البحث

عبارات مقترحة:

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

درس للوالدين من قصة لقمان

العربية

المؤلف طارق حاجي عطاء أحمد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. خبر لقمان مع ابنه   .
  2. قضية القرب من الأبناء ووعظهم   .
  3. حال الأبناء في الإجازة   .
  4. استعداد أهل الفساد للإجازة   .
  5. واجب المربين تجاه فراغ الشباب   .
  6. رسائل للمربين .
اهداف الخطبة
  1. تذكير الآباء بواجبهم نحو أبنائهم
  2. بيان بعض الوسائل في استغلال الإجازة
  3. التحذير من مشكلات الفراغ
  4. دعوة الشباب إلى الاستفادة من الإجازة
  5. تنبيه المربين لخطورة الفراغ على الشباب

اقتباس

أيها الآباء والأمهات: عليكم أن تستيقظوا من الغفلة عن أبنائكم، فأنتم السبب في وجودهم في الأرض بعد الله، فلا تكونوا السبب في هلاكهم في الدنيا والآخرة، أما ترون -أيها الآباء والأمهات- أننا تركنا الطرقات تربّي أبناءنا؟! أما ترون أننا تركنا القنوات الفضائية تشكل أبناءنا؟! أما ترون -أيها الآباء والأمهات- أننا تركنا رفقاء السوء يبلورون فلذات أكبادنا؟! والله...

 الخطبة الأولى:

أما بعد:

عباد الله: لقمان الحكيم أحد الحكماء الذين أخبر الله -تبارك وتعالى- عنه في القرآن الكريم: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ[لقمان: 12]. أعطاه الله الحكمة فشكر الله على هذه النعمة، وهداه الله إلى أن من شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن الله غني حميد، فما شأن لقمان مع ابنه؟

لقد أوصاه ووعظه فقال له: (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[لقمان: 13]، ثم قال الله -تبارك وتعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [لقمان: 14، 15]. ثم قال لقمان: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[لقمان: 16]، غرس في قلب ابنه مراقبة الله والخوف من الله -تبارك وتعالى-. ثم قال يرشده إلى أعظم وأوجب الأمور قائلا: (يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ[لقمان: 17]، أي: من الأمور التي أمر الله بها على وجه العزم والتأكيد. ثم نهاه عن أقبح الصفات وأشنع الخلائق قائلا: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) أي: لا تعرض عليهم بخدك تكبرا عند الكلام، (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان: 18، 19].

هذه -إخوة الإيمان- وصايا لقمان وموعظته لابنه، وإنني قد حدثتكم بهذه القصة لأنني أريد أن أقرر قضية هامة في المجتمع المسلم، إنها قضية القرب من الأبناء ووعظهم وإرشادهم وتوجيههم والجلوس ومعهم والتحدث إليهم.

أيها الآباء والأمهات: عليكم أن تستيقظوا من الغفلة عن أبنائكم، فأنتم السبب في وجودهم في الأرض بعد الله، فلا تكونوا السبب في هلاكهم في الدنيا والآخرة، أما ترون -أيها الآباء والأمهات- أننا تركنا الطرقات تربّي أبناءنا؟! أما ترون أننا تركنا القنوات الفضائية تشكل أبناءنا؟! أما ترون -أيها الآباء والأمهات- أننا تركنا رفقاء السوء يبلورون فلذات أكبادنا؟! والله أنتم مسؤولون أمام الله -تبارك وتعالى- تجاه أبنائكم.

نعم! أيها الآباء والأمهات، لقد أقبلت الإجازة الصيفية لهذا العام، الإجازة التي أصبحت إجازة عن الصلوات، الإجازة التي أصبحت إجازة عن النوم في الليل وتحويله إلى النهار، الإجازة الصيفية التي أصبحت إجازة من المدرسة إلى قضاء أغلب الأوقات في الملاعب والملاهي والمنتزهات.

أيها الآباء والأمهات: لا تقاس الأمم في حضارتها وأمجادها إلا بالشباب، فهم عماد الأمة، وما قام الدين إلا على أكتاف الرجال والشباب، وما ترون من المصائب والويلات في الشرق والغرب إلا بسبب فساد شباب تلك الأمة.

أيها الحضور: لقد أقبلت الإجازة الصيفية، ولقد استعدّ أهل الشر لاستغلال الشباب لصالحهم أتمّ استعداد، فزيد في عدد المسلسلات اليومية وأفلام الكرتون المدبلجة، وقام كثير ممن يغوون الشباب بإقامة الدواري للأندية الرياضية، والتي لا تحظى بإشراف من أهل الخير والصلاح، وقام كثير ممن قصرت أنظارهم بالسفر إلى بلاد الكفر والخنا والعياذ بالله.

وللأسف الشديد فإن الشاب ينجرف وراء هذا التيار القادم، أتعرفون لماذا؟ لأن الشاب يعاني من فراغ كبير، فراغ بعد الفجر وبعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء، كل أوقاته فراغ، ولقد قيل: إن الفراغ والجدة, مفسدة للمرء أي مفسدة.

أيها المربون الكرام: وأقصد بهم الآباء والأمهات, والعاملين في المندوبيات مندوبيات الدعوة بأحياء مكة, والعاملين في مجال التعليم من مدرسين ومدراء ووكلاء، عليكم أن تتقوا الله -تبارك وتعالى-، واعلموا أن عليكم واجبًا تجاه شباب أمتكم، أمام هذا التيار المنحرف الجارف. على الآباء والأمهات التوجيه والإرشاد والمتابعة، وعلى محفّظي الحلقات تكثيف الجهود لاستغلال أوقات الشباب لصالح القرآن. وأما العاملون في مراكز الدعوة والعاملون في مجال التعليم فإن عليهم إقامة البدائل المنضبطة بضوابط الشرع؛ من إقامة دروس ومحاضرات ومسابقات وندوات وإقامة المراكز الصيفية، وعلى أولياء الأمور ترشيد أبنائهم إلى مثل تلك البرامج والقرب منها.

أيها الشباب: لسنا نتهمكم بالفسق والفجور والانحراف، ولكن التجربة خير برهان، كم من شاب وشابة كانوا مستقيمين على طاعة الله فتمرغوا في أوحال الفراغ، فأصبحوا من المنحرفين والضالين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أيها الشباب: اتقوا الله، واستغلوا ما يعدّ لكم من خير في هذه الإجازة الصيفية، واحذروا شباك الشر التي نصبت لاصطيادكم، واعلموا أن الله سائلكم عن شبابكم فيما أبليتموه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أما بعد:

أيها المربّون الكرام: ثلاث رسائل أبعثها إليكم؛ علّ الله أن ينفعني وإياكم بها:

الرسالة الأولى: هي قول الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[التحريم: 6].

الرسالة الثانية: قول الله -عز وجل-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133]. تسابقوا إلى فعل الخيرات، فإن أعظم تربية للأبناء هو صلاح الوالدين واستقامتهم على الطاعة، فالقدوة الحسنة أعظم حاجة الأبناء؛ للصلاح والاستقامة.

الرسالة الثالثة: أيها المربون: أشغلوا شبابكم بما يرضي الله قبل أن يشتغلوا بما لا يرضي الله، فمن لم يشتغل بالحق شغله الباطل.

أكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله..