الحكيم
اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن عبد الله السويدان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج |
من كان في الطائرة، فليتأهب للإحرام قبل أن يصل إلى محاذاة الميقات، ثم يحرم إذا حاذاه، فإن تقدم على ذلك، أي لبس الإحرام قبل الميقات-، فلا حرج، كأن يخشى الإنسان من النوم في الطائرة، فإنه يحرم حين يركب، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن لبس الإحرام لا يضر، ولكن تأخيره عن الميقات هو الذي يضر.
وإذا حاذيتم الميقات، فأحرموا بالنسك من غير تردد، وتوكلوا على الله، ولا تشترطوا، أي لا تقولوا: ...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
في هذه الأيام يستقبل كثير من المسلمين السفر إلى حج بيت الله الحرام، ويستقبل الآخرون الأضاحي في عيد الأضحى، تقربا إلى الله.
وإن المسافرين إلى الحج، والمستقبلين الأضاحي، كلهم يريدون بذلك مغفرة الله، والنجاة من الذنوب والآثام.
أما المتجهون إلى الحج، فهم مسافرون في أشهر حرم، إلى أمكنة فاضلة، ومشاعر معظمة، يؤدون بذلك عبادة من أجل العبادات، لا يريد بها المسلم فخرا ولا رياءً ولا نزهة ولا ترفا، وإنما يريد بها وجه الله، والدار الآخرة.
ترك ماله ووطنه وأهله وراحته ومؤلفوه، ويمم بيت ربه، ولهيب الشوق يضرم قلبه.
سعيت ولم أركب إليك النواجيا | وجئتك يا رباه رجلان حافيا |
يسابقني قلبي إليك وخاطري | مغذا إليك السير هيمان صاديا |
فيا رب لا تطرد ذليلا مضيقا | هوى مستجيرا عند بيتك جاثيا |
يلوذ برب البيت والركن خائفا | ويمسح مسكوبا على الخد جاريا |
يمد يديه نحو بابك سيدي | أيرجع صفرا من جميلك خاليا؟ |
فحسبي ربي أن أفوز بنظرة | وحسبي ربي أن تكوننْ راضيا |
نعم، إذا انكسر قلب الحاج لربه، والتهبت له مشاعره، شوقا ومحبة وتعظيما، فقد أفلح -بإذن الله-، نسأل الله للجميع القبول-.
أيها المسلمون: إن العبد إذا اجتهد في عبادته في التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في حجه كان ذلك أجر وقربة، والله –تعالى- يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].
ولقد حج النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يقول لأمته: "خذوا عني مناسككم".
فهذا نداء لمن عزم على الحج.
أيها الإخوة المسافرون إلى الحج: قوموا في سفركم وإقامتكم بالطهارة والصلاة، وغيرها من شعائر الدين، أدوا الصلاة جماعة، ولا تتشاغلوا عنها، صلوا الرباعية ركعتين من حين أن تغادروا بلدكم، حتى ترجعوا إليه، ولو طالت مدتكم.
وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد للناس مدة معينة، ينقطع بها حكم السفر.
ولهذا سافر النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة مرات تتفاوت إقامته فيها، فمرة أقام بتبوك عشرين يوما، ومرة أقام في مكة تسعة عشر يوما، وأخر ما أقام بها عشرة أيام، وذلك في حجة الوداع.
وأنس بن مالك -رضي الله عنه- وهو أحد من خدم النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: كم أقمتم في مكة عام حجة الوداع؟ قال: أقمنا بها عشرا.
وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة في يوم الرابع من ذي الحجة، ولم يخرج إلا في اليوم الرابع عشر.
فهذه عشرة أيام أقام فيها يقصر الصلوات صلى الله عليه وسلم، فصلوا الرباعية ركعتين، ما دمتم مسافرين، إلا أن تصلوا خلف إمام يتم الصلاة فأتموها، فإن أدركتم الصلاة من أولها صليتم معه أربعان وإن أدركتموه في الركعتين الأخيرتين، فأتموا بعد سلامه، بركعتين باقيتين.
وإذا صليتم وحدكم، وكنتم سائرين، فاجمعوا بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم، أو جمع تأخير، حسب ما هو أسهل عليكم.
أما إن كنتم نازلين، فلكم الجمع أيضا، ولكن تركه أفضل.
وصلوا من النوافل ما شئتم، تهجدوا في الليل، صلوا صلاة الضحى، صلوا سنة الوضوء، تحية المسجد، صلوا الوتر.
ومن الرواتب، صلوا سنة الفجر، صلوا ما شئتم وأنتم مسافرون إلا ثلاثة أشياء: راتبة الظهر، وراتبة المغرب، وراتبة العشاء، فسنة للمسافر أن لا يصليها.
أما الأخلاق، فتخلقوا بالأخلاق الفاضلة؛ من الصدق والسماحة، وبشاشة الوجه، وخفة النفس، والكرم بالمال والبدن والجاه، واصبروا على المشقة والأذى، ودعوا التسخط والضجر، فإن الله مع الصابرين.
قيل: إنما سمي السفر سفرا؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، فكم من إنسان لم تعرفه حق المعرفة إلا بعد أن سافرت معه.
فإذا وصلتم الميقات؛ فيستحب أن تغتسلوا إن أمكنكم ذلك، وطيبوا الرؤوس واللحى، والبسوا ثياب الإحرام غير مطيبة، وأحرموا من أول ميقات تمرون به.
ومن كان في الطائرة، فليتأهب للإحرام قبل أن يصل إلى محاذاة الميقات، ثم يحرم إذا حاذاه، فإن تقدم على ذلك، أي لبس الإحرام قبل الميقات، فلا حرج، كأن يخشى الإنسان من النوم في الطائرة، فإنه يحرم حين يركب، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن لبس الإحرام لا يضر، ولكن تأخيره عن الميقات هو الذي يضر.
وإذا حاذيتم الميقات، فأحرموا بالنسك من غير تردد، وتوكلوا على الله، ولا تشترطوا، أي لا تقولوا: "فإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني".
إلا أن تخافوا أن لا تدركوا إتمام النسك لمرض فيكم، أو غير ذلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشترط في إحرامه، ولكن ضباعة بنت الزبير -رضي الله عنها- حين قالت: "إني أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حجى واشترطي أن محلى حيث حبستنى".
وعند إحرامكم لبوا بتلبية النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي بهذه التلبية، لا يزيد عليها، وربما زاد عليها: "لبيك إله الحق".
واذكروا النسك الذي أنتم محرمين به في بداية التلبية، فليقل من كان محرما بعمرة متمتعا: "لبيك اللهم عمرة".
ومن كان بعمرة وحج، قارنا: "لبيك اللهم حجا وعمرة".
وإن كان مفردا: "لبيك اللهم حجا".
وإذا أخذتم بالتلبية، فارفعوا أصواتكم بها؛ لأن الملبي ما سمع تلبيته شيء إلا شهد له يوم القيامة.
إلا أن النساء لا يرفعن أصواتهن.
وإنك لتعجب من قوافل الحجاج، تمر بك لا تسمع أحدا يلبي إلا نادراً، وهذا إما من الجهل، أو التهاون.
فلبوا وأكثروا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة؛ لأنه كان قارنا صلى الله عليه وسلم.
فإذا وصلتم المسجد الحرام، فطوفوا بالبيت سبعة أشواط، ابدءوا من الحجر الأسود، وانتهوا إليه.
ولا تشقوا على أنفسكم بمحاولة الوصول إلى الحجر لاستلامه، أو تقبيله، وأشيروا إليه، فإن الإشارة عند المشقة تقوم مقام السلام، أو الاستلام.
ولا تشيروا إلى الركن اليماني، فالإشارة إليه أمر محدث.
واعلموا أن من المهم في الطواف وغير الطواف الخشوع لله -عز وجل-، فإذا أتممتم الطواف سبعة أشواط، فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم، إن تيسر ذلك، وإلا صلوا في أي مكان من المسجد، ولا تشقوا على أنفسكم.
فإذا صليتم الركعتين، فاشربوا من زمزم، ثم اخرجوا إلى الصفا، فإذا دنوتم من الصفا، فاقرءوا قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 158].
وقولوا: نبدأ بما بدأ الله به.
واصعدوا الصفا إن تيسر، واستقبلوا القبلة، وارفعوا أيديكم على هيئة الدعاء، لا هيئة التكبير، ثم كبروا ثلاثا، وقولوا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
ثم ادعوا بما شئتم، ثم أعيدوا هذا الذكر مرة أخرى، ثم ادعوا بما شئتم، ثم أعيدوا الذكر مرة ثالثة، ولا تعيدوا الدعاء بعده، بل انحدروا إلى المروة، فإذا وصلتم إلى العلم الأخضر الأول، فاسعوا شديدا إن تيسر ذلك، وإلا فلا حرج.
فإذا وصلتم المروة، فافعلوا ما فعلتم على الصفا دون أن تكرروا الآية، وما تلاها، فإذا أتمتم السعي سبعة أشواط، من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط، هكذا..
إذا أتمتم السعي سبعة أشواط، وكنتم متمتعين، لا قرانين ولا مفردين؛ لأن القارن والمفرد يبقيان على إحرامهما، لا يقصران، حتى يوم العاشر.
أقول: إن كنتم متمتعين فقصروا رؤوسكم، جميع الرأس، لا جزءً منه، فإذا فعلتم ذلك، فقد حللتم من كل شيء حرم عليكم بالإحرام.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة؛ فاحرموا بالحج من المكان الذي أنتم فيه، واصنعوا بالإحرام عند الحج كما صنعتم بالإحرام عند العمرة، قولا وفعلا، إلا أنكم تقولون: "لبيك اللهم حجا".
