البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

قلوب تسكنها الرحمة

العربية

المؤلف حسان أحمد العماري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. لماذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث أصحابه عن رحمة الله تعالى؟ .
  2. سعة رحمة الله تبارك وتعالى .
  3. المؤمن بين رجاء رحمة الله والخوف من عقابه .
  4. بعض صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم .
  5. كيف يكون المسلم رحيمًا؟ .
  6. قصة عمر مع العجوز وأطفالها .
  7. أولى الناس بالرحمة .
  8. طرق غرس خُلق الرحمة في القلوب   .
  9. التحذير من قسوة القلوب. .

اقتباس

إنها قلوب تسكنها الرحمة، ويعشش فيها الحب، ويتربع فيها الإيمان والخوف من الله؛ فرفع الله مكانتها في الدنيا والآخرة.. والمسلم يجب أن يكون أبعد ما يكون عن القسوة، فليس من أخلاقه أن يرى الجوعى ولا يطعمهم مع قدرته، أو يرى الملهوف ولا يغيثه وهو قادر، أو يرى اليتيم ولا يعطف عليه، ولا يدخل السرور على نفسه؛ لأنه يعلم أن مَن يتصف بذلك شقي ومحروم.. فما أحوجنا إلى الرحمة والتراحم فيما بيننا، ونبذ العنف، وترك العصبية، وتقديم النفع، وبذل المعروف، ومراقبة الله في أعمالنا حتى ننال رحمة الله في الدنيا والآخرة، وحتى نبني مجتمعاتنا، وتزدهر أوطاننا...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أكرم جباهنا بالسجود لعظمته، ونوّر قلوبنا بالإيمان به وبمعرفته وطاعته، وطيّب نفوسنا بالرضا بقدره والتسليم لحكمته، وحبانا من الخيرات والنعم، ونشر في الآفاق عدله وفضله ورحمته..

تأمل في نبات الأرض وانظر

إلى آثار ما صنع المليكُ

عيون من لجينٍ شاخصاتٌ

بأحداقٍ هي الذهب السبيكُ

على قضب الزُبرجد شاهداتٌ

بأن الله ليس له شريكُ

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد بأسمائه وصفاته وإلوهيته وربوبيته؛ شهادة نرجو بها نيل مرضاته والنظر  إلى وجهه والفوز بالدرجات العلا من جنته، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله شهادةُ مصدقٍ به متبعٍ لسنته راجياً شربًة هنيةً من حوضه ودخولا في شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن سلك سبيلهم واتبع نهجهم وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد: عباد الله: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثيراً ما يحدّث أصحابه عن رحمة ربه، وعن مظاهرها التي تتجلى في هذا الكون الفسيح؛ وذلك حتى يهذّب نفوسهم ويزكيها ويدعوهم إلى الأمل والتفاؤل، وحسن الظن بخالقهم -سبحانه وتعالى-، وحتى يحسنوا العمل ويتراحموا فيما بينهم.

وكان يستغل الأحداث والمواقف ليذكرهم بها، فقد قدِم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبي فإذا امرأة من السبي إذ وجدت صبيًّا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار"؟ قلنا: لا والله ! وهى تقدر على أن لا تطرحه .. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها". (رواه البخاري ومسلم).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة في الأرض، فبها يتراحم الخلق، حتى إن الفرس لترفع حافرها، والناقة لترفع خفها مخافة أن تصيب ولدها، وأمسك تسعة وتسعين رحمة عنده ليوم القيامة" (رواه البخاري).

 قال تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر: 7]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي" (رواه البخاري ومسلم)..

ورحمته –تعالى- هي التي تُدخل عباده المؤمنين الجنةَ يوم القيامة، ولن يدخل أحدٌ الجنةَ بعمله كما قال عليه الصلاة والسلام: "لن يُدخل أحداً عمله الجنة". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، .." (رواه البخاري: 5349) ..

وعلى المؤمن أن يبقى بين رجاء رحمة الله والخوف من عقابه، فهو القائل سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53] ..

 وكان من رحمة الله بنا أن أرسل إلينا محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة مهداة ونعمة مسداة وسراجاً منيراً وبشيراً ونذيراً؛ هدى الله به من الضلالة، وبصَّر به من العمى، ورحم به البشرية جمعاً قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107]. وقال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران: 159].

