البحث

عبارات مقترحة:

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

كيف نحافظ على بيوتنا من الطلاق؟

العربية

المؤلف صالح بن محمد الجبري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. ارتفاع عدد حالات الطلاق وخطورته على استقرار المجتمع .
  2. بعض المفاجآت التي تحدث بعد الزواج .
  3. أهمية الاحترام بين الزجين وبعض علاماته .
  4. قيام العلاقة الزوجية على الصداقة والمحبة .
  5. لا للعبوس في المنزل ونعم للابتسام .
  6. لا يفرك مؤمن مؤمنة .
  7. التشجيع والمكافآت بين الزوجين وبعض وسائل ذلك .
  8. ابتعاد الزوجين عن الموازنة وخطر ذلك على الحياة الزوجية .
  9. مفاجأة أحد الزوجين للآخر بهدية .
  10. دعوة الزوجات إلى التبرج العائلي .

اقتباس

إذا أردنا الابتعاد والتقليل من المشاكل والهموم في منازلنا، فلنطبق مبدأ الاحترام في تعاملنا مع بعضنا البعض، وهنا نطرح سؤالا مهما، وهو: متى يحب الزوجان منزلهما ويتمنيان ألا يفارقا بعضهما البعض؟والجواب:يكون ذلك إذا توفر الاحترام بينهما، فالإنسان يحب أن يحترم، ويحب من يحترمه، وذلك أن الاحترام حاجة نفسية للإنسان، فكما...

الخطبة الأولى:

في ظل ارتفاع عدد حالات الطلاق المخيف في مجتمعنا، وخطورة ذلك على استقرار المجتمع وتماسك الأسر.

ولأهمية الموضوع، فإننا نرى ضرورة توجيه بعض الوصايا المهمة التي يمكن أن تساهم في إبعاد شبح الطلاق عن أسرنا، وإدخال السعادة عليها -بإذن الله تعالى-.

الوصية الأولى: لابد أن يعلم الجميع أن في الزواج مفاجآت لمن لم يستعد له.

ولمن لا يعرف حقيقة الزواج، وما فيه ومستقبله، فكل واحد منا يكون همه في البداية أن يتزوج ويستقر، فإذا تحقق هدفه، اكتشف أمورا كثيرة قد تشككه في نجاح زواجه واستمراره.

ومن ذلك: أن المتزوج قد يشعر بالملل والفتور تجاه الطرف الآخر.

وللعلم، فهذا أمر طبيعي في كل حالات الزواج؛ لأن دوام الحب أو الشوق بدرجاته العالية أمر مستحيل، وللنفس إقبال وإدبار، والعلاقة الزوجية تمر بحالة مد وجزر، بل قد يشعر المتزوج أحيانا بالوحدة على الرغم من وجود الطرف الآخر، والأولاد في حياته.

وهذا أمر طبيعي في كل حالات الزواج، فلا يظن من يشعر بذلك أن زواجه غير سعيد، أو أنَّ حياته الاجتماعية خاطئة، بل حتى الشعور بالوحدة أحيانا أمر طبيعي -كما قلنا-.

أيضا التغيير الذي يطرأ على أحد الزوجين في الاهتمامات، أو الشكل، أو الهوايات، أو القراءة، أمر طبيعي في كل إنسان، بل هو دليل تقدم الإنسان بالعمر، ونضجه في الحياة، فلا ينكر أحد الزوجين على الآخر التغيير، وصدق الله -سبحانه-: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ)[الانشقاق: 19].

أيضا: ليس بالضرورة الاتفاق على كل شيء بين الزوجين، فالاختلاف من طبع البشر، لكن المهم أن نتعلم كيفية التعامل مع هذا الاختلاف.

أيضا يصدم الزوجان عندما يكتشفان: أن ليس لكل مشكلة حلا، وهذه مفاجأة كبيرة بالنسبة لهما؛ لأنهما كانا يتوقعان أن لديهما القدرة على علاج كل المشاكل، ونسيا أن الزمن في كثير من الأحيان هو جزء من العلاج.

