البحث

عبارات مقترحة:

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

توديع لشهر الخير والبركة

العربية

المؤلف خالد القرعاوي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. نظرة تفكر واعتبار.
  2. تذكر مآسي المسلمين في كل مكان .
  3. كثرة الاستغفار آخر الشهر .
  4. وجوب الثبات على الطاعات بعد رمضان .
  5. وصايا في ختام رمضان .
  6. التذكير بإخراج زكاة الفطر .
  7. آداب العيد في الإسلام .

اقتباس

ما أجدَرَ أُمَّتَنَا الإسلامِيَّةَ وهي تُودِّعُ مَوسِمَها الأغرَّ، أن تودِّع أوضاعَها المَأسَاوِيَّةَ، وجِراحَاتَها الدَّمَويَّةَ، التي أصابت جَسَدَها الطَّاهرَ, مُنذُ تسلَّطَ عليها ظَّلمةٌ أفَّاكونَ! وطُغاةٌ ظالِمونَ! ما أَحرَاها أنْ تَتَّخِذَ خُطُواتٍ جادَّةٍ لوقفِ نَزيفِ الدَّمِ على ثَرَى فِلَسطِينَ المُجاهِدَةَ، وَسُوريا الجَرِيحَةِ، وأَرضِ اليَمَنِ الحَزِينِ, فهل عَجَزَ المسلمونَ أن يتَّخِذوا حلاًّ عادلاً يحقنُ دماءَ إخوانِهم، ويُعيدُوا لهم حَقَّهم وشَرعِيَّتَهم وأمنَهُم ومَجدَهم؟!

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله على جزيلِ عطائِهِ, وسَوابغِ آلائِهِ, نشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريك له شهادةً نَرجو بها النَّجاةَ يومَ لقائِهِ, ونَشهدُ أنَّ محمدا عبدُ الله ورسولُهُ الدَّاعي إلى جَنَّتِهِ ومَرضَاتِهِ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه وأَتبَاعِهِ, ودُعاتِهِ وهُداتِهِ.

أمَّا بعد: فاتَّقوا الله عبادَ الله, فإنَّ تقوى اللهِ أفضلُ مُكتسَبٍ،  وطاعتُه أعلى نسبٍ. صَدَقَ اللهُ: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) بِالأَمسِ أَقبَلَ مُشرقَ المِيلادِ شَهْرُ التُّقاةِ ومَوسِمُ العُبَّادِ،  واليومَ شدَّ إلى الرَّحيلِ مَتَاعَهُ قد زوَّد الدُّنيا بخيرِ الزَّادِ.

عبادَ اللهِ: ها هو رَمضانُنَا دَنا رحيلُهُ وأزِفَ تحويلُه؛ فَهنيئًا لِمَن زَكت فيه نفسُه، ورقَّ فيه قلبُهُ، وتهذَّبت فيه أخلاقُه، وعظُمَت لِلخيرِ رَغبتُهُ، هنيئًا لمن عَفَا عنه الكَرِيمُ، وأعتَقَ رَقَبَتَهُ, وصفَحَ عنه رَبُهُ وَمولاه.

أيُّها المُؤمِنونَ الصَّائِمُونَ: في تَودِيعِ رَمَضَانَ فُرصَةٌ للتَّأمُّل! فلقد عشنا مع القرآنِ الكريمِ تلاوةً وتَدَبُّراً حتى خشعت لَهُ القلوبُ واطمأنَّتِ النُّفوسُ فآمنَّا وأيقنَّا أنَّ القرآنَ الكريمَ هو الحبلُ والحياةُ, والنُّورُ والنَّجاةُ, وهو الصِّراطُ المستقيمُ: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15- 16]، فهل يسوغُ لنا أن نبتعدَ عن كتابِ ربِّنا ونَتَّخِذَهُ وَرَاءَنَا ظِهرِيَّا!

