الآخر
(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
العربية
المؤلف | علي عبد الرحمن الحذيفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان - الحج |
وعلى هذا سار المسلمون منذ حجة الوداع إلى يومنا هذا إلى آخر الدهر يعظمون بيت الله، ويؤدون المناسك ويتنقلون في المشاعر بهدوء وطمأنينة وسكينة، وإخبات لله -تعالى- ورحمة لإخوانهم المسلمين، وأدب وافر مع وفد الله -عز وجل- لا يؤذي بعضهم بعضا، ولا يشوش بعضهم على بعض، ولا يعتدي بعضهم على بعض إلا ما كان من القرامطة الروافض الشيعة سنة سبعَ عشرةَ وثلاثمائة ..
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله.. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصبحه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: إن الله -عز وجل- جعل لكل حسنة ثواباً بفضله ورحمته، وجعل لكل سيئة عقاباً بعدله وحكمته.. (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون)، وقال -تبارك وتعالى-: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ * إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ* لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [الزخرف72-78].
وأعظم الثواب من الله ثوابُ وجزاءُ أركان الإسلام الخمسة.. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، وبقيةُ أعمال الإسلام والإيمان تابعةٌ لهذه الأركان، فإذا سلمت للعبد أركان الإسلام فقد سلم له دينه، وكل ركنٍ من هذه الأركان له أركان وواجبات، وشروط ومستحبات؛ فالحج عبادة عظيمة جمعت أعمال القلوب وأعمال البدن، وعبادة الله بالنفقة.
وجاء في فضلها ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة" رواه مسلم.
وقد فرضه الله -تعالى- في العمر مرةً واحدة، ومن خاصية الحج أن مَن حجَّ ضعُف عنه الشيطان، ومن زاد على الفريضة فهو تطوع، ومن سلم له حجه من المبطلات سلم له عمره.
والحج اشتمل على عبادات لله -تعالى- يُرضِي بها المسلمُ ربَّه؛ فقد تضمن الإخلاص لله -عز وجل- والإخلاصُ مخُّ كل عبادة، ولا يقبل الله عبادة إلا بإخلاص النية؛ بأن يفعل العبد العبادة يريد بها وجه الله والدار الآخرة، ويجتنب الرياء والبدع الداخلة على العبادات.. قال الله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ....) [الزمر:2-3]، وعن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري ومسلم، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"اللهم حجة لا رياءَ فيها ولا سمعة".
ويتضمن الحج تخصيص الله -تعالى- وإفراده بالدعاء والاستثغاثة، والاستعانة وطلب الرزق، وغفر الذنوب وقضاء الحاجات كلها، وكشف الكربات والشدائد.. عن جابر -رضي الله عنه- في حجة الوداع قال: "فأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له" رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وقول جابر -رضي الله عنه-: "فأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد؛ رفع صوته بتوحيد الله بالتلبية، وأمر أصحابه بذلك، وأبطل الشرك بالتلبية الذي أحدثه المشركون، وغيروا ملة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- بالشرك؛ فقد كان المشركون يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.
وتلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد هو معنى: لا إله إلا الله؛ فلا يُدعَى من دونه مَلَكٌ ولا نبي، ولا قبر ولا مخلوق.. قال -تعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن:18]؛ فالحج يفتتح بتلبية التوحيد ويختتم بالتوحيد لله -تبارك وتعالى- قال -عز وجل-: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ *وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [البقرة:200-202].
وفيما بين أول أعمال الحج وآخره عباداتٌ كثيرة متنوعة يخص بها المسلم ربَّ العالمين ويفرده بها، لا يشرك مع الله فيها أحدا، وأول وصية وعهد من الله -تعالى- لأبينا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- عند بناء البيت العتيق التحذيرُ من الشرك بالله -تعالى- وتطهير تلك المشاعر المباركة من الشرك والخبائث.. قال الله -تعالى-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج:26]، وقد طهَّر الله -تعالى- تلك المشاعر المقدسة شرعا وقدرا إلى يوم القيامة من الشرك بظهور الإسلام.
ويتضمن الحج طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاقتداءَ به في الأقوال والأفعال، ومحبته؛ ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا".
