البحث

عبارات مقترحة:

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

أسباب الطلاق

العربية

المؤلف أحمد الحاج
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. معنى الطلاق .
  2. حُكمة .
  3. ظاهرة انتشاره .
  4. آثار هذه الظاهرة .
  5. أسباب وقوع الطلاق .
  6. تحجيم توجيهات الإسلام لأسباب الطلاق .
  7. بعض واجبات الرجال للمحافظة على الأسرة .
  8. حرمة طلب المرأة للطلاق بغير سبب .

اقتباس

الظواهر السلبية في مجتمعنا ومجتمعات المسلمين عموماً كثيرة، والمشكلات الاجتماعية كثيرة، من هذه المشكلات التي تظهر وتنتشر في مجتمعنا ومجتمعات المسلمين ظاهرة ومشكلة الطلاق.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].

ثم أما بعد، عباد الله: الظواهر السلبية في مجتمعنا ومجتمعات المسلمين عموماً كثيرة، والمشكلات الاجتماعية كثيرة، من هذه المشكلات التي تظهر وتنتشر في مجتمعنا ومجتمعات المسلمين ظاهرة ومشكلة الطلاق.

هذه الظاهرة، تفشّت وانتشرت في مجتمعاتنا مما أدّى إلى خلل اجتماعي، وإلى اضطراب أسريّ، ففسدت العائلات والأسر، وتفتتت وتفككت نتيجة لهذا الداء، ونتيجة لهذه الظاهرة السلبية، ونتيجة لهذه المشكلة الاجتماعية.

لذلك؛ سنخصص الحديث اليوم -إن شاء الله تعالى- عن هذه المشكلة لنتعرّف على بعض المسائل المهمة التي ينبغي علينا أن نقف عندها، وأن نتعرّف عليها.

الطلاق أصله في اللغة بمعنى الترك والتخلّي، يُقال: أطلق الشيء إذا خلّى سبيله. أما في الشرع، فيراد به: حلّ عقدة النكاح، أي قطع العلاقة بين الرجل وزوجته، هذه العلاقة التي كانت مباحة بموجب عقد الزواج، فإذا ما حصل الطلاق انحلّت هذه العقدة، وحلّ عقد الزواج، فصارت المرأة حراماً على زوجها.

الطلاق حكمه في الإسلام أنه مباح في الأصل إذا احتاج الإنسان إليه، وقد يكون مستحبّاً إذا اقتضت الضرورة ذلك، ويكون مكروهاً إذا كان من دون سبب.

إن الإسلام يتميّز في هذا الباب عن غيره من القوانين التي تُحرّم الطلاق تحريماً مطلقاً، أو تُقيّده بقيود قاسية تُوقع أحد الزوجين في الضرر؛ أما الإسلام فقد شرع الطلاق وأباحه، ولكن بضوابطه الشرعية، حتى يكون حلاًّ لبعض المشكلات المستعصية، حتى يرفع الضرر عن المتضررين؛ لأن هذا الأمر يكون حلاًّ، خصوصاً إذا وقع التنافر بين الزوجين، ووصل الأمر إلى درجة ما عادت الحياة بينهما ممكنة، وما عادت الحياة تُطاق بينهما.

من خلال حلّ المشكلات الاجتماعية المنتشرة، ومن خلال الاطلاع على ما يدور في المحاكم الشرعية بطبيعة عملنا، لاحظت ولاحظ غيري، كما لاحظ غيري في البلاد العربية والإسلامية، لاحظنا جميعاً ظهور وانتشار هذه الظاهرة، ألا وهي ظاهرة الطلاق، فما هي أسباب هذا الطلاق؟ وما هي أسباب كثرته؟ وما أسباب انتشاره؟.

