الواسع
كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...
العربية
المؤلف | فهد بن سعد أبا حسين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أعلام الدعاة - السيرة النبوية |
من القضايا المهمة التي أثرت على الكفار في هذا الزمان: اكتشاف الطب الحديث علاجات حديثة لعدد من الأمراض أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أكثر من أربعة عشر قرناً. ومن تأمل في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ضوء المعرفة الحديثة، خاصة الطبية يطلعه الله يوما بعد يوم على معجزة من...
الخطبة الأولى:
الحمد لله...
أما بعد:
من القضايا المهمة التي أثرت على الكفار في هذا الزمان: اكتشاف الطب الحديث علاجات حديثة لعدد من الأمراض أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أكثر من أربعة عشر قرناً.
ومن تأمل في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ضوء المعرفة الحديثة، خاصة الطبية يطلعه الله يوما بعد يوم على معجزة من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالحبة السوداء، قال عنها صلى الله عليه وسلم: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام"[رواه البخاري في صحيحه برقم 5688 من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-].
والسام: الموت.
واليوم يثبت الطب الحديث أن الحبة السوداء علاج ل:
الأمراض التنفسية.
والأمراض الهضمية.
والأمراض البولية.
والأمراض الجلدية.
وغيرها من الأمراض الكثيرة [انظر: كتاب السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/490].
ومن العلاجات التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-: زيت الزيتون؛ فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ائتدموا بالزيت، وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة" [رواه ابن ماجة برقم 3319].
ولا شك أن الطب الحديث أثبت المنافع الكثيرة والعظيمة في زيت الزيتون.
فأثبت الطب الحديث علاج زيت الزيتون لتصلب الشرايين والوقاية من أمراض الحموضة والقرحة المعدية، ويقلل من نسبة الإصابة بالحصيات المرارية، وخفض نسبة السكر في الدم، ويساعد على نمو الشعر، ويساعد في إزالة تجاعيد الوجه والرقبة، إلى غير ذلك من منافع زيت الزيتون العظيمة [انظر: السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/495].
ومن العلاجات التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-: العسل، حيث قال: "شفاء أمتي في ثلاث: شرطة محجم، وشربة عسل، والكي، وما أحب أن أكتوي" [رواه البخاري برقم 5702].
واليوم يكتشف الطب الحديث علاجات العسل من الأمراض التنفسية والهضمية والعصبية وغيرها [انظر: السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/499].
وهكذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الحمى أبردوها بالماء" [رواه البخاري برقم 5726].
ولا يشك إنسان أن من علاجات الحرارة: الماء.
ومما يؤرق العالم في هذا الزمان الأمراض والأوبئة المعدية القاتلة؛ كالطاعون مثلا، ومن علاجاتها في هذا الزمان ما يسمى بالحجر الصحي، فما إن يظهر وباء معدي كالطاعون حتى يوضع الأطباء على أبواب المطارات والمنافذ البرية لحجز أي حالة تحمل هذا المرض.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بأنك إذا كنت في بلد فيه طاعون، فلا تخرج منه، وإذا علمت بأنه في بلد، فلا تذهب إليه [انظر: صحيح البخاري برقم 5728].
ومن ذلك أيضا: حديث الذباب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء" [رواه البخاري برقم 5782].
واليوم يكتشف الطب الحديث أن جزءا من الذباب يحمل الجراثيم، وجزءا آخر فيه مضادات تقضي على الجراثيم التي يحملها الذباب نفسه.
ومن ذلك أيضا: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات، إحداهن بالتراب" [رواه البخاري برقم 172 ومسلم برقم 280].
وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الكلب ينقل إلى الإنسان كثيرا من الأمراض؛ منها: الجرب، وداء الكلب، وهو داء خطير، وغيره.
وقد ثبت أن التراب عامل كبير على إزالة البويضات والجراثيم؛ كما يحتوي التراب على مواد قاتلة لهذه البويضة [انظر: كتاب السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/518].
ومن العلاجات التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أبوال الإبل وألبانها"؛ ففي صحيح البخاري ومسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للعرنيين عندما استوخموا أو اجتووا أرض المدينة، وسقمت أجسامهم، فاشتكوا إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "ألا تخرجون مع راعينا في إبله -أي راعي إبل الصدقة- فتصيبون من أبوالها وألبانها، قالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا" [رواه البخاري برقم 5685 ومسلم برقم (1671) من حديث أنس -رضي الله عنه-].
واليوم يكتشف البروفسور أحمد عبد الله أحمد: أن بول الإبل علاج لأمراض الاستسقاء، وأورام الكبد.
وقال البروفسور في مقال منشور بجريدة الاتحاد العدد رقم 9515 بتاريخ 7/4/2001م: أن تركيب الأحماض الأمينية في حليب الإبل تشبه في تركيبها هرمون الأنسولين الذي يستخدم في علاج مرض السكري [انظر: كتاب السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/506].
بل إن أحد علماء المسلمين لما قرأ آيات القرآن في خلق الإنسان، وقرأ قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا) [المؤمنون: 1] قال: "فالإنسان خلق من عظم ثم من لحم: (فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا) فاتصل على عشرة من أطباء علم الأجنة من الكفار بلغوا درجة البروفسور، فسألهم عن العظم هل يخلق في الإنسان قبل أو اللحم، فقالوا كلهم العظم أولا.
ثم سأل عن أكبر عالم في الأجنة فدلوه على رجل في كندا، فطلب مقابلته، وسأله ثمانين سؤالا، وانطلق في هذه الأسئلة من قراءته لنصوص الكتاب والسنة، فتعجب هذا العالم الكندي من هذه الأسئلة، وقال: أنت تسأل أسئلة لا يسألها من يدرس في المراحل الأولية من المدرسة، وتسأل أسئلة أخرى أعجزت الأطباء المتخصصين في هذا المجال، فأعطاه نسخة من ترجمة تفسير القرآن، فتأثر هذا العالم الذي في كندا تأثرا عظيما، ويذكر أنه أسلم هو وزوجته.
والمقصود أن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب بهرت العقول، خاصة عقول العلماء.
فما أجمل أن تثار سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الجانب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [التوبة: 128].
الخطبة الثانية:
الحمد لله...
أما بعد:
ومن العلاجات التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الكمأة"، وهو نبات طفيلي صحراوي، بلا ساق أو أوراق، أو أزهار، ينمو في باطن الأرض، ويكثر في الخريف، قال صلى الله عليه وسلم عنها: "الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين" [رواه البخاري برقم 4478ومسلم برقم 2049من حديث سعيد بن عمرو بن نفيل].
ومعنى الحديث: أن الكمأة ممنون بها علينا من الله؛ لأن الإنسان لا يبذل فيها أي جهد، وقد أثبت العلم الحديث أن الكمأة غنية بالفيتامين (ب2) الذي يعالج عدة أمراض، ومن ذلك أن ماءها يمنع حدوث مضاعفات التراخوما [انظر: السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/498].
ومن العلاجات التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-: القسط البحري، قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية يُسعطُ به من العُذْرة، ويُلدُّ به من ذات الجنب" [رواه البخاري برقم (5692) من حديث أم قيس بنت محصن].
وقوله: "يسعط به من العُذرة" السعوط يعني في الأنف، والعذرة مرض من الأمراض.
وقوله: "يلد" يعني يصب الدواء في إحدى جانبي فم المريض.
وقوله: "ذات الجنب" نوعان:
أحدهما: ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن.
وثانيهما: ريح محتقن بين الأضلاع [انظر أيضا: ابن حجر في الفتح 10/157].
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري" [رواه البخاري برقم 5696].
وقد أثبت الطب الحديث أن الالتهاب لا يعالج بالضغط، وإنما بالمضادات الحيوية التي تقضي على العوامل الممرضة الجرثومية.
ويظهر الإعجاز في اختيار القسط البحري عندما أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة وجود أقوى المواد المطهرة فيه [انظر: السيرة النبوية للدكتور مهدي رزق الله 2/497].
أيها الإخوة: وبعد ما ذكرنا شيئا من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب، فإننا ننبه إلى تنبيهات مهمة:
التنبيه الأول: لا يظنن ظان أننا ننتظر أو سننتظر الطب الحديث حتى يكتشف الأدوية التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها علاجا لهذه الأمراض، فالإعجاز الطبي ليس هو الهدف، ومنتهى الأدلة بالنسبة لنا، فما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- حق لا مرية فيه، ولو لم تثبت هذه التجارب.
وأدلة إثبات النبوة كثيرة تصل إلى ألف دليل كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
التنبيه الثاني: ما ذكرناه من المعجزات المتعلقة بالمكتشفات الطبية الحديثة إنما هو من باب: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا) [يوسف: 26].
فعلماء الطب في هذا الزمان يبحثون ويدققون، ثم يتفاجؤون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبقهم بهذا العلاج قبل أربعة عشر قرنا.