أمَّة الصِّيامِ والقُرآنِ: وفي استقبالِ رمضانَ وتودِيعه فرصةٌ للتَّأمُّل! عسى أن نُصلحَ الخَللَ, ونزدادَ من كلِّ خَيرٍ. ما أجدَرَ أُمَّتَنَا الإسلامِيَّةَ وهي تُودِّعُ مَوسِمَها الأغرَّ، أن تودِّع أوضاعَها المَأسَاوِيَّةَ، وجِراحَاتَها الدَّمَويَّةَ، التي أصابت جَسَدَها الطَّاهرَ, مُنذُ تسلَّطَ عليها ظَّلمةٌ أفَّاكونَ! وطُغاةٌ ظالِمونَ! ما أَحرَاها أنْ تَتَّخِذَ خُطُواتٍ جادَّةٍ لوقفِ نَزيفِ الدَّمِ على ثَرَى فِلَسطِينَ المُجاهِدَةَ، وَسُوريا الجَرِيحَةِ، وأَرضِ اليَمَنِ الحَزِينِ, فهل عَجَزَ المسلمونَ أن يتَّخِذوا حلاًّ عادلاً يحقنُ دماءَ إخوانِهم، ويُعيدُوا لهم حَقَّهم وشَرعِيَّتَهم وأمنَهُم ومَجدَهم؟!

فيا يا أهل الحلِّ والعقدِ, يا علماءَ الأمَّةِ ويا قادةَ العَربِ, وأنتم تودِّعونَ موسمَ القُرآنِ والنَّصرِ والتَّمكينِ! ودِّعوا التَّخاذلَ والمَهَانَةَ والذِّلَّةَ! فمن لم يتَّعظ بالوقائِع فهو غافلٌ، ومن لم تَقْرَعْه الحوادثُ فهو خَامِلٌ.

أَمَا لَنا في العِراقِ من عِبرٍ وأَحزَانٍ! أما لَنا في تَحَرُّكاتِ الرَّوافضِ وحُرُوبِهم من مُدَّكر؟! أما نَتَّعِظُ بما يَجري على أَيدي سُفَهاءِ الأحلامِ من تَكفيرٍ وتَفجِيرٍ وتَدبيرٍ في بلادِ الحرمينِ! بيِّنوا للزُّعماءِ والحكَّام أنهُ لا صلاحَ لأحوالِهم ولا استقرارَ لِشُعوبِهم إلا بالتَّمسُّكِ بالعقيدةِ الإسلامِيَّةِ واتخاذِ القرآنِ الكريمِ مَنهَجًا, وجعلِ العَدْلِ مَسلَكاً: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 41]، هذا هو الأَمَلُ، وعلينا الصِّدقُ والعملُ, وَقَى اللهُ المُسلِمِينَ الفِتَنَ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ!

أيُّها الصَّائِمون: لقد باتت مَساجدُنا بحمدِ الله في رمضانَ مَلئ بصلاةٍ ودُعَاءٍ, وقِرَاءةٍ وذِكرٍ, فَرحنا بإخوانٍ لنا كانوا يَتَخلَّفونَ عن جَمَاعَتِنا بِتْنَا بِحمدِ اللهِ نَرَاهم معنا رُكعاً سُجَّدا! فما أكرمَك يا رمضانُ! فأنت مدرسةٌ عظيمةٌ رَبَطَّتَ الصَّائِمَ بِصلاتِه ودِينِهِ, فيا أيُّها الصَّائِمُ: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78].

أيُّها الصَّائِمونَ: علَّمنا رمضانُ الجودَ والبِرَّ والإحسانَ فهذا مُتَصَدِّقٌ بِمَالِهِ, وآخرُ مُفَطِّرٌ لإخوانِهِ, فهل نَدَعُ تلك الصِّفاتِ العاليةِ والأخلاقِ الحميدَةِ؟ ونحن نرى حالَ إخوانِنا الْمُحتاجِينَ والْمُعوِزِينَ في فلسطينَ, واليمنِ, وسُوريا؟ واللهُ يقولُ: عزوجل (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39]،  فَجَزَى اللهُ خَيراً كلَّ مَنْ قدَّمَ وأَنفقَ وأَعَانَ. اللهمَّ وأعطِ مُنفِقاً خَلَفَاً.

أيُّها الصَّائِمُونَ: من اجتهدَ بالطَّاعاتِ فَليحمَدِ اللهِ على ذلكَ وليزددْ منها وليسأَلْ ربَّه القبولَ فإنِّما: (يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[المائدة: 27]، ولَمَّا نزلَ قولُ الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون: 06]، قالت عائشةُ -رضي الله عنها-: يا رسولَ اللهِ أَهُمُ الذينَ يَشرَبُونَ الخمرَ وَيَسرِقُونَ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:لا يا ابنةَ الصِّدِّيقِ ولَكنَّهم الذين يَصُومُون ويُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقونَ وَيَخَافُونَ ألاَّ يُقبَلَ منهم أولئكَ الذين يُسارِعُونَ في الخَيراتِ. وقالَ عليُّ رضي الله عنه: "كونُوا لِقَبُولِ العمَلِ أشدَّ اهتماماً منكم بالعملِ".

من فاته الزَّرعُ في وقت البَذَارِ

فما تَرَاهُ يَحصِـدُ إلاَّ الْهَمَّ والنَّدَمَا

فاللهم تقبل منَّا إنَّك أنت السميع العليم, وتب علينا إنك أنت التَّواب الرحيمُ، أقول ما تسمعون وأستغفر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍّ فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله الذي بنعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتِ, نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ واسِعُ العَطَايا وجَزِيلُ الهِبَاتِ, ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ الله ورسولُه نبيُّ الفضائلِ والمَكرمَاتِ, صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ المَمَاتِ.

 أمَّا بعد: فاتَّقوا اللهَ وأَطِيعُوهُ ورَاقِبُوا ربَّكم ولا تَعصوهُ فهو عليكم رقيبٌ وبكم عالمٌ ومحيطٌ.

أيُّها الصائمون: ليالِينا الباقِيةُ عظيمةُ القَدْرِ, شَرِيفَةُ الفَضلِ, كثيرةُ الأَجرِ, وإنَّما الأعمالُ بالخَواتِيمِ.

أيُّها الصَّائمونَ: إنَّ شهرَكُم أخذَ في النَّقصِ فَزِيدُوا أنتم في العَمَلِ، فَكلُّ شهرٍ عسى أن يكونَ له خَلَفٌ، إلاَّ رمضانُ فمن أين لكم عنه خَلَفٌ؟ نعلمُ أنَّ الفُتُورَ أمرٌ طبيعيّ، ولكن لا يكُنْ في وقتِ قَسْمِ الغَنائِمِ! فلقد مضى أغلبُ رَمضانَ فإن أحسنتَ فَزِدْ, وإنْ أبعَدتَّ فَعُدْ, وإن كُنتَ غَفَلْتَ فَتَذَكَّرْ أيامًا معدوداتٍ.

من فاته الزَّرعُ في وقت البَذَارِ

فما تَرَاهُ يَحصِـدُ إلاَّ الْهَمَّ والنَّدَمَا

فيا أيُّها الصائم: أقبل على ربِّك وتضَرَّع إليه وتقرَّب منه فربُّنا قريبٌ مُجيبٌ, ولَهُ في كُلِّ لَيلةٍ من ليالي رَمضانَ عُتقاءَ من النَّارِ, فأكثر من قولك اللهم "إنِّك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عنِّي".

أيُّها الصائمُ: ومن أعظمِ ما تُودِّعُ به شَهْرَكَ وتَختِمُ به صيامَكَ: الإكثارُ من كلمة التَّوحيدِ ومن الاستغفارِ، فقد جمعَ الله بينهما فقال: عزوجل (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد: 19]، فالاستغفارُ دَوماً ختامٌ لأعمالٍ صالحةٍ من صلاةٍ وحَجٍّ وقيامِ ليلٍ. وبعد إتمام الصِّيامِ يقولُ ربُّنا:  جل جلاله (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].

فَشَرعَ لنا ربُّنا زكاةَ الفطر على الصغير والكبير والذَّكر والأنثى والحُرِّ والعبدِ صَاعَا من تَمْرٍ أو صاعا من شَعِيرٍ وأفضلُ وقتٍ لإخراجها صباحُ العيد، وتجوزُ قبله بيومٍ أو يومينِ وجزى اللهُ القائمينَ على المستودعاتِ الخيريةِ والهيئاتِ الإغاثيةِ فهم يستقبلونَ زكاة الفطر ويقومون بإيصالها لمستحقها فطيبوا بها نفسًا فهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرَّفث وإخراجها شكرٌ للهِ على ما أنعمَ وأتمَّ من الصيام وهي إحسانٌ للفقراء والمساكين.

 أيها الصائمون: اسعدوا بالعيد السَّعيدِ فعيدنا شكرٌ لله وفرحٌ بفضلهِ فيسنُّ لكَ أنْ تفرَحَ به وتوسِّعَ على أهلكَ وأولادِكَ، وأن تَتَجَمَّل وتلبسَ أحسنَ لِباسَكَ، بل سُنَّ له الاغتسالُ والتَّطيُّبُ وأكلُ تمراتٍ وتِراً قبل خروجِك للصلاة شكراً لله وامتثالاً لأمره, في يوم العيد (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا) إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، واحذروا من أذيةِ العبادِ والبلادِ في أحيائِهم وطرقِاتِهم سواءٌ بالسياراتِ أو الْمُفرقَعَاتِ.

ويا معاشر الشباب أعطوا الطَّريقَ حقَّهُ وكفُّوا الأذى, واحضروا صلاةَ العيدِ رجالا ونساءً حتى النِّساءَ الحُيَّض أَمَرَهُنَّ بالخروج للصَّلاة ليشهدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين ويعتزلنَ المُصلى!  

وأكثروا من التكبير ليلةَ العيد وصباحَ العيد تعظيمًا لله وشكرًا له على هدايتِه وتوفيقه، فإنَّ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما يقولُ: "حقٌّ على المسلمين إذا رأوا هلالَ شوالٍ أن يُكبِّروا".

واجهروا به في مساجِدكم وأسواقكم ومنازلِكُم وطرقاتِكم، ولتكبِّرَ النساءُ سِرًّا، وليقصُرْ أهلُ الغفلةِ عن آلاتِ الطَّربِ والأغاني الماجنة، ولا يُكدِّروا الأوقاتَ الشَّريفَةَ بِمَزامِر الشياطينِ وكلامِ الفاسقينَ.

عباد الله: لقد تقرَّر إقامةُ صلاة العيدِ هنا بإذنِ اللهِ مع عددٍ من المُصليات والجوامعِ وستكون الصلاةُ في تمام الساعةِ السادسةِ إلاَّ عشرَ دقائِقَ.

أيُّها الصَّائِمونَ المؤمنونَ: يا من قُمتم وصمتم، بُشراكم رَحمةٌ ورِضوانٌ, وعتقٌ وغُفران؛ فربُّكم رحيمُ جوادٌ رحمانٌ، لا يضيعُ أجرَ من أحسنَ عملاً، فأحسِنوا بالله الظنَّ، واحمدوه على بلوغِ الختامِ، وَسَلُوهُ قَبُولَ القولِ والعمَلِ وراقبوه بأداءِ حقوقه، واستقيموا على عبادتِه، واستمرُّوا على طاعتِه، ولا تَمُنُّوا على اللهِ بالعمَلِ بل اللهُ يَمُنُّ عليكم أنْ هَدَاكم للإيمانِ, وما كُنَّا لِنَهتدِيَ لولا أنْ هَدَانا اللهُ.

ويا من قطَعَ رَمَضَانَ غافلاً وطواه عاصيًا، وبدَّده متكاسِلاً، يا مَن أغوَته نفسُهُ وألهَاهُ شيطانُه وضيَّعه قرناؤه، استدرِك ما بقي قبل تمامِه، وتيقَّظ بالإنابةِ قبل خِتامه، وبادِر بالتوبة قبلَ انصرامه، فكم مُتأهِّبٍ لعيدِه صار مرتَهنًا في قبرِه، املأ قلبكَ وردِّد قولَ رَبِّكَ: عزوجل (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

فاللهم تقبَّل الله منَّا صالح القول والعمل. اللهم اختم لنا شهرنا بغفرانِكَ والعِتقِ من نيرانِكَ. اللهم اجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا اللهم اعتق رقابَنا ووالدينا من النار, اللهم أصلح أحوال المسلمينَ واحقن دمائهم ووحِّد صفُوفَهم وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ. اللهم عليكَ بالطغاة الظالمين اللهم انتقم للمسلمين منهم. اللهم أدم علينا الأمنَ والأمانَ, واحفظ بلادَنا وحُدُودَنا وجنُودَنا, ووفِّقَ ولاتنا لما تُحبُّ وترضى, وأصلح لهم البِطانَةَ ووفقهم لأداء الأمانَةِ (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب)، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).