يمكن لنا أن نلخّص الأسباب في عدد من النقاط الموجزة، فنقول مستعينين بالله:

أول هذه النقاط: البعد عن الدين وأحكام الدين، إنها قلّة الدين، عدم تقوى الله، اتّباع الأهواء، إذا ما وقع أدنى خلاف بين الزوجين؛ فما الذي يُحكّم في هذا الخلاف؟ هل يُحكّم شرع الله؟ أم تُحكّم العادات البالية والتقاليد الجاهلية التي لا يقبلها شرع ولا عقل ولا خُلُق على إطلاقها؟ أو يُحكّم الهوى والعصبية الجاهلية التي تتحكّم بفريق من الناس؟ من أجل ذلك نجد أن أدنى المشاكل وأن أتفه المشكلات تصل بنا مباشرة إلى الطلاق.

ومن أسباب هذا الطلاق: سوء الاختيار عند الزواج، الشاب يرى في الطريق فتاة قد لُوّنت بأصباغ وألوان مختلفة فيعجب بجمالها، والفتاة ترى شاباً وسيماً... فتتسارع الخطوات، ويقع الإعجاب، حتى يصل الأمر إلى الزواج المتسرّع، وما هي إلاّ أيام حتى تنكشف الأمور وتظهر المفاجآت، فإذا به يُبغضها، وإذا بها تكرهه.

الشاب اليوم إذا فتّش عن الزواج فتّش عن الموظفة، عن الفتاة العاملة، عن ذات الراتب في آخر الشهر؛ والفتاة إذا فتّشت عن زوج فإنها تبحث عن فارس أحلام يأتيها على فرس أبيض يحملها ويطير بها، اختلت القواعد الأساسية في اختيار الزوج والزوجة.

لقد وجّهنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أسس هذا الاختيار، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي وغيره.

لهذا؛ لمّا بحث الناس عن المال، وبحث الناس عن الدنيا، ولم يبحثوا عن الدين وعن الخلق في الزوج؛ وقعت الفتنة، ومن هذه الفتنة ظهور وانتشار هذا الطلاق من غير أسبابه ومن غير دواعيه.

لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تُنكح المرأة لأربع"، غايات الناس في الزواج في واحد من أربع، "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.

 لذلك؛ حُسن الاختيار هو نعمة من الله -تبارك وتعالى-، وهو أدعى إلى حياة زوجية سعيدة مستمرة، بعيدة عن الوصول إلى هذا الطلاق.

ومن أسباب هذا الطلاق: السّحر والشّعودة والحُجُب والتمائم التي يفعلها بعض الناس من أجل جلب المحبّة، أو من أجل التفريق بين الرجل وزوجته، فكل هذا يؤدّي إلى هذا الطلاق بإذن الله -تبارك وتعالى-: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) [البقرة:102].

إنه السحر والشعودة والحُجُب والتمائم التي يسعى الرجال اليوم قبل النساء للذهاب إلى السحرة والمشعوذين من أجل المحبة، من أجل الربط بين اثنين، من أجل التفريق بين اثنين، ليكون النصيب لفلان دون فلان.

ومن أسباب ظهور وانتشار الطلاق: الخلافات العائلية بين أهل الزوجين، قد تكون حياة الزوجين سعيدة، لكن بعيداً عن خلافات الأهل، فتأتي الإشكالات التي تقع بين الأهل وتستمر وتنعكس سلباً حتى تصل إلى الزوجين، عند ذاك يكون الزوجان ضحية لهذه المشكلات، فيصل الأمر أمام إلحاح الأهل، أهل الزوجين أو أحد الطرفين، فيصل الأمر إلى الطلاق وإلى خراب البيت، وإلى فساد الأسرة.

ومن أسباب انتشار هذا الطلاق: اللّعب، واللّهو، والمزاح، وكثرة أيمان الطلاق عند الناس؛ أصبحت كلمة الطلاق سهلة هينة لينة، يمزح الرجل مع زوجته فيقول لها: أنتِ طالق، إذا حلف الرجل قال: عليّ الطلاق، إذا مزح وسهر ولعب جعل الطلاق في كل أمر وفي كل قول من أقواله، إن هذا نوع من أنواع السخرية والاستهزاء بشرع الله -تبارك وتعالى-: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) [التوبة:65].

لهذا؛ قال -سبحانه- في سياق آية تتحدّث عن الطلاق: (وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً) [البقرة:231]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث جدهنَّ جدّ وهزلهنَّ جدّ: النكاح، والطلاق، والرجعة" رواه الترمذي وغيره.

