البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

وقرن في بيوتكن

العربية

المؤلف سعد بن سعيد الحجري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. ثمرات الاستجابة لله ولرسوله .
  2. الحث على قرار المرأة في بيتها .
  3. رد شبهة أن الآية في نساء النبي فقط .
  4. أسباب أمر النساء بالقرار في البيوت .
  5. فوائد قرار المرأة في بيتها .
  6. أهم وظائف المرأة. .

اقتباس

وظيفة المرأة الشرعية في بيتها؛ فليست وظيفتها في السوق تتجول، ولا في الشوارع تتمشى، ولا في المنتزهات تتفرج، وإنما وظيفتها في البيت. لماذا لا تقوم المرأة بهذه الوظيفة؟! سلمتها لمن ليس بأهل لذلك من الخادمات وغيرهن، ولم يعلمن بأنها وظيفتهن، وأن الله سيسألهن عن ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم-: "والمرأة راعية في بيتها" ليست في السوق ولا في غيره، فليتق الله النساء وليرجعن إلى رشدهن وصوابهن.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي بيده الأمر والملكوت، أمر النساء بالقرار في البيوت، ونهاهن عن الخضوع بالصوت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحي الذي لا يموت دائم العزة والجبروت.

 وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسوله الذي أمر المرأة بملازمة المنزل قبل الموت، وامتثال الأمر قبل الفوت، -صلى الله وسلم عليه- كل ما لازم النساء المساكن، وكن بذلك خير المعادن وعلى آله وصحبه ومن سائر على طريقه وسلك نهجه إلى يوم الدين.

 أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

احفظوا الرأس وما حوى والبطن وما وعى، واذكروا الموت والبلى وراقبوا العلي الأعلى.

واعلموا أن أوامر الله التي أمر بها في كتابه، وأمر بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سُنته أوامر لا بد منها أدائها، ولا بد من امتثالها، فليس لنا خيار في ذلك، بل يجب أن نقول سمعنا وأطعنا.

والذين يمتثلون أوامر الله وعدَهم الله -عز وجل- في كتابه وعلى لسان رسوله ثمرات استجابتهم.

الثمرة الأولى: أن ذاك صفة من صفات أهل الإيمان الذين رفعتهم في الدنيا والآخرة وسعادتهم في الدنيا والآخرة وحياتهم الطيبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 36].

الثمرة الثانية: رضوان الله -عز وجل- عن الممتثل لأمره في الدنيا؛ إذ قال الله عن الصحابة الذين قالوا سمعنا وأطعنا قال: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح: 18].

الثمرة الثالثة: رضوان الله عنهم في الآخرة يقول الله -تعالى- لأهل الجنة: "يا أهل الجنة أرضيتم؟ قالوا: وكيف لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، قال: أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: وما أفضل من ذلك؟ قال: أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً".

الثمرة الرابعة: الفوز العظيم الذي ينالون الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب ويسعدون في الدنيا سعادة لا مثيل لها؛ فإنها السعادة الحقيقية، قال -تعالى- (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا) [النساء: 13].

الثمرة الخامسة : دخول الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء:13].

الثمرة السادسة: الهداية إلى صراط الله المستقيم (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)، ومن اهتدى إلى هذا الطريق ضمن الله له سعادة الدنيا والآخرة، وبشرته الملائكة عند موته (أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت: 30].

الثمرة السابعة: معية النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء:69].

الثمرة الثامنة: مضاعفة الأجر إلى عشر حسنات وإلى سبعمائة وإلى ما لا عدد؛ فإن الله -تعالى- يضاعف لأهل الطاعة.

الثمرة التاسعة: حفظ العمل من الضياع؛ لأن كثيرًا من الناس يأتون يوم القيامة بأعمال ضائعة (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا) [الفرقان:23]، وفي الحديث: "لأعلمن أقوام من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء يجعلها الله هباء منثورًا" قالوا: يا رسول الله! صفهم لنا وبيِّنهم لنا حتى لا نكون منهم، قال: "أما إنهم من جلدتكم ويتكلمون بلغتكم ويعملون أعمالكم، إلا أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها".

عباد الله: إن من أوامر الله التي أمر بها قوله -عز وجل-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33]، وهذا أمر للنساء بطريق المباشرة، منطوقه للنساء ومفهومه للرجال والنساء، لماذا يكون الرجل مأمور بقرار المرأة في البيت؟ لأنه القوَّام على المرأة وظَّفه الله بهذه القوامة، فلا يجوز له أن يسلمها لغيره، ولا يجوز له أن يتخلى عنها، والذي أمره بذلك الرب، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء) [النساء: 34]، ليكون كالمظلة لها، وكالحامي لها حتى لا تقع في براثن الرذيلة.

