المعطي
كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يدعي بعض المتوهمين أن هناك تعارضا بين
* قوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون (108)) [الأنعام،]
* وبين قوله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم (4)) [محمد.]
ويتساءلون: ألا يعد تناقضا بين نهي المسلمين عن سب الأصنام التي يعبدها المشركون، وبين الحث على قتالهم؟! ويهدفون من وراء ذلك إلى الطعن في عصمة القرآن الكريم من التناقض.
1) الآية الأولى جاءت لنهي المسلمين عن سب الأصنام والأوثان، وهذا من الآداب التي يحثنا عليها الإسلام، وليس مودة وعطفا على أهل الشرك وأصنامهم.
2) للحرب في الإسلام مسوغاتها وآدابها، فليست حقدا ولا كرها أعمى كما يدعي هؤلاء.
فالآية الأولى مكية سنت للمسلمين أدبا خلقيا، فنهتهم عن شتم الأصنام وهم يعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، ولكن لو سبوها لسب الكفار الإله الخالق سبحانه عدوانا وجهلا؛ لأنهم لم يعرفوه ولم يعرفوا صفاته وهذا أدب أخلاقي رفيع.
وقد قيل
* في قوله: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون (108)) [الأنعام]
: نهي، (فيسبوا الله): جواب النهي، فنهى سبحانه المؤمنين أن يسبوا أوثانهم؛ لأنه علم إذا سبوها نفر الكفار وازدادوا كفرا. قال ابن عباس: قالت كفار قريش لأبي طالب: إما أن تنهى محمدا وأصحابه عن سب آلهتنا والغض منها، وإما أن نسب إلهه ونهجوه، فنزلت الآية.
وقال العلماء: أن حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي - عليه السلام - أو الله - عز وجل - فلا يحل لمسلم سب صلبانهم ولا دينهم ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك، لأنه بمنزلة الحث على المعصية.
وعبرت الآية عن الأصنام وهي لا تعقل ب " الذين " على معتقد الكفرة فيها [1].
تبين الآية الرابعة من سورة محمد جانبا من تعاليم الحرب في الإسلام؛ فتعلم المسلمين أنهم إذا قابلوا الكفار في المعركة فعليهم أن يوقعوا بهم الضرب، فإذا أثخنوهم قتالا وهزموهم كان لهم بعد ذلك أن يمنوا على من يستحق المن، وأن يأخذوا الفدية ممن يستحق أن يفدي، فليس في الآية إباحة لسب الأصنام.
ولقد ظن هؤلاء الواهمون أنه طالما جاء النهي في سورة الأنعام عن سب أصنام الكفار، فمن باب أولى يجب الكف عن قتالهم؛ إذ القتال وضرب الرقاب أعظم من السب، ولو أنهم تدبروا في الآيات لأدركوا علة النهي عن سب أصنام الكفار في نفس الآية، وهي أن سب آلهتهم يفضي إلى حمل المشركين على سب الله تعالى، وهم أجهل الناس بقدر الله، وليس للنهي في الآية أي علاقة بمراعاة مشاعر المشركين، ولكن لضآلة عقولهم وسوء طويتيهم نظروا إلى صدر الآية فقط وتركوا باقيها، فزعموا أن في القرآن آية تنهى عن سب أصنام المشركين لحفظ مشاعرهم، وآية أخرى تأمر بضرب رقابهم، غير أن الآيتين مختلفتان لكل منهما حكمها الخاص بها، فلا تناقض بينهما.
• وبهذا البيان يتضح بطلان زعمهم وتوهمهم، فقد جاء في معنى:
* (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) []
: نهى الله المؤمنين أن يسبوا أوثان أعدائهم، وفي هذا أدب عال؛ لأن الله - عز وجل - يريد ألا يترك الرسول لغرائزهم مكانا للإباء عليه، وألا يجدوا وسيلة لينفروا من الدعوة، وفي هذا يعلمنا الحق الجدل اللطيف للدعوة، فهذا تذييل [2] للدعوة، والدعوة في ذاتها جميلة؛ لذلك لا بد أن يكون عرضها جميلا [3].
• أما آية سورة محمد فتبين جانبا من تعاليم الحرب، والآيتان في وقتين مختلفين لكل منهما حكمها الخاص، فليس ثمة تناقض بينهما.