فهذه أمور لا مزاح فيها، فالنكاح هو استحلال للمرأة بكلمة الله، والطلاق هو انقطاع العلاقة بكلمة، فالزواج بكلمة، والطلاق بكلمة، لذلك لا مجال للمزاح في هذه الكلمات، ولا اللعب بهذه الألفاظ.

إذاً؛ هذه بعض الظواهر والأسباب التي ظهرت وانتشرت في مجتمعات المسلمين مما أدى إلى كثرة وانتشار هذا الطلاق.

سؤال يُطرح: هل كل مشكلة بين الزوجين تؤدّي إلى الطلاق؟ إذا حصل إشكال بين الزوجين هل يكون سبباً لطلب المرأة الطلاق؟ أو لسعي الرجل إلى الطلاق؟ أو يكون سبباً مباشراً إلى الطلاق؟.

لقد بيّن الله -تبارك وتعالى- جواب هذا السؤال فقال -سبحانه-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:34-35].

إن خاف الرجل من زوجته نشوزاً أو إعراضاً، فما هي الخطوات التي ينبغي أن يتبعها الإنسان؟ وجّهنا الله -تبارك وتعالى- إلى ثلاث خطوات أساسية:

الخطوة الأولى هي العظة والتذكير: (فَعِظُوهُنَّ)، إنه وعظ النساء، وتذكيرهنّ بحقّ الله عليهنّ ثمّ بحقّ الزوج على زوجته، وكان هذا لأن السبب الأصلي قد يكون غالباً في تصرفات المرأة وفي إشكالاتها ومخالفاتها، ولكن هذا لا يعني أن يُعفى الرجل من مسؤوليته أو من أخطائه أو من إشكالياته.

إذاً؛ إنه -أوّلاً- التذكير للمرأة بحقّ زوجها عليها، التذكير بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه. التذكير بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمرا أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده! لا تؤدّي المرأة حقّ ربّها حتى تؤدّيَ حقّ زوجها" رواه أحمد. التذكير بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة" رواه أحمد.

إن المرأة على خير عظيم إذا ما أدّت حق الله -تبارك وتعالى- ثم أدّت حقّ زوجها، فهذا يؤدّي إلى سعادتها في دينها وفي دنياها.

فإن لم يُفلح هذا التذكير عند ذاك ينتقل الإنسان إلى مرحلة أخرى ألا وهي الهجران: (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)، إنه هجر المرأة في الفراش وترك جماعها، وأن ينام في فراشها فيوليها ظهره، هذا هو الهجران الشرعي الذي أمر الله به، ووجّهنا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الهجران هو علاقة خاصة بين الرجل وزوجته، ينبغي أن لا يظهر إلى العلن، وينبغي أن لا يعلم به أحد، وينبغي أن يكون الهجران في البيت.

أما ما يفعله الناس: إذا غضب من زوجته طردها من البيت، وأرسلها إلى بيت أهلها مما يزيد الأمور تعقيداً، عند ذاك لا يمكن حلّ الإشكال، ويصل الناس إلى الطلاق، إذاً؛ الهجران إنما يكون في البيت، لهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "حقّ المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبّح، ولا يهجر إلاَّ في البيت" رواه الحاكم.

(فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ). فإن لم يُجْدِ ذلك توجّه إلى وسيلة ثالثة ألا وهي: الضرب (وَاضْرِبُوهُنَّ)، وقد فسّر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بأنه ضرب غير مبرِّح، أي: غير موجع وغير مؤلم وغير كاسر، إنما هو أمر نفسي معنوي فيه تأثير على المرأة، أَما أن يضربها فيكسر عظمها أو يجرح لحمها فهذا ليس من الدين، وليس من الأخلاق في شيء، إنما هو من الوحشية ومن الإجرام الذي ينبغي على الإنسان أن يحذر منه.

(فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)، فإذا حصلت الطاعة وتمّ التوفيق بين الرجل وزوجته فهذا ما يطلبه الإنسان، فإن لم تُجدِ هذه الأمور الثلاثة عند ذاك يلجأ الزوج إلى الحكَمَيْن، إنه اختيار حكمين رجلين صالحين فاضلين، يكون رجل من أهل الزوج، ورجل من أهل الزوجة، فيجلسان ويستمعان ويُذللان المصاعب، ويقرّبان وجهات النظر حتى يصلا إلى حلّ يرضي الله -تبارك وتعالى-، ثم يرضي عباد الله.

والأصل في الحكمين إخلاص النية، (إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا)، فإن كان الحكمان صادقين في جهدهما وفّقهما الله وأصلح بين الزوجين على يديهما.

إنهما الحكمان اللذان ينظران في الأمور ثم يقرّران، يقرران الصلح أو قد يقررا ذلك الأمر الذي لا بد منه ألا وهو الطلاق، عند ذاك يحكمان به، ويسعيان به، لأنه هو الحلّ الأخير في هذا الباب، ولا مناص من هذا الحكم.

أمر آخر ينبغي أن نتوقف عنده في هذا الباب، ألا وهو عدم مضارّة النساء، أن لا يستغل الرجل قوامته على المرأة فيقول: الله -تعالى- يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء)، فلا بدّ من تحطيم رأس هذه المرأة.

المرأة في البيت ليست دابة، وليست حيواناً للركوب، إنما هي إنسان له قيمته، إنسان لها قيمة، ولها وزن، هي نصفك الآخر الذي تتم به حياتك، لذلك؛ مكارهة الزوجة، الإضرار بالزوجة هذا من الأمور التي لا تليق بالإنسان المسلم، ولا تحلّ له على الإطلاق.

إن العلاقة الزوجية قائمة على أساس حُسن العشرة: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء:19].

لذلك؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفركن -أي: لا يُبغض- مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقاً رضي منها غيره" رواه مسلم. قد تُخطيء المرأة، قد لا يُعجبك شيء منها، ولكن هناك أمورا إيجابية كثيرة عندها، فَلِمَ ننظر إلى الصفحة السوداء؟! ولِمَ ننظر إلى الخطأ دون أن ننظر إلى كل الإيجابيات الأخرى؟!.

لذلك؛ العشرة بين الزوجين تقوم على الإحسان: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229]. هذه هي القاعدة، أما إيقاع الضرر بها، والمكارهة لها لتكره كي تطلب الطلاق وتُسامح بحقّها، حتى لا يدفع الرجل لها حقها في مهرها أو غير ذلك، فهذا من المضارة التي نهى الله -تبارك وتعالى- عنها فقال: (وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) [الطلاق:6].

لقد نهى الله -تبارك وتعالى- عن أخذ شيء من حقوق المرأة، فقال -سبحانه-: (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) [النساء:20]. إنه مال حرام يأكله فريق من الناس، يلجئ زوجته إلجاءً إلى أن تطلب الطلاق لتسامح بحقها، حتى لا يعطيها هذا الحقّ.

في مقابل هذا الأمر أمر أخير ألا وهو حرمة طلب المرأة الطلاق من دون سبب، لا يحلّ للمرأة أيضاً أن تطلب الطلاق من دون سبب، إذا اختلفت مع زوجها طلبت الطلاق، وإن لم يُلبِّ رغبتها طلبت الطلاق، وهكذا.

لقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذا الأمر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه الترمذي وغيره. إذا طلبت المرأة الطلاق دون سبب وجيه، دون حقّ شرعي في هذا الأمر قال: فحرام عليها الجنة.

الحياة الزوجية حياة متكاملة، ينبغي أن تقوم على الأسس الشرعية التي شرعها الله -تبارك وتعالى-، حتى لا يصل الإنسان إلى المحظور، ألا وهو الوقوع في الطلاق.

ينبغي أن نفهم شرعنا، وأن نعلم أحكام ديننا، حتى نعيش في بيوتنا وفي مجتمعاتنا سعداء وفي هناء إن شاء الله -تبارك وتعالى-.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.