الوصية الثانية:إذا أردنا الابتعاد والتقليل من المشاكل والهموم في منازلنا، فلنطبق مبدأ الاحترام في تعاملنا مع بعضنا البعض.

وهنا نطرح سؤالا مهما، وهو: متى يحب الزوجان منزلهما ويتمنيان ألا يفارقا بعضهما البعض؟

والجواب:يكون ذلك إذا توفر الاحترام بينهما، فالإنسان يحب أن يحترم ويحب من يحترمه، وذلك أن الاحترام حاجة نفسية للإنسان، فكما يحتاج الإنسان إلى الحب والطعام والشراب، فكذلك هو يحتاج إلى احترام ذاته، وعدم إهانته وتحقيره.

ونحن في مجتمعاتنا قد اشتهرنا بالسخرية والاستهزاء، حتى أصبح إعلامنا وبرامجنا الفكاهية قائمة على السخرية والاستهزاء من أجل الضحك والفكاهة، وانعكس ذلك على الحياة الزوجية، فأصبح الزوج يستهزئ بزوجته، والزوجة لا تحترم زوجها.

وقد يقول قائل: لماذا عدم الاحترام؟

والجواب: لعل هناك مفاهيم موجودة لدى الزوج أثرت في علاقته مع زوجته، وقد يكون اقتبس هذه السلوكيات والمفاهيم الخاطئة من بيئته أو طريقة تربيته، أو من قراءاته. وقد يكون سمع وشاهد والده يهين أمه بالألفاظ أو التصرفات.

وكذلك الحال بالنسبة للزوجة، فيتأثران تربويا، فإذا تزوج أحدهما بدأ يمارس الدور نفسه الذي شاهده في بيته من عدم احترام الطرف الثاني، وأحيانا يكون عدم الاحترام ردة فعل من طرف تجاه الآخر لكونه لا يحترمه.

وللعلم، فهناك علامات ظاهرة يستطيع من خلالها أحد الزوجين معرفة مدى احترام الطرف الآخر له.

ومنها: النظر والاستماع، بمعنى أن ينظر أحدهما إلى الآخر، وأن يحسن الاستماع إليه، فإذا تحقق ذلك تحقق الاحترام لذات الآخر كما فعل صلى الله عليه وسلم مع زوجته السيدة عائشة عندما اختلفا مرة، فقال لها: "تتكلمي أو أتكلم".  

ومنها: الاستجابة للمشاعر، بمعنى أن يشارك كل طرف الآخر مشاعره في أحزانه وأفراحه، فإن هذا من علامات الاحترام، أما لو تركه لوحده في مشاعره، فإن الطرف الآخر يستنتج من ذلك عدم اهتمام الآخر به، أو بمشاعره، وعدم تقديرها أو احترامها.

أيضا: الدفاع، ونعني به دفاع أحد الزوجين عن الآخر أمام أهله أو أصحابهإذا تحدثوا عنه بسوء أو منقصه، فإن هذا التصرف الدفاعي يعطي له شعورا باحترام العلاقة بينهما.

ومنها: التربية، تربية الأبناء وتوجيههم نحو احترام الوالدين، فمهما حدث بين الزوجين، فلا يقبل أحدهما من الأولاد تعديا على الآخر.

ومنها: اللسان واليد، يعني أدب اللسان واليد في التعامل مع الطرف الآخر، وعدم الاستهزاء بشكله أو تصرفاته أو لبسه، وعدم ضربه أو تحقيره أو شتمه؛ لأن هذه التصرفات تؤثر سلبا في العلاقة الزوجية،وتهدم بنيان الأسرة، وتزيد من الكراهية بين الزوجين، ولو عدنا إلى نبينا العظيم محمد -صلى الله عليه وسلم- ومنهجه الراقي في تعامله مع زوجاته لتعلمنا الكثير، فعندما جاءته زوجته السيدة صفية تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتذهب، فقام صلى الله عليه وسلم وخرج يودعها إلى بيتها، احتراما لها.