وكان من رحمته إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ، أسرع في أدائها وخفّفها، فعن أبي قتادة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوّز في صلاتي، كراهيةَ أن أشقّ على أمّه" (رواه البخاري ومسلم).

ورخَّص للمسن أن يرسل من يحج عنه، إن لم يستطع أن يمتطي وسيلة النقل؛ فعَنْ الْفَضْلِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ لها النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "فَحُجِّي عَنْهُ" (صحيح مسلم : 2376)، وشملت رحمته -صلى الله عليه وسلم- الرجل والمرأة واليتيم والمسكين والأرملة والأسير والخادم والعامل والفقير المحتاج والمريض..

أيها المؤمنون/عباد الله: لقد تعدت رحمته -صلى الله عليه وسلم- إلى البهائم التي لا تعقل، فكان يحثّ الناس على الرفق بها، وعدم تحميلها ما لا تطيق، فقد روى مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحدّ أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته"..

وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن امرأة دخلت النار من أجل قسوتها وغلظتها مع قطة، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: "دخلت امرأة النار في هرة –قطة- ربطتها، فلم تُطعمها، ولم تدعْها تأكل من خشاش الأرض" [متفق عليه].

فهذه المرأة قد انْتُزِعَت الرحمة من قلبها، فصارت شقية بتعذيبها للقطة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة.. فإذا كان هذا عقابَ مَن حبس هرة بغير ذنب، فماذا يكون عقاب الذين يحبسون عشرات الألوف من بني الإنسان بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله؟! وقال رجل: يا رسول الله، إني لأرحم الشاة أن أذبحها، وقال: "إن رحمتها رحِمك الله" (رواه أحمد: 5/ 34).

ورأى عمر رجلاً يسحب شاة برجْلها ليذبحها، فقال له: "ويلك! قُدْها إلى الموت قودًا جميلاً"، وهذه الرحمة الدافقة الشاملة أثرٌ من آثار الإيمان بالله والآخرة، ذلك الإيمان الذي يرقق بنفحاته القلوبَ الغليظة، ويلين الأفئدة القاسية.. نعم إنه حيوان لكنه يشعر بالرحمة، ويحفظ لك هذا الجميل ويفرّق بين الرحماء والأشقياء ..

يقول عالم أحياء أمريكي: إن هناك طبيبًا شاهد في طريقه كلبًا مصابًا بكسر إحدى قوائمه، فحمله إلى عيادته البيطرية، وقام بمعالجته .... وبعد أن تماثل للشفاء أطلق الطبيب سراح الكلب .. وبعد فترة من الزمن سمع الطبيب نباح كلب عند باب عيادته.. فلما فتح الباب وجد الكلب الذي عالجه ومعه كلب آخر مصاب .. فيا سبحان الله ما الذي ألهمه وعلّمه هذا؟! إنه الله جلَّ وعلا.

والمسلم يجب أن يكون أبعد ما يكون عن القسوة، فليس من أخلاقه أن يرى الجوعى ولا يطعمهم مع قدرته، أو يرى الملهوف ولا يغيثه وهو قادر، أو يرى اليتيم ولا يعطف عليه، ولا يدخل السرور على نفسه؛ لأنه يعلم أن مَن يتصف بذلك شقي ومحروم..

يقول أسلم مولى الفاروق -رحمه الله-: خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم، وإذا بنار حولها امرأة وأطفالها، فقال: يا أسلم، إني لأرى هاهنا ركبًا قصر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا امرأة معها صبيان، وقِدْر منصوبة على نار، وصبيانها يبكون من الجوع.. فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، ما لكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد.

قال: وما بال هؤلاء الصبية يبكون؟ قالت: الجوع. قال: فأي شيء في هذه القِدْر؟ قالت: ماء، أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر...

قال: رحمك الله. وما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟! قال: فأقبل عليّ، فقال: انطل بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عِدلاً من دقيق، وكبة شحم، فقال: احمله عليّ .. فقلت: أنا أحمله عنك. فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك. فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئًا، فجعل يقول لها: ذري عليّ وأنا أُحَرِّك لك، وجعل ينفخ تحت القِدْر ويحرّك الطعام حتى إذا استوى قال لها: أطعميهم، فأكلوا وشبعوا فجعلت تقول: جزاك الله خيرًا، كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين.

