الخبير
كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...
العربية
المؤلف | محمد راتب النابلسي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
حدثني أخ دخل إلى بقالية، قال له: أعندك بيضٌ طازج؟ قال له: والله الذي عندي جئت به قبل عدة أيام، أما جاري فجاءته وجبةٌ الآن، خذ من جاري. هذا أبلغ من ألف خطبة، رأى الصدق. أعندك بيضٌ طازج؟ قال له: لا، جاري عنده. مثل هذا البقَّال إن تكلم كلمةً في الدين تسمع لأنه عند كلمته.. مرةً سألت أحد الدعاة في بلدٍ عربي: ما نصيحتك إلى الدعاة إلى الله؟ كنت أظنه أنه سيتكلم كلاماً طويلاً، فإذا بها كلمةٌ واحدة، قال: ليحرص الداعي ألا يراه المدعوون على خلاف ما يقول، فقط ولا أزيد على هذه النصيحة. لأنك إن لم تفعل ما تقول هناك سؤالٌ كبير: هو لا يطبق كيف يعلمنا؟ فإن كان مقصراً ليس أهلاً أن يقول، وإن كان هذا الذي يقوله ليس واقعياً لا علاقة لنا به...
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومَن والاه ومن تبِعه إلى يوم الدين. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون... الأنبياء والمرسلون قمم البشر؛ اصطفاهم الله عزَّ وجل، وطهَّرهم، وزكَّاهم، وجعلهم دعاةً إلى الله بأقوالهم وأفعالهم، جاؤوا بالكلمة الطيبة التي غيِّرت وجه الحياة، غيرت معالم الأرض، جاؤوا بالكلمة الصادقة، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) [ سورة إبراهيم : 24-25].
أيها الإخوة... لكن حينما فشا الكذب، وفشا التزوير، وفشا الفساد في الأرض، والإنسان في الأصل منطقي، فكل إنسانٍ انحرف غطَّى انحرافه بكلام، أو أنه تكلَّم كلاماً لا يؤكِّده الواقع، فالذي حصل مع مرور الأيام أن الناس زهدوا بالكلمة - أيَّة كلمة- والدعاة إلى الله سلاحهم الأول الكلمة، فلابد من أجل أن ينتشر الحق من أن تدعَّم هذه الكلمة بواقعٍ متألِّق، لأن الله عزَّ وجل حينما قال: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا) [سورة فصلت: 30].
قالوا: ربنا الله؛ هذا معتقدهم، هذا المنطلق النظري، هذه العقيدة، هذا التصوُّر، ثم استقاموا هذا السلوك العملي، ولا يمكن أن يفرق في الدين بين ما تعتقد وبين ما تعمل، لابد من حركة، لابد من التزام، لابد من أن تعطي لله وأن تمنع لله، لابد من كلمة لا بملء الفم إذا انتهكت حرمات الله عزَّ وجل، لابد من موقف، لابد من سلوك، في أكثر من مائتين وخمسين آية ورد قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) [ سورة البينة: 7 ]، وكأن الإيمان وحده من دون استقامةٍ، أو التزامٍ، أو عملٍ صالحٍ لا يجدي، ولا ينفع، ولا يرقى بصاحبه إلى النجاة.
أيها الإخوة... لكن الحقيقة الثانية هي أن الأنبياء الكرام صلوات الله عليهم وسلامه كانت لهم مهمتان كبيرتان؛ المهمة الأولى: تبليغية، لكن المهمة الأخطر هي: مهمة القدوة، هم بلَّغوا الناس بألسنتهم، وبلغوهم بأحوالهم، تبليغهم بأحوالهم أبلغ من تبليغهم بألسنتهم، إذاً هم دعوا إلى الله بأحوالهم، باستقامتهم، بصدقهم، بأمانتهم، بعفافهم، بإنجازهم للوعد، برحمتهم، بعفوهم، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها: "كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأتي الفواحش، ونسفك الدماء، ونقطع الرحم، ونسيء الجوار، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته، وصدقه، وعفافه، ونسبه، فدعانا إلى الله لنعبده ونوحِّده، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء".