لهذا، فإننا نتمنى أن يسود الاحترام بين الزوجين؛ لأن الاحترام سر دوام المحبة الزوجية، واستمرار الاستقرار العائلي.

الوصية الثالثة: هل يمكن أن تنتقل العلاقة الزوجية إلى علاقة صداقة ومحبة؟

نقول: نعم، فعن أنس بن مالك قال: دعا رجل فارسي النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى طعام، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وعائشة" فقال: لا، فقال: "فلا" ثم أجابه بعد أن دعاهما معا، فذهب هو وعائشة يتساوقان، فقرب إليهما لحما سمينا.

لقد كانت الدعوة للزوج إلا أنه اشترط مجيء زوجته معه، وكان هذا قبل فرض الحجاب، ولم يهمه رضى الداعي من عدمه، وإنما يهمه مرافقة زوجته له.

إن هذا المعنى هو من معاني الصداقة في العلاقة.

إنه التفاني في المحبة والرقة في المعاملة.

ولو كان هناك صداقة بين الزوجين، لكان كل طرف هو موضع اهتمام الطرف الآخر، وصندوق أسراره الذي يعتمد عليه في المهمات الصعبة، فإن سقط رفعه، وإن مرض وقف على رأسه، وإن احتاج أعطاه، وإن طلب لباه.

هذه هي علامات الصداقة.

فالصداقة قرب قلبي أكثر من كونها قربا جسديا، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "القرابة تقطع، والمعروف يكفر، وما رأيت كتقارب القلوب".

الوصية الرابعة: لا للعبوس في المنزل، ونعم للابتسام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "تبسمك في وجه أخيك صدقة".

وعن عمره قالت: سألت عائشة كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خلا مع نسائه؟ قالت: "كالرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس، وألين الناس، ضحاكا بساما".

لذا، نقول: يا مسلمة: عندما يعود زوجك منهكا متعبا من أعباء الحياة ومتطلباتها، فقابليه بوجه حسن، وابتسامة حلوة، حتى تنسيه مرارة ما كان فيه.

ويا مسلم: إذا دخلت بيتك فارمِ همومك خلف ظهرك، وادخل مبتسما مسلِّما، حتى تشعر بالسعادة والحب والأمان، وأبشرك أن نبيك -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة ضامن على الله -عز وجل-" وذكر منهم: "ورجل دخل بيته فسلم".

الوصية الخامسة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر".

أي انظر إلى الحسنات لا السيئات فقط، وانظري إلى الإيجابيات لا السلبيات فقط؛ لأن الرجل إذا عدد محاسن زوجته، وتغاضى عن سيئاتها، سعد وارتاح، وكذلك المرأة إذا عددت محاسن زوجها، وتغاضت، سعدت وارتاحت، فماذا يخسر الرجل إن سكت إذا غضبت زوجته؟ وماذا تخسر المرأة إن سكتت إذا غضب زوجها؟ حتى تهدأ النفوس، وتبرد المشاعر، ويسكن الاضطراب . 

الوصية السادسة: إن العطاء يستمر وينمو بالتشجيع والمكافآت، ونادرا ما نجد إنسانا يستمر في العطاء من غير تشجيع أو مكافأة، والعلاقة الزوجية كذلك تستمر ويستمر فيها العطاء بين الزوجين إذا كافأكل طرف الآخر، والمكافأة لا يشترط فيها أن تكون مكلفة، أو أن تكون مالية، وهناك أفكار كثيرة تمكن الزوجين أن يكافئ كل واحد منهما الآخر من غير تكلفة.

ومن ذلك: الشكر بحرارة وصدق، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس".

وقال: "والكلمة الطيبة صدقة".