ثم اخرجوا إلى منى، وصلوا بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قصرا بلا جمع، ثم صلوا الفجر، فإذا طلعت شمس يوم التاسع، فسيروا إلى عرفة، وقفوا بها إلى الغروب، واجمعوا فيها بين الظهر والعصر، جمع تقديم، ثم تفرقوا للدعاء والذكر، وقراءة القرآن.
وغير ذلك مما يقرب إلى الله، واجتهدوا أن يكون آخر النهار معموراً بالدعاء؛ لأن ذلك أفضل لكم، قال تعالى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)[طـه:130].
فقبل الغروب وقت مفضل.
واتجهوا أثناء الدعاء للقبلة، ولا عبرة للاتجاه إلى الجبل؛ لأن جبل عرفات ليس له شيء من العبادة يختص به، فلا يصعد عليه، ولا يتمسح به، وكل ما في الأمر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف عند الجبل، وقال: "وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف".
فإذا غربت الشمس، فسيروا إلى مزدلفة ملبين مكبرين، فإذا وصلتموها فبادروا إلى الصلاة قبل أي شيء، فصلوا المغرب والعشاء جمعا بأذان وإقامتين، سواء في وقت صلاة المغرب، أو وقت صلاة العشاء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع بين المغرب والعشاء، فعل ذلك من حين وصل إلى مزدلفة.
وامضوا تلك الليلة في مزدلفة، ثم صلوا الفجر بها، واجلسوا تدعون الله -عز وجل- إلى أن تسفر.
ثم سيروا إلى منى، وارموا جمرة العقبة، بسبع حصيات متعاقبات، تكبرون مع كل حصاة: "الله أكبر".
فإذا أتممتم الرمي، فانحروا هديكم، فإن لم يتيسر، فاحلقوا رؤوسكم، وبه تكونون قد حللتم من كل شيء حرم عليكم بالإحرام، إلا النساء.
ثم انزلوا إلى مكة، وطوفوا بها طواف الإفاضة، واسعوا بها سعي الحج، وبها يتم التحلل الثاني.
فالخمسة أنساك يوم العيد؛ ترتب هكذا: الرمي، فالهدي، فالحلق، فالطواف مع السعي، هذه هي السنة.
ولكن إن قدم الإنسان بعضها على بعض فلا حرج؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما سئل في ذلك اليوم عن التقديم والتأخير إلا قال: "لا حرج".
فلو قدم الطواف على الرمي، أو قدم الهدي على الرمي، أو غير ذلك، فلا حرج، على أن لا يحلق حتى يرمي، أو يطوف طواف الإفاضة، مع السعي.
ولو أخر الإنسان طواف الإفاضة، وطافه مع طواف الوداع؛ طوافا واحدا، فلا حرج، على أن لا ينسى سعي الحج بعد الطواف.
كل هذا من رحمة الله -عز وجل-.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم شكر نعمته، وأن ييسر لنا أمورنا لديننا ودنيانا، إنه على كل شيء قدير.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
ففي أيام التشريق، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، بيتوا في منى، وارموا الجمرات الثلاث، ارموا في يومي الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال، اِبْدَؤُوا بالصغرى ارموها بسبع حصيات، ثم تقدموا عن الزحام إلى اليمين، ثم استقبلوا القبلة، وارفعوا أيديكم، وادعوا الله -تعالى-.
ثم ارموا الوسطى، ثم تقدموا عن الزحام إلى الشمال، وادعوا كما دعوتم أولا، ثم ارموا جمرة العقبة، ولا تقفوا بعدها للدعاء.
ولا ترموا قبل الزوال أيام التشريق، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو أرحم الخلق بالخلق، كما يقول الشيخ محمد بن عثمين -رحمه الله تعالى-: "ولو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لرخص فيه للعجزة، كما رخص لهم في رمي جمرة العيد بعد نصف الليل، ولو كان الرمي قبل الزوال جائزا لكان هو المشروع ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما.
ومع ذلك لم يأذن لأحد أن يرمي قبل الزوال.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: " كنا نتحين -أي نتربص- حتى إذا زالت الشمس رمينا".
ولكن للإنسان سعة في أن يرمي في العصر، أو في الليل، إلا فجر اليوم الثاني.
وللإنسان العاجز أو الضعيف، أن يوكل للرمي، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يرمون عن الصبيان.
فإذا رميتم الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر، فإن شئتم فانزلوا إلى مكة متمين الحج، وإن شئتم فابقوا إلى اليوم الثالث عشر، وارموا الجمرات، كما سبق.
قال رحمه الله: "من عزم على التعجل ثم سار ليرمي، ولكن منعه الزحام، ولم يحصل له الرمي، إلا بعد غروب الشمس، فليرمِ وليستمر في تعجله؛ لأنه قد نوى التعجل، وقد بذل ما استطاع من أفعال المتعجل، ولكن حبسه حابس، فلا يضره أن تغيب الشمس قبل أن يرمي، و: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)[البقرة:286].
أيها المسلمون: هذه نبذة عن صفتي الحج والعمرة.
أسأل الله -تعالى- أن يرزقنا وإياكم علما نافعا، وعملا صالحا، ورزقا طيبا واسعا.