السيد
كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...
العربية
المؤلف | سعد بن عبد الله السبر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
بَالسَّمْتِ الْحَسَنِ, وَالْهَدِيِ الصَّالِحِ, تُصْنَعُ الشَّخْصِيَّةُ الْفَذَّةُ, وَالأُنْمُوْذَجُ الرَّائِعُ, لِلأَخْلاقِ السَّامِقَةِ, وَالثِّقَةِ الْحَاذِقَةِ, فَاجْعَلْ -أَيُّهَا الْمُرَبِّي- مِنْ نَفْسِكَ قُدْوَةً تَتَمَثَّلُ فِيهَا مَعَالِمَ الكَرَامَةِ وَالِعِبَادَةِ وَالتَّأَنِّيْ وَالتُّؤَدَة, وَلاتَكُنْ فَجْوَةً بَيْنَ تَربِيَتِكَ وَتَصَرَّفَاتِكَ, فَتَقَولَ مَا لاتَعْلَمْ, وُتُحَدِّثُ بِمَا لا تَمْتَثِلْ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْصَّمْدِ, الْكَبِيْرِ الأَحَدِ, مَا وُلِدَ وَلَدٌ, وَبَانَ كَمَدٌ, وَحَلَّ سَعْدٌ, وَأَوْرَقَ وَرْدٌ, نَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ هَفَا لِلْوَلَدِ فَوَهَبَهُ وَأَعْطَاهُ, وَطَلَبَ الْهُدَى فَأَرْشَدَهُ إِيَّاهُ, وَنَشْكُرُهُ شُكْرَ الْمُنِيبِ الأَوَّاهِ, إِذْ أَجَابَهُ حِيْنَ دَعَاهُ.
وَأَشهَدُ أّنَّه لا مَعْبُودَ بَحَقٍّ إِلا اللَّهُ, لا رَبَّ سِوَاهُ, وَلا شَريَكَ لَهُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ جَلَّ فِي عُلاهُ, تَنَزَّهَ عَنِ النَّظَائرِ وَالأَشْبَاهِ, مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ عَنْ خَلْقِهِ فَوْقَ سَمَاهُ, وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِاللَّهِ, نَبِيُّه وَرَسُوْلُهُ الذِي اصْطَفَاهُ, صَلَّى الَّلهُ وَمَلائِكَتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَحْبِهِ ومَنْ وَالاهُ, وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَخُطَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ : فَأوْصِيكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفْسِيَ بِتَقْوى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, فَوَاللَّهِ لَأَنَّهَا الوِجَاءُ, إِذَا ادَلَهَمَّ الْخَطْبُ وَجَاءَ, (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج: 1، 2].
أّيُّها المُؤْمِنُونَ: نِكَاحٌ وَصَلاحٌ, مَوَدَّة وَفَلاحٌ, فَخْرٌ وَنَجَاحٌ. وبيتٌ مَسْرُورٌ, عَلَى الْحَقَّ مَأْطُورٌ, وَبِالْحُبِّ مَجْرُورٌ. وَمِنْ تِلْكَ النَّافِذَة: رُعْبٌ وَأَتْرَاحٌ, اضْطِرَابٌ وَصِيَاحٌ, هُمُومٌ وَجِرَاحٌ. وَبَيْتٌ مَفْجُوعٌ, مِنَ الدَّمْعِ مَصْنُوعٌ, وَبِالضَّرْبِ مَرْفُوعٌ.
الْبُيُوتُ تَبْحَثُ عَنِ السَّعَادَةِ, فَذَا وَجَدَهَا فِي الْقِلادَةِ, وَذَا وَجَدَهَا عِنْدَ الوِلادَةِ, وَذَاكَ وَجَدَهَا قُرْبَ الوِسَادَةِ, وَقَلِيلٌ مَنْ وَجَدهَا فِي الْعِبَادَةِ!!.
فَهَاكُمْ مَفَاتِيحَ دَارِ السَّعَادَةِ, مَفَاتِيْحَ رُوْحٍ وَرَوْحٍ وَمَجْدٍ يَطوْلُ البُرُوجَ, وَيَطْوِيْ الْمُرُوْجَ, خُذُوهَا فِي حُروفٍ يَسِيرةٍ, وَجُمَلٍ قَصِيرةٍ, مَعْدُوْدَةَ الْمَدِّ, لَيْسَ لَهَا حَدٌّ, خَمْسٌ تَقُوْدُ إِلَى الرَّشاَدِ, وَتَعْتَلِي الصَّافِنَاتِ الْجِيَادِ, وَتصْعَدُ إِلَى الشُّمِّ الْجِلادِ, خَمْسٌ بِهَا تُنَالُ الْمَطَالِبُ, وَتُجْنَى الْمَكَاسِبُ, قِيِّدُوْهَا بِحِبَالِ العَزِيمَة, انْصُبُوا لَهَا أَذْهَانَكُم, وَارْعُوا لَهَا أَسْمَاعَكُمْ, فَهَيَ الْبَاعِثُ لِبَصِيصِ النُّورِ, وَالْهَادِي لِبَيْتِ السُّرُورِ, قَوَاعِدُ أُسِّسَتْ عَلَى تَقْوَى, لِتَطْرُدَ كُلَّ بَلْوى, قَوَاعِدُ لِتَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ, لِيَكُونُوا جِيلاً بَنَّاءً, وَيُنْبُوْعَ صَفَاءٍ, وَأُوْلَى هَذهِ الْمَفَاتِيح:
أولاً: لَمِّحْ وَلا تُصَرِّحْ: اسْلُكْ سَبِيلَ التَّلْميح, وَدَعْ عَنْكَ التَّوبِيْخَ وَاسْتِرَاقَ النَّظَرِ, وَاحْذَرْ -أَيُّهَا الْمُرَبِّي- إِطْلاقَ الكُنَى وَالأَلْقَابِ, فَإنَّ مِنْ أَقْبَحِ أَنْمَاطِ التَّرْبِيَةِ وَأَكْبَرِهَا تَدْمِيرَاً التَّعْرِيْجُ عَلَى الخَطَأِ.
سَيَعْسُرُ عَلَيْكَ فِي البِدَايَةِ سُلُوكُ هَذَا الطَّرِيق, وَلَكِنْ اكْبَحْ جِمَاحَ نَفْسِكِ, وَأَجْمِعْ أَمْرَكَ, فَإنَّ لَهُ تَأثِيرَاً شَاسِعَاً, وَوَقْعَاً وَاسِعَاً, فِيْ شَخْصِيَّة الْوَلَدِ, فَهُوَ يُذْكِي فِي الْوَلَدِ رُوْحَ الثِّقةِ بالنَّفْسِ, وَالفِطْنَةِ وَالْفِرَاسَةِ, وَيُكَوِّنُ مِنْهُ قَائِدَاً نَبِيلاً, وَرَجُلاً حَكِيماً, وَكَفَى بِهَذَا مَغْنَمَاً.
قَالَ الْغَزَالِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "مِنْ دَقَائِقِ صِنَاعَةِ التَّرْبِيَةِ, أَنَّ يُزْجُر الْوَلَدُ عَنْ سُوْءِ الأَخْلاقِ بِطَرِيقِ التَّلْمِيحِ مَا أَمْكَنَ وَلا يُصَرِّحُ, وَبِطِرِيقِ الرَّحْمَةِ لا بِطَرِيقِ التَّوْبِيخِ, فِإِنَّ التَّصْرِيحَ يَهْتُكُ حِجِابَ الْهَيْبَةِ وَيُوْرِثُ الْجُرْأَةَ عَلَى الْهُجُومِ" [انْظُرْ: إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ (1 / 57)].
لَمِّحْ وَلا تُصَرِّحْ: ذَا هُوَ الْمِفْتَاحُ الأَوَّلُ, لِتَحْقِيقِ الْحُلْمِ الْمُؤَمَّلِ, فَالْزَمْ الإيْمَاءَ بِالإِشَارَةِ, وَاجْنُبْ صَرِيحَ العِبَارَةِ.
ثانياً: تَغَافَلْ وَلا تُجَادِلْ: هَذَا هُوَ الْمِفْتَاحُ الثَّانِي لِدَارٍ تَسْكُنُ بَيْن أَسْوَارِهَا السَّعَادَة, اجْفِلِ النَّظَرَ, وَغَيِّرِ الْخَبَرَ وَلا تَتْبَعِ الأَثَرَ, كَأَنَّكَ لَمْ تَدِرِ كَأَنَّكَ غَافِلُ, وَيَبْدُو هَذَا الأُسْلُوبُ وَاضِحَاً فِي قَوْلِ اللَّه تَعَالَى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) [التحريم: 3].
