الآخر
(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | أحمد بن ناصر الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
الكثير من بيوتنا وأُسرنا, مملوءَةٌ بخلافات وسوءِ تفاهم, وقد وصل الأمر ببعضها إلى التقاطع والتناحر. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ". رواه مسلم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي حثَّ على الأُلْفةِ والجماعة، وحذَّر من الفرقة والضلالة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق عباده وأعلمهم أسباب فلاحهِم، وأخبرهم أنَّ القوة والتوفيق في اجْتِمَاعِهم, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الذي جمع الله بِمَبْعَثِه القلوب على المحبة، وألَّف برسالته الفرقاء على الأُلْفة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المسلمون- واعلموا أن من أجلِّ النِّعم التي أنْعم الله تعالى بها علينا, أنْ جعلنا أمَّةً متراحمةً مُتآلفةً, بعد أنْ كانت مُتفرَّقةً مُتناحرة, قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).
أُمَّة الإسلام: إن الكثير من بيوتنا وأُسرنا, مملوءَةٌ بخلافات وسوءِ تفاهم, وقد وصل الأمر ببعضها إلى التقاطع والتناحر.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ". رواه مسلم.
فأيُّ تحريشٍ وعداوةٍ أشدُّ من عداوةٍ بين الأسرة الواحدة؟! إنه لأمر يندى له الجبين, أن يحدث هذا بين أبناء المسلمين.
واعلموا -معاشر المسلمين- أنَّه ليس من العيب ولا من الغريب أنْ يحدث خطأٌ من أحد, فالخطأ من طبيعة البشر, ولكن العيب والرزيَّةَ أنْ نصنعَ من هذا الخطأ مُشكلةً, وبابًا لتصفية الحسابات, والدخولِ في النيات.
ولا يخفى على أحدٍ منَّا مدى تأثيرِ الخلافاتِ الشخصية, على العلاقات بين الناس, بل بين القبائلِ وحتى على مستوى الدولِ فيما بينها, لأسبابٍ قد تصل لدرجة القطيعة والعداوة, بسبب تمسك كلِّ طرفٍ برأيه وقناعَتِه, بأنه هو المظلوم والْمُعتَدى عليه, وأنه لم يصدر منه أيُّ خطأ في حق غيره, ما يجعل الصلح وحل الخلاف أمرًا صعبًا مُعقَّدًا.
وتختلف أسباب الخلافات لكل مشكلة، فهناك خلافاتٌ أسبابها قويةٌ لا تُحتمل, وهناك خلافاتٌ بسيطة بل تافهة, نجعل منها قضايا كبيرة, تقودنا إلى طريق المشاحنات والسباب, حتى تصلَ بنا في النهايةِ إلى هاوية القطيعة, والعجبُ أنَّ غالب مشاكلنا من هذا النوع.
وغالبًا ما تَحْدُثُ الخلافاتُ بين الإخوةِ والأخواتِ داخلَ البيت الواحد, بسبب أبنائهم, ومن البديهيّ أنْ يحصلَ سوءُ تفاهمٍ وخلافاتٌ بين الأبناء أو البنات, بل ربَّما الزوجات, لكن الطامة الكبرى أنْ يتدَّخلَ الكبار والآباء لحماية أبنائهم أو زوجاتهم والدفاعِ عنهم, بطريقةٍ تُثير حفيظةَ أحدِ إخوانه أو أخواته, حيث إنهم يرونه يُدافع عن ابنه أو زوجته لا عن الحق, فحينها ينشأُ الخلافُ بين الكبار, حتَّىَ يَصِلَ إلى الهجرِ وقطيعةِ الرحم بينهم -وهي التي أمر الله بها أن توصل- بسبب سوء تفاهمٍ كان من الممكن علاجُه, بأسلوبٍ حكيمٍ وطريقةٍ سهلة.
ومن أعظم أسباب الخلافات الناشئةِ في البيوت: الاستماع للشائعات والنَّمامين, والواجبُ غلق باب الشائعات والقيلِ والقال, وعدمُ التسرع في سماع ما يُنقل لأحدنا, قبل التأكد من صحته وسلامة مصدره.
ومن أهمِّ الأمور أنْ لا نستمعَ لطرفٍ واحدٍ, مهما كان صِدْقُه وأمانته, بل لا بدَّ أنْ نستمع من الأطراف جميعًا, لتتضحَ الصورة, ونسلمَ من الجور والظلم.
ويا من حُملتْ إليك النميمة, وقيل لك: إن فلانًا قال فيك كذا وكذا, سمعتُ فلانًا يقول عنك كذا وكذا, فيجب عليك تجاه هذا النمام مهما كان ثقةً عندك, يجب عليك عدَّةُ أمور:
أولًا: أن لا تُصدقه؛ لأن النمام فاسق, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ) [الحجرات: 6].
ثانيًا: أن تنهاه عن ذلك وتنصحَه, وَتُقَبِّحَ لَهُ فِعْله وتُشنِّعَ عليه عمله السيئ.
ثالثًا: أن تُبغضه في الله تعالى إِنْ لَمْ يَنْزَجِر.
رابعًا: أن لا تظن بأخيك السوء, لقوله تعالى: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [الحجرات: 12].
خامسًا: أن لا ترضى لنفسك ما نهيتَ عنه النمام, ولا تحكي نميمته فتقول: قد حُكى لي كذا وكذا, فتكونُ به نمامًا ومغتابًا.
بل ينبغي لك أنْ تُقابل الشخص الذي وصلك كلامٌ عنه, وتقول له: يا فلان: لقد سمعت أنَّك تقول عني كذا وكذا, وأنا لا أصدق ذلك أبدًا, فأنا أثق بك ولا أثق بمن نقل لي هذا الكلام, ولكن ليطمئنَّ قلبي, فهلاَّ أخبرتني بالحقيقةِ فأنت أصدقُ وأبرُّ.
ومن أسباب الخلافات الأسرية أيضًا: إساءةُ الظن, والتفسيرُ الخاطئ لبعض تصرفات الآخرين.
كم اتَّهمنا أُناسًا دون أنْ نتيقَّن ونتأكَّد من ذلك, كم اغتبنا وحكمنا على نوايا آخرين, بسبب موقفٍ أو كلامٍ يحتمل أوجهًا كثيرة, ولكننا لا نأخذ إلا بأسوأ الأوجه والاحتمالات.
أين نحن من قول سلفنا الصالحِ -رحمهم الله-: "إذا بلغك عن أخيك شيْءٌ تكرهه، فالتمس له العذْر جُهدَك، فإن لم تجد له عذرًا فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه".
ومن ذلك أيضًا: تدخل الآباء والأمهات, فيما يحدث بين أبنائهم وأحد أقاربهم من سوءِ تفاهمٍ ونحوه.
وتدخلُهم يكون محلَّ تهمةٍ ومحاباةٍ غالبًا, فالواجب إذا لزم الأمر, أنْ يُحكِّموا طرفًا آخر يرضاه الجميع.
ومن ذلك أيضًا: تضخيمُ الأمور, وإعطاءُ المشكلة أكبرَ من حجمها, كم من مُشكلةٍ صغيرةٍ أصبحتْ مُعضلةً ومُصيبة, بسبب قلةِ الحكمة في مُعالجتها.
بل إن بعض الناس قد يختلق مشكلةً مِنْ لا شيء, إما بسوء ظنِّه, أو استماعه لطرفٍ دون آخر, أو لِحُكْمِهِ على أحدٍ دون أن يسمع منه.
ومن ذلك أيضًا: القيل والقال, ونقلُ الكلام, ومَنْ نقل كلامًا لأحدٍ عن أحد, فهو نمامٌ فاسق, ولو كان ما نقله حقًّا وصدقًا.
وهنا وقفةٌ مع النمامين والنمامات, اتقوا الله تعالى, فأنتم سبب خراب البيوت, بنقلكم الكلام بين الأقارب.
كم هي الآثام والذنوب التي اكتسبتموها, كم هي العداوةُ والفرقة التي سببتموها!!
أنتم سبب العداوات والمشاكل, وأنتم أساس الفتن والبلابل, ولعظم هذه الجريمة التي تلوثتم بها, فقد توعدَّكم النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالحرمان من الجنة فقال: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ". متفق عليه.
ومن أسباب الخلافات الأسرية أيضًا: العجلة في اتخاذ القرار, وعدم تحكيم العقل, واتباع ما تهواه النفس, والعنفُ والشدة والغلظة في النقاش والردّ.
ومن أهم أسباب الخلاص من المشاكل الأسرية ما يلي:
أنْ يُبادر من حصل له مكروهٌ من قريبه, إلى الاتصال به أو زيارته, لفهم وجهة نظره, وسبب فعله, ومُحاولةِ تحجيم المشكلة لا تضخيمِها.
فأفضل طريقٍ لقطع دابر الشر والفتنة: المقابلةُ والمواجهة بين الطرفين, لا المراسلةُ ولا الْمُكالمة, فالْمُكالمةُ قد لا تُعالجُ المشكلةَ؛ لأنَّ الإنسانَ قد يَجْتَرِئ في الكلامِ حال عدمِ المواجهة.
وأما المراسلات بالجوال ونحوِه, فهذه ضررها قد يكون أكثرَ من نفعها, وكم تأزَّمتِ الأمور برسالةٍ قُصد بها الإصلاحُ أو العتاب, وخاصةً إذا أُرسلتْ في مجموعةِ الأسرةِ والعائلة, التي ما أُنشئتْ إلا لتقوية أواصر المحبة, وزيادة الألفة والترابط, فيُرسل أحد أعضاء هذه المجموعةِ, نقدًا أو عتابًا لأحد الأعضاء, فينقسم الأعضاء بين مُؤيِّدٍ ومُعارض, فينتهي المطافُ بهم إلى الخروج من هذه المجموعة, والنفوسُ مُكدَّرة, والقلوبُ نافرة.
وهذا من قلَّةِ الحكمة والعقل, ومن المعلوم أنَّ النصيحة في العلانية فضيحة, فكيف بالعتاب واللوم والسباب؟!
ولو أنه رفع السماعة عوضًا عن الرسالة, لكانتِ العاقبةُ محمودة.
ومن أهم الأسباب أيضًا: الأناة والتروي, وعدمُ العجلةِ في الردِّ واتخاذ القرار, بل لابد من التفكير طويلًا, في كيفية التعامل مع الخطأ الذي يبدُرُ من أحد أفراد الأسرة, ثم بعد ذلك, اسْتشر من تراه عاقلًا حكيمًا مُجربًا.
ولا تُشاور إلا من هو أتمُّ عقلًا, وأكثرُ علمًا, والمعروفُ بالتروي والحكمة.
ومن ذلك أيضًا: العفو والصفح والمسامحة, واحتسابُ الأجر عند الله تعالى.
وهذا الصديق أبو بكرٍ -رضي الله عنه-, كان ينفق على مسطحٍ لقرابةٍ بعيدة، حيث كان ابنَ خالته, وكان ممن يتكلم في الإفك، بل هو ممَّن اتهم عائشةَ ابنتَه صراحةً بما برَّأها الله منه, فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، لم يَقْطعه ويهجُرْه, أو يسبَّه أو يحقدْ عليه, إنما قطع النفقة فقط, فأنزل الله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ).
فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: "بلى والله، أُحِبُّ أن يَغفر الله لي", وَرَدَّ إلى مسطحٍ نفقته وقال: "والله لا أنزعها أبدًا".
تأمّلْ يا من قطعتَ وهجرت أخاك, أو سببتَه أو تكلَّمت عليه بقسوةٍ وحدَّة, كيف نهى الله تعالى من اتُّهِمَ عرضُ ابنته, أنْ يقطع المعروف عمَّنْ اتَّهَمَ عرضه وشرفه!!
وهل تُقارن ما تعرض له من ظُلمٍ من قريبه مِسطَح, بما تعرضَّتَ له من ظلمٍ من أحد أقاربك؟!
ولا يعني هذا أن لا نُحاسب المخطئ, فقد عاقب النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا من الصحابة, على بعض الأخطاء والذنوب، ولكنَّ المحاسبةَ لا تعني إعلانَ المقاطعة, والغلظة والجفاء.
ويا سبحان الله!! على ماذا يحصلُ الكره والتقاطع؟! على تفاهاتٍ أو زلة لسان لا يُعصَم أحدٌ منها.
وصدق الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
اللهم إنا نسألك في هذا اليوم الكريم, أنْ تؤلف بين قلوبنا, وأنْ تذهب الحقد والبغضاء على إخواننا, إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي فضَّل الرجال سُؤْدَدًا وعقلًا, حِكْمَةً منه ومنَّةً وفضلًا, وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه الذَّي أتَمَّ الله به الرسالةَ, وختم به النبوَّة, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
معاشر الرجال: كان الحديث في الخطبة الأولى شاملًا للرجال والنساء, وحديثي الآن يَخُصُّكم ويعنيكم أنتم وحدكم.
فاعلموا أنَّ من أهم الأمور عند حدوث مشكلةٍ في الأسرة, أنْ يُبادر الجميع إلى احتوائها, وعدمِ تركها تَتَراَكَمُ وتَتَفاقم, وإذا لم يُبادرِ الرجالُ العقلاءُ إلى ذلك, فسوف يتلقَّفُها الجهلاءُ والنساءُ وصغار السنّ, فيزيدون من تأجيجها وإثارتها, وفي النهاية: تحدث القطيعةُ والفرقة والبغضاء.
ولا بدّ لكل أُسرةٍ أنْ يُعيِّنوا مجموعةً أو أفرادًا, يَحْتَكِمُون إليهم عند النزاعاتِ والخلافاتِ الصغيرةِ والكبيرة, ويرضون بما يحكمون ويقضون به.
ولابدّ أنْ تغرس الأسرةُ في قلوب أفرادها: احترامَ الكبير, ورحمةَ الصغير, وتوقيرَ الأعمام والأخوال مهما أساؤوا, ما لم يصلِ الأمرُ إلى تعمد الإهانة أو المعصية.
فإنْ حصل ذلك: رفعوا الأمر إلى من جَعَلُوهُ حكمًا بينهم.
واعلموا -معاشر الرجال- أنَّ العاقل والحكيم, لا يُعرف إلا عند حلول المصائب, التي تطيش منها عقول الجهال والحمقى والضعفاء.
معاشر الرجال: قد يُقبل أنْ تكونَ المشكلةُ الأُسريةُ من النساء؛ لِمَا ركَّب الله تعالى فيهنّ من عوجٍ ونقصٍ, ولكنْ, كيف يسوغُ أنْ تكون المشكلةُ الأُسريةُ من قِبَلِكُم, وأنتم قد كمَّل لكم عقولكم ودينكم.
فالرجل قد أعطاه الله تعالى كمالًا في عقله, مقابل النقصِ في عقل المرأة, ليس ليفخر به, فهذا نقصٌ وحمق وسفه, بل ليُعمل كمال عقله مع ما نقص من عقلها. ليستعين به في علاج نقصها, وتعديلِ اعْوجاجها.
فالنساء من طبعهن القيل والقال, والعجلةُ وقلَّةُ الحكمة في الغالب, فإن لم يتعامل الرجل الكامل العقل بحكمةٍ ورويةٍ مع تصرفاتهن هذه, الناشئةِ من قلة عقولهن, فما فائدة كمال عقله؟!
ولا بدَّ أنْ يُعلَم: أنه لا ينبغي للرجال أنْ يُدخلوا أنفسهم فيما يحدث بين النساء من خلافاتٍ ونحوها, إلا إذا تأزَّمت الأمور, فحينها يرفعون الأمر إلى من جَعَلُوهُ حَكَمًا بينهم.
ولا ينبغي أنْ يتدخل أحدٌ في زوجة الابن, لا الأمُّ ولا أخواتُ الزوج ولا غيرُهم إن قامتْ بأعمالٍ وخدماتٍ لأهل زوجها, فهذا عملٌ تُشكَرُ عليه, وإن لم تفعل إلا ما يخدم زوجها, فلا يحقُّ لأحدٍ أن يلومَها أو يُعاتبَها.
نسأل الله تعالى ألا يجعل منا ولا من بيننا قاطع رحم, ولا من هجر أخاه المسلمَ أو حقدَ عليه, اللهم أعذنا من هذا المرض العضال, والداءِ القتَّال, برحمتك يا أرحم الراحمين.
هذا؛ وصلوا وسلموا على النعمة المسداة, محمد بن عبد الله, حيث أمركم -جلَّ في عُلاه- بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).