ثانيًا: لأن الرجل هو المسئول عن أهله، وليس هناك أحدٌ غيره يُسأل عن أهله، قال -صلى الله عليه وسلم-: "والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته"، ولأن المرأة ضعيفة في الحجة (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [الزخرف:18].

قد يقول بعض الناس بأن الأمر في قوله (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) خاص بنساء النبي، لكن ذاك ليس بصحيح لخمسة أدلة:

الدليل الأول: لأنه إذا كان في حق نساء النبي وهن الطاهرات العفيفات فهو في حق غيرهن أولى، ولأن العبرة من الخطاب الشرعي بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

الدليل الثاني: لأن الله قرن القرار في البيت من قبل المرأة بإقامة الصلاة، وليست إقامة الصلاة على نساء النبي فقط، وإنما على الأمة كلها.

والدليل الثالث: لأنه قرن قرار المرأة في بيتها بإيتاء الزكاة، وإيتاء الزكاة ليس على نساء النبي فقط، وإنما على نساء الأمة كلها.

الدليل الرابع: لأنه قرن القرار في البيت من قبل المرأة بطاعة الله -عز وجل- وطاعة الله ليست لازمة على نساء النبي فقط، وإنما على نساء الأمة.

الدليل الخامس: لأنه أمر بطاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وليست طاعته خاصة بنسائه، ولكن طاعته على عموم الأمة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: 33].

عباد الله: ليعلم الجميع بأن هذا أمر من الله -تعالى- ليس للمرأة خيار فيه، وليس لوليها خيار في ذلك، فلا تخرج من البيت إلا لما دعت الضرورة إليه.

أما ما لا ضرورة له فلتجتنب خروجها من البيت، وكان هذا الأمر من الله للنساء بأن يلازمن البيوت لعدة أسباب:

السبب الأول: لأنه أمره -عز وجل-، وهو لا يأمر إلا بخير للأمة، ولا يأمر إلا بصلاح لها ولا يأمر إلا بسعادتها وليس لنا ونحن نتلقى الأمر الإلهي إلا أن نقول (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 285].

الأمر الثاني: لأنه أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي يجب أن نطيعه (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)، وطاعته سبب من أسباب دخول الجنة "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"، قالوا: ومن يأبى دخول الجنة يا رسول الله؟! قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى".

قال لنسائه في حجة الوداع: "هذه الحجة –أي: حجة الوداع- والْزَمْنَ ظهور الحُصْرِ" أي بعد هذه الحجة الْزَمْنَ البيوت فلا تخرجن إلا لضرورة ملحة.

ولذا فسودة بن زمعة -رضي الله عنها- قالوا لها: "ألا تخرجين مع الناس في الحج ليستفيدوا من علمك"، قالت: "أمرني ربي القرار في البيت، وأمرني رسول الله بالقرار في البيت"، فما خرجت إلا عند جنازتها، أي: عند موتها رضي الله عنها.

السبب الثالث: لأن وظيفة المرأة الشرعية في بيتها؛ فليست وظيفتها في السوق تتجول، ولا في الشوارع تتمشى، ولا في المنتزهات تتفرج، وإنما وظيفتها في البيت.

لماذا لا تقوم المرأة بهذه الوظيفة؟! سلمتها لمن ليس بأهل لذلك من الخادمات وغيرهن، ولم يعلمن بأنها وظيفتهن، وأن الله سيسألهن عن ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم-: "والمرأة راعية في بيتها" ليست في السوق ولا في غيره، فليتق الله النساء وليرجعن إلى رشدهن وصوابهن.

السبب الرابع: لأن المرأة ناقصة عقل، فإذا قبعت في بيتها حفظت عقلها مع نقصانه، وإذا خرجت من بيته قل العقل مع نقصانه وازداد نقصًا بعد نقص.

السبب الخامس: لأنه ناقصة دين، فإذا لازمت بيتها حفظت دينها، وإذا خرجت من بيتها زاد النقص في دينها، قال -عليه الصلاة والسلام-: "مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ".

وأما نقص دينها؛ فلأنها إذا حاضت لا تصلي ولا تؤمر بالقضاء، وأما نقص عقلها فإن شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد.

السبب السادس: لأن أضر فتنة تركت على الرجال هي المرأة أو النساء عمومًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء"، فإذا خرجت من بيتها كانت ضررًا فوق ضرر، فتنت الكثير من النساء، وأوقعتهم في أوحال الرذيلة، وعليها وزر هذا العمل ووزر من فسد بسببها إلى يوم القيامة.

السبب السابع: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حذرنا من الدنيا بيَّن أننا نُصاب بهذه الدنيا بشيئين أحدهما الدنيا والآخر النساء، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء".

السبب الثامن: لأن قرار المرأة في بيتها علو درجة لها، ورفعة منزلة لها، لتكون في برج عالٍ، فإذا خرجت للناس تبرجت تبرج الجاهلية الأولى، وسقطت من ميزان الله -عز وجل- (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33].

السبب التاسع: أن قرارها في البيت حفظٌ لبصرها، وحفظٌ لأبصار الآخرين، وهي مأمورة بذلك، ومأمور غيرها بأن يغض بصرها عن كل فاتنة تريد الفتنة، وإذا غض البصر ترتب على ذلك نور في القلب، ولذة في العمل، وفرار الشيطان من هذا الغاضّ.

وقد أمر الله بغض البصر من الرجال والنساء، وقال -عليه الصلاة والسلام- لجرير بن عبدالله البجلي: "اصرف بصرك".

السبب العاشر: أن في قرارها في البيت حفظًا للفروج؛ لأن الله ذكر الفروج بعد الأبصار، وبيَّن بأن غض البصر حفظ للفرج، وضياع البصر ضياع للفرج، والمرأة معنية بأن تكون حافظة للغيب في لنفسها لزوجها، وحافظة لنفسها من فتنة المجتمع كله.

السبب الحادي عشر: لأن قرار المرأة في بيتها حفظٌ للأعراض، وقد أعلى الله قدر العرض؛ إذ جعله قرينًا للدم، وقرينًا للمال، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".

بل وحمى -صلى الله عليه وسلم- الأعراض بتحريم خروج المرأة بطيب يشمّه الناس فلو فعلت ذلك كانت زانية، وقال: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة" حتى لا تفتن الرجال بذلك.

السبب الثاني عشر: أن قرارها في بيتها حفظ من الشيطان الرجيم الذي أوقع كثيرًا من الناس في غضب الله وسخطه، والذي هو قائد الناس إلى النار بعد أن أوقعهم في المعصية في الدنيا، ففي الحديث: "وإذا خرجت المرأة استشرفها الشيطان" أي: ركب على ناصيتها، قل لي بربك أين يقودها الشيطان إذا كان قائدًا لها على ناصيتها؟! هل يقودها إلى المسجد؟! لا، هل يقودها إلى الفضيلة؟! لا، هل يقودها إلى الطاعة؟! لا، وإنما يقودها إلى الفتن والضلالات والانحرافات.

السبب الثالث عشر: لأن قرارها في بيتها حفظ من التشبه بالأعداء الذين تبرجوا تبرج الجاهلية، فأظهروا الرأس وأظهروا الوجه، وأظهروا الرقبة وأظهروا اليدين، وأظهروا الصدر، وأظهروا القدمين، وأظهروا الساقين، وكشفوا الكثير من الفخدين، والله المستعان، فالله -عز وجل- نهى عن التشبه بالأعداء قال (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم".

السبب الرابع عشر: أن في قرارها في بيتها حفظًا من التشبه بالرجال الذين أوكل إليهم الشرع أن يخرجوا خارج البيت ليأتوا بطعام الولد وبكسوته، ولينفقوا على مَن في البيت، أما المرأة فهي مكفولة فما الذي دعاها إلى الخروج بلا ضرورة؟! ولتعلم بأن من تشبهت بالرجل فعليها لعنة الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال"، وقال: "لعن الله الرَّجِلَة من النساء" أي التي تتشبه بالرجل.

السبب الخامس عشر: أن في خروجها من المنزل ضياعًا للبيوت، وإذا ضاعت البيوت ضاعت الأسر، وإذا ضاعت الأسر ضاع المجتمع وعاش الناس في ضلال مبين.

السادسة عشر: أن خروجها من المنزل ضياعٌ للأولاد، فالأم هي أول محضن، والأم هي أول مدرسة لهذا الولد، فكيف تضيعه وتسلمه لغيرها، بالإضافة إلى أن الإسلام قد عذرها عن حضور صلاة الجماعة مع ما فيها من الأجر العظيم والثواب الجزيل، وجعل صلاتها في بيتها بعيدًا عن صلاة الرجال أفضل من صلاتها في المسجد، قال -عليه الصلاة والسلام-: "خير صلاة النساء في قعر بيوتهن".

