البحث

عبارات مقترحة:

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

الرحيم

كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...

الزهد

الزّهد في الدّنيا مقامٌ شريف، وهو عبارة عن انصراف الرّغبة عن الشيء إلى ما هو خيرٌ منه، وقد جاءت الكثير من الآيات والأحاديث الكريمة التي تحث على الزّهد وتبيّن فضله، ولنا في الصالحين خير قدوةٍ ومثال على الزهد.

التعريف

التعريف لغة

الزهد في اللغة: ضد الرّغبة، فهو خلافها، يُقال: فلانٌ زاهد في كذا، وفلان راغبٌ فيه، والرّغبة هي من جنس الإرادة؛ فالزّهد في الشيء: انتفاء الإرادة له، إمّا مع وجود كراهته وإمّا مع عدم الإرادة والكراهة، بحيث لا يكون لا مُريدًا ولا كارهًا له، وكلّ مَن لم يرغب في الشّيء ويُريده فهو زاهد فيه. انظر "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (1 /309)، "مختار الصحاح" للرازي (ص276).

التعريف اصطلاحًا

الزهد: «إسقاط قيمة الدّنيا من القلب، وأن لا يكون لشيءٍ عاجلٍ في القلب وزن، فإذا سقَطَت قيم الأشياء واستوت في القلب فهوَ الزهد». انظر "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (1 /269). وقال الجنيد: «الزهد خلو القَلب عمّا خَلَت منه اليد». انظر "الرسالة القشيرية" (1 /327). وعرّف ابن تيمية الزّهد المشروع: «هو ترك الرّغبة فيما لا ينفع في الدّار الآخرة، وهو فضول المُباح التي لا يُستعان بها على طاعة الله، مع ثقة القلبِ بما عنده». انظر "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (10 /21). وعرفه ابن جزي بقوله: «وَمَعنَاهُ ‌قلَّة ‌الرَّغبَة في المَال أَو عدمهَا وَخُرُوج حب الدُّنيَا من الْقلب. والزهد الكَامِل هُوَ الزّهد فِي جَمِيع الحظوظ الدُّنيَوِيَّة من الجاه وَالمال والتعظيم والمدح، وشهرة الذّكر، والتنعم بِطيب المأكل والملبس، وفضول الْعَيْش، وَغير ذَلِك». "القوانين الفقهية" (ص642).

الفروق

الفرق بين الزهد و الورع

كثيراً ما يشتبهُ ويلتبس الورع بالزّهد، مع أنّ بينهما فروقاً، ومِن تلك الفروق: أوّلاً: أنّ الزهد المشروع: ترك الرّغبة فيما لا ينفعُ في الدّار الآخرة؛ فيُعرض عنه الإنسان؛ لأنّه لا ينفعه في الآخرة، والمقصود به: فضول المُباح الّذي لا يُستعانُ به على طاعة الله عزّ وجل. وأمّا الورع المشروع: فهو ترك ما قد يضرُّ في الآخرة، وهو ترك المحرّمات والشبهات، وكذا المُباحات الّتي يُخشى أن تجرّ صاحبها إلى المكروهات أو المحرّمات. وبهذا الاعتبار يُمكن أن يُقال كما قال بعضُ أهل العلم: بأنّ الورع هو أوّل الزهد، كما أنّ القناعة هي أوّل الرِّضا. فالزّهد أبلغ من الورع، والزاهد لا بدَّ أن يكونَ ورعاً؛ فإنّ الزاهدَ يتركُ المحرّمات والمكروهات والمشتبهات، كما أنّه يترك المُباحات الّتي يُخشى أن تجرّ إلى المحرّمات، كما يترك التّوسع في المُباحات، وما لا ينفعُ في الآخرة، فيكتفي بالقليل من الدّنيا، ولا يتعلّق بها. ثانياً: أن الزّهد من باب التّرك المجرّد وعدم الرّغبة، لكن ليس لهُ موقف يوجب النُّفرة من هذا الّذي زهد فيه، فهو لا يتوسّع في المُباحات، بل يأخُذ ما يكفيه من الدّنيا دون توسع وتعلق بها، ودون نُفرةٍ ومعاداةٍ لها. وأمّا الورع: فإنّه يعني الترك، كما يعني المُنافرة؛ لأنّ هذا الأمر قد يضرّه في الآخرة، يُجافيه وينفرُ منه غاية النّفور، فصار الورع أبلغُ من الزّهد من هذه الجهة؛ لأنّ الزّهد تركٌ مجرّد، الورع تركٌ مع نفور. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /354). انظر: الورع

الفضل

مَن عرَفَ أنّ الدّنيا كالثلج يذوب، والآخرة كالدر يبقى قويَت رغبته في بيع هذه بهذه، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ [النساء: 77]، وقوله تعالى: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96]. ومن فضيلة الزهد قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ [طه: 131]. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من أصبح وهمُّه الدُّنيا شتَّتَ اللهُ عليه أمرَه وفرَّق عليه ضَيْعَتَه وجعل فقرَه بين عينَيه ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كُتِبَ له، ومن أصبح وهمُّه الآخرةُ جمع اللهُ له همَّه وحفظ عليه ضَيْعَتَه وجعل غناه في قلبِه وأتَتْه الدُّنيا وهي راغمةٌ» أخرجه ابن ماجة (4105). وقال الحسن: «يُحشَرُ النّاسُ عراةً ما خلا أهل الزّهد». وقال: «إنّ أقوماً أكرموا الدّنيا فصلبتهم على الخشب فأهينوها، فأهنأ ما تكون إذا أهنتموها». انظر "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (309).

الأدلة

القرآن الكريم

الزهد في القرآن الكريم
جاءَ في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ذمّ الرّغبة في الدّنيا، والتّزهيد فيها والإخبار بزوالها وفنائها، والتّرغيب في الآخرة والإخبار ببقائها ودوامها، فقال تعالى في وصف الحياة الدّنيا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد: 20]. وقد بيّن الله تبارك وتعالى أنّ متاع الدّنيا قليل وأنّ الآخرة خيرٌ لمن اتقى، قال تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ﴾ [النساء: 77]. وذمَّ الله تبارك وتعالى من يُحبّ الدّنيا ويؤثرها على الآخرة، قال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21)﴾ [القيامة]. وقال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ﴾ [هود: 15].

السنة النبوية

الزهد في السنة النبوية
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لَوْ كَانَتِ الدنيا تَعْدِلُ عندَ اللهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، ما سَقَى كافرًا مِنْها شَرْبَةَ ماءٍ». أخرجه الترمذي (2320). وعن المستورد بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «واللهِ ما الدنيا في الآخرةِ إلا مثلَ ما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ، فلينظر بم يرجعُ». أخرجه مسلم (2858). وأوصى النّبي صلى الله عليه وسلّم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بالزّهد في الدنيا فقال: «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غَريبٌ، أو عابِرُ سَبيلٍ». أخرجه البخاري (6414).

أقوال أهل العلم

كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «أنّكَ لَم تنَل عمل الآخرة بشيءٍ أفضل من الزّهد في الدّنيا، وإيّاكَ ومَذاق الأخلاق ودناءَتِها» عُمَر بن الخَطَّاب "الزهد" لأحمد بن حنبل (ص152)
«الزُّهدُ في الدُّنيا أن تُبغِض أهلَها وتُبغِضَ ما فيها». الحسن البَصْري "الرسالة القشيرية" (1 /29)
«جعلَ اللهُ الشّرَ كله في بيت، وجعلَ مفتاحه حبّ الدّنيا، وجعلَ الخيرَ كلّه في بيت، وجعلَ مفتاحه الزّهد» الفُضَيْل بن عِيَاض "الرسالة القشيرية" (1 /332)
مُلكُ كسرى تُغنِي عنه كِسرةٌ*****وعن البحرِ اجتزاءٌ بالوشلْ اعتبِرْ (نحـن قـسـمنا بـيـنـهـم)*****تلقَهُ حقًّا وبالحقِّ نَزَلْ ليسَ مَا يحوِي الفتى من عزمِهِ ***** لا ولا مَا فاتَ يومَاً بالكسَلْ اطـرحِ الدُّنيــا فمن عـاداتهـا ***** تُخفض العالي وتُعلي من سفَلْ عـيشـةُ الزاهـد في تحـصيـلِهـا ***** عيشة الجاهد، بل هذا أذَلّْ كم جـهـولٍ وهو مُثرٍ مُكـثـرٌ ***** وعليمٍ مات منها بالعلَلْ كم شُجاعٍ لم يَنَلْ منها المُنَى *****وجبانٍ نالَ غاياتِ الأَمَلْ فاترُكِ الحيلةَ فيها واتَّئِدْ *****إنَّما الحيلةُ في ترك الحِيَلْ ابن الوَرْدي "لامية ابن الوردي" الأبيات (33-40)
أنا في عِزِّ القناعةْ*****رافلٌ في كُلِّ ساعَةْ ربِّ أتمِمْها بخيرٍ*****في مُعافاةٍ وطاعَةْ أَبُو شَامَة "المذيل على الروضتين" (1/150).