ومن ذلك: التقدير العلني، كأن يمدح الزوج زوجته أمام الأبناء، وأمام أهلها، أو تمدح الزوجة زوجها أمام أهلها، بمعنى أن يكون المدح بصوت مسموع أو علني، فيسعد الممدوح عند سماع هذا التقدير، أو يفرح عندما ينقل له الخبر، فيزيد عطاؤه وحبه للعلاقة الزوجية.

ومن ذلك: رسالة شكر يكتبها أحد الزوجين للآخر، تقديرا للجهود التي يبذلها، تفعل مفعول السحر، أو شهادة تقدير أو درعا تذكاريا.

ومن أجمل ما قرأت: أن زوجا قدم لزوجته كأساً مثل كؤوس الفائزين في المسابقات، وكتب عليه كلمات شكر وثناء عليها، وعلى جهودها التي بذلتها للبيت والأولاد، وهكذا.

أيها الإخوة: لا تستهينوا ولا تحقروا مثل هذه الأمور، فلها مفعول السحر في تجديد الحب والمودة بين الزوجين، وجربوا ولن تندموا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الوصية السابعة: -أيها الإخوة- ابتعدوا عن الموازنة، الموازنة من أسباب الشقاء في الحياة، وسبب من أسباب الوقوع في غضب جبار السموات والأرض.

وما أكثر ما نسمع هذه الموازنات من بعض الناس: فلان ثروته ضخمة، وأنا أعيش الكفاف، وفلان مسئول كبير، وأنا رجل عادي فقير، وفلان يسكن في أفخم الدور، وأنا أسكن بالكراء.

وكذلكم النساء: فلانة أجمل مني، فلانة يشتري لها زوجها كل ما تطلبه، وأنا لا أجد حتى الضروريات، فلانة لديها الخادمة والسائق، وأنا أتجرع غصص الألم من الخدمة، فلانة تسافر كل سنة، وأنا لاأستطيع السفر، وهكذا!..

مثل هذه الموازنات هي سر تصدع كثير من البيوت، وكثير من هذه الموازنات مغلوطة، فمثلا ما الذي أنبأك أن المنصب سبب من أسباب الهناء؟وما الذي أدراك أن زواج فلان ناجح؟وماذا يفيد المرأة أن تتلقى من زوجها المال الكثير إذا لم تجد منه الحنان الدافئ، والقلب المنفتح والود الصادق؟

إن السعادة كل السعادة هي الرضا بما قسم الله لك ولها، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [طـه: 131].

ويقول الله -سبحانه- وتعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النساء: 32].

وفي هذه الآية نهي عن التمني، وتبيان للنهج السليم، وهو أن تسأل الله من فضله، فخزائنه لا تنفذ، وعطاؤه لا حد له، وأن تركز على الموازنة المفيدة، وهي أن تنظر في الدنيا لمن هو أقل منك لتعرف نعمة الله عليك، وأن تنظر في الدين إلى من هو أعلى منك؛ لأن ذلك يحثك على الخير، ويحملك على مضاعفة العمل، كما أوصى بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الوصية الثامنة: أجمل شيء في الحياة الزوجية هو مفاجأة أحد الزوجين للآخر بهدية يقدمها لشريك حياته، وهذه من صفات الأزواج والزوجات الحاصلين على درجة عشرة على عشرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".

والهدية ضرورية، حتى قيل في الأمثال: "ارجع بهدية من السفر ولو كانت حجر"؛ لأن الهدية رمز للتفكير في الطرف الآخر والاهتمام به، وهذا يشبع الحاجة النفسية عنده بتقدير الذات، بل إن الهدية في الحياة الدنيا لغة نتكلم بها، وهي تعني التجديد، وتعني الشكر، وتعني التعبير عن الشوق وألم الفراق.

وكلما كانت الهدية مفاجئة كل ما كان وقعها أفضل، ولا يهم قيمة الهدية المادية، فهي في معناها لا في قيمتها.

