الشهيد
كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...
العربية
المؤلف | فؤاد بن يوسف أبو سعيد |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المهلكات - المنجيات |
مما نراه في هذا الزمان؛ بعضُ الناس اتخذ دينَ اللهِ لغير الله، دينٌ قرآنٌ سنةٌ علمٌ أقوالُ علماء وصحابة، كما قال الأثر: "وتفقه لغير الدين"، يتفقه لغير الله لا لله، بعضهم يتفقه ويأخذ الشهادة الشرعية لأجل الدنيا، هذه النية مبيَّتةٌ من قبل، هو يريد الشهادة؛ لأن هناك حاجة للوظائف يريدون للدعاة والأوقاف وما شابه ذلك، ويدخل بهذه النية، هذا عمله له، لا يرتفع فوق رأسه شبرا، تفقه لغير دين الله، بعض الناس يستمع ويرى عبر الشاشات المقرئ الفلاني، والقارئ الفلاني والأصوات الجميلة، واختبر نفسه فمدحه قومه ومدحه أهله، فانشرح صدره وفرح. ثم أحبَّ في نفسه أن يجلس مثل هذا القارئ، وأن يتلوَ والناس تجري له وتستمع إليه من أجل صوته...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد: فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
عباد الله؛ هذه أمة الإسلام تعيشون فيها وأنتم منها، وتعيشون بينها، فإن لم تعلموا خبرا مباشرا قد تسمعون عنه، وينقل إليكم في حينه ووقته في هذا الزمان.
ورد في آثارٍ بعضها صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعضها عن الصحابة، وبعضها عن التابعين؛ كأنهم يحكون حالكم، أو كأنهم يحكون حالنا في آخر الزمان، فنسأل الله السلامة، من كل عيبٍ ونقصٍ وملامة، اللهم آمين.
هذه الأمة، قالت عنها الآثار في آخر الزمان: يضيعون الصلاة، قال سبحانه: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) [مريم: 59، 60]، وهذا المسجد أراه وحوله أناس لم يأتوا إليه ليصلوا فأماتوا الصلاة، مع أن غيرهم يأتون إليه من خارج المنطقة، وانظروا لم يمتلئ المسجد، والأصل أن يمتلئ بأهله، ولا يتسع لغيره، هذه واحدة، وهذا يوم جمعة وليست صلاة ظهر أو عصر أو مغرب أو عشاء أو فجر، صلاة قبلها نوم أو بعدها نوم، ومع ذلك كما ترون، فكيف ببقية الصلوات؟ جمعة في الأسبوع مرة أماتها الناس إلا من رحم الله، فبوركتم يا من تحافظون على البقية الباقية من دين الله.
الصلاة؛ وسيأتي وقت لا توجد صلاة، لا يصلي الناس، لا يعرفون ما صلاة، نسأل الله ألا نلحق ذلك الوقت، اللهم آمين.
ومما تسعفنا به الذاكرة؛ الكلام على المساجد آخر الزمان، تقول الروايات والآثار، "وصُوِّرَت المساجد"، كأنه ينظر إلى حالنا وحال مساجدنا، إلا من رحم الله، صورت فيها الصور؛ قديما يصورون الصالحين، وصور الأنبياء في بيوت الله فنهانا الله على رسوله عن ذلك، وقال عن من يفعل ذلك: أولئك شرار الخلق عند الله، فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ", (البخاري: 427).
وأما اليوم؛ فتعالَ وتفرّج على بيوت الله تصوَّرُ فيها صور الكفَّار، بحجة الأنباء والأخبار، نسأل الله السلامة، بيوت الله يجب أن تكون لله، (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن: 18].
