البحث

عبارات مقترحة:

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

حسن عبادتك

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. وصية الرسول لمعاذ   .
  2. معنى حسن العبادة .
  3. كيف نحسن من عبادتنا؟ .
  4. أهمية طلب العون من الله لإحسان العبادة .
  5. ذم الله الذين لا يحسنون العبادة .
  6. الوسائل التي تقود إلى إحسان العبادة. .

اقتباس

مما يعين المسلم على حسن العبادة أن يحدّث الإنسان قلبه دائماً ويذكره بالله، حتى لا ينساه أو يغفل عنه، فإن السبب الرئيسي لعدم الإحسان في العبادة هو الغفلة عن الله، فلو راقبنا الله حق المراقبة لأحسنا عباداتنا، ولقمنا بأدائها بأفضل صورة، فعلينا حتى ونحن في داخل العبادة نفسها أن نذكر أنفسنا بمراقبة الله لنا، واطلاعه علينا، ورؤيته لعبادتنا...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بتوحيده وطاعته، والإنابة إليه ومحبته، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان الطريق الموصلة لجنته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أكمل الخلق عبودية لله، وأعظمهم طاعة له، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تأسى به واهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

عباد الله: روى الإمام أبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ -صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: "يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ"، فَقَالَ: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" [ أبو داود (1522) ].

إن نبينا -صلى الله عليه وسلم- يوصي معاذاً في هذا الحديث العظيم أن يدعوا الله بعد كل صلاة بهذه الأدعية العظيمة: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". يسأل الله فيه أن يعينه على الإكثار من ذكره، وشكره، ويدعوه أيضاً بأن يوفقه إلى حسن العبادة، ونحن اليوم نريد أن نتكلم حول حسن العبادة، هذا الموضوع المهم الذي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذاً من أجله، والوصية لا شك أنها للأمة كلها، لذا علينا أولا أن نعلم ما معنى حسن العبادة؟ وكيف نحسن من عبادتنا؟ ولماذا نسأل ربنا وندعوه أن يوفقنا لحسن عبادته؟.

إن معنى حسن العبادة أن تقع العبادة على الوجه الحسن المرضي شرعا، وذلك بالقيام بشرائطها وأركانها وسننها، من خضوع وخشوع وإخلاص وتوجه تام، فتؤديها بالصورة الأحسن، والطريقة الأفضل، والشكل الأجمل، هذا هو حسن العبادة، يعني أن تحسن عبادتك لله -سبحانه وتعالى- وتؤديها بصورة حسنة ومضمون جميل.

فأين نحن من حسن العبادة؟ ولماذا صار بعضنا يعبد الله وكأنه يريد فقط أن يسقط الواجب ويخرج من العذر، بل أحياناً نؤدي العبادة وحالنا كحال من يريد أن يتخلص من الشيء، وكأنه حمل ثقيل عليه، وهذا ناتج بلا شك عن عدم استشعار لذة العبادة، وضعف التذوق لحلاوتها، فنقوم بتأديتها بهذه الصورة غير المرضية، ومن هنا أمرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن نسأل ربنا وندعوه أن يعيينا على هذا الأمر، لأنه أمر شاق وصعب، ويحتاج إلى رقابة واستشعار، حتى نُحسن العبادة، ونقوم بها بالصورة المشروعة.

أيها الناس: إن العبد لن يوفق في أداء العبادات بالطريقة الصحيحة وعلى الوجه المطلوب إلا إذا استعان بالله على ذلك، وطلب العون منه أن يعينه ويسدده في الإحسان في عبادته -جل جلاله سبحانه وتعالى- ومن تمعن هذا جيداً عرف لماذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتكرار هذا الدعاء، والسؤال به بعد السلام من كل صلاة، لأنه من لم يعنه الله على عبادته فلن يوفق، وستكون عبادته دائماً ناقصة وضعيفة، يعتريها الخلل، ويتخللها النقص، وينقصها الأداء المطلوب.

وهذا يعني أنه لن يجد الأجر الكامل لهذه العبادة التي يؤديها، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبدَ ليصلي الصلاةَ؛ ما يُكْتَبُ له منها إلا عُشْرُها، تُسْعُها، ثُمْنُها، سُبْعُها، سُدْسُها، خُمْسها، رُبْعُها، ثُلْثُها، نِصْفُها" [ صحيح أبي داود (761) ]، وما ذلك -يا عباد الله- إلا لأن صاحبها لم يحسن أداءها، ولم يقم بها على الوجه المطلوب، بل يقول -صلى الله عليه وسلم-: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ" [ صحيح الجامع (3488) ]، ويقول عبدالله بْنِ عَبَّاس -رضي الله عنهما- كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-  يَدْعُو فيقول: "رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ، مُخْبِتًا، أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي" هذا كان دعاء نبينا -صلى الله عليه وسلم- " يَدْعُو رَبِّ أَعِنِّي" أَيْ وَفِّقْنِي لِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

إن ديننا الحنيف يدعونا إلى إحسان العمل, وإتقان الفعل الذي نفعله أياً كان هذا الفعل، حتى لو كان من الأفعال العادية أو الدنيوية المباحة، فكيف بالعبادة، أليست أولى بالإتقان والإحسان؟ ألم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ" [المعجم الأوسط للطبراني (897) ].

