البحث

عبارات مقترحة:

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

مظاهر انتصار الأمة

العربية

المؤلف صالح بن عبد الله بن حميد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. لا مكان للقُنوطِ واليأس في زمان الاستِضعاف .
  2. أنواع النصر ومظاهر الانتِصار .
  3. من أنواع النصر العجيبة .
  4. من هو المُنتصِر، ومن هو المهزوم؟! .
  5. مسؤوليَّة المسلم ودوره في تحقيق النصر .
  6. الانتِصار هو انتِصارُ الدين .
  7. الموانع التي تمنع أو تؤخر النصر عن الأمة. .

اقتباس

الأمرُ لله من قبلُ ومن بعد، ولسنا سوى عبيدِه - سبحانه -، نتقرَّبُ إلى الله بعبادتِه وخدمتِه، والزُّلفَى لديه مؤمنين مُوقِنين بأن الأمرَ كلَّه لله، يخفِضُ ويرفع، ويُعطِي ويمنَع، ويُعزُّ من يشاء، ويُذلُّ من يشاء، وينصُرُ من يشاء، وهو المُقدِّمُ والمُؤخِّرُ، لا إله إلا هو.. وإذا فقِه المسلمُ ذلك فإنه لن يستَكينَ أمام ضغوطِ الظالِمين، ومُساوماتهم، واستِعجال الأتباع وعدم صبرِهم، سعيًا للحصول على بعضِ المكاسِب، وهي ليست مكاسِب ولكنها أشبه بمُسكِّنات. ناهِيكم بما قد يُبتلَى به من بعضِ التنازُلات.

الخطبة الأولى:

الحمد لله، (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الروم: 27]، عمَّ المخلوقات كرمُه وجُودُه، سبحانه وبحمده، الأمرُ أمرُه، والحكمُ حُكمُه، والخلقُ عبيدُه، أحمدُه - سبحانه - وأشكرُه، وأُثنِي عليه بما هو أهلُه، وعدُه مُؤمَّل ومرهوبٌ وعيدُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً يتحقَّقُ بها توحيدُه، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه حقٌّ على الأمة توقيرُه وتعزيرُه، ونصرُه وتأييدُه، على ذلك مواثيقُ الله وعهودُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابِه الغُرِّ الميامين هم فُرسان الورَى وأسُودُه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -، واذهبُوا حيث شِئتُم؛ فإن إلى ربِّكم الرُّجعَى، واعملوا ما شِئتُم؛ فعملُكم عليكم مُحصَى، اليوم يُقبَلُ العمل ولو كان مِثقالَ ذرَّة، وغدًا لا يُقبَل ولو كان ذهبًا ملئَ المجرَّة.

من حاسبَ نفسَه ربِح، ومن نظرَ في العواقِب نجَا، ومن اتَّبَع هواه ضلَّ، ومن خافَ سلِم، ومن حلُم غنِم.

وإذا زلَلتَ - يا عبد الله - فارجِع، وإذا ندِمتَ فأقلِع،  (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة: 6].

حُجَّاج بيت الله: حللتُم أهلاً، ووطِئتُم سهلاً، وهنيئًا لكم ما يسَّر الله لكم من الوصول إلى هذه البِقاع الطاهرة، والمشاعِر المُقدَّسة، وتقبَّل الله منا ومنكم.

معاشر المسلمين .. حُجَّاج بيت الله: لا يخفَى ما تعيشُه الأمةُ من فتنٍ ومحَنٍ في كثيرٍ من دِيارِها .. سالَت فيها دماء، وشُرِّد فيها مُشرَّدون، وتكالَبَ عليها الأعداء.

والحديثُ - حفظكم الله - ليس حديثَ تلاوُمٍ ولا تشكِّي، ولا حديثَ يأسٍ وتخاذُل، ولقد قال - عز وجل - مُخاطِبًا أفضلَ رُسُله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين معه:  (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].

والنبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال له أصحابُه وهم مُستضعَفون: ألا تستنصِرُ لنا؟ ألا تدعُو لنا؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: «كان الرجلُ فيمن قبلَكم يُحفَر له في الأرض فيُجعَل فيه، فيُجاءُ بالمِنشار فيُوضَعُ على رأسه فيُشقُّ باثنتَين، وما يصدُّه ذلك عن دينه. ويُمشَّطُ بأمشاط الحديد ما دون لحمِه من عظمٍ أو عصَبٍ، وما يصدُّه ذلك عن دينه» (أخرجه البخاري).