وطوِّلت المنابر، طولا يقطع الصفوف، فبدل أن تكون ثلاث درجات، أصبحت مضاعفة، وخربت القلوب كما ورد في بعض الأحاديث أو الآثار بأنك تدخل المسجد، وهو ممتلئ ولكن لا تجد فيه مؤمنا،كما ورد في الأثر الذي رواه الحاكم (8365): "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ، لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ ". (ذكره في إتحاف المهرة لابن حجر (9/ 452) ح (11659) وقال: ... مَوْقُوفٌ. أي على عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم، ورواه في شرح مشكل الآثار (2/ 172)، وقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ).
يا لطيف على ذلك الزمان، مسلمون نعم! لكن إيمان كامل ما تجد فيهم مؤمنا، لذلك كانت هذه المساجد ربما ضررها أكثر من نفعها، والأصل فيها أن يرفع فيها ذكر الله سبحانه وتعالى، وأن يكون فيها رجال كما وصفهم الله عز وجل في سورة النور وغيرها، (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ)، وكم ممن ترك الجمعة وبقي في تجارته، (وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)، السبب! (يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)... [النور: 37، 38].
أين هذا اليوم؟ وأين بيوت الله من ذلك؟ بيوت الله في هذا الزمان سُيِّسَت، فخرجت عن مسارها الديني، إلى المسارات السياسية الكثيرة التي فيها تجاذبات، وليس فيها من ذكر الله إلا المقدمة والختام والدعاء، وغير ذلك الواعظ يخرج وينهي خطبته والمسلم لم يستفد منها شيئا؛ لأنّ عنده من العلوم السياسية أكثر من الخطيب والواعظ السياسي، يجلس طوال الليل والنهار على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، فهو عنده أخبار ربما لا يعلمها ذلك الخطيب أو الواعظ.
بيوت الله -سبحانه وتعالى-؛ اتخذت طرقا، من علامات الساعة وآخر الزمان أن تتخذ المساجد طرقا، لا يريد المسجد للصلاة، لحضور درس علم، لا يريد ذلك، وإنما له مأرب آخر وهدف، فاتخذ المسجد طريقا لهذا المأرب، وذاك الهدف، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَكُونُ حَدِيثُهُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ". (ابن حبان: 6761، انظر الصحيحة : 1163).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "... وَأَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا، ..." فهذا هو معنى الطُّرُق, والله أعلم؛ أن تصبح المساجد أماكن للكلام والتباحث في أمور الدنيا, كالنوادي والمقاهي, وترتفع فيها أصوات المتكلمين, فيشوشون على المصلين, والذين يقرءون القرآن. (المعجم الأوسط للطبراني (1132), انظر صَحِيح الْجَامِع (5899), الصَّحِيحَة (2292) فنسأل الله السلامة.
هكذا أخبرتك الآثار والأحاديث والأخبار عن الصحابة والتابعين -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-.
وأيضا مما ابتليت به الأمة في آخر الزمان؛ شرب الخمور نصت على ذلك نصا، "بينَ يدَيِ السّاعةِ يظهرُ الرِّبا، والزِّنى، والخمرُ". (الصحيحة (7/ 1226) ح (3415): أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/340/7691).
واستبدلها الناس بعضهم وليس الكل استبدلها بما يسمى بالحبوب والمهلوسات والسموم البيضاء، من المخدرات إلى آخرها الترامادول وما أدري ماذا جاء بعده، ونسأل الله السلامة.
يا حسرة على شباب المسلمين! وأزيدكم -كما يقولون- من البيت شعرًا، أو من الشعر بيتا، وفتيات المسلمين، نساء وفتيات في هذا الزمان، تتخذ مثل هذه الأمور، ترامال، نسأل الله السلامة، اللهم احفظنا واحفظ شبابنا وبناتنا ونسائنا وفتياتنا في الدنيا وفي الآخرة، اللهم آمين.