تأملوا هذه الجملة: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا .." مهما كان هذا العمل، ما دام أنه من الأعمال المباحة فنحن مطالبون بإتقانه، فكيف إذا كان هذا العمل من الأعمال الصالحة؟ وكيف إذا كان هذا العمل من العبادات التي أمرنا بها، ووجب علينا فعلها؟، أليس الإحسان فيها أولى وأعظم؟، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ" [البخاري (50) مسلم (8) ]، ومعنى هذا أن تجتهد في أداء العبادة، وتحسن أدائها غاية الإحسان، وتقوم بها على وجه التمام والكمال، حتى إنك من شدة إتقانك لها تؤديها كأن الله أمامك ينظر إليك وأنت تؤدي هذه العبادة.

تخيل أنك قائم تصلي والله أمامك ينظر إلى صلاتك، هل ستؤديها بكسل، أو سرعة، أو بدون خشوع؟ أم أنك ستجتهد في إتقانها، وستعمل كل ما بوسعك لتكون عبادة كاملة لا نقص فيها ولا قصور، وهذا هو الإحسان: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ".

أيها المسلمون: لقد ذم الله -سبحانه وتعالى- المنافقين لأنهم يؤدون العبادات بدون حُسن وإتقان، ويقومون بها بتخلص واستعجال، يقول الله -جل جلاله وعز كماله-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء : 142]، ويقول: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة : 98]، ففي الآية الأولى ذم الله أهل النفاق، لأنهم يقومون إلى الصلاة بتوان وخمول، ويؤدونها بتأخر وكسل، فذمهم الله مع أنهم صلوا وأدوا الصلاة، لكنهم لم يؤدوها بشكل صحيح وبالصورة الحسنة، فكانت عبادتهم التي قاموا بها ينقصها الحسن والأداء الحسن، فأنزل الله فيهم هذه الآية وغيرها ذماً لهم.

أما الآية الثانية فتذكر الأعراب الذين كانوا يزكون ويخرجون زكاة أموالهم؛ ولكنهم يخرجونها بكراهية وثقل، حتى كانوا يعتبرونها وكأنها غرامة يخرجونها رغماً عنهم، ولو خيروا لما أخرجوها، ولا أدوا زكاتها، فهم يزكون ويؤدون العبادة، ولكن لأنهم لا يؤدون ذلك بحسن وتفاعل ذمهم الله -سبحانه وتعالى-.

عباد الله: إن للسائل أن يسأل ما هي الوسائل التي تقود إلى إحسان العبادة؟ وكيف نبعث الروح الوثابة في عبادتنا، ونجنبها السآمة والملل؟ وكيف نجعل عبادتنا حسنة جميلة حتى نكون ممن امتثل وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما وجهنا إلى إحسان العبادة وإتقانها.

إن الوسائل كثيرة ومتنوعة، ولكن حسبنا أن نشير إلى بعضها: ومن أهمها حضور القلب قبل أداء العبادة، أو عند البدء بالقيام بها، فيجمع الإنسان لبه وعقله وفكره وجسمه كله حول العبادة التي يقوم بها، ويجعل تركيزه فيها، وتفكيره يدور حولها، ويعزم قبل الدخول في أي عبادة كانت أن تكون هذه العبادة التي يعزم على فعلها عبادة مميزة، فيتصور أن الله يراه، ويتخيل أنها العبادة الأخيرة التي يؤديها، ويعلم أن العبادة لا تقبل ويكون أجرها كاملاً إلا إذا تمت بإحسان وإتقان، فبهذه الصور نصل إلى حسن العبادة التي أمرنا بها.

كذلك مما يعين المسلم على حسن العبادة أن يحدّث الإنسان قلبه دائماً ويذكره بالله، حتى لا ينساه أو يغفل عنه، فإن السبب الرئيسي لعدم الإحسان في العبادة هو الغفلة عن الله، فلو راقبنا الله حق المراقبة لأحسنا عباداتنا، ولقمنا بأدائها بأفضل صورة، فعلينا حتى ونحن في داخل العبادة نفسها أن نذكر أنفسنا بمراقبة الله لنا، واطلاعه علينا، ورؤيته لعبادتنا، (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الشعراء 218: 220].