حَيْثُ أَسَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَحَدِيْثٍ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ وَهِيَ حَفْصَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-, فَلمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَخْبَرَتْ عَنْهُ وَقَدْ أُمِرَتْ بِكُتْمَانِهِ, أَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ, وَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَا قَالَتْهُ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-, فَحِينَ عَاتَب النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَفْصَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- عَلَى إِفْشَائِهَا لِمَا أَمَرَهَا أَنْ تَكْتُمَهُ, عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ أَيْ: النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَحِينَ خَاطَبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَفْصَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فِيْ شَأْنِ الْحَدِيثِ الذَيْ أَفْشَتْهُ, اكْتَفَى بِالإِشَارِة إِلى جَانِبٍ مِنهُ, وَأَعْرَضَ عَنْ بَاقِي مَا قَالتْهُ وَتَغَافَلَ عَنْ إِيْرَادِهِ, فَكَانَ لَهُ تَأثِيرٌ بَالِغٌ فِي نَفْسِهَا. [انْظُرْ: الْوَسِيط لِسَيِّد طَنْطَاوِيّ (1 / 4251)].
تَغَافَلْ وَلا تُجَادِلْ فإنَّ هّذّا يُورِثُ تَأدُّبَاً جَمَّاً, وَخُلُقَاً رِفِيعَاً, وَيَجْعَلُ لِلْمُرَبِّي مَكَانَةً سَامِيَةً, وَمَهَابَةً وَإجْلالاً فِي نَفْسِ وَلَدِهِ, وَيُدْنِي حِبَالَ التَّوَاصُلَ, فَيَتَعَلَّمُ مِنْهُ مَا يُرِيدُ الْمُرَبِّي أَّنْ يُعَلِّمَّهُ إِيَّاهُ, وَعَنْ مُحَمِّدِ بِنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزِاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بَنَ زَائِدَةَ يَقُوْلُ: "الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ: تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلْ". قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَحْمَدَ بَنَ حَنْبَلٍ فَقَالَ: "العَافِيةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُل". [بَابُ حُسْنُ الْخُلِقِ, شُعَبُ الإِيْمَانِ, رَقْم: 8384, (6 / 330)] فَاعْقِدْ قَلْبَكَ, وَاقْبِضْ لِسَانَكَ, وَالْعَوَاقِبُ مَحْمُودَة.
ثالثاً: كُنْ قُدْوَةً وَلا تَكُنْ فَجْوَةً: بَالسَّمْتِ الْحَسَنِ, وَالْهَدِيِ الصَّالِحِ, تُصْنَعُ الشَّخْصِيَّةُ الْفَذَّةُ, وَالأُنْمُوْذَجُ الرَّائِعُ, لِلأَخْلاقِ السَّامِقَةِ, وَالثِّقَةِ الْحَاذِقَةِ, فَاجْعَلْ -أَيُّهَا الْمُرَبِّي- مِنْ نَفْسِكَ قُدْوَةً تَتَمَثَّلُ فِيهَا مَعَالِمَ الكَرَامَةِ وَالِعِبَادَةِ وَالتَّأَنِّيْ وَالتُّؤَدَة, وَلاتَكُنْ فَجْوَةً بَيْنَ تَربِيَتِكَ وَتَصَرَّفَاتِكَ, فَتَقَولَ مَا لاتَعْلَمْ, وُتُحَدِّثُ بِمَا لا تَمْتَثِلْ.
فَبِهَذا الأُسْلُوبِ النَّبَويِّ النَّاجِعِ, سَتُحَفِّزُ الْوَلدَ عَلى الْمرَاقَبَةِ الذَّاتِيَّةِ, وَبِهَا تَأْتِي التَّرْبِيَّةُ, وَالْعِبَادَةُ, فَتَسْتَقِيمُ أرْكَانُ الْحيَاةِ, وَحسْبُكَ مِنْ هَذَا الأُسْلُوبِ, عَوِّدَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ, وَرَوِّضهَا عَلَى التَطَبُّعِ بِهِ, وَسَتَطْمَأِنُّ عِنْدَهَا.