أيها الإخوة... بعد هذه المقدمة موضوع الخطبة اليوم : الدعوة الصامتة، يمكن أن تكون أكبر داعيةٍ إلى الله، ويمكن أن تفعل فعلاً ما فعله أحد وأنت صامت، وأنت مطبقٌ شفتيك، لأن لغة العمل أبلغ من لغة القول، ولأن الناس يتعلَّمون بعيونهم ولا يتعلَّمون بآذانهم، لأن الناس محتاجون إلى أن يروا مسلماً متحرِّكاً يعيش معهم، يتأثَّر كما يتأثَّرون، لكنه انتصر على نفسه كما لم ينتصروا، يريدون أناساً يقطفون ثمار هذا الدين ولا يتحدثون عنه، الناس يريدون مجتمعاً إسلامياً فيه الصدق، والأمانة، والعفاف، والرحمة، واللطف، لن تتوسع دوائر الحق إلا بالتطبيق العملي، وشتَّان بين أن تقول: مئة ألف، أو مليون، أو ألف مليون، بين أن تلفظها وبين أن تملكها، شتان بين أن تملك خارطة قصرٍ منيف، وبين أن تسكن هذا القصر، بين أن تملك صورة سيارةٍ فارهة، وبين أن تركب هذه السيارة، فرقٌ كبير وبونٌ شاسع بين القول والعمل.
أيها الإخوة الكرام... هذه الدعوة إلى الله، الدعوة الصامتة ما خصائصها؟ وما مزاياها؟ بادئ ذي بدء حال واحدٍ في ألف؛ إنسان مطبق، مخلص، موصول، حال واحدٍ في ألف أبلغ من قول ألفٍ في واحد، أول مزايا الدعوة الصامتة: أن الدعوة بالأحوال أبلغ من الدعوة بالأقوال، فكلٌ منَّا يستطيع أن ينمِّق الكلام، وأن يُدَبِّج المقال، وأن يحسن الحديث، وأن يتفوَّه بما لا يعتقد، وأن يفعل ما لا يقول، وهذه مشكلة المشكلات، وهذه معضلة المعضلات أن نقول ما لا نعتقد، وأن نفعل ما لا نقول، أيُّ إنسانٍ أوتي ذكاءً أو ثقافةً بإمكانه أن يتكلم كلاماً مقنعاً، ولكن الذي يهز ضمائرنا، ويثير حماسنا، ويشدُّنا إلى الدين أن نرى رجلاً يفعل ما يقول، ويقول ما يعتقد، نريد أن نرى مسلماً متحرِّكاً، كما أن بعض العلماء قال: القرآن كونٌ ناطق، والكون قرآنٌ صامت، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآنٌ يمشي. يمشي بين الناس.
أيها الإخوة الكرام... النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديبية، أمر أصحابه أن يتحللوا وأن يحلقوا، لكن ما الذي حصل؟ حينما خرج وتحلل وحلق ونحر تابعه أصحابه، هذه نقطة دقيقة جداً، حينما كان مع أصحابه في سفر، وأرادوا أن يعالجوا شاةً ليأكلوها، قال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال الثاني: عليّ سلخها، وقال الثالث: عليّ طبخها، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "عليَّ جمع الحطب، قالوا: نكفيك هذا يا رسول الله، قال: أعلم أنكم تكفونني ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه"، هذا الموقف أبلغ ألف مرة من مئة ألف محاضرةٍ في التواضع، موقف؛ علَّمهم بأحواله، قام وجمع الحطب، حينما كانوا في معركة بدر، وكانت الرواحل قليلة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "كل ثلاثةٍ على راحلة وأنا وعليٌ وأبو لبابة على راحلة" (أحمد عن ابن مسعود).
ركب النبي الناقة في نوبته، فلما انتهت نوبته وجاء دوره في المشي، فتوسل إليه صاحباه أن يبقى راكباً، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "ما أنتما بأقوى مني على السير ـ كان قوياً صلى الله عليه وسلم ـ ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر" (أحمد عن ابن مسعود).
