الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
الرفق بالحيوان.. ذلك الخُلق الحاضر الغائب في حياتنا.. حاضر في مبادئ ديننا وغائب عند بعضنا أو غير واضح عند البعض الآخر..!.. فقد أصبح الناس فيه بين طرفي نقيض.! فنرى مبالغة في القسوة من قساة الأمم يذوب لها القلب كمدًا وتتفتت منها الأكباد ألماً.. بلغوا من القسوة مداها حتى يظن من يرى فعلهم أن قلوبهم قُدِّت من الصخر أو صُبّت من حديد صلب..! فذاك موتور يلاحق كلباً ليصدمه بسيارته الفارهة، ويستمر بتعذيبه وصدمه حتى قتله..! وعديم قلب يحرق ثعلباً حياً؛ لأنه عدا على داجنه وأكله، وغيرها! .. ماذا ترك هؤلاء القساة لمصارعي الثيران من القسوة؟! وماذا أبقوا لهم من الفظاظة.!! يا الله ما أقبح أفعال الإنسان إذا تجرد من الرفق والرحمة؟!...
الخطبة الأولى:
أيها الإخوة: الرفق مبدأٌ من مبادئ الإسلام العامة في جميع شئون الحياة.. وسمةٌ تميز المسلم.. وفضيلةٌ تزين عمله.. وسببٌ من أسباب تقوية إيمانه.. فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ." (رواه البخاري).
وعند مسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ»، ومعنى "ويعطي على الرفق" أي: يثيب عليه ما لا يثيب على غيره ويتأتى به من الأغراض ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره..
وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنهُ قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
وعَنْه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنهُ قَالَ: "مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ" (رواه الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وصححه الألباني).
أيها الإخوة: هذا هو مقام الرفق في مفهوم الإسلام.. وهذه منزلته من الدين؛ خُلق مطلوب محبوب من الله فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ.. وفي كل شئون الحياة..
حديثي اليوم عن جانب واحد من الرفق.. إنه جانب الرفق بالحيوان.. نعم الرفق بالحيوان.. ذلك الخلق الحاضر الغائب في حياتنا.. حاضر في مبادئ ديننا وغائب عند بعضنا أو غير واضح عند البعض الآخر..!
وهذا الخلق يعالج جانباً مهماً في الحياة.. فقد أصبح الناس فيه بين طرفي نقيض.! فنرى مبالغة في القسوة من قساة الأمم يذوب لها القلب كمدًا وتتفتت منها الأكباد ألماً.. بلغوا من القسوة مداها حتى يظن من يرى فعلهم أن قلوبهم قُدِّت من الصخر أو صُبّت من حديد صلب..!
فذاك موتور يلاحق كلباً ليصدمه بسيارته الفارهة، ويستمر بتعذيبه وصدمه حتى قتله..! وعديم قلب يحرق ثعلباً حياً؛ لأنه عدا على داجنه وأكله، وغيرها.! احترت من أجرم؟! أأجرم الفاعل على فعلته؟! أم أجرم المصوّر على تصويره؟! والناس بكل أسف يتناقلون المشاهد المؤلمة في أجهزتهم الذكية بل منهم من يعيد نشره بكل أسف!! ماذا ترك هؤلاء القساة لمصارعي الثيران من القسوة؟! وماذا أبقوا لهم من الفظاظة.!! يا الله ما أقبح أفعال الإنسان إذا تجرد من الرفق والرحمة؟!
أيها الأحبة: نحن أمة هدانا الله للإسلام وعلينا أن نعرض شئون حياتنا على منهجه. فتعالوا لنستقي من عذب أقوال النبوة، ونستضيء من مشكاتها؛ ففيها الري والهدى والنور..
الرفق بالحيوان رحمة، والراحمون يرحمهم الرحمن.. ولقد جسّد الإسلام الرحمة بالحيوان وبناها بناء متكاملاً؛ فحث على الإحسان إلى الحيوان، وشكر من يرحمه، ونهى عن أذيته فتكامل البناء..
فجعل الإسلام الإحسانَ سبباً لمغفرة الذنوب الكبار وسبباً لدخول الجنة.. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى [التراب الندي، وقيل يعضّ الأرض] مِنْ الْعَطَشِ، فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟! قَالَ: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ [حية] أَجْرٌ". (رواه البخاري).