رابعاً: الْمُصَادَقَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُرَافَقَةِ: تَقَرَّرَ فِي العُقُولِ, وَتَرَسَّخَ فِي الأفَئِدَة, أَنَّ مُرَافَقَةَ الوَلَدِ هِيَ الْتِرْيَاقُ, وَهَذا لا غُبَارَ عَلَيهِ, وَلَكِنْ مَاذَا يَدُورُ في تِلْك الْمُرَافَقَة أَهيَ الأَنْمَاطُ الْفَاسِدَةُ الَّتي ذَكرْتُهَا, مِنْ التَّعْرِيجِ عَلَى الخَطَأ, وَالتَّعْوِيلِ عَلَيهِ, فَتَبْقَى صُورَتُهُ مُسْتَشْرِفةً فِي الذِّهْنِ, أَوْ بَقَاءِ الحِاجِز الذِي يَمْنَعَ الْوَلَدَ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ بِالْمُرَافَقَةِ فَيُفَضِّلُ الصَّدِيقَ عَلَى الأبِ, لأنه يَشْعُرُ أْنَّهُ لا حَاجِزَ يَحْجِزُهُ عَنِ الْمُصَارَحَةِ, فَإذَا اسْتَطَعْتَ -أَيُّهَا الْمُرَبِّي- أَنْ تَجْعَلَ ابْنَكَ يَشْعرُ أَنَّكَ صَدِيقُهُ فَهَذِهِ بِشَارَةٌ عَاجِلةٌ لَكَ, بِأَنَّ هَذَا الوَلَدَ سَيُحَقِّقُ مَا تُرِيدُ مِنْ نَجَاحٍ دُنْيَويٍّ وَأُخْرَوِيُّ.
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين
أَيُّهَا الْمُرَبِّي: ارْعِنِي سَمْعَك وَعقْلَكَ وَقَلْبَكَ, تَأَهَّبَ لِهذَا الْعلاجِ الَّذي سُألْقِيهِ إِلَيْكَ, وَأَطْرَحُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ, دُوْنَكَ إِيَّاهُ: إِذَا أَرَدْتَ مَلاكَ ذَلِك كُلِّهِ, فَافْرُجْ لابْنِكَ بُضْعَاً مِنْ أَسْرَارِكَ, وَنَزْرَاً مِنْ أَخْبَارِكَ, فَإذَا فَعْلَتَ وَأذْعَنْتَ فَقَدَ انْكَشَفَ السِّتَار, فَسَيَنْهَالُ عَلَيكَ بِمَا تُرِيدُ, فَهَذِهِ الصَّدَاقَةُ سَتُكَوِّنُ حَبَّاً واحتِرَامَاً جَمّاً, وَوُضُوحَاً تَامَّاً, تَجْعَلُهُ يَسْتَشِيْرُكَ فِي كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِهِ, فَالزَمْ صَدَاقَتَهُ, وَارْبِطْ عَلاقَتَهُ, تَفُزْ بإذْن الْمَوْلَى.
خامساً: سَلِّم وَلا تَتَكَلَّم: هَذَا هُوَ الْمِفَتَاحُ الأَخِيرُ, وَطُلابُهُ كُثُرٌ, فَهُوَ الْغَنِيْمَةُ عِنْدَ الْغِيَابِ, وَهُوَ الْفَخْرُ وَالْمُعِيْنُ عِنْدَ الإِيابِ, ازْرَعْ فِي وَلَدِكَ بُذُورَ القِيَادَةِ, وَعَلِّمْهُ فُنُونَ الرِّيَادَةِ, نَاوِلْه مَالاً لُيُنْفِقْ عَلَى الْمَنْزِلِ, وَاحْذَرْ أَنْ تَسْأَلَ عَنِ الْمَالِ فِيمَا أَنْفَقَهُ, فَإِنَّ هَذَا السُّؤالً يَقْتُلَ البِذَرَةَ النَّامِيَةَ, وَالزَّهْرَةَ اليَانِعَةَ, فإذَا أَسْدَلْتَ الْحَبْلَ كَرَّاتٍ سَتَجِدُهُ رَجُلاً حَكِيمَاً يَضَعُ الأشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا.
وَأَخِيْرَاً هَذِهُ جُمْلَة الْمَفَاتِيح:
1- لَمِّحْ وَلا تُصَرِّحْ.
2- تَغَافَلْ وَلا تُجَادِلْ.
3-كُنْ قُدْوَةً وَلا تَكُنْ فَجْوَةً.
4-الْمُصَادَقَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُرَافَقَةِ.
5-سَلِّم وَلا تَتَكَلَّم.
أَنْتَ -أيُّهَا السَّامِع- ادْمحَ الزَّلَّة, وسُدَّ الخَلَّة, تَجَاوَزْ عَنِ الخَطَأ, وَاقْبَلِ الْعُذْرَ, وَإِيَّاك وَالظَنّ.
هّذَهِ هِيَ الْجُمَلُ الْحِسَانُ, جَمَعْتُهَا فَنَثَرْتُهَا, وَكنَزْتُهَا فَوَزَّعْتُهَا, هَذَا مَا أُعِدَّ لِهَذهِ الْجُمْعَة, وَصَلُّوا وسلموا على رسول الله...