هذا تعليمٌ بالأحوال لا بالأقوال، والله الذي لا إله إلا هو، لو أن كل مسلمٍ ولو لم يكن داعيةً، ولو لم يكن محصلاً للعلم الشرعي الذي ينبغي أن يحصله الدعاة، ولو لم يكن طليق اللسان، يكفي أن يكون أميناً وصادقاً ووديعاً ورحيماً وليِّناً ليفعل فيمن حوله فعل السحر. نحن بحاجةٍ إلى إنسانٍ يفعل أكثر مما نحن محتاجون إلى إنسانٍ يقول.
أيها الإخوة الكرام... هذه الدعوة الصامتة أول مزاياها: أن الدعوة بالأحوال أبلغ من الدعوة بالأقوال.
هناك خاصةٌ ثانية: المتكلم إما أن يرفع مستوى كلامه، فيأتي بالأدلة الدقيقة والعميقة، إما أن يرفع مستوى لغته، وإما أن يحلِّق في عالم الأدب، وإما أن يأتي بأحدث ما في العلم، مَن يتابعه؟ قلةٌ قليلة، وإما أن يضعِّف المستوى، ويتكلم بالعامية ليفهم الكثرة الكثيرة، لكن الخواص ينفرون منه، فالدعوة بالأحوال يستوي جميع الناس في فهمها، مثقَّفُهم وغير مثقفِهم، العمل واضحٌ كالشمس، فأنت إن رفعت المستوى خسرت الطبقة الواسعة، وإن خفَّضت المستوى خسرت الطبقة الخاصة، أما إذا كنت أميناً، أما إذا كنت مستقيماً، أما إذا كنت صادقاً، أما إذا كنت رحيماً، أما إذا كنت أباً كاملاً، أو زوجاً كاملاً، فإن كل من حولك يفهم عليك، لأن الحركة لا تحتاج إلى ثقافة، لكنها تحتاج إلى رؤية، هذه ميزةٌ ثانية أن الذي يدعو الناس بأحواله كل من حوله يفهم عليه من دون تردد.
خصيصةٌ ثالثة للدعوة الصامتة، قال العلماء- علماء النفس-: إن الحدث المشاهد أثبت بكثير من الكلمة المسموعة. مرةً كنا في الجامعة وكان هناك مادةٌ اسمها: الصحة النفسية فيها ثلاثمائة مرض نفسي، عرض علينا أستاذنا مشهداً متحركاً لمرضٍ اسمه الصراع، هذا المشهد الذي رأيناه متحركاً بكل دقائقه لازال في ذاكرتي دائماً، السبب أن المشاهد المتحركة أثبت في النفس من الكلمات المنطوقة، أنت حينما تشاهد حادثاً مروِّعاً، تبقى صورته في ذهنك إلى أمدٍ طويل، أما إذا قرأت مقالةً عن حوادث السير، سرعان ما تنساها، لذلك الحياة شيء، والكلمة المكتوبة شيءٌ آخر، فأنت حينما تعلِّم الناس بأحوالك. النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى امرأةً تقبِّل ابنها وقد ألقمته ثديها، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- - وهذا المشهد أمام أصحابه جميعاً - قال: "هذه المرأة أتلقي بولدها إلى النار؟" قالوا: معاذ الله !! أم، قال : "لله أرحم بعبده من هذه بولدها " (البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه).
هذا المشهد لا ينسى، فأنت إن علَّمت الناس بأحوالك، بمواقفك، بتواضعك، بكرمك، برحمتك، بعفوك، أنت مشهد متحرك لا ينسى هذا أبداً، أما إذا كنت فصيحاً وألقيت كلاماً بليغاً، وتفننت في عرض الفكرة، وجئت بأدلَّتها، هذا كلامٌ طيب له تأثيرٌ آني، ولكن بعد حين يبقى انطباعٌ ضبابي، والله جلسة رائعة، كلمة رائعة، فما مضمونها؟ والله لا أذكر، أما حينما تشاهد وأنت في حالةٍ إنسانية، وأنت تعمل عملاً طيِّباً، هذا الموقف المتحرك، هذا الذي اشتركت في نقله عدة حواس هذا لا ينسى، قالوا: في التعليم كلما كثرت الحواس التي تستقبل الشيء كان أثره أبلغ، يكفي أن تكون مسلماً، يكفي أن تكون صادقاً.
