العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان |
عَالَمٌ يُفْنِي قَوِيُّهُ ضَعِيفَهُ، عَالَمٌ يَصْنَعُ الْأَزَمَاتِ لِيُتَاجِرَ بِهَا. عَالَمٌ يَأْكُلُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَبَشَرٌ يَنْتَقِمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَرْبَحُ بَعْضُهُمْ عَلَى حِسَابِ بَعْضٍ. عَالَمٌ لَا مَكَانَ فِيهِ لِلرَّحْمَةِ وَلَا الشَّفَقَةِ وَلَا الْإِحْسَانِ. عَالَمٌ فِي ظِلِّ الْقِيَادَةِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ المُتَوَحِّشَةِ صَارَ الْأَقْوِيَاءُ فِيهِ يَزْدَادُونَ تَوَحُّشًا وَتَسَلُّطًا، وَالضُّعَفَاءُ يَتَرَاكَمُ عَلَيْهِمُ الْبُؤْسُ وَالشَّقَاءُ وَالْحِرْمَانُ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ؛ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، وَرَحِمَ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ، وَأَنْزَلَ رَحْمَةً وَاحِدَةً يَتَرَاحَمُ بِهَا الْخَلْقُ، فَتَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ، نَحْمَدُهُ كُلَّ الْحَمْدِ؛ فَأَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَهْلُ الْحَمْدِ، وَلَا يُحْمَدُ أَحَدٌ كَحَمْدِهِ، وَلَا يَبْلُغُ حَامِدٌ حَمْدَهُ، فَشَأْنُهُ سُبْحَانَهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَفِيَهُ الْعِبَادُ حَقَّهُ، أَوْ يَقْدُرُوهُ قَدْرَهُ، وَقَدْ قَالَ المَلَائِكَةُ المُسَبِّحُونَ بِحَمْدِهِ: «سُبْحَانَكَ مَا عَبْدَناَكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ».
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ نَزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ عِبَادٍ فَكَانُوا قُسَاةَ قُلُوبٍ، غِلَاظَ أَكْبَادٍ، جُفَاةَ طَبْعٍ، لَا تَلِينُ قُلُوبُهُمْ لِبَرَاءَةِ طِفْلٍ تُنْتَزَعُ، وَلَا لِضَعْفِ امْرَأَةٍ تُسْتَبَاحُ، وَلَا لِهَوَانِ رِجَالٍ كِرَامٍ ذُلُّوا بَعْدَ الْعِزِّ، وَافْتَقَرُوا بَعْدَ الْغِنَى، وَضَعُفُوا بَعْدَ الْقُوَّةِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَنَشَرَ الرَّحْمَةَ فِي الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، حَتَّى نَعِمَ بِرَحْمَتِهِ بَعِيرٌ أَرْهَقَهُ صَاحِبُهُ بِالْعَمَلِ، وَحُمَّرَةٌ نُزِعَتْ أَفْرَاخُهَا مِنْ تَحْتِ جَنَاحَيْهَا، فَشَكَى الْبَعِيرُ إِلَيْهِ، وَفَرَّشَتِ الْحُمَّرَةُ بِجَنَاحَيْهَا عَلَيْهِ، فَأَنْصَفَ بِرَحْمَتِهِ الْبَعِيرَ وَالْحُمَّرَةَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَإِنَّهُ دِينُ الرَّحْمَةِ، وَبِهِ تُنَالُ رَحْمَةُ اللَّـهِ -تَعَالَى-، وَلَا رَحْمَةَ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا لِمَنْ دَانَ بِهِ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّـهِ الإِسْلَامُ) [آل عمران: 19]، (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].
أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ خَلَقَ اللهُ -تَعَالَى- الْإِنْسَانَ، وَحَمَّلَهُ الْأَمَانَةَ الَّتِي أَبَتْ حَمْلَهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ؛ كَشَفَ سُبْحَانَهُ دَخَائِلَ نَفْسِ الْإِنْسَانِ، وَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ مِنَ الصِّفَاتِ مَا يُؤَدِّي إِلَى الظُّلْمِ وَالْإِفْسَادِ؛ إِلَّا أَنْ يَرُدَّ ظُلْمَهُ بِالْعَدْلِ، وَإِفْسَادَهُ بِالصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِجَزَاءٍ يَرْجُوهُ مُسْتَقْبَلًا أَعْظَمَ مِمَّا يَجِدُهُ الْآنَ، وَآخِرَةٍ يُؤْمِنُ أَنَّهَا خَيْرٌ وَأَبْقَى مِنْ دُنْيَاهُ الَّتِي يَعِيشُهَا، فَكَانَ الْإِيمَانُ بِالْآخِرَةِ وَبِالْغَيْبِ أَقْوَى عِقَالٍ يَضْبِطُ تَصَرُّفَاتِ الْإِنْسَانِ، وَيَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ.
إِنَّ حُبَّ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ، وَاتِّصَافَهُ بِالْأَثَرَةِ، وَانْغِمَاسَهُ فِي الدُّنْيَا؛ يُحَوِّلُهُ إِلَى وَحْشٍ كَاسِرٍ يُتَاجِرُ بِآلَامِ النَّاسِ وَمُعَانَاتِهِمْ، وَيَسْتَغِلُّ حَالَاتِ ضَعْفِهِمْ وَاضْطِرَابِهِمْ، وَلَا يَرِقُّ لِأَنِينِهِمْ وَصُرَاخِهِمْ.
وَتُجَّارُ الْآلَامِ كَثِيرُونَ، وَفِي مَجَالَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُونَ أَمَامَ النَّاسِ بِلِبَاسِهِمُ الْأَنِيقِ، وَابْتِسَامَتِهِمُ الْجَمِيلَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْمِلُونَ قُلُوبًا تَتَلَذَّذُ بِكُلِّ أَلَمٍ يُصِيبُ غَيْرَهُمْ. مِنْهُمْ سَرَاةٌ فِي النَّاسِ، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ. وَصُنَّاعُ الْحُرُوبِ، وَتُجَّارُ الْأَسْلِحَةِ هُمْ قَادَةُ الْبَشَرِ وَلَكِنَّهُمْ يَنْشُرُونَ الْفَنَاءَ فِيهِمْ، وَيُبِيدُونَ المَلَايِينَ مِنْهُمْ؛ لِمَلْءِ أَرْصِدَتِهِمْ.
وَالسَّحَرَةُ وَالْكُهَّانُ يُتَاجِرُونَ بِآلَامِ مَنْ لَدَيْهِمْ مُشْكِلَاتٌ فِي حَيَاتِهِمْ، فَيَزْعُمُونَ شِفَاءَهُمْ، وَيَدَّعُونَ إِسْعَادَهُمْ، وَهُمْ يَزِيدُونَ مِنْ مُعَانَاتِهِمْ، وَيَنْهَبُونَ أَمْوَالَهُمْ. وَلَيْسَ بَعِيدًا عَنْهُمْ بَعْضُ الرُّقَاةِ الَّذِينَ يَخْدَعُونَ مَرْضَاهُمْ بِالْقُرْآنِ وَهُمْ يَسْتَخْدِمُونَ الْجِنَّ وَالشَّيَاطِينَ، وَغَايَتُهُمْ كَسْبُ الْأَمْوَالِ.
بَلْ إِنَّ مِنَ الْأَطِبَّاءِ مَنْ يُتَاجِرُ بِآلَامِ مَرْضَاهُ، فَيَدَّعِي عِلَلًا لَيْسَتْ فِيهِمْ؛ لِيُحَمِّلَهُمْ أُجُورَ كَشْفٍ وَتَحْلِيلٍ وَإِشَاعَاتٍ وَأَدْوِيَةٍ وَرُبَّمَا عَمَلِيَّاتٍ لَا يَحْتَاجُونَهَا. لَا يَنْظُرُ إِلَى آلَامِهِمْ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى ضَعْفِ حَالِهِمْ، وَلَا يَهْتَمُّ لِمَا يُسَبِّبُهُ مِنْ ضَرَرٍ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى ثَرَائِهِ مِنْ أَمْوَالِهمْ، وَنَجَاحِ عِيَادَتِهِ عَلَى حِسَابِهِمْ.
وَلمَّا كَثُرَ الْبُؤْسُ فِي النَّاسِ بِتَعَقُّدِ حَيَاتِهِمْ، وَتَكَرَّرَ الْإِخْفَاقُ فِيهِمْ؛ اهْتَبَلَ هَذِهِ الْفُرْصَةَ تُجَّارٌ يَسْتَغِلُّونَ حَالَةَ الضَّعْفِ هَذِهِ بِدَوَرَاتٍ يَعْقِدُونَهَا، أَوْ كُتُبٍ يُؤَلِّفُونَهَا؛ لِيَعِدُوا مَنْ يُصَدِّقُهُمْ بِالثَّرَاءِ السَّرِيعِ، وَالنَّجَاحِ الْأَكِيدِ، وَتَفْجِيرِ الطَّاقَاتِ، وَرَفْعِ الْإِمْكَانَاتِ. وَمَنْ يَسْمَعُهُمْ فِي دِعَايَاتِهِمْ وَادِّعَاءَاتِهِمْ يَظُنُّ أَنَّ مَخَازِنَ الثَّرَاءِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَنَّ مَفَاتِيحَ السَّعَادَةِ وَالنَّجَاحِ عِنْدَهُمْ. وَلَوْ كَانُوا يَمْلِكُونَ ذَلِكَ لَنَجَحُوا هُمْ وَاتَّسَعَ ثَرَاؤُهُمْ بَدَلَ اسْتِدْرَارِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِدَوَرَاتِهِمْ وَمُؤَلَّفَاتِهِمْ.
وَأَعْظَمُ تُجَّارِ الْآلَامِ ثَرَاءً وَأَكْثَرُهُمْ إِضْرَارًا بِالْبَشَرِ تُجَّارُ الْحُرُوبِ وَالنِّزَاعَاتِ، وَهُمْ دُوَلٌ وَمُنَظَّمَاتٌ وَأَفْرَادٌ لَا يَعِيشُونَ إِلَّا عَلَى الْحُرُوبِ، وَلَا يَقْتَاتُونَ إِلَّا مِنَ الدِّمَاءِ وَالْأَشْلَاءِ؛ فَالْحُرُوبُ تُدِيرُ مَصَانِعَهُمْ، وَتَمْنَعُ إِفْلَاسَ شَرِكَاتِهِمْ، وَتُوَظِّفُ أَفْرَادَهُمْ، وَتُقَوِّي اقْتِصَادَهُمْ، وَلَا يُهِمُّهُمْ مَا تُخَلِّفُهُ الْحُرُوبُ مِنْ دِمَاءِ الْآخَرِينَ وَآلَامِهِمْ وَدُمُوعِهِمْ، وَلَا مَا يَنْتِجُ عَنْهَا مِنْ أَرَامِلَ وَأَيْتَامٍ وَمُعَاقِينَ وَمُشَوَّهِينَ.
بَلْ تَفَتَّقَتْ حِيلَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى المُتَاجَرَةِ بِآلَامِ الْفَارِّينَ مِنَ الْحُرُوبِ وَالنِّزَاعَاتِ؛ لِتَتَرَاكَمَ الْأَرْبَاحُ، وَتَكُونَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً؛ فَأَرْبَاحٌ فِي صِنَاعَةِ الْحُرُوبِ، وَإِشْعَالِ الْفِتَنِ، وَنَشْرِ الْفَوْضَى. وَأَرْبَاحٌ أُخْرَى فِي تَمْوِينِ الْحُرُوبِ وَتَقْدِيمِ المَشُورَةِ وَالْخِبْرَةِ فِيهَا، وَأَرْبَاحٌ لِشَرِكَاتِ الْحِمَايَةِ وَالْحِرَاسَةِ وَالنَّقْلِ، وَأَرْبَاحٌ فِي الِاجْتِمَاعَاتِ وَالمُؤْتَمَرَاتِ الَّتِي تَبْحَثُ حَالَةَ الْحَرْبِ وَكَيْفِيَّةَ إِيقَافِهَا، وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ يَمُدُّونَ أَمَدَهَا، وَيُوَسِّعُونَ دَائِرَتَهَا؛ لِأَنَّ مَكَاسِبَهُمْ تَزِيدُ بِاسْتِمْرَارِهَا وَاتِّسَاعِهَا.
وَأَمَّا المُهَاجِرُونَ وَاللَّاجِئُونَ وَالمُشَرَّدُون فَهُمْ قَوْمٌ هَامُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ لِلْإِبْقَاءِ عَلَى حَيَاتِهِمْ، وَلَا يَدْرُونَ أَيْنَ يُقْذَفُ بِهِمْ، وَلَا مَا هُوَ مَصِيرُهُمْ. يَبْذُلُونَ كُلَّ مَا يَمْلِكُونَ لِتُجَّارِ التَّهْرِيبِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ أَمَاكِنِ الصِّرَاعِ، وَيَعِدُهُمُ المُهَرِّبُونَ بِمَا لَا يَمْلِكُونَ الْوَفَاءَ بِهِ، فَرُبَّمَا أَكَلُوا أَمْوَالَهُمْ وَلَمْ يُخْرِجُوهُمْ مِنْ أَمَاكِنِ الصِّرَاعِ فَزَادُوا آلَامَهُمْ، وَأَفْقَرُوهُمْ وَهُمْ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ لِأَمْوَالِهِمْ. وَإِمَّا أَخْرَجُوهُمْ مِنْ مَوْتٍ مَظْنُونٍ إِلَى مَوْتٍ مُحَقَّقٍ، حِينَ يُهَرِّبُونَهُمْ بِقَوَارِبَ تَالِفَةٍ فِي بِحَارٍ هَائِجَةٍ مَائِجَةٍ، فَيَكُونُ مَصِيرُهُمُ الْغَرَقَ بِأَطْفَالِهمْ وَنِسَائِهِمْ، وَحَالَاتُ غَرَقِ الْهَارِبِينَ مِنْ مَوَاطِنِ الصِّرَاعِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى.
وَالشَّبَكَةُ الْعَالَمِيَّةُ فِيهَا عِدَّةُ مَشَاهِدَ مُسَجَّلَةٍ بِالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ لِلَحَظَاتِ غَرَقِ مَرَاكِبِ المُهَاجِرِينَ تَعْلُو فِيهَا أَصْوَاتُ المَوْتِ وَصَرَخَاتُ الْغَرْقَى مِنْ نِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَرُضَّعٍ وَرِجَالٍ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ بُلْدَانُهُمْ بِالْحُرُوبِ، فَبَذَلُوا كُلَّ مَا يَمْلِكُونَ لِيَغْرَقُوا فِي الْبَحْرِ، وَلَا بَوَاكِيَ لَهُمْ!
بَلْ إِنَّ الْبِحَارَ صَارَتْ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ تَقْذِفُ عَلَى شَوَاطِئِهَا جُثَثًا قَدْ غَرِقَتْ، وَلَا يُعْلَمُ عَدَدُ مَنْ يَبْتَلِعُهُمُ الْبَحْرُ فَلَا يَصِلُونَ إِلَى شَوَاطِئِهِ، وَهَؤُلَاءِ لَا يُعَدُّونَ فِي المَوْتَى لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بِهِمْ أَحَدٌ. وَيَحْكِي النَّاجُونَ مِنَ الْغَرَقِ قِصَصَ الْأَلَمِ وَالمُعَانَاةِ وَالرُّعْبِ أَثْنَاءَ الْهِجْرَةِ.
وَقَبْلَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ هُرِّبَ لَاجِئُونَ سُورِيُّونَ مِنْ جَحِيمِ الْبَاطِنِيِّينَ إِلَى دَوْلَةٍ أُورُبِّيَّةٍ فِي شَاحِنَةِ دَوَاجِنَ أُحْكِمَ إِغْلَاقُهَا عَلَيْهِمْ؛ لِيَمُوتُوا فِيهَا خَنْقًا بِنِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهمْ وَهُمْ زُهَاءُ سَبْعِينَ نَفْسًا. لَرُبَّمَا صَاحُوا قَبْلَ المَوْتِ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْ صُرَاخَهُمْ أَحَدٌ.
إِنَّهَا فَوَاجِعُ تَتَكَرَّرُ كُلَّ حِينٍ؛ لِأَنَّ تُجَّارَ الْآلَامِ يَرْبَحُونَ فِيهَا أَرْبَاحًا طَائِلَةً، فَمُهَنْدِسُو الْحُرُوبِ يُحَقِّقُونَ مِنْ وَرَائِهَا مَكَاسِبَ سِيَاسِيَّةً وَاقْتِصَادِيَّةً، وَالمُهَرِّبُونَ يُتَاجِرُونَ بِتَهْرِيبِهِمْ، وَيُخَاطِرُونَ بِأَرْوَاحِ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُمْ مِنْ أَجْلِ المَالِ.
وَإِذَا بَلَغَ المُهَاجِرُونَ غَايَتَهُمْ بِسَلَامٍ، وَلَمْ يَمُوتُوا أَثْنَاءَ عَمَلِيَّةِ النَّقْلِ وَالتَّهْرِيبِ تَلَقَّاهُمْ فِي الْبِلَادِ الَّتِي حَطُّوا فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنَ التُّجَّارِ الْآخَرِينَ؛ فَتُجَّارُ الْبِغَاءِ يَقْتَنِصُونَ النِّسَاءَ، وَتُجَّارُ الْأَطْفَالِ يَخْتَطِفُونَ الْأَطْفَالَ؛ لِيُبَاعَ النِّسَاءُ لِتُجَّارِ المُتْعَةِ، وَيُبَاعَ الْأَطْفَالُ لِتُجَّارِ التَّبَنِّي.
بَلْ وَيُبَاعُ الشُّبَّانُ وَالرِّجَالُ لِلشَّرِكَاتِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى قُوًى عَامِلَةٍ لِتَسُخِّرَهُمْ فِي أَعْمَالِهَا بِلَا أُجُورٍ أَوْ بِأُجُورٍ زَهِيدَةٍ جِدًّا.
وَاللَّاجِئُونَ الْبُورْمِيُّونَ قَدْ بِيعَ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَأَطْفَالُهُمْ فِي بَعْضِ دُوَلِ الشَّرْقِ الْآسْيَوِيِّ، وَمَنْ رَفَضَ أَنْ يُبَاعَ أَوْ تَمَرَّدَ عَلَى مَنْ يُتَاجِرُ بِهِ كَانَ المَوْتُ مَصِيرَهُ، وَفِي إِحْصَائِيَّةٍ لِلَّاجِئِينَ لَمْ يَبْقَ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ مِنْ لَاجِئِي بُورْمَا إِلَّا أَلْفَيْنِ فَقَطْ مِنْ مَجْمُوعِ أَرْبَعَةَ عَشْرَ أَلْفَ لَاجِئٍ، فَبِيعَ الْبَقِيَّةُ أَوْ قُتِلُوا، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ عَنْهُمْ شَيْئًا سِوَى التُّجَارِ الَّذِينَ رَبِحُوا بِهِمُ الْأَمْوَالَ. وَأَرْقَامُ المَفْقُودِينَ مِنَ اللَّاجِئِينَ فِي تَزَايُدٍ بِسَبَبِ غَرَقِهِمْ فِي الْبِحَارِ أَوْ بِسَبَبِ بَيْعِهِمْ لِيُقْضَى عَلَى آدَمِيَّتِهِمْ.
بَلْ دَخَلَ فِي صَفَقَاتِ بَيْعِ الْبَشَرِ بَعْضُ أَصْحَابِ الْعَقَائِدِ الْبَاطِلَةِ؛ فَاشْتَرْوا أَطْفَالَ المُسْلِمِينَ لِيُنَصِّرُوهُمْ وَيُرَبُّوهُمْ فِي الْكَنَائِسِ بَعْدَ انْتِزَاعِهِمْ مِنْ أَهْلِهِمْ. وَأَحْبَارُ المَعَابِدِ الْبُوذِيَّةِ يَنْقُلُونُ أَطْفَالَ الْبُورْمِيِّينَ مِنَ التَّوْحِيدِ إِلَى الشِّرْكِ، حَتَّى إِنَّ إِحْدَى المُنَظَّمَاتِ المُهْتَمَّةِ بِشُئُونِ اللَّاجِئِينَ ذَكَرَتْ أَنَّ الْبُورْمِيِّينَ المُسْلِمِينَ أَصْبَحُوا بَضَائِعَ مُرْبِحَةً لِتُجَّارِ الْبَشَرِ.
وَبَعْضُ الدُّوَلِ الَّتِي تَسْتَقْبِلُ المُهَاجِرِينَ، أَوِ الَّتِي حُدُودُهَا مُتَاخِمَةٌ لِمَوَاضِعِ الْحُرُوبِ وَالصِّرَاعِ دَخَلَتْ عَلَى خَطِّ المُتَاجَرَةِ بِاسْمِ اللَّاجِئِينَ، فَتَطْلُبُ الْأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ لِإِيوَائِهِمْ وَإِطْعَامِهِمْ وَعِلَاجِهِمْ، وَلَا يَصِلُ اللَّاجِئِينَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ إِلَّا فُتَاتُ الْفُتَاتِ، وَالْبَقِيَّةُ فِي أَرْصِدَةِ المُتَنَفِّذِينَ. يَضَعُونَهُمْ فِي مُخَيَّمَاتٍ وَمَرَاكِزَ حَجْزٍ لَيْسَ فِيهَا الضَّرُورِيُّ مِنَ الْعَيْشِ الْكَرِيمِ، وَيَتْرُكُونَهُمْ فِيهَا لِلْمَوْتِ الْبَطِيءِ، وَفِي عَوَاصِفِ الثَّلْجِ وَمَوْجَاتِ الْبَرْدِ أَوِ الْحَرِّ يُسْرِعُ المَوْتُ بِأَطْفَالِهمْ إِلَى قُبُورِهِمْ.
هَذَا بَعْضُ مَا نُقِلَ مِنْ أَخْبَارِ المُهَاجِرِينَ وَاللَّاجِئِينَ وَالمُشَرَّدِينَ المُسْلِمِينَ، وَمَا لَمْ يَصِلْ خَبَرُهُ مِنْ مُعَانَاتِهِمْ وَهَلَاكِ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا يُنْقَلُ، وَهُوَ فِي ازْدِيَادٍ بِكَثْرَةِ أَعْدَادِ المَفْقُودِينَ.
عَالَمٌ يُفْنِي قَوِيُّهُ ضَعِيفَهُ، عَالَمٌ يَصْنَعُ الْأَزَمَاتِ لِيُتَاجِرَ بِهَا. عَالَمٌ يَأْكُلُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَبَشَرٌ يَنْتَقِمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَرْبَحُ بَعْضُهُمْ عَلَى حِسَابِ بَعْضٍ. عَالَمٌ لَا مَكَانَ فِيهِ لِلرَّحْمَةِ وَلَا الشَّفَقَةِ وَلَا الْإِحْسَانِ. عَالَمٌ فِي ظِلِّ الْقِيَادَةِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ المُتَوَحِّشَةِ صَارَ الْأَقْوِيَاءُ فِيهِ يَزْدَادُونَ تَوَحُّشًا وَتَسَلُّطًا، وَالضُّعَفَاءُ يَتَرَاكَمُ عَلَيْهِمُ الْبُؤْسُ وَالشَّقَاءُ وَالْحِرْمَانُ.
نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَلْطُفَ بِالمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْ يُذِلَّ المُسْتَكْبِرِينَ، وَأَنْ يُمَكِّنَ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ، وَأَنْ يُدِيلَ لَهُمْ عَلَى الصَّهَايِنَةِ وَالصَّلِيبِيِّينَ وَالْبَاطِنِيِّينَ وَالْوَثَنِيِّينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الْعَظِيمَةِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى آلَائِهِ الْجَسِيمَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْأَلَمِ عَلَى النَّفْسِ، وَمِنْ أَشَدِّ عَذَابِ الدُّنْيَا الْخُرُوجُ مِنَ الدِّيَارِ بِلَا اخْتِيَارٍ، وَمُفَارَقَةُ الْأَوْطَانِ نَجَاةً بِالْأَنْفُسِ وَالْأَهْلِ وَالْوِلْدَانِ، وَقَدْ قُرِنَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ لِلرُّوحِ المَعْنَوِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ؛ إِذْ بِالتَّشْرِيدِ وَاللُّجُوءِ يَفْقِدُ المَرْءُ كَرَامَتَهُ، وَيَصِيرُ مُعْدِمًا بَعْدَ أَنْ كَانَ وَاجِدًا. قَالَ اللهُ -تَعَالَى- فِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّشْرِيدِ وَالْقَتْلِ: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [النساء: 66].
