البحث

عبارات مقترحة:

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الغلو (أسباب وعلاج)

العربية

المؤلف حسام بن عبد العزيز الجبرين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المهلكات - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. مداخل الشيطان على الإنسان .
  2. التحذير من الغلو في الدين .
  3. الغلو مشكلة قديمة وحديثة .
  4. أسباب ظهور الغلو .
  5. سبل علاج مشكلة الغلو. .

اقتباس

الشيطان له مدخلان على الإنسان، ينفذ من خلالهما على العبد ليصدّه عن دين الله هما: مدخل الشبهات ومدخل الشهوات. أما مدخل الشهوات فإن الشيطان إذا رأى في المسلم ميلاً للمعاصي زينها له وجمّلها عنده؛ ليكون متبعًا لشهواته، مخالفا أمر ربه، وأما المدخل الثاني فهو مدخل الشبهات، ويدخل منه الشيطان إذا رأى في الإنسان تمسكًا بالدين وحرصًا على طاعة رب العالمين وبُعدًا عن الشهوات والمعاصي والملذّات، فإذا وجد المرء المسلم بهذه الصفة فإنه يدخل عليه عن طريق الشبهة، ومن أعظم الشبهة التي...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70- 71].

أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

إخوة الإيمان: أكرم الله أبانا آدم -عليه السلام-، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته إلا أن إبليس لم يستجب لأمر ربه بالسجود استكبارًا، وكان من قدر الله أن نهى سبحانه أبوينا عن أكل شجرة من أشجار الجنة، فوسوس لهما الشيطان وأقسم لهما بنصحه، فنسي آدم فأكلا، وبهذا عصى ربه، ثم اجتباه ربه وتاب عليه، فأُنزلوا إلى الأرض عدوهما وعدو ذريتهما الشيطان، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6].

إخوة الإسلام: والشيطان له مدخلان على الإنسان، ينفذ من خلالهما على العبد ليصدّه عن دين الله هما: مدخل الشبهات ومدخل الشهوات. أما مدخل الشهوات فإن الشيطان إذا رأى في المسلم ميلاً للمعاصي زينها له وجمّلها عنده؛ ليكون متبعًا لشهواته، مخالفا أمر ربه، وأما المدخل الثاني فهو مدخل الشبهات، ويدخل منه الشيطان إذا رأى في الإنسان تمسكًا بالدين وحرصًا على طاعة رب العالمين وبُعدًا عن الشهوات والمعاصي والملذّات، فإذا وجد المرء المسلم بهذه الصفة فإنه يدخل عليه عن طريق الشبهة، ومن أعظم الشبهة التي حذر منها النبي -عليه الصلاة والسلام- الغلو في الدين، فقال "إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" (أخرجه النسائي وابن ماجه وصححه الألباني).

إخوة الإيمان: سنقف وإياكم مع الغلو، ودعونا نتساءل ما معنى الغلو؟

تبين كتب اللغة أن كلمة الغلو تدل على مجاوزة في الحد والقدر، ولذلك يقال: غلا يغلو إذا ارتفع، كما في الماء الأسعار، وأما في الاصطلاح الشرعي فعرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه "مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء في مدحه وذمه على ما يستحق"، وعرفه الحافظ ابن حجر فقال: "إن الغلو هو الزيادة -والزيادة لفظ عام-، وسواء كانت هذه الزيادة اعتقادية، أو عملية أو حكماً على الآخرين".

معشر الكرام: إن الغلو مشكلة قديمة وحديثة؛ فالنصارى مثلاً غلت في عيسى -عليه السلام- واليهود مثلاً غلت في عزيز (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة: 30]، وقال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ) [النساء: 171]، وعند الصوفية غلو، وعند الرافضة غلو، وعند الخوارج غلو، وغيرهم وغيرهم.

عباد الله: وهاهنا تساؤل ينبغي أن نطرحه، فقد بانت مظاهر غلو بين بعض شبابنا منها تكفير المسلمين، ومنها القتل والتفجير، فيا ترى ما الأسباب التي قادت إلى ذلك؟!

من أقوى الأسباب الجهل: الجهل بالكتاب وبالسنة والجهل بمنهج السلف الصالح، وكذلك الجهل بلغة العرب وقد تجد بعضهم يعرف أدلة ويجهل أدلة أخرى، وقد يجهل المعنى فمثلا حديث "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، يَفهم من هذه الحديث أنه الكفر المخرج من الملة، ولا يَفهم على أنه كفر دون كفر، ويغيب عنه أن الله سمى القاتل أخًا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 178]، وغير ذلك من الأدلة.

ومن أسباب الغلو: ضعف علاقة الآباء والإخوة، فتجد الأب يعرف من ابنه السلام والتقدير فقط، أما مجالسته وتجاذب أطراف الحديث معه والتحاور وسماع أفكاره فمحدودة أو معدومة.

ومن الأسباب: غياب متابعة الأب أو ضعفها، فربما لا يعرف عن جلساء ابنه شيئًا، ولا يدري عن اهتمامات ابنه ولا سفراته أو نزهاته.

وللحديث صلة، بارك الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية:

الحمد لله ... أما بعد:

فمن أسباب ظواهر الغلو: الإعراض عن العلماء والبعد عنهم، وعدم التلقي منهم، ومن أسباب الإعراض عن العلماء تشويه سمعتهم مِن قِبل بعض وسائل الإعلام.

ومن أسبابه: متابعة معرفات مجهولة، وأسماء مستعارة تتكلم في أمور عظيمة كالقتل والردة ورحم الله ابن سيرين حين قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم".

ومن أسبابه: ما يحدث عن فئة من الليبراليين من سخرية بشيء من أمور الدين، وكذلك الاستهزاء بعلماء الدين ودعاته، والذي قد يؤثر في استثارة العنف لدى الشاب.

إخوة الإيمان: لقد جاءت الشريعة الإسلامية باليسر والاعتدال في كل شيء حتى في العبادة، فعن أنسٍ أنَّ نفرًا مِن أصحابِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- سألوا أزواجَ النبيِّ -صلى اللهُ عليه وسلَّم- عن عملِه في السرِّ؟ فقال بعضُهم: لا أتزوَّجُ النِّساءَ. وقال بعضُهم لا آكلُ اللَّحمَ. وقال بعضُهم: لا أنام على فراشٍ. فحمد النبي –صلى الله عليه وسلم- اللهَ وأثنى عليه فقال: "ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنامُ. وأصوم وأفطرُ. وأتزوَّج النساءَ. فمن رغب عن سُنَّتي فليس مِنِّي" (رواه مسلم).

معشر الكرام: وبمعرفة الأسباب يسهل العلاج، فعلاج الجهل التعلم، والأخذ عن أهل العلم المعروفين.

ومن العلاج: تقوية العلاقة بالأبناء والأخوة، ومجالستهم ومحاورتهم والسماع منهم وتصحيح الخطأ من أفكارهم.

ومن العلاج: متابعة الأبناء والتعرف على جلسائهم ومحاولة معرفة ذهابهم وإيابهم.

ومن العلاج: تنمية الوعي لدى الشباب بالأخذ عن أهل العلم المعروفين، وترك المعرفات الوهمية والأسماء المستعارة والمجاهيل.

ومن العلاج: منع ومحاسبة المتطاولين على الدين وحَمَلته.

ومن العلاج: قرب طلبة العلم من الشباب والطلاب، وتوجيههم ومحاورتهم وعدم الاستخفاف بهم.

ومن العلاج: تقوى الله واجتناب المعاصي والتوبة من الذنوب.

وبعد عباد الله صلّوا وسلموا ...