فيقول: قولي خيرًا، إذا جئت أمير المؤمنين، وجدتني هناك -إن شاء الله- ثم تنحى عنها ناحية، وجلس ينتظر والدموع تسيل من خديه حتى إذا رآهم ناموا انصرف وهو يحمد الله أن هيَّأ له عمل هذا الخير والمعروف ..

إنها قلوب تسكنها الرحمة، ويعشش فيها الحب، ويتربع فيها الإيمان والخوف من الله؛ فرفع الله مكانتها في الدنيا والآخرة.

عباد الله: والرحمة من كل مسلم رحمة عامة يرحم بها جميع خلق الله من حوله .. رحمة لا تقوم على القرابة والرحم والبلاد والصداقة أو القبيلة أو الحزب وحسب، ولكنها رحمة تشمل الجميع مَن تعرف ومَن لا تعرف .. ابتداءً بالوالدين قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)[الإسراء: 24] ..

وكذلك الزوجة والأولاد، والعمال والجيران، والأرحام والمحتاجين، والفقراء والأيتام، وأصحاب العاهات والمعاقين، والمرضى وكبار السن، ويرحم الحيوان والطير، ويرحم حتى الكافر المسالم والذمي المعاهد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (رواه أبو داود والترمذي).

 وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" (رواه البخاري ومسلم).

وهناك رحمة الوالي والمحافظ، والأمير والوزير، وكل ذي منصب بمن هم تحت مسئوليته من الناس، وهذا عامٌ لكل من ولي أمراً من أمور المسلمين أن يرحمهم ويرفق بهم؛ لقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ" (رواه مسلم: 3407).

وقد حذَّر الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في رسالة لولاته في جميع الأمصار، وخاطب بذلك الراعي والرعية؛ حتى لا يكون العنف هو أساس العلاقة بينهم، فقال -رضي الله تعالى عنه-: "إني والله! ما أُرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلِّموكم دينكم وسنتكم؛ فمن فُعِلَ به شيء سوى ذلك فليرفعه إليَّ؛ فوالذي نفسي بيده إذًا لأقصنِّه منه"، فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين! أرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية فأدَّب بعض رعيته أئنك لمقتصّه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده إذاً لأقصنه منه، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقص من نفسه.." (أخرجه أحمد273، وأبو داود 3933) ..

اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء .. قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

عباد الله: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على يغرس خُلق الرحمة في قلوب أصحابه وأمته وأتباعه من بعده، ويحث على ممارسته سلوكاً في الحياة، فيثمر مجتمعاً يسوده الحب والتراحم والتكافل، والتآلف والتعاون، وينزع الله بهذا الخُلق من القلوب قسوتها وغلظتها وأنانيتها التي بسببها دمرت الحياة، وظهرت العداوة والبغضاء بين الناس، وقامت الحروب والصراعات على أتفه الأسباب، وتنكَّر الإنسان لإنسانيته ولدينه وأخلاقه، فارتُكبت الكثير من الجرائم، وغاب العدل، وانتشر الظلم والعنف والقتل، وذهب المعروف، وأهملت الكثير من الواجبات، وضُيّعت الكثير من الحقوق، وقامت الحروب والصراعات بين بني الإنسان، وتحولت الحياة إلى حلبة صراع، البقاء فيها للأقوى.

 وقد حذَّر الله –تعالى- عباده المؤمنين من قسوة القلوب والاستمرار في طريق الهلاك، فقال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)[الحديد:16]..

فما أحوجنا إلى الرحمة والتراحم فيما بيننا، ونبذ العنف، وترك العصبية، وتقديم النفع، وبذل المعروف، ومراقبة الله في أعمالنا حتى ننال رحمة الله في الدنيا والآخرة، وحتى نبني مجتمعاتنا، وتزدهر أوطاننا، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وخذ بنواصينا إلى كل خير، وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء يا أرحم الراحمين.

هذا وصلوا وسلموا على نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأزواجه، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.