حدثني أخ دخل إلى بقالية، قال له: أعندك بيضٌ طازج؟ قال له: والله الذي عندي جئت به قبل عدة أيام، أما جاري فجاءته وجبةٌ الآن، خذ من جاري. هذا أبلغ من ألف خطبة، رأى الصدق. أعندك بيضٌ طازج؟ قال له: لا، جاري عنده. مثل هذا البقَّال إن تكلم كلمةً في الدين تسمع لأنه عند كلمته.. أرجو المعذرة أنا لا أقلل من أهمية المتكلمين، قد يكونون أعلام الأمة، أما هؤلاء المتكلمون الذين هم أعلام الأمة فما كانوا أعلام الأمة إلا لأن واقعهم أكّد كلامهم.
أيها الإخوة الكرام... الكلمة الصادقة، أو المصداقية في الكلام، حينما تكون متكلماً فصيحاً ذا بيانٍ، ويتَّبع الناس أحوالك، فيرون حالك كما تقول، عندئذٍ يصدقونك، مرةً سألت أحد الدعاة في بلدٍ عربي: ما نصيحتك إلى الدعاة إلى الله؟ كنت أظنه أنه سيتكلم كلاماً طويلاً، فإذا بها كلمةٌ واحدة، قال: ليحرص الداعي ألا يراه المدعوون على خلاف ما يقول، فقط ولا أزيد على هذه النصيحة. لأنك إن لم تفعل ما تقول هناك سؤالٌ كبير: هو لا يطبق كيف يعلمنا؟ فإن كان مقصراً ليس أهلاً أن يقول، وإن كان هذا الذي يقوله ليس واقعياً لا علاقة لنا به.
أيها الإخوة... الدعوة إلى الله لها أثرٌ كبير إما بكلامٍ صادقٍ يؤكده الواقع، أو بعملٍ صامت يراه كل من حولك.
هناك شيء دقيق جداً هو أن الناس ألفوا إما بوسوسة من الشيطان أو بخبثٍ منهم، أنهم كلما دعوا إلى الحق قالوا: هذا كلام مثالي يا أخي، نحن عندنا واقع. كل إنسان أراد أن يتفلَّت من منهج الله يدعي أن هذه مثالية، هذا كلام، لكن حينما تدعو إلى الله بعملك، تقدم المثالية مع البرهان عليها أنها واقعية، ما الذي يجعل المثال واقعاً؟ إذا طُبِّق، وأنا أرى أن الأبلغ من ذلك أن يكون إنسانٌ يعاني ما يعانيه الناس، ويؤلمه ما يؤلمهم، ويغريه ما يغريهم، يؤدِّي الأمانة إلى أهلها، أقسم لي بالله رجل أنه أعاد إلى ورثةٍ عشرين مليون دون أن يعلموا عنها، ودون إيصال، ودون وثيقة، ودون إدانة، بل ودون علم، قدمها لوجه الله لأنها من حقهم.
أيها الإخوة... مثل هذه المواقف؛ موقفٌ فيه أمانةٌ تدهش، فيه مؤثرةٌ تدهش، فيه تواضعٌ مدهش، هذا الذي يجذب الناس إلى الدين، أنا أرى أن فصاحة الفصحاء لا تكفي كي تشد الناس إلى الدين، ولكن عمل العاملين، وصدق الصادقين، وتواضع المتواضعين، ورحمة الرحماء، هي التي تشد الناس إلى الدين، إذاً حينما تدعو وأنت صامت تقدم الحقيقة مع البرهان عليها، تجعل ما يدَّعيه الناس مثالاً تجعله واقعاً، وكلما كان المثل معاصراً- إنسان يعاني ضغوطاً، لكنه كان وَقَّافاً عند كتاب الله، أعطى كل ذي حقٍ حقه- كان أبلغ.