الأمة كما أخبرت عنها الأخبار والآثار فشا فيها الربا، وفُتحت أماكن له، واستحل الناس ذلك، وربما تقواه إيمان بعد أن تقع الواقعة، يسأل شيخا، وبعضهم قال بعد أن أخذ ما أخذ، استفتى واحدا، فقال له: حرام، وشيخا آخر، قال له: حرام، وشيخا ثالثا، قال له: حرام، وشيخا رابعا: حرام، وفي النهاية قال: سأبحث حتى أجد شيخا يقول: إنها حلال، مسألة واضحة، ولم ينقطع ولم ييأس حتى يجد، واستحلوا الربا، ماذا نقول؟ التي قرأتها: اثنتان وسبعون خصلة، في هذه الأمة إذا ظهرت ظهر لها الريح الحمراء، والخسف والمسخ وآيات عظام تترى، ما أدري الذاكرة ماذا تسعف الآن. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَشْرَبُ ناسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَها بِغَيْرِ اسْمِها، يُضْرَبُ على رُؤُوسِهِم بِالْمَعَازِفِ والقَيْنات، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ، ويَجْعَلُ مِنْهُمُ القِرَدَةَ والخنازير". (التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (9/ 414) ح (6721)، الصحيحة (90).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُبْعَثَ رِيحٌ حَمْرَاءُ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ فيَكْفِتُ اللَّهُ بِهَا كُلِّ نَفْسٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...". اهـ... (التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (9/ 471) ح (6814).
ظهر الربا، واستحل الكذب، المسألة سهلة نأخذه من أقلّ شيء بين الناس أنفسهم، والأطفال والرجال والنساء وفي البيوت، تكذبُ المرأة على زوجها، ويكذب الزوج على زوجته، ويتعلم الجيل الصاعد فيكذب الأطفال بعضهم مع بعض، ويكذب الأطفال مع والديهم، ويكذب الوالدان مع أبنائهم، ويفشو الكذب ويستحلونه، فإذا خرجنا خارج البيت إلى المجتمع وتجد الكذب ينتشر بالمزاح يستحلونه، (نَوينا التزهزه) كما يقول بعض الناس، ويكذب، وانتشر حتى وصل إلى الهرم أعلى شيء في الإعلام، كم من نشرة أخبار فيها صدق؟ وكما فيها كذب؟ في النشرة التي تكون نصف ساعة، أو ربع ساعة، كم يا عباد الله؟ فشا الكذب وانتشر.
والعجيب أن الكذبة أوَّل ما تقال ربما لا يصدقها أحد، ثم إذا قيلت مرة ثانية بدأت تطنّ حول الأذن، فإذا تكررت ثالثة دخلت، ومع التكرار تستقر في القلب، فتصبح يقينا صادقا لا مرية فيه، فإن قلت هذا كذب ما صدقك أحد، ويفشو الكذب، وينتشر بين الناس.
والمصيبة أن يكذب الصادق، ويصدق الكاذب، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمين، موجود أم غير موجود؟ موجود في هذه الأمة يا عباد الله إلا من رحم الله، لا نتكلم عن أوروبا ولا أمريكا، ولا عن الكفار والصليبين والنصارى واليهود، نتكلم عن من يقول: لا إله إلا الله، وينتمي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى سنته.
يخون الأمين، ويؤتمن الخائن، يكذب الصادق، يصدق الكاذب، متناقضات متقابلات متضادات، كل اثنين مع بعضهما، والكل يترتب على الآخر، حتى بدأ في هذه الأمة أن الإنسان لا يصدق جليسه، جاء في الحديث: "تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير والقائم، خير من الماشي والماشي خير من الراكب، والراكب خير من المجري"، قلت: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: "ذلك أيام الهرج". قلت : (ومتى أيام الهرج؟) قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". قلت: فبمَ تأمرني إن أدركت ذلك الزمان؟ قال: "اكفف نفسك ويدك وادخل دارك". قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن دخل عليَّ داري؟ قال : "فادخل بيتك". قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال: "فادخل مسجدك، واصنع هكذا -فقبض بيمينه على الكوع- وقل: ربي الله حتى تموت على ذلك". (انظر الصحيحة: 3254).