يتضمن الحج تعظيم الرب -سبحانه- بكثرة ذكره وتلاوة كلامه، والتذلل له وتنوع الدعاء بالحاجات من خيري الدنيا والآخرة.. قال الله -تعالى-: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ...) [الحج:27-28]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خير الدعاء دعاء عرفةَ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وقال -تعالى-: (... فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ... ) [البقرة:128]، وقال -تعالى-: (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ... ) [البقرة:203]
ويتضمن الحج التمسك بملة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- التي أمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-باتباعها والتمسك بهدي سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أعمال الحج والوقوف بمشاعره، والبقاء والثبات على هدي المواريث الإسلامية التي علَّمها جبريلُ -صلى الله عليه وسلم- بأمر الله -تعالى- فترتبط أمة الإسلام بالخليلين أبينا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- وسيد البشر محمد -صلى الله عليه وسلم- وتقتدي بهما في تحقيق التوحيد لرب العالمين، وتعمل بهدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
والحج له أركان وواجبات ومستحبات يتعلمها المسلمون بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن أقوال الصحابة -رضي الله عنهم- وقد دوَّنها أئمة المسلمين الذين شهد لهم العدولُ بالهداية والدراية، والعلم والفقه.
والحج أعمال وأقوال معلومةٌ تكون في وقت مخصوص، وعبادةٌ عظيمة ترفع الدرجات في الجنات وتكفر السيئات، وعلى هذا سار المسلمون منذ حجة الوداع إلى يومنا هذا إلى آخر الدهر يعظمون بيت الله، ويؤدون المناسك ويتنقلون في المشاعر بهدوء وطمأنينة وسكينة، وإخبات لله -تعالى- ورحمة لإخوانهم المسلمين، وأدب وافر مع وفد الله -عز وجل- لا يؤذي بعضهم بعضا، ولا يشوش بعضهم على بعض، ولا يعتدي بعضهم على بعض إلا ما كان من القرامطة الروافض الشيعة سنة سبعَ عشرةَ وثلاثمائة، فقد كتب المؤرخون أن أبا طاهر القرمطي وضع في الحُجَّاج السيفَ يوم التروية، وقتلوهم حتى في المسجد الحرام، وفي البيت نفسه، ونهب هو أصحابه أموالَ الحجيج، ونهب دور أهل مكة، وقلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر، وقلع باب البيت، وأصعد رجلا ليقلع الميزاب فسقط فمات، وطرح القتلى في بئر زمزم، ودفن الباقين في المسجد الحرام حيث قتلوا بغير كفن ولا غسل، ولم يصلِّ على أحد منهم، وأخذ كسوة الكعبة فقسَّمها بين أصحابه فعاجله الله بالعقوبة والنكاية العظيمة (ولعذاب الآخرة أكبر).
والمسلمون في هذا العصر في أشد الحاجة إلى اجتماع الكلمة، وإلى تقوية أخوة الإسلام والتعامل، والألفة والتراحم والتعاطف ليقفوا بتمسكهم بدينهم في وجه المكائد التي تُوجَّه ضد الإسلام.
وفريضة الحج عبادة خالصة لله -تبارك وتعالى- ومن منافعه أن تتجلى فيه أخوة المسلمين.. قال - تبارك وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ...) [الحجرات:10]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ونستنكر أشدَّ الاستنكار الانحرافَ عن مقاصد الحج وغايته السامية، وتحويله إلى أغراض سياسية، ودعايات طائفية ومسارات ومظاهرات جماعية فوضوية بدعوى البراءة من المشركين، وهذه المسارات ورفع الرايات بالشعارات باللسان لم يفعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يفعلها المسلمون بعده، وإنما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه- سنة تسعٍ من الهجرة أن يقرأ على الناس سورة براءة في الحج، وأردفه بعلي -رضي الله عنه- مؤتماً بأبي بكر ليبلغا رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن لا يُحجَّ بعد سنة تسع مشركٌ، وألا يطوفَ بالبيت عريان، كما صح في الأحاديث فبلغا ذلك العام، فقد بلغا المشركين، فلم يحج بعد ذلك مشركٌ.
وليس في المملكة العربية السعودية قبور تُعبَدُ من دون الله -ولله الحمد-، وليس فيها مشاهدُ وأضرحةٌ يسجد ويطاف بها، ويذبح لها، وتسأل الرزق ويستنصر بها، وترفع لها الحاجات ويسأل أصحابها كشف الكربات وغفران السيئات، ليس في هذه البلاد شيءٌ من هذا؛ لأن هذا كله شركٌ أكبرُ ووثنية جاهلية جاء الإسلام بإبطاله ومحوه، والقضاء عليه؛ لتكون العبادة لله -تبارك وتعالى- قال الله -تعالى-: (... إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ...) [النساء:48]، فليس فيها شيء من هذا الشرك مع أن فيها قبورَ أفضل الخلق بعد النبي والأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.
