المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد الخليفي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - |
إنكم بين عام راحل لا تدرون بما رحل عنكم ومضى، ولا تدرون أحصلتم فيه على غضب من الله أو على رضى. وبين عام قابل لا تعلمون ما أبرم فيه من القضاء، ولا تعلمون أفي الأجل فسحة أم قد بعد وانقضى. وأنكم على يقين من سيئات أعمال هي عليكم معدودة، وفي شك من صالحات...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل في اختلاف الليل والنهار تبصره لأول الألباب وذكرا، وجعل هذه الدار مجازا تفضي بمن عليها إلى دار القرار، ويسر من شاء من عباده لليسرى، وجنبه العسرى، أحمده تعالى على سوابغ نعمه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته الأتقياء.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وقوا أنفسكم وأهليكم نارا لا يصلاها إلا الأشقى.
واعلموا: أن في اختلاف الليل والنهار لعبرة، وإن في دوران الأزمان لما يوقظ نائم الفكر، وأن فوات الأيام لحسرة لا توازيها حسرة، عشية تروح، وتأتي بكرة، وزمرة من الأيام تنقضي، وتتخلف زمرة، فاعتبروا يا أولى الألباب، وتدبروا زواجر الكتاب.
واحرصوا -رحمكم الله- على نفائس أعماركم، كي لا تذهب سدى، واحذروا أن تضيعوها فيما لا ينفع، فكيف فيما يضر أبدا.
واعلموا: أن الله سائلكم عنها غدا، وقد أحاط الله بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا.
فالبدار البدار إليه تعالى متابا، فقد رأيتم الأيام ما أسرعها ذهابا.
أما تنظرون إلى هذا العام تصرم كساعة من نهار، وتصرمت أيامه ولياليه بشطر من الأعمار.
لقد حفظ ما استودعتموه في الصباح والمساء، وصار شاهد عدل لمن أحسن منكم، وعلى من أساء.
فالفوز لمن أودعه صالحا من العمل، والخيبة كل الخيبة لمن انسلخ عنه وهو حليف الزلل.
فتداركوا ما فرطتم فيه بصدق المتاب، وسارعوا إلى طاعة ربكم، مسارعة الحريص على نيل الثواب.
واعلموا أنكم قد استقبلتم عاما جديدا، وشهرا محرما أكيدا، قد خص في اليوم العاشر بالأجر الجزيل، فقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
فاستقبلوا عامكم بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وتوبوا إلى ربكم ما دام العذر ينفع.
إلا وإنكم بين عام راحل لا تدرون بما رحل عنكم ومضى، ولا تدرون أحصلتم فيه على غضب من الله أو على رضى.
وبين عام قابل لا تعلمون ما أبرم فيه من القضاء، ولا تعلمون أفي الأجل فسحة أم قد بعد وانقضى.
وأنكم على يقين من سيئات أعمال هي عليكم معدودة، وفي شك من صالحات أعمال مقبولة هي أم مرودة.
فعليكم بالإحسان، فإن الله يحب المحسنين، ولا تقنطوا من رحمة الله فإنه أرحم الراحمين، وادعوه فإنه يحب الداعين، واستغفروه يمددكم بأموال وبنين.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[التوبة:36].