ومن أعظم ما يعين على حسن العبادة، أن يتهيأ الإنسان لأداء العبادة، ويستعد للقيام بها، فهذا التهيؤ والاستعداد سيجعله يحرص على تحسينها، فالمصلي الذي يستعد للصلاة ويحرص على التبكير والصف الأول لن يكون في حسن صلاته كالمصلي الذي يأتي متأخراً ويكون بعيداً عن الإمام وسماع القرآن، والحاج الذي يتهيأ لأداء عبادة الحج برد الأمانات والمظالم إلى أهلها، ويتخلص من كل الحقوق قبل ذهابه للحج أو العمرة أوكتب وصيته لن يكون في الأداء الحسن لهذه العبادة مثل الحاج الذي لم يتهيأ ولم يستعد للعبادة قبل مباشرتها، والتهيؤ يكون بحسب كل عبادة وما شرع فيها.

يقول الله -سبحانه وتعالى- وهو يبين السبب في عدم مشاركة المنافقين في الجهاد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأنهم لا نية عندهم أصلاً في الخروج، ولا عزم لهم على الجهاد من البداية، والدليل على ذلك أنهم لم يستعدوا لهذه العبادة، ولم يتهيئوا للخروج للحرب والجهاد، فلو كان عندهم عزم على المشاركة لأعدوا واستعدوا، ولكن لأنهم لن يخرجوا ولن يشاركوا في المعركة فلذلك لم يستعدوا للخروج: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) [التوبة : 46].

هذه بعض المحفزات التي تعيينا على حسن العبادة، فلابد من استشعار هذا الأمر في عباداتنا كلها، ونحرص كل الحرص على إحسانها وإتقانها، حتى يرضى الله -سبحانه وتعالى- عنا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي خلق الْخلق لعبادته الجامعة لمحبته، وإيثار مرضاته، المستلزمة لمعرفته، وَنصب للعباد علما لَا كَمَال لَهُم إلا بِهِ، وحثهم ذكره وحسن عبادته، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا وحبيبنا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره وسار على دربه، واتبع شريعته ودعا إلى ملته، -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: إن حسن العبادة تعني تمام المحبة مع تمام الخضوع والتذلل لله -عز وجل-، ويكون ذلك بطاعته -سبحانه وتعالى-، والانقياد لأمره، ومحبة ما يحب، وبغض ما يكره، واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيما أمر ونهى وما سن وما شرع، من غير زيادة ولا نقصان، وإلا فما قيمة العبادة إذا لم تثمر في القلب محبة وخضوعاً وإجلالاً لرب العباد -سبحانه وتعالى- ولن يأتي هذا كله في قلب العبد إلا إذا أحسن العبادة.

إن المتأمل في حال المسلمين الأليم، والغربة التي يعيشها أهل الإسلام اليوم، ليجد غياباً كبيراً في واقع المسلمين في هذا الجانب، أعني جانب الاهتمام بحسن العبادة، فكم من المسلمين من يؤدي العبادة بكل فتور وبرودة، لا يعبد الله بقوة وحسن وحزم، مع أن الله -سبحانه وتعالى- يقول: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : 63]، ومن القوة في العبادة إحسانها وإتقانها.

وليس المقصود أن نحسن العبادة في الشعائر التعبدية فقط، كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، وإنما المطلوب أن نحسن العبادة في كل شيء، سواء كانت العبادات التعبدية، أو العبادات في المعاملات، والأخلاقيات، والمباحات، فكل ذلك داخل في العبادة، ويجب علينا أن نحسن التعبد لله فيه، فنحسن العبادة في معاملاتنا، وبيعنا وشرائنا، وأخلاقنا، فلا نبيع أو نشتري بغش، أو بظلم أو حيلة أو فظاظة، لأن ذلك يخالف إحسان العبادة، والمرأة المسلمة الملزمة بالحجاب، عليها أن تحسن هذه العبادة، فتحتجب كما أمرها الله -سبحانه وتعالى-، فإذا لبست حجاباً غير مستوفي الشروط ناقصاً يلفت الأنظار ويوجه الأبصار نحوها، فإنها قطعاً لم تحسن في هذه العبادة.

وهكذا -عباد الله- يجب علينا أن نلتزم ونتمسك بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا حيث أوصانا بحسن عباداتنا كلها، ونحاول دائماً أن تكون عبادتنا لله على أتم وجه، وأكمل صورة، وأفضل حالة، أكمل ظاهرها وأتقن باطنها، فما دمت قد قمت بأداء العبادة وحرصت على فعلها، فاحرص أيضاً على أن تحسنها وتتقنها، وتعملها بكل إحسان وإتقان، وتذكر دائما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" [ أبو داود (1522) ].

صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].

اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.

اللهم ارزقنا حسن العبادة، وارزقنا الإخلاص، ووفقنا للعمل الصالح الذي تحبه وترضاه.

اللهم أرزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يعرفنا بك، ويقربنا منك، يا سميع الدعاء، يا قريب يا مجيب.