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه حثَّ على فعل الطاعات، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم.
أما بعد: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
تُنمَّى الحكمةُ بالتفكُّر الذي هو من أعظم العبادات، كما تُخرَسُ الحكمة بفُضول الطعام الذي يقتُلُ الفِكرة، ويُكسِّل الأعضاء.
قال الشافعيُّ -رحمه الله-: "الشَّبعُ يُثقِلُ البدن، ويُزيلُ الفِطنة، ويجلِبُ النوم، ويُضعِفُ صاحبَه عن العبادة".
ومن الرَّشاد ورَجاحَة العقل وحصَافَة الرأي: مُجالسة أهل الحكمة، أهل البرِّ والتُّقَى والمروءة والنُّهَى، والعلم والأدب والفقهِ، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
ألا وصلُّوا -عباد الله- على رسول الهُدى؛ فقد أمرَكم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجِه وذريَّته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجِه وذريَّته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ.
اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل.
اللهم إنا نسألُك رِضوانَك والجنة، ونعوذُ بك من سخَطك ومن النار.
اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ.
اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفاف والغِنَى، اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.
اللهم اجعلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبتين، لك أوَّاهين مُنيبين.
اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبتَنا، وثبِّت حُجَّتنا، وسدِّد ألسِنَتنا، واسلُل سخيمةَ قلوبِنا.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداءَ الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.
اللهم انصر المُجاهدين لإعلاء كلمتِك في كل مكان، اللهم اربِط على قلوبِهم، ووحِّد صُفوفَهم، واجمَع كلمتَهم، وسدِّد رميَهم، وانصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين.