الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العربية
المؤلف | الحسين أشقرا |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
إن رمضان بجميع أيامه ولياليه، موسم للتنافس الشريف... فاغتنموها فإنها تمر مر السحاب، وضاعفوا من أعمال البر لنيل الأجر والثواب، وجُودُوا وجِدُّوا واجتهدوا كما كان الصالحون السابقون يا أولي الألباب. واعلموا أن للجُود في رمضان خصائص تُمَيِّزُه منها: شرف الزمان ومضاعفة الأجر فيه، ومنها أن الجود يشجع الصائمين ويعينهم على الطاعات، ويُكسب المعين لهم مثل أجورهم.
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله، نستعينه ونستغفره ....
أيها المسلمون والمسلمات: إن معرفة مقدار النعم علينا في هذا الشهر الفضيل، هو الحافز والدافع لنشاطنا والباعث على الإقبال على الطاعات بإرادة نرتقي بها في مدارج السالكين إلى مرضاة الله دون فتور ولا كلل، ملتزمين بالوفاء بعهد الله الذي عاهدناه عليه أن لا نشرك به شيئًا .. وأن لا نعبده في زمن، ثم نتولى ونتوقف عن عبادته في حقب من حياتنا.
والله تعالى يريد منا أن نحقق الغاية من وجودنا، وأن نعبده دون انقطاع متمثلين قوله سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ...) [الأنعام: 163ـ 166].
أيها الصائمون/ ها أنتم قد أنهيتم بفضل الله الثلث الأول من رمضان، ثلث: الرحمة، صيامًا وقيامًا. وقبل البدء في ثلث المغفرة، يتساءل كل واحد: كيف قضيت أيام وليالي الثلث الأول؟! لقد ذهب الثلث والثلث كثير، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا زالت الفرصة أمامه ...
فعندما تفحصنا حضور المصلين في بيوت الله، بدا نوع من الفتور والتكاسل | ومن الناس من يقبل على رمضان بالعادة لا بالعبادة، فيستثقل ما يملي عليه رمضان من التغيير |
واعلموا أن الله تعالى يكفّر الذنوب من رمضان إلى رمضان، وأن الصوم والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: رَبِّ، إِنِّي مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَان".
وتذكروا وأنتم صائمون هذا التحذير من سيد الصائمين -صلى الله عليه وسلم-: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّة، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ، ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ".
واحرص أيها المسلم أن لا تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له" وأنت في أيام المغفرة ... واستعن بتتبع وتدبر معاني الآيات التي تُتلى في الصلوات، ولا تأخذك الأصوات وتنجذب مع الألحان عن تدبر القرآن -وإن كان الصوت الحسن مطلوباً - فتصرفك عن الانتفاع بهديه للتي هي أقوم وشفاء لما في الصدور ...
واحرص على سنة تعجيل فطور الخير، وتأخير سحور البركة، واعلم أن الله وملائكته يُصلون على المتسحرين، ولأن السحور يُعين على الصوم، ويضمن أداء صلاة الفجر في وقتها المبارك.
وإذا كان من الواجب على الإمام أن يُخفف الصلاة المفروضة، وصلاة التراويح على الناس، حتى لا يشرد الشاردون، ولا يتذمر المتذمرون، ولا يهرب المقصرون، ولكي يدرك أصحابُ الوظائف وظائفهم | فهذا لا يعني أن تنقطع العبادة والذكر، وتحويل ما بعد التراويح إلى هدم كل ما بُنِيَ؛ وذلك بمجالسة العصاة، ومشاركتهم في مجالس اللغو والفراغ والضياع، وإهمال البيوتات من مظاهر الطاعات |
واحرصوا -رحمكم الله- على اجتناب الإسراف والتبذير في المأكولات، ورمي الأطعمة في القمامات، وأطيعوا الله كما أمر، واجتنبوا نواهيه كما أراد تفوزوا بالمبتغى والمراد. ولتكن هذه الأيام، أيام إعداد للثلث الأخير من رمضان؛ ثلث العتق من النيران، بعد أن يشملنا من الله تعالى كامل الغفران.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وكلام سيد الأولين والآخرين، وغفر الله لنا ولكم ولمن قال آمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الواحد الأحد....
أيها المسلمون
إن رمضان بجميع أيامه ولياليه، موسم للتنافس الشريف... فاغتنموها فإنها تمر مر السحاب، وضاعفوا من أعمال البر لنيل الأجر والثواب، وجُودُوا وجِدُّوا واجتهدوا كما كان الصالحون السابقون يا أولي الألباب.
واعلموا أن للجُود في رمضان خصائص تُمَيِّزُه منها:
شرف الزمان ومضاعفة الأجر فيه، ومنها أن الجود يشجع الصائمين ويعينهم على الطاعات، ويُكسب المعين لهم مثل أجورهم | فكما أن من جَهَّز غازيا كمن غزا، فإن من فَطَّرَ صائما كان له مثل أجره |
ويكفيك في ذلك قدوة وأسوة -أيها المسلم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".
والجود هو الكرم، وكان عليه الصلاة والسلام يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر...فعن أنس "أن رجلاً سأله فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى بلده، وقال: أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى فاقة".
فاحمد الله الذي هداكم، وقدُروا صيامكم وقيامكم حق قدره، وأكثروا من الشكر لربكم مرددين: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف: 43].
واسألوا الله تعالى بقلوب خاشعة رحمته ومغفرته وعتقه من النيران، وأن يتقبل من الصيام والقيام ويَحشُرنا في زمرة خير الأنام -صلى الله عليه وسلم-.