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا [زانية] رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا" وموقها: خفها.
وروى البخاري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ. قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ؛ فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ".
وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن أظهر الرحمة بالحيوان قولاً جميلاً فقد قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ، وَأَنَا أَرْحَمُهَا -أَوْ قَالَ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا- فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ"، "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ" (رواه أحمد وغيره وصححه الألباني عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ).
أجل إنها الرحمة التي هي أثر من رحمة الباري –سبحانه- التي أنزلها بالأرض ليتراحم بها العباد فتضيء جمالاً في طبائع الناس فتحدوهم إلى البر.. وتهب عليهم في الأزمات الخانقة ريحا طيبة ترطّب الحياة وتنعش الصدور.
أما أولئك القساة من البشر ذوي الأنفس الجافة والنزوات الفاجرة التي تتشبع بالإساءة والإيذاء فتمتد أيديهم بالأثرة المجردة والهوى الأعمى. تحركها قلوب كجلمد الصخر؛ فقد توعدوا بأليم العقاب وشنيع العذاب. ذكر وعيدَهم من لا ينطق عن الهوى في جملة من الآثار والمواقف نذكر منها..
فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى صَلاَةَ الكُسُوفِ، فَقَالَ: "دَنَتْ مِنِّي النَّارُ، حَتَّى قُلْتُ: أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا" –أي: أن المرأة في النار تخدشها الهرة-..
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-مَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ» قَالَ: فَقَالَ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ: «لاَ أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلاَ سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلاَ أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا، فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ» (رواهما البخاري).
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ، وَعَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ»، وعنه أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ» (رواهما مسلم) والوسم أثر كية.وهو كي يكوي به الحيوان ليكون علامة.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-مَا قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ؛ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ. فَلَمَّا رَأَى الجَمَلٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ؛ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ: "مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ"؟ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: "أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسعُود قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً [وهي طائر صغير كالعصفور أحمر اللون] مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ [أي: ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض] فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا.؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا".. وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: "مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟" قُلْنَا: نَحْنُ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ".. (رواهما أبو داود وصححه الألباني).
ولئن كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قد مات، فلا تصل البهيمة بالشكوى إليه أو البشر بطلب النصرة منه؛ فقد وضع للأمة دستوراً يعملون به، وربنا حي لا يموت، يرى ويسمع يقول سبحانه (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يونس:61]؛ ولكن يؤخركم إلى أجل لا ريب فيه: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة: ومن عظمته دين الإسلام وكماله أنه أذن في قتل الحيوان المؤذي، كالكلب العقور، والأفعى السام، والفأر المخرب، وما أشبه ذلك، غير أنه أمر بالإحسان في قتله، فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، [بكسر القاف وهي الهيئة والحالة]، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" (رواه مسلم).
والمعروف أن القتل يُستعمل للحيوان الذي لا يُؤكل، على خلاف الذبح الذي يستعمل للحيوان المأكول.
ولذلك لعن رسول الله من مثَّل بالحيوان، وهو قطع أطراف الحيوان أو بعضها وهي حية. أو اتخاذه غرضاً للرمي دون قتله، واللعن من دلائل التحريم كما لا يخفى، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَمَرُّوا بِفِتْيَةٍ، أَوْ بِنَفَرٍ، نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: "مَنْ فَعَلَ هَذَا؟" إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا" ، وعَنْه: "لَعَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ مَثَّلَ بِالحَيَوَانِ" (رواه البخاري).
من الفنون الشنيعة التي تشيع هنا وهناك ما لا تتم إلا بتعذيب الحيوان بإغراء بعضه على بعض وتهييجه، كمصارعة الثيران، ومصارعة الديكة، والكباش ونحو ذلك، أو نصبه غرضًا للرماية والصيد، أو قتله بدون فائدة ولا منفعة، أو إرهاقه بالعمل الشاق، وقد اعتبرت الشريعة الإسلامية ذلك من الفعل المحرم الذي يستحق العقوبة. فقد روي عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التحريش بين البهائم" (رواه أبو داود والترمذي متصلاً ومرسلاً عن مجاهد، وقال في المرسل: هو أصح).
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا ويجعلنا هداه مهتدين...