فرفع شعار البراءة من المشركين لا مكان له في الحج؛ لأن الذي يحج هم المسلمون لا مكان لرفع شعار البراءة من المشركين في الحج ولا في المملكة؛ لأن هذه المملكة دولة التوحيد في هذا الزمان، فهي دولة سنية سلفية المنهج، وليست بدولة سلفية حزبية ويظن بعض المتطاولين بغير حق أنه إذا لمز حكام هذه الدولة وعلماءها بأنهم وهابية أنه أصاب مقتلا، أو شوَّه سمعة أو ضر شيئاً..
ألا فليعلم أنه لن يضر إلا نفسه فهم لا يتسمون بهذه التسمية؛ لأنهم لم يبتدعوا بدعة في العقيدة الإسلامية، وإنما يتنسبون إلى أهل السنة والجماعة كبقية المسلمين، فالمسلمون كلهم أولهم وآخرهم إخوةٌ لهم، والمسلمون كلهم إخوة والإمام الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- لم يبتدع من العقيدة شيئاً خالف به سلف الأمة وأئمة الإسلام، ولن يستطيع أحد أن يأتي من كتبه بمسألة تخالف ما عليه السلف الصالح في العقيدة.. ولما كتب إليه بعض علماء عصره أن يبين لهم عقيدته لما تضاربت الأقوال من الناقلين عنه قال -رحمه الله-: "أُشهِد اللهَ ومن حضر من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقةُ الناجية أهلُ السنة والجماعة من الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره" انتهى. الغرض من الرسالة، وهي رسالة مطولة تشبه في معاينها وألفاظها العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم..أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث رحمة للعالمين.. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله بلزوم طاعته وترك معصيته.. يقول الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]، والفسوق كل معصية يُعصى الله بها.
أيها المسلمون: التزموا آداب الإسلام في حجكم يكن خيراً لكم وللمسلمين وكمالاً لحجكم، والحج المبرور هو ما أصاب صاحبه السنة، وأخلص لله فيه، واستكثر في سفره من الحسنات، و سلم من السيئات، وبذل خيره وكف شره وأذاه عن المسلمين.
واعلموا أن الحاج في بلد معظم حرمه الله -عز وجل- يؤاخذ الله فيه بالهم بالمعصية.. قال الله -تعالى-: (.... وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25]. وكان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته: "اللهم اجعله حجاً مبروراً، وسعياً مشكورا".
عباد الله: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا".. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلم تسليما كثيرا.
اللهم وارض عن الصحابة أجمعين، وعن خلفاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم وارض عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين. اللهم ألف بين قلوب المسلمين، وأصلح ذات بينهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كن لأمواتنا وأموات المسلمين. اللهم أعذهم من عذاب القبر يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة يا رب العالمين؛ إنك على كل شيء قدير.. اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وأحسن لنا عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن شر كل ذي شر يا رب العالمين. اللهم أعذنا. اللهم أعذنا، وأعذ ذرياتنا من إبليس وذريته، وشياطينه وجنوده. اللهم أعذ المسلمين من إبليس وذريته، وشياطينه وجنوده يارب العالمين.
اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا غيثا عاجلا يا أرحم الراحمين. اللهم أغثنا يا أرحم الرحمين. اللهم أغثنا يا أرحم الرحمين.. اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى. اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وانصر به دينك وأعل به كلمتك.. اللهم أصلح بطانته. اللهم إنا نسألك أن تنصر به الإسلام والمسلمين، وأن تجمع به كلمة المسلمين. اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى. اللهم وافقه لهداك، واجعل عمله في رضاك. اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضى. اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك.
اللهم يسر للحجاج أمورهم. اللهم يسر للحجاج أمورهم وتنقلاتهم. اللهم يا رب العالمين اللهم فقهنا في الدين. اللهم رد الحجاج والمعتمرين إلى بلدانهم غانمين سالمين .
عباد الله: (إن الله يأمر العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون * وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون)، فاذكروا العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .