الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
العربية
المؤلف | أحمد بن ناصر الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - كتاب الجهاد |
أفضل الأنبياء, وأتقى الرسل والأولياء, والذي هو أكرم من وطئت قدمُه وجه الأرض, يتمنى أن يُقتل في سبيل الله -تعالى-, ففي الصحيحين , أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ"، لا إله إلا الله, نبيٌّ ضَمِنَ الله له الفردوسَ الأعلى من الجنان, وغُفرَ له ما تقدّم وما تأخر من الذنوب والآثام, يتمنّى أنْ يُجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ فيُقْتَلُ, وليس ذلك فحسب, بل ويتمنّى أنْ تُردّ له الحياةُ فيُقْتَلُ، ثُمَّ تُردّ له الحياةُ فيُقْتَلُ أيضًا. أيُّ فضيلةٍ وكرامةٍ هذه التي تمنّى أنْ ينالها مرارًا وتكرارًا, يتمنّى أنْ تُمَزِّقَ السيوفُ أشلاءَه, وتُقطّعَ الرماحُ والسهامُ أوصاله. إنه يتمنّى الشهادةَ وهو في مرتبةٍ أعظمُ وأشرف منها, وهي النبّوَّةُ والرسالة...
الخطبة الأولى:
الحمد للهِ الذي أمر بالجهاد, ووعدَ من قام به التمكين في الأرضِ, والرفعةَ على أهل الفساد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرّؤوفُ الرَّحِيْمُ بِالْعِبَادِ, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي بُعث بالسيفِ والسّنان، والحُجّةِ والبيان, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -معاشر المسلمين-, واعلموا أنّ جنودَنا البواسلَ لا زالوا في ساحات الوغى, يذودون عنّا الحدودَ والْحِمَى, قد تركوا أهلهم وأطفالهم يبكون عليهم, ولسان حالهم:
نَجُودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الجَوادُ بِها | والجودُ بالنَّفْسِ أَقْصَى غايةِ الجُودِ |
إنهم يأبون الضيم, ويكرهون الظلم والإذلال, ويسعون لِمَا يُرضي ربّ العزة والجلال, ولسان حالهم:
ومن يتهيب صعود الجبال | يعش أبد الدهر بين الحفر |
أحدُهم يُقبّل ابنه المصابَ في المستشفى, ويُودّعه وقد لا يراه بعدها, وآخر يُودّع أمّه الْمُقعدَة, وثالثُ يضمّ أبناءه الصغارَ ودموعُه تَغْمُرُ عينيه, وينطلقُون بعدها يُسابقُون الريحَ إلى ساحات الْحرب.
كالأُسْد في الغاب لا تخشى السباع ولا | ترضى المذلَّة بل لا تعرف الوَصَما |
وأما نحن فبين أهلينا وأولادنا, لا نشعر بذرّةٍ واحدةٍ من ويلات الحروب, بل وكأنّ شيئًا لم يكن, بينما هم صُمّتْ آذانُهم من وقعِ الرصاص والطائرات, وصوتِ الانفجارات, وكَلَّتْ أعيُنُهم في تعقّب الحوثيّين الْمُتمردّين, وفلولِ وعصاباتِ الخائن المجرمين, وتعبت أجسادُهم من العمل الدءوب.
إنهم عقدوا صفقةً مع الله –تعالى-؛ حيث باعوا أنفسهم رخيصةً لله –تعالى-, فيا لها من صفقةٍ ما أضمن ربحها, قال اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآنِ، وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ) [التوبة: 111]
ما أعظم أجر المجاهد في سبيل الله, جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: "لاَ أَجِدُهُ" قَالَ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ, فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟"، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟! (متفق عليه).
ويكفي في فضله وعظيم جزائه, أنّ أفضل الأنبياء, وأتقى الرسل والأولياء, والذي هو أكرم من وطئت قدمُه وجه الأرض, يتمنى أن يُقتل في سبيل الله -تعالى-, ففي الصحيحين , أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ".
لا إله إلا الله, نبيٌّ ضَمِنَ الله له الفردوسَ الأعلى من الجنان, وغُفرَ له ما تقدّم وما تأخر من الذنوب والآثام, يتمنّى أنْ يُجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ فيُقْتَلُ, وليس ذلك فحسب, بل ويتمنّى أنْ تُردّ له الحياةُ فيُقْتَلُ ، ثُمَّ تُردّ له الحياةُ فيُقْتَلُ أيضًا.
أيُّ فضيلةٍ وكرامةٍ هذه التي تمنّى أنْ ينالها مرارًا وتكرارًا, يتمنّى أنْ تُمَزِّقَ السيوفُ أشلاءَه, وتُقطّعَ الرماحُ والسهامُ أوصاله. إنه يتمنّى الشهادةَ وهو في مرتبةٍ أعظمُ وأشرف منها, وهي النبّوَّةُ والرسالة. فهنيئًا لكم جنودَنا البواسلُ, هنيئًا لكلّ من جاهد في سبيل الله لتكون كلمةُ الله هي العلْيا.
اللهم انصرْ جَيشَنا وجيُوش المسلمين على الحوثيّين, وعلى من عاونهم من حزبِ الشيطان والإيرانيّين.
وأبشروا وأمّلوا - معاشر المسلمين-, فإننا سنبلُغُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ولو كنّا قاعدين في بُيوتِنا, إذا عَلِمَ الله مِنَّا الصدقَ في طلب الشهادةِ في سبيلِه, قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ". (رواه مُسلم).
فلْنحدّث أنفسنا في الجهاد في سبيل الله, حتى يُبلغنا الله منازل الشهداء, وحتى نبرأ من النفاق, قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ" (رواه مُسلم).
معاشر المسلمين: إنّ هذه الأحداث التي نشهدُها, والمعركةَ التي نخوضُ غمارَها, تُحتّم علينا أنْ نقف معها عدّةَ وقفات:
الوقفةُ الأولى: أنْ نحذرَ من الغرور والتعالي, والاتكالِ على القوة والسلاح, فقد كاد الصحابةُ أنْ يُهزموا يوم حنينٍ, حين داخَلَهُمُ الْعُجْبُ والْغُرورُ, قال اللَّهُ تَعَالَى حاكيًا حالهم يومَها: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25]، فيجب علينا أنْ نعتمد على الله وحده, وأنْ نثق بنصره وفتحه, وألا نتّكل على قوتّنا وجيوشنا.
فنحن لا نُحارب جماعةِ الحوثيّ وحده, بل نُحاربُ جيش الرئيس المخلوع الخائن, الْمُكوّن من مائةِ ألف مُقاتل, مُدجّجين بأنواع السلاح والعتاد. وليس هذا فحسب, بل إننا نقف أمام الدّولةِ الخمينيّة الرافضيّة, وأذنابِه في كلّ مكان.
فالأمر ليس بالسهل, والحرب هي الحرب, في خطرها وإنهاكِها وقُبحها, ونحن في بدايةِ المعركة, فالواجب أنْ نتضرع إلى الله بنصرهم وتأيِيْدِهِم, لا أنْ نَتَنَاقَلَ الْأَخْبَاَرَ الْمَجْهُولَةَ أو الْهَازِلَةَ.
الوقفة الثانية: أنه لا عزّ لنا إلا بالقتال والجهاد, ولا مَكَانَةَ لنا بين الأمم إلا بإعداد العُدّة والعتاد, فبه نَسْتَرِدُّ حقّنا, ونحمي أنفسنا, ونُرهبَ أعداءَنا, بل هو من أعظم أسبابِ تآلُفِ قلوبِنا, وجَمْعِهَا بعد تفرّقها, فكم كانت بعضُ الدولِ مُمَزَّقَةً ومُتَنَاحِرَةً قَبْلَ ذلك, وها نحن نراها قد اجتمعت صفًّا واحدًا في قتال الرافضة, وصدق شيخ الإسلام حين قال: "ومتى جاهدت الأمَّةُ عدوَّها ألَّف الله بين قلوبها، وإن تركتِ الجهادَ شغَلَ بعضَها ببعض". ا.هـ.
وهذا والله ما رأيناه ولَمِسْنَاه, فقبل هذه المعركة الفاصلةِ مع الرافضة, كُنَّا قد انْشغلنا ببعضنا في الداخل والخارج, وسادتْ بيننا الاتهامات, وخوّن بعضُنا بعضًا, حتى إنّ مَجَالِسَنَا لَمْ تَسْلَمْ مِن الصِّراعاتِ والخلافات, والحالُ كذلك على مُستوى الدول, فقد وصل الصراعُ بين بعض الدول الإسلامية إلى حدِّ سحبِ السفراء, والتقاطعِ والتحريضِ والبغضاء.
ولكن ما إنْ أَعْلَنَتِ الجهادَ على الأعداء, حتى توحّدت الكلمةُ في الداخل والخارج, وتآلفت القلوب, وانطفأتْ تلك الأراجيفُ والاتهاماتُ والخلافات.
فَمِنْ أعظم نِعَمِ الله على هذه الأمة, أنها قد اجتمعت على قتال الحوثيِّ، حتى إن المؤمنين من أهل السّنَّةِ, قد تحرَّكتْ قلوبُهم انتظارًا لنصرِ الله.. والقلوبُ في هذه اللحظات, محترقةٌ مهتزَّةٌ لنصر الله ورسوله على الرافضةِ المشركين.
فهي معركةٌ فاصلةٌ بين الحقّ والباطل, بين أهلِ السّنة وأهل الشركِ والبدعة, فالأمة الإسلاميَّةُ والعربيةُ صفّان, صَفٌّ مُؤّيِّدٌ لهذه المعركة, وهم جميع هذه الدول, وصفٌّ رافضٌ ومُعارضٌ لها, وهم الرافضةُ أحزابًا ودُولاً.
الوقفة الثالثة: أنّ هذه الحرب والمعركة, قد أوقفتِ الزَّحفَ والتمدّدَ الإيرانيَّ الفارسي, وقَلَبَتْ أوراقَه, وهو الذي جَمَعَ عشراتِ الأطنانِ مِن الأسلحةِ للحوثيّين, وأرسل مئاتِ الجنود وملايينَ الأموال لهم, وما كان لنا أنْ نفعل به كلَّ هذا, لولا اعْتِمَادُنا بعد الله على سببين هامّين:
السبب الأول: القوةُ الحسيّة, وذلك بمَعْرِفَةِ نِظَامِ الْحَرْبِ وَفُنُونِهَا ، وَإِتْقَانِ آلَاتِهَا وَأَسْلِحَتِهَا, الَّتِي ارْتَقَتْ فِي هَذَا الْعَصْرِ ارْتِقَاءً عَجِيبًا ، وَهذا ما أشَار إِلَيْهِ ربُّنا تبارك وتَعَالَى بقولِه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) [الأنفال: 60].
فهذه الأزمةُ العصيبة, أظهرتْ لنا جليًّا, أنه يجب علينا أنْ نعتمد على أنفسنا بعد الله -تعالى-, وأنّ الدولَ الغربيةَ لا تُراعي إلا مصالحَها فحسب, لا يُهمّها حلفاؤها, إذا وجدت حليفًا آخر يَرْعَىَ مصالحها أكثرَ مِن الأول.
السبب الثاني: الْقُوَّةُ الْمَعْنَوِيَّةُ, وذلك باجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ, وَاتِّحَادِ الْأُمَّةِ, وَالصَّبْرِ وَالثَّبَاتِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ, وَاحْتِسَابِ الْأَجْرِ عِنْدَهُ, وصدق الله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].
فمن أعظم أسباب النصر والتمكين: الاجتماعُ والترابطُ والتلاحمُ, فكم رأينا دولةَ المجوس إيران, انخذلتْ وتراجعت, حينما رأت وحدتنا واجتماعنا.
الوقفة الرابعة: أنّ الأمة فيها الخيرُ العظيم, والتعطّشُ لإعزاز الإسلام والمسلمين, وما إنْ تَحِيْنَ الفرصةُ السَّانِحَةُ لها, حتَّى تنقضَّ كالأسد.
الوقفة الخامسةُ: أنّ العملَ الْمُخطّطَ له, والمدروسَ بعنايةٍ وحكمة, والذي يأتي بعد طُول مَشُورة, واجتماعِ الكلمة: هو الذي ينفع ولا يضرّ. أما الذي يأتي عن عاطفةٍ غيرِ مُنْضبِطة, وحماسٍ واندفاع, ودون الرجوعِ إلى العلماءِ والحكماء: يضر ولا ينفع.
فخلال أُسْبوعٍ واحدٍ فقط, مِن ضربِ دول الخليج وغيرِها عصاباتِ الحوثيِّ, والرئيسَ المخلوعَ الخائِن, غيّرتْ موازينَ وقُوى الْمِنْطَقَةِ بأسرها, وأَعزَّ اللهُ بها أهلَ السنة, وقَمَعَ وأَغَاظ بها الرافضة, وأحيتْ في قلوب المسلمين روحَ العزّةِ والكرامة, وأزالتْ عنها أمراضَ اليأسِ والأسى, حتّى أثّر ذلك على المجاهدين في بلاد الشام, فانتصروا منذ الضربةِ انتصاراتٍ عظيمة.
ولكن, ماذا جنينا من عشرين سنةٍ قضتها القاعدةُ, والدولةُ المزعومةُ بالخلافةِ الإسلامية, كانوا ولا زالوا يعملون بلا تخطيط مُنضبط, ودون الرجوع لأهل العلم والخبرة والحكمة, لا ينظرون إلى العواقب, ولا يعملون إلا بما يرونه ويعتقدونه, ولو خالف الأمة الإسلاميةَ كلّها.
لقد تسبّبوا بإزهاقِ آلاف الأرواح, وغزوِ الدول الصليبيَّةِ لبلاد المسلمين, باسم الإسلام والدين, ولَمْ يُحرّروا بلدًا من المحتلين, ولَمْ ينشروا الأمن والرخاء في بلاد المسلمين.
اللهم كن مع المجاهدين في كلّ مكان, وخُصَّ أهلَ اليمنِ وفلسطين والشام, بكرمك ولطفك يا ذا الجلال والإكرام.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهُ الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وسلم تسليمًا كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: معاشر المسلمون: أما الوقفةُ السّادسةُ: فهي الحذرُ مِنَ نقلِ الشَّائعاتِ, والأخبارِ التي لَمْ تَثْبُتْ صحتُّها, ولْنَكِلِ أُمورَ السّلمِ والحربِ إلى أهلِها, كما قال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83].
الوقفة السَّابعة: أنّ الحكمةَ تُوجب علينا أنْ نغزو العدوَّ قبل أنْ يَغْزُوَنَا, قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "لا يَحِلّ للمسلمين أن ينتظروا أعداءَ الله حتى يطأوا بلاد المسلمين، فإنّ النبي - -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- - قال: "ما غُزِيَ قومٌ في عُقْر دارِهِم إلاّ ذَلُوا". ا.هـ.
فمُباغتةُ دُول التّحالفِ العربيّ السنيّ, جماعةَ الحوثيّ وأعوانَه, هو عينُ الْحكمةِ والصواب, وهو الواجبُ على ذوي العقولِ والألباب, ولو تركناهم لَتَعاظمتْ قُوّتُهم, واسْتشرى فسادُهم, ولَغَزوا بلادَنا, وزعزعوا أمْنَنَا.
كيف لا, وهم كما قال شيخُ الإسلامِ ومُفتي الأنام, الذي عاصَرَهم ورأى بأُمِّ عينِه خُبْثهم وكفرهم: "أَضَرُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَمِيعِ الْأَعْدَاءِ, وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا، لَيْسَ فِي جَمِيعِ الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ, مَعَ بِدْعَةٍ وَضَلَالَةٍ شَرٌّ مِنْهُمْ: لَا أَجْهَلَ وَلَا أَكْذَبَ وَلَا أَظْلَمَ، وَلَا أَقْرَبَ إِلَى الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَأَبْعَدَ عَنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ, والْفِتْنَةُ إِنَّمَا ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ أَسَاسُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ، وَهُمْ قُطْبُ رَحَى الْفِتَنِ". ا.هـ
الوقفة الثامنة: أنْ نعرف قَدْرَ هذه الدول, التي شاركتنا في هذه المحنة العصيبة, والتي لم تتأخر لحظةً واحدةً في دعمِنا والوقوفِ مَعَنَا, كدول الخليج الأشقاء, وقبائلِ اليمن الشرفاء, ومصر والأردُنَ والسودان, والمغرب وتُركيا وباكستان.
فدولُ الخليج تقصفهم بطائراتهم, ومصرُ تقصفهم بِسُفنها, وجيشُ باكستان على حدودنا مع اليمن, ويقولُ بأنّ أيَّ اعتداءٍ على أرضنا هو اعْتداءٌ عليهم, والسودان يتبرّأ من إيران, ويُرسلُ الدّباباتِ والباخرات, ورئيسُ تُركيا يُلْغي زيارته لإيران, احتجاجًا على تدخّلها في دول أهل السنة, وَيَمُدُّ يَدَ المساعدة لنا.
فأيّ تلاحم أعظم من هذا, وأيّ معنى للأخوّة والترابط أفضل من هذا.
فلْتخسأ دولةُ الفرس المجوس, ولْيخسأ أذنابُهم في كلّ مكان.
نسأل الله –تعالى- أنْ يُقرّ أعيُنَنا بانتصارِ جُيُوشِنا, وهزيمةِ أعدائنا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.