أيها الإخوة الكرام... أعداء الدين لهم شأنٌ واحد من آدم إلى يوم القيامة؛ أن يشككوا، أن ينتقدوا، أن يضعِّفوا، أن يفرغوا، هذه مهمتهم، ما دامت الدعوة بيانية فقط، ما دامت كلاماً فقط، فهناك ألف مجالٍ ومجالٍ للطرف الآخر أن ينقد هذه الدعوة؛ يشكك في النوايا، يشكك في الأهداف، يسبغ عليها طابعاً مصلحياً وهي بريئةٌ منه، ما دامت الدعوة بيانيةً فقط، لأعداء الدين ألف سبيلٍ وسبيلٍ عليها، ما دامت الدعوة بيانيةً فقط، وتأليفيةً فقط، وكُتُباً فقط، لأعداء الدين ألف سبيلٍ وسبيلٍ عليها، أما حينما تغدو الدعوة سلوكاً، وممارسةً، وحركةً، وواقعاً، هذا يخرس أعداء الدين.
فمثلاً: النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما عامل أهل مكة برحمةٍ ما بعدها رحمة، ناصبته العداء عشرين عاماً، وقد انتصر عليها انتصاراً حاسماً مؤزَّراً عزيزاً، وبإمكانه أن ينتقم أشدّ أنواع الانتقام، بإمكانه أن يلغي وجودهم بإشارةٍ لا بعبارة. قال: "ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء" (من فيض القدير في شرح الجامع الصغير).
حتى قال أبو سفيان: ما أعدلك! وما أرحمك! وما أكرمك! وما أوصلك! هذه الدعوة الخالدة لأنها بنيت على موقف، بنيت على كمال.
أيها الإخوة... الدعوة الصامتة إجابةٌ مفحمة لكل المضللين. شيءٌ آخر في الدعوة الصامتة، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مثلاً لو نصح الفقراء بالصبر وكان غنياً، وكان يعيش حياةً مترفةً، والله كلامه لا يصدقه أحد، أما حينما ذاق الفقر، دخل بيته قال : أعندكم شيء؟ والله أنا أعتقد أنه ما من واحدٍ منكم على الإطلاق إذا دخل بيته وقال لأهله: أعندكم شيء؟ يقال له: لا. مستحيل، قالوا: لا، قال: "فإني صائم" (الجامع الصغير عن السيدة عائشة).
ذاق الفقر، فإذا نصحنا أن نصبر، على العين والرأس، لأنه عاش آلام الفقر ونصحنا أن نصبر، أما لو كان مترفاً؛ دعوةٌ مضحكة، دعوة المترف إلى التقشُّف دعوةٌ مضحكة، لما أمرنا أن نعفو، وبإمكانه أن يطبق على أهل الطائف الجبلين، قال: "اللهم اهدِ قومي إنهم لا يعلمون" (الدر المنثور في التفسير بالمأثور). هذه الدعوة الخالدة، لأنها بنيت على موقف.
أيها الإخوة... حديثٌ طويل، ولكن إن أردتهم أن تكونوا دعاةً كباراً من دون ثقافةٍ عاليةٍ، ومن دون اطلاعٍ كبيرٍ على ما في الكُتُب، ومن دون معالجة أدق القضايا، يمكن بصدقك، وأمانتك، واستقامتك، وعفافك أن تكون أكبر داعيةٍ وأنت صامت، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس.
والله -أيها الإخوة- سمعت قصتين، الأولى سمعتها يوم كنت في الحج: أن رجلاً ألمانياً أسلم، فكان سبب إسلامه أن طالباً من سوريا سكن عنده في البيت، وعند هذا الرجل فتاةٌ جميلةٌ جداً، لم يستطع والد هذه الفتاة أن يرى هذا الشاب مرةً ينظر إلى ابنته، غض البصر وحده جعله يسلم، غض البصر وحده.
هناك أستاذ رياضيات في مدينة في أمريكا ملحد، ويسخَر من كل الأديان، رأى فتاةً محجبةً حجاباً كاملاً تحضِّر دكتوراه في الرياضيات، قال: البنات هنا عرايا في الصيف، فما الذي في ذهن هذه الفتاة؟ ماذا عندها من قناعات حتى ترتدي هذه الثياب الكاملة؟! ثيابها فقط دعته إلى دراسة الإسلام، والآن هو أكبر داعية هناك، لم تتكلم بكلمة واحدة إلا أن حجابها كان كاملاً والوقت صيف، والقيم هناك منهارة، وكل شيء يدعو إلى التفلُّت، فتاةٌ محجبةٌ حجاباً كاملاً جعلت من ملحدٍ داعيةً، وإنسان بعيد عن الدين بعد الأرض عن السماء، جعله شابٌ غض بصره عن ابنته مسلماً، وهناك قصصٌ والله لا تعد ولا تحصى، الذي يشد الناس إلى الدين مسلمٌ حقيقي مطبقٌ لأحكام الدين.
يا أيها الإخوة الأكارم... مجالات الدعوة الصامتة، أول مجالٍ: أن تكون قدوةً، هذا ملخص الماضي، أن تكون قدوةً وأسوةً لمن حولك فقط، ما جربوا عليك كذباً قط، ولا نفاقاً، ولا توانياً، ولا تكاسلاً، ولا تقصيراً، ولا إساءةً، ولا كلمةً بذيئة، القدوة والأسوة الحسنة هي أول مجالٍ من مجالات الدعوة الصامتة.
هناك شيء يبدو أنه في هذه الأيام مهمٌ جداً هو أنك إذا تفوقت في مجال الحياة؛ تفوقت في علمك، في اختصاصك، في حرفتك، وكنت مسلماً تصلي، ربط الناس بين تفوقك في الدنيا وبين دينك، إذا كنت متفوقاً وأنت في أعلى درجة، وأنت ملتزمٌ، الناس يربطون بين التفوق وبين الالتزام.
مثل بين أيديكم: لو أن أباً ابنه في مسجد، ونال الدرجة الأولى في الشهادة الثانوية، الأب ببساطة يربط هذا التفوق بالانتماء لهذا المسجد، يقول له بعد الامتحان والنجاح: خذ أخاك معك إلى المسجد. أما لو أن هذا الابن ملتزم لكنه رسب، الأب يعزو رسوبه إلى المسجد، فيمنعه من متابعة الدروس، إذا تفوَّقت في شهاداتك، في امتحاناتك، في طبك، في هندستك، في تجارتك، إن تفوقت وأنت ملتزم، وأنت مطبق، كنت داعيةً بطريقةٍ أخرى غير القدوة، التفوق وحده دعوةٌ إلى الله، أن تكون في قمة اختصاصك، هذا التفوق وحده دعوةٌ إلى الله.
الإحسان إلى الناس، أن تكون هيناً ليناً، أن تكون معطاءً، أن تكون سموحاً، إحسانك إلى الناس دعوةٌ إلى الله، الإحسان قبل البيان، القدوة قبل الدعوة.
دخل -عليه الصلاة والسلام- إلى بستانٍ فرأى جملاً حن و ذرفت عيناه، قال: "من صاحب هذا الجمل؟" (الطبراني عن عبد الله بن جعفر) قالوا: صبيٌ من الأنصار. قال:
"ألا تتقي الله في هذه البهيمة؟" (الطبراني عن عبد الله بن جعفر).
حينما تحسن تفتح القلوب، القلوب موصدة ومعها العقول، فإذا أحسنت فتحت القلوب، وبعدها فتحت العقول. "ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حبّ من أحسن إليها" (حديث قدسي رواه البيهقي عن عمير بن وهب).
والله أعرف شاباً تزوج فتاةً غير مسلمة، ثم أسلمت، أم هذه الفتاة حينما رأت من إحسان صهرها، ومن رحمته، ومن عنايته، وقد قعدت في فراشها في أواخر عمرها، أسلمت دون أن تسمع منه كلمةً عن الإسلام، من معاملته. وهناك شواهد لا تعد ولا تحصى، المحسن يصغى إليه، المحسن يفتح القلوب بكلامه، فالإحسان إلى الناس، وتقديم البر، والخدمة لهم أحد ملامح الدعوة الصامتة، القدوة واحد، التفوق اثنان، الإحسان ثلاثة، هذه مجالات الدعوة الصادقة.
الآن، كظم الغيظ، وعدم الانتقام، والتسامح حتى في حقك كداعية، كمواطن عادي لك أن تأخذ حقك، أما كداعية فإذا تسامحت في حقك، ورأى الناس تسامحك، ولينك أحبوك، قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [سورة فصلت: 34].
هذه دعوة، أن تردَّ على الإساءة بإحسانٍ هذه دعوةٌ إلى الله. رجل يجمع التبرعات دخل إلى محل تجاري، فأساء له صاحب المحل إساءةً بالغة، عمل تصرُّفاً، فجعل صاحب المحل يقع على الأرض من خجله، فتح له الصندوق وقال له: خذ ما تشاء ولا تعلمني بما تأخذ. التسامح، العفو، أن تتنازل عن بعض حقوقك كداعية، هذا يجعل الناس يميلون إليك. هذا بندٌ آخر، كظم الغيظ، والتنازل عن بعض الحقوق الشخصية مقابل أن يميل هذا الإنسان إليك.
أيها الإخوة الكرام... هناك شيء في الدعوة يحتاج إلى عُمق، أبو سفيان من وجهاء قريش، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن" (من مختصر تفسير ابن كثير).
هذا الشأن الذي منحه النبي لأبي سفيان جعله يميل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أي أنزلوا الناس منازلهم، إنسان متفوق في اختصاص، ناده بلقبه العلمي يصغي إليك، إنسان عمل عملاً طيباً أثنِ عليه، هذا تمهيد إلى أن تملك قلبه، هذا أيضاً من الدعوة الصامتة.
أما الشيء الأخير في هذا الموضوع: العاطفة الصادقة يلمحها الحاضرون، إذا كنت محباً لهم، مخلصاً لهم، تتألم لآلامهم، وتسعد لسعادتهم، هذا الشيء يعلمه من حولك، فإذا كنت صادقاً في عواطفك فالعاطفة وحدها أساسٌ من أسس الدعوة الصامتة، ولكن هناك شيئاً أيضاً غير طبيعي أن هناك من يقول: كلام عاطفي، العاطفة أساسية، لماذا خلقها الله عزَّ وجل من أجل أن تنكر؟ ألم يقل الله عزَّ وجل: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) [سورة الانفطار : 6-7]، خاطب قلبه أولاً.. (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)!!
ثم خاطب عقله، أنت حينما تستخدم العاطفة الصادقة في التعبير عن مشاعرك تجاه الآخرين، يحبك الآخرون، أما أن تكون جامد العاطفة، تتحدث بالأفكار فقط، هذه دعوةٌ متصحِّرة ليست فيها حياة العاطفة، أنا أقول: لا بد من التوازن؛ إن بالغت في الفكر من دون عاطفةٍ لا تنجح، وإن جعلت الدرس كله عواطف، وانفعالات، وبكاء، وصراخ، وعويل لا تنجح، لابد من فكرٍ ناضج، ولابد من عاطفةٍ متزنة.
فهذه أيها الإخوة لا تحتاج إلى تفوق، ولا إلى شهادات، كل واحدٍ منكم بعمله، باختصاصه. والله أيها الإخوة قصةٌ جاءتني الآن: أخٌ كريم يعمل في دائرة، فقدم لرئيسه إجازة ستة أيام، قال له: لا يوجد إجازات، قال له: هذه الإجازة تعادل صلاة الظهر ثلاثين يوماً في جامع جانب الدائرة، فأنا من أجل الأمانة كل يوم ربع ساعة، جمعت هذا الوقت كله فبلغ ستة أيام إجازة، فصعق هذا المدير ثم قال له: أنت مَن شيخك؟ وفي أي جامعٍ أنت؟ أجابه، المفاجأة أن هذا الذي كان بعيداً عن الدين بُعد الأرض عن السماء كان في المسجد في الأسبوع القادم، ما هذه التربية؟ يحاسب نفسه على ربع ساعة، صلى فيها الظهر إلى جانب الدائرة، جمع هذا الوقت ـ أنا لا ألقي الآن حكماً فقهياً، هذا موضوع ثان، أنا أذكر مثلاً، يحتاج إلى مناقشة، وإلى توضيح، فهذا الإنسان عندما رأى من الموظف حرصه البالغ على الدوام، ومحاسبة نفسه بشدة، اشتهى أن يكون في عداد روَّاد هذا المسجد.
فيا أيها الإخوة... هذه الخطبة من نوع آخر، طبعاً مع طوفان الشهوات، وشيوع الضلالات، والفسق، والفجور، نحن في أمس الحاجة إلى دعاة، أما الدعاة المتكلِّمون فرائعون لكنهم قلَّة، أما الدعاة الصامتون فيجب أن يكونوا كثرة، بل بإمكان كل مؤمنٍ مهما كان شأنه ضعيفاً أن يكون داعيةً صامتاً، والناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم.
أيها الإخوة الكرام... حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام... معنا في المسجد لجنةٌ كريمة لجمع التبرعات لثانويتين شرعيتين، الأولى في دوما والثامنة في داريا. أريد أن أقول لكم أيها الإخوة: إنك إذا علَّمت فتاةً علَّمت أسرةً، الفتاة هي المربية، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءته امرأةٌ قالت: "يا رسول الله إن زوجي تزوجني وأنا شابة ذات أهلٍ ومالٍ وجمال، فلما كبرت سني، ونثر بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي قال: أنتِ علي كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا - أنا أربيهم- وإن ضممتهم إليَّ جاعوا".
الشاهد في هذه القصة أن المرأة مربية، وأن الرجل عمله خارج المنزل يكدح ليأتي برزق أولاده وعياله، هو القائد المشرف، أما التفاصيل اليومية فمنوطةٌ بالأم، فإذا علمت أماً علَّمت أسرةً، وإذا علّمت المرأة علّمت نصف المجتمع، فيأ أيها الإخوة هاتان الثانويتان الشرعيتان لا أزكي القائمين عليها على الله، ولكن أحسبهم صالحين، هم يربون آلاف الفتيات على الكتاب والسُّنة، فإن دعمتم هاتين الثانويتين فهذا في صحيفة أعمالكم، وأرجو الله أن يكون هذا الدعم صدقةً جاريةً، فـالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
مرةً ذكرت لكم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مع أصحابه فمروا بقبر، فقال:
" صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون وتنفلكم يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم " (ورد في الأثر).
ونحن أيها الإخوة سوف نمضي، ما الذي يبقى؟ درهمٌ أنفقته في سبيل الله، ركعتان صليتهما بإخلاصٍ لله عزَّ وجل، كلمة حقٍ نطقتها، عيادة مريضٍ عدته، صلة رحمٍ وصلتها، هذا الذي يبقى، أي معظم النشاط لا قيمة له، ماذا أكلنا؟ ماذا شربنا؟ ماذا عملنا؟ كيف جمعنا الأموال؟ كله يذهب، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يوزع شاةً، وزعها كلها لم يبقَ إلا كتفها قالت السيدة عائشة له: لم يبقَ إلا كتفها، اجعل لنا شيئاً، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "بل بقيت كلها إلا كتفها" (الجامع الصغير عن عائشة).
فالذي يبقى هذا الذي تنفقه اليوم، وهذه الصلاة التي تصليها، وهذا العمل الصالح الذي تعمله، وهذه الصلة التي تصلها، هذا الذي يبقى والباقي كله..(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) [سورة الرحمن : 26].
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك.
اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، أرضنا وارض عنا، اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بينا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وبأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلِّط علينا مَن لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تعاملنا بفعل المسيئين، ولا تهلكنا بالسنين يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير. والحمد لله رب العالمين.