الصور

الزُّهدُ أربعة أقسام: أوّلاً : الزّهدُ في الحرامِ بتركِه، وهو واجبٌ على كلّ مسلم، وهو زُهدُ العوام. ثانياً: الزّهدُ في الشّبهة؛ وهو تركُ ما يُشتبه على العبدِ هل هو حلالٌ أو حرام، وهو زهد الورعين، ويُسمّى زهد السّلامة. ثالثاً: الزّهد في الفضولِ من المُباح؛ وهو ما يفضلُ عن قدرة الحاجة من الطّعام والشّراب واللّباس ونحو ذلك، وهو زهد الخواص. رابعاً: زهدُ العبدِ فيما يُشغله عن الله تباركَ وتعالى، وهو زهدُ العارفين. انظر "التحفة العراقية" لابن تيمية (ص181)

الفوائد والمصالح

أوّلاً : الزّهد من أسباب محبّة الله تعالى، عن سهل بن سعد الساعديِّ رضى الله عنه أنَّه قال: جاء رجلٌ إلى النبي فقال: يا رسول الله! دُلَّنِي على عملٍ إذا عملته أحبَّني اللهُ وأحبني الناسُ؛ فقال: «ازهد في الدنيا يحبَّك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس». أخرجه ابن ماجة (4102). ثانياً: الزّهد يورثُ السّخاء في المُلك، يقول يحيى بن معاذ: «الزّهد يورثُ السّخاء بالمُلك، والحُب يورث السّخاء بالروح» "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /11). ثالثاً: من زهد الدنيا هانَت عليه المصيبات؛ فقد رُوي عن ابن عمر عن النبي كان يقول في دعائه: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحولُ به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتِك ما تبلِّغُنا به جنَّتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا» أخرجه الترمذي (3502). رابعاً: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أقامَ في قلبه شاهداً يُعاينُ به حقيقة الدّنيا والآخرة، ويؤثر منها ما هو أولى بالإيثار. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /10).

نماذج وقصص

جاء عن أبي داود قال: كُنتُ أُجالِس أحمد، وكانت مجالُس أحمد مجالس الآخرة، لا يُذكر فيها شيءٌ من أمرِ الدُّنيا، ما رأيته ذكر الدُّنيا قَْطْ. انظر "سير أعلام النبلاء" للذهبي (11 /199) وكان سحنون إذا قُرئت عليه مغازي ابن وهب تسيل دموعه، وإذا قُرئ عليه الزهد لابن وهب يبكي. انظر "سير أعلام النبلاء" للذهبي (12 /67) وجاء رجل لمحمد بن واسع، فقال: أوصني، قال: أوصيك أن تكون ملكاً في الدنيا والآخرة، قال: كيف؟ قال: الزهد في الدنيا. انظر "سير أعلام النبلاء" للذهبي (6 /120) وجاء عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: ليس الزهد بأكل الغليظ، ولبس الخشن، ولكنه قصر الأمل، وارتقاب الموت. انظر "سير أعلام النبلاء" للذهبي (7 /243).

أحاديث عن الزهد

المواد الدعوية