إِنَّ قُوَى الشَّرِّ وَالْإِثْمِ فِي هَذَا الْعَصْرِ قَدْ أَطْلَقَتْ لِلْبَاطِنِيِّينَ وَالْوَثَنِيِّينَ أَيْدِيَهُمْ فِي تَهْجِيرِ المُسْلِمِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَالْقَضَاءِ عَلَى وُجُودِهِمْ فِي بُلْدَانِهِمْ؛ لِتَغْيِيرِ تَرْكِيبَتِهَا السُّكَّانِيَّةِ.. فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْعِرَاقِ، وَيَفْعَلُونَهُ الْآنَ فِي الشَّامِ، وَسَيَفْعَلُونَهُ مُسْتَقْبَلًا فِي لِبْنَانَ وَفِي كُلِّ دُوَلِ الْإِسْلَامِ إِنِ اسْتَقَامَ لَهُمُ الْأَمْرُ..
وَمَا قَامَ بَاطِنِيُّ الشَّامِ بِحَرْقِ دُومَا عَلَى أَهْلِهَا إِلَّا وَهُوَ مُطْمَئِنٌّ أَنَّ المُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ مَعَهُ فِي الْقَرَارِ وَالْأَفْعَالِ وَإِنْ عَارَضَهُ فِي التَّصْرِيحَاتِ وَالْأَقْوَالِ. وَمَا عَاثَ مَجُوسُ فَارِسَ فِي بِلَادِ الشَّامِ إِلَّا تَحْتَ إِشْرَافِ الْقُوَى الْعُظْمَى وَمُجْتَمَعِهِمُ الدَّوْلِيِّ.
وَهَذَا يَدْخُلُ ضِمْنَ مُقْتَرَحِ الصَّفَوِيِّينَ الَّذِي سُمِّيَ (سُورِيَّةَ المُفِيدَةَ) وَبَدَأَ الْفُرْسُ فِي تَنْفِيذِهِ، وَيَتَلَخَّصُ فِي تَهْجِيرِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ السَّاحِلِ وَدِمَشْقَ وَحِمْصَ، وَإِحْلَالِ الْبَاطِنِيِّينَ مَحَلَّهُمْ، كَمَا فَعَلُوا فِي بَغْدَادَ الرَّشِيدِ. وَلَيْسَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ إِلَّا الْهِجْرَةُ أَوِ المَوْتُ، وَالْهِجْرَةُ أَيْضًا يُحِيطُ بِهَا المَوْتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ نُصْرَةُ إِخْوَانِهِمُ المُهَجَّرِينَ وَالمُضْطَهَدِينَ وَاللَّاجِئِينَ بِإِيوَائِهِمْ وَإِطْعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَكَفَالَةِ أَرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمْ، وَتَصْعِيدِ قَضِيَّتِهِمْ، وَإِظْهَارِ الْغَضَبِ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ بِهِمْ، مِنْ قَتْلٍ وَتَعْذِيبٍ وَتَهْجِيرٍ، مَعَ إِكْثَارِ الدُّعَاءِ لَهُمْ فَإِنَّ «المُسْلِمَ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وَاللَّاجِئُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي شَتَّى الْأَصْقَاعِ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ، وَقَدْ ظَلَمَهُمُ المُجْتَمَعُ الدَّوْلِيُّ وَأَسْلَمَهُمْ لِلْقَتْلِ وَالتَّهْجِيرِ وَالتَّشْرِيدِ عَلَى أَيْدِي قَوْمٍ تَقْطُرُ قُلُوبُهُمْ حِقْدًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَبَاتَ المُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ السَّنَوَاتِ هُمْ أَكْثَرَ اللَّاجِئِينَ فِي الْعَالَمِ مِنْ تَوَاطُئِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ عَلَيْهِمْ.
نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يُفَرِّجَ عَنِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَنْ يُفَرِّجَ كَرْبَهُمْ، وَأَنْ يَرْفَعَ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُنْزِلَ عَافِيَتَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَكْبِتَ أَعْدَاءَهُمْ.
اللَّهُمَّ لُطْفَكَ بِالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاكْسُ عَارِيَهُمْ، وَأَمِّنْ خَائِفَهُمْ، وَآوِ مُشَرَّدَهُمْ، وَفُكَّ أَسِيرَهُمْ، وَدَاوِ جَرِيحَهُمْ، وَتَقَبَّلْ قَتْلَاهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ غَضَبَكَ وَعَذَابَكَ عَلَى أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ، وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَأَفْسِدْ خُطَطَهُمْ، وَرُدَّ كَيْدَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَسَلِّمِ المُؤْمِنِينَ مِنْ مَكْرِهِمْ وَشَرِّهِمْ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182]، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.