الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
العربية
المؤلف | عبدالله بن حسن القعود |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المعاملات |
ومما يجب للمسلم على أخيه المسلم أن يؤدي إليه حق الجوار إذا جاوره, وحق الائتمان إذا ائتمنه, وحق المعيشة إذا اقتضتها الحال بضيافة أو قرابة تستدعي الإنفاق. هذه -أيها الأخوة- نماذج لما جاء للمسلم على أخيه المسلم من حقوق، جاء الإسلام بها ليرفع بها أهله من حياة التقاطع والتدابر والتناحر, إلى حياة أفضل وتلاق أكمل...
الخطبة الأولى
الحمد لله ...
أيها الأخوة الكرام: إن دين الإسلام الميسر الحنيف الذي عنى بمصالح البشر ومتطلبات معاشهم ومعادهم, قد أوجب على بعضهم للبعض حقوقاً, بالأخذ بها والتأدب بآدابها يسود بينهم الوئام والتآخي والترابط والتشاد المدعو إليه، يقول الله سبحانه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10] (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة:71] ويقول رسوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" وأن من ألزم تلكم الحقوق وآكدها أن يكف المسلم أذاه عن أخيه المسلم, أي مسلم كان قريباً أو بعيداً، ولا يحقره ولا يخذله ولا يكذبه ولا يضاره ولا يشق عليه ويعنته، ففي الحديث: "من ضارَّ مسلماً ضارَّه الله، ومن شق على مسلم شق الله عليه" وفيه: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" وفيه: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وفي التنزيل: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [الأحزاب:58].
ومما يجب للمسلم على أخيه المسلم في إطار الآداب العامة, ما جاء في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "حق المسلم على أخيه المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس" وفي نص آخر: "وإبرار القسم، ونصر المظلوم" وفي لفظ آخر: "وإذا استنصحك فانصح له". وما جاء في قوله: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا, نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
ومما يجب للمسلم على أخيه المسلم أن يؤدي إليه حق الجوار إذا جاوره, وحق الائتمان إذا ائتمنه, وحق المعيشة إذا اقتضتها الحال بضيافة أو قرابة تستدعي الإنفاق.
هذه -أيها الأخوة- نماذج لما جاء للمسلم على أخيه المسلم من حقوق، جاء الإسلام بها ليرفع بها أهله من حياة التقاطع والتدابر والتناحر, إلى حياة أفضل وتلاق أكمل إلى حياة الترابط والتآخي في الله, والتناصح والتعاون من أجل الله, ليصبحوا بهذا جسداً واحداً وقلباً واحداً ولساناً واحداً، ليصبحوا به كما وصفهم الصادق المصدوق -عليه الصلاة والسلام- بقوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" وقوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً" وشبَّك بين أصابعه.
فاتّقوا الله -أيها الأخوة المؤمنون- وتعاونوا على البر والتقوى, ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان، اتّقوا الله بأداء ما وجب عليكم من حقوق حسبة لله وسيراً على منهاج رسول الله، الذي أرسى لنا أصول هذه الحقوق وجوامعها بقوله في أكبر مجمع عرفته الدنيا, في حجة البلاغ والوداع وهو واقف يخطب الناس: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا".
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.