فبمجرد أن يتكلم متكلم وعنده خبرة في ذلك، فنقول: لا ندري هل جاء بكذبة كبيرة عريضة، أم كذبة صغيرة؟ وكل الكذب كذب، فلما انتشر هذا الأمر فصار عند الناس من تكراره ليلا ونهارا كأنه بلادة، الأمر يمر وهذا الكذب يمر والصادق يكذب يمر، وإذا بالمتهم البريء مع كثرة الكذب والاتهام له أصبح الناس لا يصدقون براءته.
والكاذب الخائن أصبح الناس لا يصدقون خيانته وكذبه، واستقرت الأمور على ذلك، كما يقول بعض أعداء الله -حتى يمرروا مخططاتهم-، فيقولون: اكذب ثم اكذب ثم اكذب، حتى يصدقك الناس، ما وقف عند ذلك، بل قال: ثم اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك، كذبةٌ وهو يعلم أنها كذبة في النهاية صدقها من كثرة التكرار، ليلا ونهارا.
وهذا يا عباد اللهّ المسلم كَيِّسٌ فطِنٌ، وليس كِيسَ قُطن، كَيِّس فطن، لكن من السيول الجارفة يمنة ويسرة وعبر الفضائيات، وعبر الإعلام المنتشر ليلا ونهارا، وما يبث عبر الأبصار والأقمار والأسماع وما شابه ذلك، كل هذه السيول الجارفة لا تؤثر فيه؛ إذا كان مستعينا بالله، لا تؤثر فيه إذا كان متوكِّلا على الله، لكنَّ أعداء الله -حتى لا يتفطن لذلك- جعلوا بين الكذبة والكذبة؛ موسيقى، غناءً، ترفيها، الكذبة الآن استقرت في القلب، هو يرفضها إلى حدٍّ ما، لكن بالترفيه وما شابه ذلك، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ", فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "إِذَا شَرِبُوا الْخُمُورَ، وَاتَّخَذُوا الْقَيْنَاتِ وَضَرَبُوا بِالْمَعَازِفِ"، وفي رواية: "إِذَا ظَهَرَتِ الْمَعَازِفُ وَالْقَيْنَاتُ, وَاسْتُحِلَّتِ الْخَمْرُ" (الترمذي 2212, وابن ماجة: 4059، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ق 153/ 1), وفي صَحِيح الْجَامِع (5467), الصَّحِيحَة (2203)، انظر صَحِيح الْجَامِع (3665) ، انظر الجامع الصحيح للسنن والمسانيد لصهيب عبد الجبار (2/ 328).
المغنياتُ وآلات الطرب والموسيقى، هل بيت يخلو منها؟ من قال لي" إن بيتا يخلو منها، فهذا غير صحيح، سواء عبر التلفزة أو عبر الفسبكة، أو الشبكات العنكبوتية، أو الذي لا يفارقك لا ليلا ولا نهارا، الذي يتجول معك، لذلك سموه بالجوال، وأنا منكم وعليكم أحتاجه، هل لا توجد فيه مثل هذه الأمور، لكن بنقرة واحدة تختار ما تشاء، وهذا من باب التسكين للأمة، وتسكينٌ للفرد عن ما مرَّ من مصيبة وكذب، وصراخٌ تسكين له حتى ينساه، فإذا جاءوا به مرة أخرى، حركوا ما كان موجودا في زاوية من زوايا القلب، أو زوايا الصدر، ثم يرجعون مرة أخرى فيخدِّرون، ثم بعدها يرفِّهون حتى يصبحَ المسلمُ قبلَ يوم القيامة في ذلك الزمان ممسوخا.
يحدث في الأمة مسخ غير الخسف والقذف، سواء مسخ الصورة إلى حمار وخنزير، وكلب وحيوان نعوذ بالله من ذلك، بأذنين ورأس وعيون تشبه الخنازير والحيوانات، أو مسخ على السريرة في القلب، من الداخل قلب خنزير، لا يغار على الأعراض، أو قلب قرد من القرود، التي مسخت بها أمة من قبلنا، أو ما شابه ذلك، ثبت أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ -يَعْنِي الفَقِيرَ- لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ", (البخاري: 5590)، والعلَم هو الجبل.
تصبح الأمة من حيث لا تشعر أو تشعر، بأن هناك مسخًا، لذلك في ذلك الزمان لا ينكر منكر، ولا يعرف معروف، فالكل والعياذ بالله إلا من رحم الله.
في مخططات أعدائنا شياطين الإنس والجن يجرون، والمؤمن في ذلك الزمان حق الإيمان ذليل مستضعف، لا يستطيع أن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، أقوى واحد فيهم إذا رأى المنكر رجل وامرأة يزنيان في الشارع أقوى واحد يأمرهما ويقول له: لو واريتها خلف الجدار، لا أمام الناس، فهذا قوي الإيمان، لو استطاع أن يتكلم بكلمة نسأل الله السلامة.
وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لاَ تَفْنَى هَذِهِ الأُمَّةُ حَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَيَفْتَرِشَهَا فِي الطَّرِيقِ، فَيَكُونُ خِيَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ مَنْ يَقُولُ: لَوْ وَارَيْتَهَا وَرَاءَ هَذَا الْحَائِطِ". رَوَاهُ مُسَدَّدٌ مَوْقُوفًا, وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مَرْفُوعًا، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي الأَشْرِبَةِ فِي بَابِ الْمَعَازِفِ. (إتحاف الخيرة المهرة لأحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (8/ 92) ح: 7549)، وله شواهد أُخر بهذا المعنى ذكرها الشيخ الألباني في (الصحيحة) في تخريج الحديث رقم (481) وصحح الحديث بمجموعها بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير").
هذه الأمة مع الكثرة الغالبة، ووجود الخير الكثير فيها، ذُكِرَت هذه الصفات؛ تحذيرا لها حتى لا تتخذها وتعمل بها، فتصل في النهاية إلى غضب الله، غضبِ الرحمن الرحيم، الحليم الرءوف الودود سبحانه، بهذه الصفات التي فيها اللين والرحمة يغضب، ما الذي أغضبه سبحانه؟
الخير نازل، والنعم نازلة، والمعاصي إليه صاعدة، ذنوب كبار وصغار بشتى أنواعها، القتل والخمر والربا والزنا، والعقوق وسمِّ ما شئت من المعاصي، موجود في هذه الأمة، تظهر أحيانا وتخبو أحيانا، الأمة فيها الخير، وسيبقى الخير فيها إلى يوم القيامة، قبل الساعة؛ لأن الساعةَ لا تقوم إلا على شرار الخلق، قبل الساعة ينتهي الخير، بفترة يعلمها الله -سبحانه وتعالى-، نسأل الله ألا ندرك ذلك الزمان.
أما قبل ذلك فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيبقى، وسيبقى الخير في الأمة، وما أقوله الآن وما أذكره وما أبينه من الأحاديث والأخبار، والأنباء والآثار عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- تبيِّنُ المخابئِ والمساوئ، والسيئات والخطايا ليس تيئسا لهذه الأمة! وإنما تحذيرا لها، فالإنسان الذي يسمع مثل هذه الصفات، واحد من اثنين: إما اقترف شيئا منها، فاستفادته أن يعود إلى الله، وأن يتوب إلى التواب، وأن يستغفر الغفور، فمن رجع إلى الله وتاب إليه يجد الله غفورا رحيما.
وأما من لم يقترف شيئا من ذلك، فهو تحذير له ألا يقترف، ويحمد الله -سبحانه وتعالى-؛ أن لم تتلطخ يداه بدم ولا سرقة، ولا غشٍّ ولا اعتداء على أحد بظلم، ولا اغتصاب مالٍ ولا ما شابه ذلك، نحمد الله، فأنتم بين اثنين: بين استغفار الله من ذنوب قد اقترفناها، وبين حمد الله وشكره من ذنوب عافانا الله منها.
توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: بداياتُ هذه الأمة وأوائلها كانت في خير ثم جاء شر، ثم تلاه خير، ثم جاء شر ثم تلاه خير فيه دخن، مخلوط؛ أناس تعرف منهم وتنكر.
فلذلك يا عباد الله! مما نراه في هذا الزمان؛ بعضُ الناس اتخذ دينَ اللهِ لغير الله، دينٌ قرآنٌ سنةٌ علمٌ أقوالُ علماء وصحابة، كما قال الأثر: وتفقه لغير الدين، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ, وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ, وَيَتَّخَذُهَا النَّاسُ سُنَّةً, فَإِذَا غُيِّرَتْ يَوْمًا, قَالُوا: غُيِّرَتْ السُّنَّةُ, قِيلَ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: إِذَا ذَهَبَتْ عُلَمَاؤُكُمْ, وَكَثُرَتْ جُهَلَاؤُكُمْ, وَكَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ, وَكَثُرَتْ أُمَرَاؤُكُمْ, وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ, وَتُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ, وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ" (سنن الدارمي (185, 186), ومصنف ابن أبي شيبة (37156), صَحِيح التَّرْغِيبِ (111), وصححه الألباني في كتاب: تحريم آلات الطرب (ص16).
يتفقه لغير الله لا لله، بعضهم يتفقه ويأخذ الشهادة الشرعية لأجل الدنيا، هذه النية مبيَّتةٌ من قبل، هو يريد الشهادة؛ لأن هناك حاجة للوظائف يريدون للدعاة والأوقاف وما شابه ذلك، ويدخل بهذه النية، هذا عمله له، لا يرتفع فوق رأسه شبرا، تفقه لغير دين الله، بعض الناس يستمع ويرى عبر الشاشات المقرئ الفلاني، والقارئ الفلاني والأصوات الجميلة، واختبر نفسه فمدحه قومه ومدحه أهله، فانشرح صدره وفرح.
ثم أحبَّ في نفسه أن يجلس مثل هذا القارئ، وأن يتلوَ والناس تجري له وتستمع إليه من أجل صوته، لذلك قال -صلى الله عليه وسلم- وهذا حديث صحيح: "يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ" قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ", ابن ماجة (174)، وفي رواية: "وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ, يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِيُغَنِّيَهُمْ, وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهًا"، أحمد (16083), والحاكم (5871), صَحِيح الْجَامِع (2812), الصحيحة (979).
اتخذوا القرآن مزامير، التي يسمونها المقامات وما شابه ذلك، إذا أريد بها غير وجه الله، لغير وجه الله يقرأ القرآن، الذي الحرف الواحد منه بعشر حسنات، ليس (الم) حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، كما قال -صلى الله عليه وسلم-، أصبح هذا العمل الجليل وبالا على صاحبه؛ لأنه لم يرد به وجه الله -سبحانه وتعالى-.
وما أكثر النشء الذين يحفظون كلام الله تعالى عن ظهر قلب لا يظهر ذلك عليهم، ولا على أخلاقهم، ولا على هيئاتهم ولا على آدابهم، هم وأبناء الشوارع واحد، إلا من رحم الله، هناك بعض الناس، -وكما قلت لكم: الأمة فيها الخير- وقولنا هذا من باب التحذير، تصحيح النوايا والقلوب لعلام الغيوب سبحانه.
بخلاف من دخل المدارس والجامعات يريد وجه الله، جاءت الوظيفة أو ما جاءت، فإذا صححنا قلوبنا بأعمالنا الصالحة المتابعة للكتاب والسنة، ونهج سلف الأمة، إذا لم نفعل ذلك ما تنفع أعمالنا، ولو كان قرآنا تقرؤه، أو جهادا تقاتل وتقتل مئات من الكفار، ما دامت النية في القلب ليست لله، أوّل من تسعر بهم النار هؤلاء، وكذلك المتصدق الذي يدفع الفلوس والأموال، والنية؛ ليقال عنه: جواد كريم، ليقال عنه: قارئ عالم، ليقال عنه: شجاع جريء، فقد قيل، خذوهم إلى النار، عافانا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار.