يقول أحد الدعاة: قال لي أحد الأصدقاء: أنه أهدى زوجته سيارة مرسيدس ففرحت، ومرت الأيام، وبعد أسبوعين اشترى لها وردة جميلة، ووضع عليها بطاقة وعبارات لطيفة، وقدمها لزوجته عند دخوله للبيت، يقول هذا الرجل: إني استغربت من فرحها بالوردة وحديثها لصديقاتها وأهلها أكثر من فرحها بالمرسيدس.

ولعل فرح الزوجة بالوردة والكلمات الرقيقة أكثر من السيارة؛ لأنها امرأة عاطفية، والوردة والكلمات دغدغت مشاعرها، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "رفقا بالقوارير".

الوصية التاسعة: نحن ندعو الزوجات حتى يحافظن على أزواجهن، ندعوهن إلى التبرج العائلي لا التبرج الجاهلي، نعم نريد من الزوجة أن تتبرج، لا للسوق، ولا للحدائق، ولا للملاهي، ولكن لزوجها، وأن تستخدم كافة قدراتها الأنثوية، من أجل الاستمتاع في الحياة الزوجية، حتى يشبع كل منهما الآخر.

 أيها الإخوة: إن الإحصائيات تقول: إن 30% من حالات الطلاق، هي بسبب عدم التوافق الجنسي العاطفي، وهناك ثقافة -وللأسف- تنتشر بين الرجال أن تجملهم لزوجاتهم غير مهم، وهذا خطأ؛ لأن القرآن الكريم يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : 228].

وبعضهم المهم لديه أن يقضي حاجته فقط، وهذا خطأ، فالقرآن يقول: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ) [البقرة: 223].

(وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ) معناها: المداعبة والملاعبة والقبلة، كما ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما-، لكن البعض لا يريد أن يتجمل لزوجته، ويفضل أن يلقب: "بأبي سروال وفنيلة"؛ لأن هذا يقلل من هيبته بحد زعمه، ولا يريد أن يداعب أو يلاطف، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأحد أصحابه ناصحا له: "هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك".

وهناك ثقافة أخرى، وهي أنه عندما تتقرب زوجة الرجل إليه، وتبدع في ذلك بلباسها وزينتها وتصرفاتها، فإنه سيسألها: من أين تعلمت هذه التصرفات ويشك فيها، وقد يفتح معها ملف تحقيق، فتنقلب لحظات السعادة والمتعة إلى شقاء وعذاب؟!

وهذا كله خطأ، ومخالف لديننا.

أيضا بعض الأزواج يشتكون أنهم يطلبون من زوجاتهم أن يتحدثن معهم بكلام غزلي فيرفضن.

والبعض يطلب من زوجته أن ترقص له فترفض.

وآخر يطلب منها: أن تلبس له لباسا معينا فترفض، وإذا دخل أو خرج من منزله وقعت عيناه على كل ساقطة ولاقطة، ثم تشتكي الزوجة من كثرة الخيانة.

أضف إلى ذلك أن القنوات الفضائية، ووسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة، تزيد من شعلة الإثارة.

وفي مقابل هذا كله لا يوجد تبرج من الزوجة لزوجها، ولا نظافة ولا تهيئة من الزوج لزوجته، فكيف تستقيم الحياة الزوجية إذا؟

 لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يهتم بهيئته ونظافته وأناقته، وكان يقول: "إن الله جميل يحب الجمال".

حتى أنه قال: "حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب".

وكان إذا مر في شارع عرف الناس أنه قد مر به من أثر الطيب الذي يتطيب به صلى الله عليه وسلم، وكان من حرصه أنه كان يبعث عند عودته من السفر من يخبر أهل المدينة بقدومهم، حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة.

ولقد كان يوصي أصحابه ألا يدخلوا على أهليهم بليل، حتى لا يروهم إلا في أحسن هيئة ومظهر، لذا علينا أن نربي أنفسنا وأزواجنا على هذا كله، بالقدوة والحواروالإقناع والاستماع، والكلمة الطيبة، حتى نحافظ على عمارة بيوتنا، ونبعد عنها الخراب، فهل نفعل؟

نرجو ذلك ونتمناه.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه.