الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
العربية
المؤلف | عبدالباري بن عواض الثبيتي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الزهد |
إخوة الإسلام: إن الصحة تدعو -أحيانا- إلى الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وهدأة بال، فإذا قيده المرض أحيانا، وتجاذبته الآلام أوقاتا، انكسرت نفسه، وتقارب نَفَسه، فرق قلبه، ولان حسه، وتطهر من أدران الزهو والكبر. فمن رحمة أرحم الراحمين: أن يتفقد عبده بأنواع من أدوية المصائب، تكون حماية له من هذه الأدواء، وحفظا لـ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، أحمده سبحانه وأشكره، لا إله غيره، ولا نعبد إلا إياه.
وأشهد أن لا له إلا الله وحده لا شريك له، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أكرمه ربه فاجتباه، وأحبه فضاعف عليه الوجع وابتلاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
لقد خلق الله الحياة على طريقة اختلطت فيها اللذائذ بالآلام، والمحاب بالمكاره، فهيهات أن ترى لذة لا يشوبها ألم، أو صحة لا يكدرها سقم، أو سروراً لا ينغصه حزن، أو راحة لا يخالطها تعب، أو اجتماعاً لا يعقبه افتراق، أو أمانا لا يلحقه خوف.
إن هذا ينافي طبيعة الحياة، ودور الإنسان فيها، قيل لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- صف لنا الدنيا؟ فقال: "ماذا أصف من دار: أولها بكاء، وأوسطها عناء، وآخرها فناء".
ومن البلايا؛ ما يصاب به العبد من أمراض.
وفي عالمنا اليوم انتشر العلم، وفشت الأمراض، أمراض لم نعهدها، وبلايا لم نعرفها، استحدثت آلات وتقنية، واستجدت أمراض مستعصية لم يكن هذا الأمر سهوا، والقدر عبثا، بل إنها سنة ربانية أكدتها نصوص القرآن والسنة، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا".
هذا المرض الذي يهابه الإنسان، ويفزع من وقوعه، ويدفع الغالي والنفيس لئلا يحل بداره.
المرض كلمة مرعبة، وحالة مفزعة، تخالجها الأحزان والهموم، والأكدار والغموم، والعبد لا يتمنى البلاء ولا يتعرض له، بل يسأل الله العافية، كما قال صلى الله عليه وسلم: "اسألوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يُعط بعد اليقين خيرا من العافية" [أخرجه الترمذي وأحمد].
ولو تأمل المسلم النصوص الشرعية، والمراتب العالية السنية، لو تأمل ما في المرض من حكم وأسرار، وثمرات من الخير غزار، لمن ابتلي بالمرض فصبر، ورضي واستسلم للقضاء والقدر، لعلم أن المرض بلاء ومحنة في طيه جزاء ومنحة.
المرض؛ سبب تكفير الذنوب والسيئات، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يصيبه أذى مرض فما سواه إلا حط الله له سيئاته كما تحط الشجرة ورقها" [أخرجه البخاري ومسلم].
ودخل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على أم السائب أو أم المسيب، فقال: "ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب تزفزفين؟" قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: "لاتسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد"[أخرجه مسلم].
ويقول صلى الله عليه وسلم من حديث سعد بن أبي وقاص: "فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة"[أخرجه الترمذي].
وقال قيس بن حماد: "ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا".
بالمرض تكتب الحسنات، وترفع الدرجات، طرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجع فجعل يشتكي، ويتقلب على فراشه، فقالت له عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الصالحين يشدد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة، ورفع بها درجة"[رواه أحمد].
المرض؛ سبب لدخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم يقول الله -سبحانه-: "ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة" [رواه ابن ماجة].
المرض؛ سبب للنجاة من النار، فقد عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- مريضا، فقال: "أبشر، فإن الله يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة"[أخرجه بن ماجة وأحمد].
من تأمل هذه الأحاديث زالت همومه، وانقشعت غمومه، وامتلأ قلبه رضا بما قدر الله.
وهذا أعلى من مقام الصبر.
عبد الله: إن ابتلاءك بالمرض نعمة فلا تجزع، ومنحة فلا تقلق، فما أخذ منك إلا ليعوضك خيرا، وما ابتلاك إلا ليطهرك من الذنوب، ويرفع درجتك، فسلم له تسلم.
إخوة الإسلام: إن الصحة تدعو -أحيانا- إلى الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، لما يتمتع به المرء من نشاط وقوة وهدأة بال، فإذا قيده المرض أحيانا، وتجاذبته الآلام أوقاتا، انكسرت نفسه، وتقارب نَفَسه، فرق قلبه، ولان حسه، وتطهر من أدران الزهو والكبر.
فمن رحمة أرحم الراحمين: أن يتفقد عبده بأنواع من أدوية المصائب، تكون حماية له من هذه الأدواء، وحفظا لصحة عبوديته، فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه، فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء، لطغوا وبغوا وعتوا.
ورُب محسود على رخاء هو شقاؤه، ومرحوم من سقم هو شقاؤه، ومغبوط بنعمة هي بلاؤه.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "إن الله -سبحانه- لا يقضي لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيراً له، ساءه ذلك القضاء أو سره، فقضاؤه لعبده المؤمن عطاء، وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية، ولكن لجهل العبد وظلمه، لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، ولو رزق من المعرفة حظاً وافراً لعد المنع نعمة والبلاء رحمة وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى.
والعبد لجهله وظلمه يتهم ربه بابتلائه، ولا يعلم إحسانه إليه بابتلائه وامتحانه.
ومن رحمته: أنه نغص عليهم الدنيا وكدرها، لئلا يسكنوا إليها، ولا يطمئنوا إليها، ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان، فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم " انتهى كلامه.
ولهذا كان الأنبياء والصالحون يفرحون إذا نزل بهم البلاء، كما يفرح أحدنا بالرخاء، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء" [رواه ابن ماجة].
لأنهم يعلمون أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، ولأنهم يعلمون أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، ولهذا كان أشد الناس بلاء أحبهم إليه سبحانه، ولما سئل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلى على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة" [رواه الترمذي وابن ماجة].
ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشد الناس بلاء، ولما أصابته الحمى، قال أبو سعيد الخدري: كنت أجد حرها بين يدي فوق اللحاف، فقال: يا رسول الله ما أشدها عليك، قال: "إنا كذلك يضعف لنا البلاء، ويضعف لنا الأجر" [أخرجه ابن ماجة].
وابن مسعود -رضي الله عنه- يمس النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده، فيتعجب من شدة الحمى عليه، قائلا: "إنك لتوعك وعكاً شديداً؟! فيخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الحمى تشتد عليه كما تشتد على رجلين، ثم يخبره أن له الأجر مرتين"[رواه البخاري ومسلم].
ونبي الله أيوب -عليه السلام- بقي أسير مرضه ثمانية عشر عاماً، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح.
أخي المريض: كشف الله عنك كل ألم وضر، إذا ابتليت بمرض عارض، فاحمد الله -تعالى- أنك لم تصب بمرض أشد منه، أو بمرض مزمن، وإذا أصيب بداء شديد، فاحمد الله -تعالى- أنك لم تصب بأكثر من داء، ولو شاء لأصابك، وإذا أصبت بأمراض، فاحمد الله، واشكره أنه أبقى عليك عقلك، ولو شاء لسلبك إياه.
يروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "ما أصبت ببلاء إلا كان لله على فيه أربع نعم: أنه لم يكن في ديني، وأنه لم يكن أكبر منه، وأني لم أحرم الرضا، وأنى أرجو ثواب الله -تعالى-".
ويطفئ المريض المبتلى مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، انظر يمنه فهل ترى إلا محنة، ثم اعطف يسرة فهل ترى إلا حسرة، ولو فتشت العالم لم تر فيه إلا مبتلى بفوات محبوب، أو حصول مكروه.
أخي المريض: اختار الله لك المرض، ورضيه لك، والله أعلم بمصلحتك من نفسك، وحق الله عليك في هذه البلوى هو الصبر، فهو عبودية الضراء والجزع لا يفيدك، بل يزيد عليك آلامك، ويضاعف المصيبة وأحزانك، وسوف تنسى -أخي المريض- كل ما كنت تعانيه من آلام وأسقام إذا دخلت دار السلام، حين ينادي مناد: "إن لكم إن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قوله عز وجل: (وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف: 43]. [رواه مسلم].
ما أعظم الأجر، لو قدر الله المرض على عبد وهو مقيم على عبادة، وحسن طاعة، لو قدم إليه المرض، وهو من أهل القرآن المحافظين على فضائل الأعمال، القائمين في جوف الليل، الصائمين بالنهار، هذا حتى لو أقعده المرض كتب الله له ما كان يعمل حين كان صحيحاً، فأي فضل هذا؟
أخرج البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا".
قال أحد السلف: "رأيت جمهور الناس إذا طرقهم المرض اشتغلوا تارة بالجزع والشكوى، وتارة بالتداوي إلى أن يشتد عليهم فيشغلهم اشتداده عن الالتفات إلى الصالح من وصية، أو فعل خير، أو تأهب للموت، فكم ممن له ذنوب لا يتوب منها، أو عنده ودائه لا يردها، أو عليه دين، أو زكاة، أو في ذمته ظلامة لا يؤديها، وإنما حزنه على فراق الدنيا، إذ لا هم له سواها".
أخي المريض: إنك أحوج ما تكون إلى رحمة ربك، وعفوه، فلم تهجر القرآن؟ لم تغفل عن ذكر الله والدعاء؟ لم ترفع الشكوى إلى الخلق وتنسى الإله الحق؟ لم تتهاون بالصلاة بحجة المرض، صل الصلاة لوقتها قائماً، فإن لم تستطع فجالساً، فإن لم تستطع فعلى جنبك، متوجهاً إلى القبلة، فإن لم تتمكن فصل حيث كان اتجاهك ولا إعادة، فإن لم تستطع فصل مستقلياً رجلاك إلى القبلة؟
فإن شق فعل كل صلاة في وقتها، فللمريض الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو تأخير، حسبما يتيسر، أما الفجر فلا جمع بينهما وبين صلاة بعدها أو قبلها.
سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنتداوى؟ قال: "نعم يا عباد الله تداووا" [أخرجه الترمذي وأبو داود].
وأخرج مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله -عز وجل-".
والدعاء من أنفع الأدوية، فعن عثمان بن أبي العاص: أنه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عثمان: وبي وجع، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ باله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" [رواه مسلم].
وأخرج أيضا عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بإصبعه هكذا- أي وضع سبابته بالأرض ثم رفعها: "باسم الله تربة أرضنا، بريقة بعضنا، ليشفى به سقيمنا بإذن ربنا".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد:
فاتقوا الله -تعالى-، قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 - 71].
أخي المسلم: وقاك الله أنواع المرض، وصرف عنك لواذع المضض.
إن للمريض حقوقا، فيعادته سنة، والدعاء له هدي رسول الأمة -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله -عز وجل- يقول كما في الحديث القدسي: "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ... " [أخرجه مسلم].
وقال علي -رضي الله عنه- سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة" [أخرجه الترمذي وابن ماجة].
عيادة المريض: للدعاء له، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يعوذ مريضاً لم يحضر أجله، فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عوفي" [رواه الترمذي وأبو داود].
وكان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إذا عاد مريضاً، يقول: "أذهب الباس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" [أخرجه البخاري ومسلم].
عيادة المريض: لتعلم فقرنا وحاجتنا إلى خالقنا، حين ترى المريض مستلقياً على فراشه يتقلب ألماً، ويئن وجعاً، ونحن نرفل في لباس الصحة والعافية، وأن ما ابتلي به المرضى يمكن أن نبتلي به، فإن الله قادر على كل شيء سبحانه، وأنه ليس أحد بممتنع من الله -عز وجل-.
عيادة المريض: لنذكره بالصبر، وعدم الجزع على ما فاته، وأن نعمل على إصلاح ما يمكن أن يكون قد تهدم من نفسه، فقد يحصل مع تحطيم النفس، تمكن الشك، ووجود السخط على الله، وبغض قضائه، وقدره، وزوال الإيمان، ومن وصل إلى ذلك، فقد خسر الدنيا والآخر -نسأل الله السلامة والعافية-.
عيادة المريض: للقيام بحقوقه، فقد يبتلي بمرض يقعده، وهموم نفسية تشغله، فهو يعول أسرة، ويرعى أطفالاً، ويتفقد والدين كباراً.
ومن واجب الأخوة: مواساته مصابه، بأن تقف إلى جواره، وتخفف آلامه وأحزانه، فتتحمل عنه شيئاً من متطلبات الحياة، وتكاليف المرض، ورعاية الذرية والولد.
أخي المسلم: عليك بمعالجة مرضك، بإزالة سببه، وهو الذنب، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
ألا وصلوا -عباد الله- على رسول الهدى، ومعلم البشرية الخير.