 وقال لأم حميد الساعدي لما قالت أصلي معك، قال: "صلاتك في بيتك –أي في غرفة نومك- خيرٌ من صلاتك في حجرتك –أي: في بقية البيت-، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك"، أي: خير من صلاتك في البيت المكشوف كالحوش أو البلكون أو السطح أو ما شابه ذلك، قال: "وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك"، أي: أقرب مسجد لك، "وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي" مع كثرة الأجر على الذي يثاب عليه من صلى في مسجده.

عذرها عن صلاة الجمعة مع ما فيها من الأجر العظيم، وأسقط عنها الجمعة لتصلي صلاة الظهر حتى لا تختلط بالرجال، فكيف تختلط بهم في الأسواق لتكون ضالة مضلة فاتنة مفتنة، ماذا تقول لربها إذا وقفت بين يديه (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88- 89].

بل وعذرها عن الجهاد في سبيله مع أنه ذروة سنام الإسلام، ومع أنه قرين الإيمان والتجارة الرابحة والغدوة أو الروحة في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، والمجاهد في سبيل الله كالصائم الذي لا يفطر، والقائم الذي لا يفتر، ومع ذلك فعذرها عن الجهاد في سبيل الله، وحرم عليها أن تسافر إلا مع ذي محرم، وحرم عليها الخلوة بالرجل الأجنبي؛ لأنه ما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله وسلم عليه تسليما كثيرا، وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقه إلى يوم القيامة.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون اتقوا الله ربكم، وليعلم الرجال القوامون، ولتعلم النساء المأمورات بأمر رب الأرض والسماء أن في قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها إلا لضرورة ملحة لا تُقضى إلا بها؛ ليعلم الجميع أنه يترتب على ذلك فوائد كثيرة، منها امتثال أمر الله الذي يجب أن نقول أمامه: سمعنا وأطعنا، وامتثال أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن ما جاءنا وجب علينا أن نمتثله، بالإضافة إلى قيام المرأة بوظيفتها في بيتها التي يسألها الله -تعالى- عنها.

مع حفظها لعقلها وعدم سعيها إلى زيادة نقصانه، وحفظها كذلك لدينها لتأتي ثقيلة الميزان يوم القيامة، وسدها لباب الفتن الذي كان يتعوذ منها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا تكن هي التي فتحت باب الفتن الذي تُعوذ منها.

بالإضافة إلى أن في ذلك رفعة درجة لها لتكون في مكان عالٍ مع حفظ البصر، ومع حفظ الفرج، ومع حفظ العرض، ومع الحفظ من الشيطان، ومع عدم التشبه بالأعداء وقيامها بواجب البيت، وقيامها بحقوق الأولاد، وإقامتها للصلاة، وإيتاؤها للزكاة، وطاعتها لله -عز وجل- وطاعتها للرسول -عليه الصلاة والسلام-.

وليعلم أولياء الأمور وليعلم النساء أنه ما كثر خروج النساء حتى أصبحت المرأة خراجة ولاجة إلا لقلة الإيمان، وإلا لقلة الحياء، وإلا لقلة العقل، فلماذا لا يتعاون الجميع خصوصًا وأن باب الفتن باب خطير جدًّا، وإن أوسع باب ضلال يضل به الناس هو باب الشهوة، وتأتي الشهوة من قبل النساء قال -تعالى- لنساء رسوله الطاهرات (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب: 32].

أي مرض هذا؟ إنه مرض الشهوة، وإن أهل الشهوات يريدون أن يميل الناس عن طريق الله المستقيم ميلاً عظيمًا (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) [النساء: 27]، فليقم كل رجل بالقوامة في أهله، ولتتقي الله كل امرأة في بيتها ولتراقب ربها من أجل أن يكون مجتمعًا صالحًا آمنًا من الفتن، آمنًا من عذاب الله، آمنا من الوقوع في الرذائل ليكون مجتمعًا يسعى إلى الفضائل يتعاون على البر والتقوى ولا يتعاون على الإثم والعدوان.

اللهم وفِّق أولياء أمور النساء لأن يكونوا قوامين كما أمرت يا رب..

اللهم وفق النساء للقرار في البيوت وعدم الخروج لفتنة النساء..