معاشر المسلمين: لا مكان للقُنوطِ واليأسِ في زمان الاستِضعاف، ولا موضِع لفقدِ الأمل عند غِيابِ التمكين، ولكنَّه حديثُ انتِصار الإسلام وانتِشاره، وعزَّةُ الأمة وعلُوُّها، فقد قال - عزَّ شأنُه - وقولُه الحق -: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر: 51]، ويقول - جل وعلا -:  (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [الصافات: 171- 173].

ويقول - عزَّ وتبارك -:  (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]، ويقول - عزَّ من قائل -: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7]، ويقول - وقولُه الحق -: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40].

معاشر المسلمين: وفي مثلِ هذه الظروف يحسُن التأمُّل في معاني النصر في كتابِ الله، والنظرُ في حقائقِ الانتِصار في دينِ الله؛ فخفاءُ ذلك والغفلةُ عنه قد يُوقِعُ في الاستِعجال، بل قد يُوقِعُ في التنازُل، وأشدُّ من ذلك أن يُوقِعَ في اليأس والقُنوطِ والعُزلَة.

بادِئَ ذي بدءٍ - حفظكم الله -، يجبُ التفريقُ بين انتِصار الدُّعاة والمُصلِحين، وبين ظُهور دين الله وانتِشار الإسلام؛ بل يُقال - بكل ثقةٍ وعزَّة - يجبُ عدمُ الربطِ بين ضعفِ الأمة واستِضعافِها، وبين انتِشار الدين وانتِصارِه.

فالنصرُ من عند الله، ليس بالكثرة ولا بالقوة، ولكنَّ الله يمُنُّ على من يشاءُ بالهداية، ويمُنُّ على من يشاء باستِعمالِه في طاعتِه وخدمةِ دينِه، (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) [الحجرات: 17]،  (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: 38]،  (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) [محمد: 4].

بل قال الله - عز وجل - في مُحكَم تنزيلِه، مُبيِّنًا علوَّ المؤمنين بإيمانهم، والغايةَ من ابتِلائِهم: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 139- 141].

إذا كان الأمرُ كذلك - يا عباد الله - فاعلَموا أن النصرَ ليس له صُورةٌ واحدةٌ، ولا مظهرٌ واحدٌ، كما دلَّ على ذلك كتابُ الله وسنةُ نبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا - رعاكم الله - استِعراضٌ لبعض أنواع النصر، ومظاهر الانتِصار؛ ليقوم المسلمُ بمسؤوليَّته، وليخدم دينَه، ويحفَظ أمَّتَه، ويكون على بصيرةٍ من أمرِه، وبيِّنةٍ من مسيرته:

أولُ أنواع النصر ومظاهر الانتِصار: ما يعرِفُه الناس ولا يكادُون يعرِفون غيرَه، وهو: النصرُ بالغلَبَة وقهر الأعداء وظهورُ أهل الحق، ويكادُ يكون هذا النوعُ هو الذي ينتظِرُه الناس، ويتعلَّقُون به ويُحبُّونه، ويجعلُونَه مِقياسَ نجاح أعمالهم، وميزانَ ابتِلائِهم.

وهذا النصرُ هو المُحبَّبُ للنفوس: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[الصف: 13]، وقد قضَت سنةُ الله ومضَت أن هذا لا يكونُ لكل المؤمنين، ولا في كل الأزمان، ولا في كل الأماكِن.

ومن أنواع النصر ومظاهر الانتِصار - معاشر الأحبَّة -: إهلاكُ المُكذِّبين، ونجاةُ المُرسَلين والمؤمنين، كما نصرَ الله نبيَّه نوحًا - عليه السلام -، وهو الذي لبِثَ في قومِه ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا،  (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) [هود: 40]،  (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) [القمر: 10]، فأجابَه ربُّه:  (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) [القمر: 11- 14]، فأغرقَ الله المُكذِّبين عن آخرهم، وجعل ذرِّيَّته هم الباقين.

ومثلُ ذلك: نصرُ أنبياء الله: هودٍ، وصالحٍ، ولوطٍ، وشُعيبٍ - عليهم الصلاة والسلام -، (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].

ومن مظاهر الانتِصار - عباد الله -: النصرُ بالانتِقام من الأعداء المُكذِّبين بعد وفاة الأنبياء والدعاة المُصلِحين.. يقول الإمام الطبريُّ - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[غافر: 51]، يقول: "إما بإعلائِنا لهم على من كذَّبَنا، أو انتِقامنا في الحياة ممن كذَّبَهم بعد وفاةِ رسولِنا؛ كالذي فعَلنا بقتَلَة يحيى - عليه السلام -، من تسلِيطِنا بُختنصَّر حتى انتصَرنا من قتلِه له، وكقصَّة الغُلام وأصحابِ الأُخدود".

ومن مظاهر النصر - حفظكم الله -: النصرُ بالحُجَّة وصحَّة الدليل والبُرهان، يقول الإمامُ ابن جرير - رحمه الله - في قوله - عزَّ شأنُه -: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) [الصافات: 171]: "أي أن لهم النصر والغلَبَة بالحُجَج".

يُوضِّحُ ذلك قولُه - عزَّ شأنُه - في إبراهيم - عليه السلام -: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) [الأنعام: 83]، والرفعُ هو الانتِصار.

وقولُه - جل وعلا -:  (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [البقرة: 258]، والبَهتُ هو الهزيمة، فانهزَمَ الكافرُ، وانتصَرَ نبيُّ الله إبراهيمُ - عليه السلام - بالحُجَّة.

ومن أنواع النصر العجيبة، ومظاهره الغريبة: النصرُ بالهِجرة وتحمُّل الأذى والقتل، وكم قُتِل من الأنبياء والذين يأمُرون بالقِسطِ من الناس، ومنهم من طُرِد، ومنهم من هاجَرَ، ومنهم من لم يتَّبِعه أحد، ومنهم من تبِعَه الرجلُ والرجُلان، (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا) [التوبة: 52]، (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) [آل عمران: 195]، (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [النساء: 100].

فيحصُلُ بالهجرة والأذى والطرد، إما الشهادة، وإما ظُهورُ الدين؛ فالهِجرةُ والسحنُ والتعذيبُ، وأنواعُ الابتِلاء، كلُّها معالِمُ نصرٍ في علوِّ الذكر، وزيادة الأتبَاع، وكفِّ الأعداء، (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[المنافقون: 8].

ولا ينبغي الغفلةُ عما تمتلِئُ به نفوسُ الأعداء من الغيظ والألَم النفسِيِّ العظيم، وقد قال - عز وجل -: (وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) [آل عمران: 119]،  (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا) [الأحزاب: 25]،  (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا)[النساء: 100].

ومن أبلغ البيان في ذلك: قولُ الله - عز وجل - في هِجرة نبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:  (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 40]، وأعلنَها إبراهيمُ - عليه السلام -: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [العنكبوت: 26].

ويقول شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "ماذا ينقِمُ أعدائِي منِّي؟! جنَّتي وبُستاني في صدري، وقتلِي شهادة، ونفيِي سياحة، وسجنِي خلوَة".. وهنا يُدرِكُ أهلُ الحق - بل أهلُ العقل - من هو المُنتصِر، ومن هو المهزوم؟!

معاشر المسلمين .. حُجَّاج بيت الله: ومن مظاهر النصر وصور الانتِصار: الثبات، والصبرُ على المُخالِف، واحتِسابُ الأجر، وعِظمُ البلاء، وهل أعظمُ نصرًا وأحسنُ توفيقًا من أن يُسدِّدَ الله عبدَه ليعلُو على شهواته، ويجتازَ العقَبَات بشجاعةٍ وثباتٍ؟!

إنه انتِصارُ الباطن الذي يعقُبُه انتِصارُ الظاهر، ولقد قال الله لنبيِّه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:  (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)[الإسراء: 74].. وكم ثبتَ - عليه الصلاة والسلام - أمام ما تعرِضُه قُريش من المُلك والمال والجاه العريض!!

وتأمَّلوا في ثبات أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - يوم الوفاة، ويوم الرِّدَّة، وفي قتال مانِعِي الزكاة. وثبات الإمام أحمد - رحمه الله - في الفتنة والمِحنَة، وكم أعقبَ ذلك من نصرٍ وعزٍّ.

حُجَّاج بيت الله .. معاشر أهل الإسلام: ولو تأمَّل المُتأمِّل هذه المظاهر والأنواع من النصر والانتِصار ومظاهره، لعلِمَ سعةَ فضل الله وحِكمته، وقد تجتمعُ هذه الأنواعُ لبعضِ عبادِه،
كما اجتمعَت لنبيِّنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد انتصرَ بظهور الدين وتمامه وكماله، وهلاك المُكذِّبين، وانتصرَ بالهِجرة والبُرهان والحُجَّة، وحفِظَه الله من أعدائِه. ومثلُه موسى -عليه السلام-.

أما إبراهيم - عليه السلام -، فقد انتصرَ بالحُجَّة والهِجرة. ونوحٌ، وهودٌ، وصالحٌ، ولوطٌ، وشُعيبٌ - عليهم السلام - فانتصَروا بالصبر والثبات وهلاكِ أعدائِهم، ونجاتهم ومن معهم، أما المُؤمنون معهم فقليل.

معاشر المسلمين: إن مسؤوليَّة المسلم أن يتأكَّد أنه سائرٌ على الجادَّة، وعلى نهج المُصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي دلَّ عليه بقولِه: «من كان على مثلِ ما أنا عليه وأصحابِي»، وقولِه - عليه الصلاة والسلام -: «عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعدِي، عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدثات الأمور».

وبعد، حفظكم الله: فالأمرُ لله من قبلُ ومن بعد، ولسنا سوى عبيدِه - سبحانه -، نتقرَّبُ إلى الله بعبادتِه وخدمتِه، والزُّلفَى لديه مؤمنين مُوقِنين بأن الأمرَ كلَّه لله، يخفِضُ ويرفع، ويُعطِي ويمنَع، ويُعزُّ من يشاء، ويُذلُّ من يشاء، وينصُرُ من يشاء، وهو المُقدِّمُ والمُؤخِّرُ، لا إله إلا هو.

وإذا فقِه المسلمُ ذلك فإنه لن يستَكينَ أمام ضغوطِ الظالِمين، ومُساوماتهم، واستِعجال الأتباع وعدم صبرِهم، سعيًا للحصول على بعضِ المكاسِب، وهي ليست مكاسِب ولكنها أشبه بمُسكِّنات. ناهِيكم بما قد يُبتلَى به من بعضِ التنازُلات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:  (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 32، 33].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأقولُ قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه على الدوام، وأشكرُه على مزيد الفضل والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُبلِّغ دارَ السلام، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه سيِّدُ الأنام، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِه السادة الكرام، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم القيام.

أما بعد، أيها المسلمون: إن الانتِصار هو انتِصارُ الدين، وليس انتِصار الأشخاص، انتِصارُ المبادئ والقِيَم والعقائِد الحقَّة، والحقائق الناصِعة .. انتِصارُ الإسلام في ظهور شعائِره؛ من توحيد الله وعبادته، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وعمارة المساجِد، ومظاهر الإحسان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر، وعمارة الحرمين الشريفين بالحُجَّاج والعُمَّار والزوَّار والطائفين والقائمين والرُّكَّع السجُود.

أما تخلُّف السلطان المادي والقوة المادية عن أهل الحق، فلا يعنِي الهزيمةَ والضعفَ، ولا عدمَ الظهور؛ بل الظهورُ والغلَبَة والانتِصار هو للقضايا والمبادئ، وللصابرين وللشهداء.

والمُؤمنون مُؤتمَنون على دين الله وشرعِه. اسمَعوا ما قالَه أحدُ زعماء أكبر دولةٍ في العالم وأقواها، يقول: "الإسلامُ عقيدةٌ قوية، والعلمانية الغربية لا تستطيعُ أن تغلِبَه، وكذلك العلمانية في العالم الإسلامي، العاملُ الحاسِم هو قوة الأفكار العظيمة التي يحمِلُها الإسلام".

معاشر المسلمين: دينُكم هو أسرعُ الأديان انتِشارًا، على الرغم من الجهود الجبَّارة التي تُبذَل لإعاقة انتِشاره، والجهود الإعلامية الخارِقة التي تُبذَل للتنفير منه وتشويهِه.

إن طريقَ الإسلام إلى القلوب والعقول مفتوح، وعصرُكم هو عصرُ الاتصالات والمعلومات. فاستبشِروا وأبشِروا، وأرُوا اللهَ من أنفُسِكم خيرًا، فبهذا تُعقَدُ ألويةُ النصر وموعود الحق، والعزَّةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، ولكنَّ المنافقين لا يعلمون.

وبعد، حفظكم الله: ومع كل هذه البشائِر والحقائق، فلا ينبغي إغفالُ موانِع النصر؛ من الظلم، والمعاصِي، والرُّكون إلى الكفار والذين ظلَموا، والغفلة عن الأولويات.

فأولُ الأولويات: توحيدُ الله وتحقيقُ مُقتضياتِه، والبُعد عن التحزُّب، وتفريق المؤمنين، وتنافُر القلوب، والاستِعجال.

ودينُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - هو الدينُ الخاتم المحفوظ المُنتصِر، الذي لن تستطيع قوةٌ في الأرض أن تنالَ منه، وفيه خبرُ الصادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام -: «لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي قائمةٌ بأمر الله، لا يضُرُّهم من خذلَهم أو خالفَهم حتى يأتي أمرُ الله» (متفق عليه).

وقولُه - عز وجل - في سورة الصف:  (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8]، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].

هذا، وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم في مُحكم تنزيلِه، فقال - وهو الصادقُ في قِيله - قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذُل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملَّة والدين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافَك واتَّقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعِزَّ به دينَك، وأعلِ به كلمتَك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحةِ والعافيةِ، ومُدَّ في عُمره على طاعتك، ووفِّقه ونائِبَيْه وإخوانَه وأعوانَه لما تُحبُّ وترضى، وخُذ بنواصِيهم للبرِّ والتقوى.

اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنَّة نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتَهم على الحق والهُدى والسنة يا رب العالمين.

اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءَهم، واجمع على الحق والهدى والسنة كلمتَهم، وولِّ عليهم خيارَهم، واكفِهم أشرارَهم، وابسُط الأمن والعدل والرخاء في ديارِهم، وأعِذهم من الشُّرور والفتن ما ظهر منها وما بطَن.

اللهم من أرادَنا وأرادَ دينَنا وديارَنا وأمَّتَنا وأمنَنا ووُلاةَ أمرنا وعلماءَنا وأهلَ الفضل والصلاح والاحتِساب منَّا، ورِجالَ أمننا، ووحدَتنا واجتماعَ كلمتنا بسوءٍ اللهم فأشغِله بنفسِه، اللهم فأشغِله بنفسِه، واجعَل كيدَه في نحرِه، واجعَل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب العالمين.

اللهم وأبرِم لأمةِ الإسلام أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطاعة، ويُهدَى فيه أهلُ المعصية، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قديرٌ.

اللهم يا وليَّ المؤمنين، ويا ناصِر المُستضعَفين، ويا غياثَ المُستغيثين، يا عظيمَ الرجاء، ويا ناصِر الضعفاء، اللهم إن لنا إخوانًا مُستضعَفين ومظلومين في فلسطين، وفي سوريا، وفي بورما، وفي أفريقيا الوسطى، اللهم وقد مسَّهم الضرُّ، وحلَّ بهم الكرب، واشتدَّ عليهم الأمر، تعرَّضوا للظلم والطُّغيان والتشريد والحصار، سُفِكَت دماؤُهم، وقُتِل أبرياؤُهم، ورُمِّلَت نساؤُهم، ويُتِّم أطفالُهم، وهُدِّمت مساكنُهم ومرافقُهم.

اللهم يا ناصِر المُستضعَفين، ويا مُجيرَ المؤمنين انتصِر لهم، وتولَّ أمرهم، واكشِف كربَهم، وارفع ضرَّهم، وعجِّل فرَجَهم، وألِّف بين قلوبِهم، واجمع كلمتَهم، اللهم مُدَّهم بمددِك، وأيِّدهم بجُندك، وانصُرهم بنصرِك، اللهم إنا نسألُك لهم نصرًا مُؤزَّرًا، وفرَجًا ورحمةً وثباتًا، اللهم سدِّد رأيَهم، وصوِّب رميَهم، وقوِّ عزائِمَهم.

اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، اللهم عليك بالطُّغاة الظالمين، ومن شايعَهم، ومن أعانَهم، اللهم فرِّق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، ومزِّقهم كل مُمزَّق، اللهم اجعل تدميرَهم في تدبيرِهم، وانصُر إخوانَنا على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين.

اللهم عليك باليهود الغاصِبين المُحتلِّين، فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم أنزِل بهم بأسَك الذي لا يُردُّ عن القومِ المُجرمِين، اللهم إنا ندرأُ بك في نُحورِهم، ونعوذُ بك من شُرورهم.

اللهم عليك بمن سلَكَ مسالِك الإرهاب، اللهم عليك بمن سلَكَ مسالِك الإرهاب، يُقتِّلون أهل الإسلام، ويُفرِّقون جمعَهم، ويعيثُون فسادًا في ديارهم، ويفتَحون أبوابَ الشرور عليهم، ويُمكِّنون لأعدائِهم، اللهم إنا ندرأُ بك في نحورهم، ونعوذُ بك من شُرورهم، اللهم واجعل تدميرَهم في تدبيرهم.

اللهم تقبَّل من الحُجَّاج حجَّهم، اللهم تقبَّل من الحُجَّاج حجَّهم، ويسِّر لهم أمورهم، اللهم وفِّقهم لحجٍّ مبرور، وسعيٍ مشكور، وتجارةٍ لن تبُور، اللهم أعِدهم إلى ديارِهم وأهلِيهم مغفورةً ذنوبُهم، محطوطةً أوزارُهم، سالِمين غانِمين يا رب العالمين. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23]،  (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

سبحان ربِّك ربِّ العزَّة عما يصِفون، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.