فيا عباد الله؛ فلنتق الله ولنحذره من هذه الصفات، صدقوني؛ لو لم يأت بها خبر هي حرام، لو لم يأتِ بها نصٌّ هي معروفة، تخالف العقلَ والنقل، فكيف وفيها التذكير، لكن الإنسانَ غيرُ معصوم.
ومن رحمة الله بنا؛ أنْ فتحَ لنا بابا عظيما كبيرا اسمه (باب التوبة)، في جهة المغرب، بابُ توبةٍ لا يغلق إلاّ يوم القيامة، فعجِّلْ يا عبد الله! وأنا أوَّلكم، فلنسرع إلى التوبة، والأوبة إلى الغفور الرحيم التواب سبحانه؛ حتى نتخلَّص ممّا مضى، فلا ندري كم بقي من الأعمار الباقية، لنضيع الصلاة، كم بقي لنتَّخِذَ المعازف والقينات والمغنيات، كم بقي لنشربَ الخمرَ والترامال والمخدرات، كم بقي لنترك الصلاة في المساجد في بيوت الله -سبحانه وتعالى-؟ كم بقي من أعمارنا يا عباد الله! كم بقي؟ وهل هناك وقت للطاعات؟
الطاعات كثيرة، وأبوابها وفيرة، اطرق أي باب وادخل منه، الآن في رجب، فلماذا لا تستعدون لشعبان ورمضان؟ إنكم في رجب شهر الله المحرم، الأربعة الحرم، ثلاثة متصلة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد رجب الفرد، رجب الأصم، الذي تحترمه العرب، فكانوا لا يقاتلون في ذلك الشهر، فسُمِّي الأصمّ؛ لأنه لا يسمع فيه للسلاح صليل، صليل السيوف لا تسمعه في رجب، ونحن صليل المعازف والأغاني في رجب وغيرها.
وهل تعلمون أنهم يستعدون الآن لرمضان بالتمثيليات والمسرحيات والألغاز (الفوازير)، ومسابقات غنائية والأفلام غير الوثائقية، نسأل الله السلامة منها، كلها تأتي في الصيام، وسلِّي صيامك يا صايم، هكذا يقولون، يعني ضيع صيامك، نسأل الله السلامة.
كلنا لنا عقولٌ، الله خلقها في صدورنا، ورؤوسنا نفكر بها، ونتدبر الأمور، وبعد ذلك يوم القيامة من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ماذا سيجد ما قدم، (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا* اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) [الإسراء: 13، 14].
كذلك يا عباد الله! نسارع في التوجه إلى الله -سبحانه وتعالى-، ونتوسل إليه بأسمائه
الحسنى وصفاته العلى، خصوصًا صفات المغفرةِ والرحمةِ والتوبةِ لهذه الأمة، التي وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقَالَ: "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ", (أبو داود: 4278).
هل تريدون قتلا زيادة عن هذا؟ أو زلازل وفتن أكثر من هذا؟ هناك عند الله أكثر بكثير، لكن نقول: يا رب عفوك، مغفرتك، التوبة التوبة، والأوبة الأوبة إليك يا الله.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم ثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
اللهم وفقنا كلَّنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين، اللهم كن معنا ولا تكن علينا، اللهم أيدنا ولا تخذلنا، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، برحمتك يا أرحم الراحمين أرحمنا، يا أرحم الراحمين أرحمنا، يا أرحم الراحمين أرحمنا.
وأنتم أيها المؤذن (أَقِمِ الصَّلاةَ فإِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون) [العنكبوت: 45].