الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
العربية
المؤلف | |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | الإيمان بالرسل |
يلصق الجاهلون التهم الشنيعة بأنبياء الله - عز وجل - وهم المعصومون من الخطأ والزلل، ومن الأنبياء الذين أصابهم أذى هؤلاء الفسقة، سيدنا لوط - عليه السلام - فقد اتهمه الجاهلون زورا وافتراء، بأنه زنى بابنتيه كما جاء في كتابهم المحرف، ويدعون كذلك أن زوجته خانته بارتكاب الفحشاء، ويستدلون على ذلك بقول الله - عز وجل - حكاية عن امرأة نوح ولوط:
* ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم: 10]
وجوه إبطال الشبهة:1) أنبياء الله عز وجل جميعا هم خير البرية، ولوط - عليه السلام - نبي من أنبياء الله تعالى، ومن ثم فلا يجوز في حقه ما يخدش هذه الخيرية.
2) تناقض نصوص الكتاب المقدس حول نبي الله لوط - عليه السلام - يدحض تلك الافتراءات، وينفي هذا الزعم الباطل، ويثبت صدق القرآن الكريم.
3) خيانة زوجته له لا تعني أنها زنت - كما يدعون - بل تعني أنها أبت اتباعه وخالفته في العقيدة.
التفصيل: أولا. أنبياء الله تعالى جميعا هم خير البرية:اختار الله تعالى أنبياءه؛ لأنهم أفضل البشر وأخيرهم، فهذا أبوهم آدم - عليه السلام - أول البشر، كم تحمل من عناء وتعب لراحة أبنائه في الدين والدنيا. وهذا نبي الله نوح - عليه السلام - يلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، كما ذكر القرآن الكريم، فما كانت حصيلة تلك السنين الطوال إلا
* كما وصف القرآن: حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ [هود: 40]
وهذا القليل لا يتجاوز ثمانين رجلا على أكثر تقدير.
وهذا إبراهيم خليل الرحمن - عليه السلام - يأبى السجود لصنم طيلة حياته، ويبدأ رحلة الإيمان من بدايتها يتفكر في خلق الكون باحثا عن ربه حتى هداه الله تعالى إليه، ثم يبدأ رحلة جهاده في تبليغ دين الله إلى الناس.
وهذا نبي الله لوط عليه - عليه السلام - أرسله الله تعالى إلى أقبح قوم على ظهر الأرض وقتها أهل سدوم، قوم ما أشد بغيهم، وما أعظم تبجحهم، يجهرون بالفحشاء والمنكر، هكذا دون أدنى خجل أو حياء؛ لذلك استحقوا وصف الله لهم بالإجرام: )وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)( (الأعراف)، وبالفسق: )ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانـت تعمـل الخبائـث إنهـم كانـوا قـوم سوء فاسقيـن (74)( (الأنبياء)، وبالإسـراف: (مسـومـة عنـد ربـك للمسرفين) (الذاريات:35)، وبالظلم: )ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلهـا كانـوا ظالميـن (31)( (العنكبوت).
وكان قوم لوط - عليه السلام - يعملون الخبائث حتى فشت الرذيلة في القرية بأسرها عدا بيت واحد هو بيت لوط عليه السلام:
* وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء: 74]
فقد كانوا يأتون الرجال، ويقطعون السبيل، ويأتون في ناديهم المنكرات والفواحش جهارا نهارا: )أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين (29)( (العنكبوت).
ويبدأ نبي الله لوط - عليه السلام - دعوته لقومه من منطلق الأخوة الإنسانية: )إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون (161)( (الشعراء)، فإنه - عليه السلام - لم يكن عدوا لأشخاصهم، بل كان مصلحا لعقيدتهم، مصلحا لأخطائهم، مصوبا لسلوكهم[1]. فكان شأنه - عليه السلام - شأن الطبيب الرحيم بمرضاه، الصبور على امتناعهم عن تناول الدواء، دواء رباني وصفه له ربـه - عز وجل - فحملـه بأمانــة إلى قومـه: )إنـي لكم رسول أمين (162)( (الشعراء).
وكان من دواعي خيريته وأمانته أنه ابتدأ العلاج معهم بداية صحيحة حيث قال: )فاتقوا الله وأطيعون (163)( (الشعراء). بدأ بتقوى الله والتي هي رأس كل طاعة، فما من طاعة تصدر عن البشر إلا وانبعاثها عن تقوى الله، فحسن الأخلاق مصدره تقوى الله، والتعبد اللذيذ مصدره تقوى الله، والصبر الجميل مصدره تقوى الله، والبعد عن الفحش والبذاءة والدناءة مصدرها تقوى الله.
لقد وفق نبي الله لوط - عليه السلام - أعظم التوفيق لما ابتدأ بتقوى الله، ثم وفق أيضا لما ثنى بدعوة قومه إلى طاعته، فحق على المريض أن يطيع طبيبه، وحق على الطالب أن يطيع أستاذه.
ثم إنه بتقديمه تقوى الله تعالى على طاعته، قد جعل طاعته مشروطة بموافقة تقوى الله عز وجل. وكيف لا يكون كذلك، وقد آتاه الله العلم والحكمة؟!)ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائــث إنهـم كانـوا قـوم سـوء فاسقيــن (74)( (الأنبياء). لقد أجهد نبي الله لوط - عليه السلام - نفسه في دعوة قومه إلى الله تعالى ولم يكن ينتظر من وراء ذلك أجرا أو مثوبة من أحد، بل ذاك مردود من الله له:
* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 164]
ولعله من نافلة القول أن نذكر أن كلمة بني أو رسول تعني أنه رجل كلفه ربه بدعوة الناس إليه والعقل يقول: إن من ضرورة ذلك أن يكون قدوة لهم، وإلا فكيف يدعوهم إلى خير الخصال وهو يأتي أقبحها؟! وكيف يدعوهم إلى حسن الخلق وليس عنده هذا الخلق؟! تخيلوا أن رجلا يفعل ذلك، فهل تعتقدون أن يتبعه أحد؟!
بالطبع لا. إذن غاية تكليفه لم تتحقق، وهنا نجد أنفسنا أمام أحد احتمالين لا ثالث لهما:
الأول: أن لوطا - عليه السلام - ليس نبيا فكونه يزني بابنتيه ويشرب الخمر ينفي عنه صفة النبوة.
الثاني: أن لوطا - عليه السلام - نبي من أنبياء الله تعالى وما أثير عنه من افتراءات وأباطيل لا سند لها من عقل أو نص صحيح لم يحرف، فكتابكم المقدس يقول إنه نبي والقرآن الكريم - كتاب الله المحفوط - يقول إنه نبي )وإن لوطا لمن المرسلين (133)( (الصافات).
* وطهارة سيدنا لوط - عليه السلام - شهد له بها قومه قال سبحانه وتعالى: ۞ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ [النّمل: 56]
ثم إن طهارته قد تمثلت كذلك في إنكار الفواحش التي كان القوم يقترفونها والتي تمثلت فيما يلي[2]:
·إتيان الذكران دون الإناث، فأنكر عليهم قائلا: )أتأتون الذكران من العالمين (165)( (الشعراء)، وبين لهم أن هذه الفعلة فاحشة لا تنسجم[3] مع الفطرة الإنسانية، إذ إنها تشكل سابقة خطيرة تهدد المجتمع بالانهيار، وتنذر النسل بالفناء
* فقال: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [الأعراف: 80]
، وأوضح لهم أن الإنسان يميل بفطرته نحو الزواج المنظم المقنن للحفاظ على النسل، واستمرار الحياة:
* وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرّوم: 21]
، وأن الخروج على هذه الفطرة شـذوذ واعتـداء، ولهـذا جـاء على لسـان لــوط عليـه السـلام: )أتأتون الذكران من العالمين (165(
وقد أرجع نبي الله لوط - عليه السلام - هذا الشذوذ عن الفطرة إلى أمرين:
الأول: الإسراف في الملذات فقال لقومه: إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون (81)( (الأعراف).
الثاني: الجهل بإحدى وظائف الشهوة لدى الإنسان، وهي الحفاظ على التناسل في الجنس البشري، وقد جاء على لسان لوط: )أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون (55)( (النمل).
· كان قوم لوط يقترفون منكرات أخرى، إذ كانوا يقطعون الطريق على المارة ويستلبون أموالهم، ويغتصبون أولادهم، كما كانوا يجتمعون في النوادي العامة ويفعلون المعاصي بشكل جماعي، فتوجه نبي الله لوط إليهم منكرا أفعالهم:
* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ۖ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [العنكبوت: 29]
وحيث إننا احتكمنا إلى العقل، فالعقل يشهد عند الأسوياء بأن رجلا مثل هذا، يقف في وجه الرذيلة ويقاومها، ويقف في وجه المنكرات السائدة في قومه، رجل يصح فيه القول: إنه موصول بالسماء، هذا فضلا عن أن كتابكم المحرف يشهد بأنه نبي، ويؤكد هذه الحقيقة كتاب ربنا - القرآن الكريم - ومن ثم فلا صحة لما يدعيه هؤلاء الجاهلون.
ثانيا. تناقض نصوص الكتاب المقدس حول نبي الله لوط - عليه السلام - يدحض تلك الافتراءات ويثبت صدق القرآن:تحكي التوراة عن لوط - عليه السلام - قائلة: "وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة. وكان لما أخرجاهم إلى خارج أنه قال: "اهرب لحياتك لا تنظر إلى ورائك ولا تقف في كل الدائرة. اهرب إلى الجبل، لئلا تهلك". فقال لهما لوط: "لا يا سيد. هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك وعظمت لطفك الذي صنعت إلي باستبقاء نفسي وأنا لا أقدر أن أهرب إلى الجبل لعل الشر يدركني فأموت. هوذا المدينة هذه قريبة للهرب إليها وهي صغيرة أهرب إلى هناك أليست هي صغيرة؟ فتحيا نفسي". فقال له: "إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر أيضا أن لا أقلب المدينة التي تكلمت عنها. أسرع أهرب إلى هناك لأني لا أستطيع أن أفعل شيئا حتى تجيء إلى هناك". لذلك دعي اسم المدينة صوغر. وإذ أشرقت الشمس على الأرض دخل لوط إلى صوغر فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء. وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض... حين قلب المدن التي سكن فيها لوط. وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر. فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة: "أبونا قد شاخ ليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. هلم نسقي آبانا خمرا ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا". فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة: "إني قد اضطجعت البارحة مع أبي نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي اضطجعي معه فنحيي من أبينا نسلا". فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب، وهو أبو الموآبيين إلى اليوم. والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي، وهو أبو بني عمون إلى اليوم". (تكوين 19: 16 - 38).
لاحظ الاضطراب في تدوين القصة؛ ففي البداية خاف أن يسكن الجبل وسكن في صوغر؛ لأنها مدينة صغيرة، ثم جعله كاتب هذه الأسطورة يهرب من المدينة المأهولة إلى الجبل لتهيئة المسرح لجريمة الزنا بابنتيه.
والغرض من ذلك هو السياسة الصهيونية التي تهدف إلى استبعاد أي نسل آخر خلاف نسل يعقوب - عليه السلام - من مشاركتهم في عهد الله مع إبراهيم - عليه السلام - والمؤمنين به ومنعهم من الحصول على أية ميزة، واعتبار أن الله قد خلق العالم من أجل أن يرث - فقط - بنو إسرائيل أرض الميعاد.
والدليل على كذب هذه الرواية يأتي من عدة وجوه:
1. خوف لوط أن يسكن في الجبل لعل الشر يدركه فيموت، وفضل السكن في مدينة صوغر. (تكوين 19: 19 - 20)، ثم تضارب الكاتب مع نفسه فقال: "وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه؛ لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه". (تكوين 19: 30).
2. وقد عاش لوط في صوغر 14 سنة - قبل مولد إسماعيل إلى أن بلغ إبراهيم من العمر 100 سنة - وهو يعرف هذه المنطقة وسكانها جيدا، ولو كان أهلها من الأشرار لأهلكهم الله، كما أهلك سدوم وعمورة، ولما عاش معهم 14 سنة! فكيف يخاف الجبل، ثم يسكن فيه، ويترك القرية وأهلها الذين نعم بالعيش معهم 14 سنة؟ فقد سكن الجبل الذي يخاف منه لا لشيء إلا لرغبة كتبة التوراة في ذلك لاستكمال هذه القصة المختلقة.
3. كان لسيدنا لوط - عليه السلام - أبناء ذكور قبل تدمير سدوم وعمورة. وهم يعيشون في نفس المكان، وقد أبلغهم لوط بما سيحدث للقرية قبل تدميرها، كما أبلغ بناته وأصهاره، ولا شك أن الكل صدقه وهرب معه، وإخفاء هذا الخبر في التوراة كان متعمدا؛ لقطع نسب لوط من أبنائه ولاستكمال القصة، وقال الرجلان للوط: "من لك أيضا ههنا؟ أصهارك وبنيك وبناتك، وكل من لك في المدينة أخرج من المكان؛ لأننا مهلكان هذا المكان إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكه". فخرج لوط وكلم أصهاره الآخذين بناته وقال: "قوموا اخرجوا من هذا المكان لأن الرب مهلك المدينة". فكان كمازح في أعين أصهاره. ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا قائلين: "قم خذ امرأتك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك بإثم المدينة". (تكوين19: 12 - 15).
4. ولو صدقنا خبر تكذيب أصهاره فهل لم تصدقه إحدى بناته المؤمنات اللواتي تربين في بيت النبوة؟ بالطبع حبك الكاتب هذا السيناريو؛ لتنفرد الابنتان بأبيهما.
5. كذب القول المنسوب لابنتي لوط - عليه السلام - بأنه ليس من الأرض رجل ليدخل عليهما كعادة كل الأرض، فهل كانت القرية القريبة من الجبل صوغر ليس بها رجال؟ وهل لم تتزوج ابنتاه العذراوتان لمدة 14 سنة بعد هروبهم من سدوم وعمورة؟
مع العلم أنهم كانوا يسكنون في منطقة قريبة، لا تبعد عن المنطقة التي هربوا إليها إلا ساعتين سيرا على الأقدام، فقد خرجوا في الفجر ووصلوا إلى صوغر عند شروق الشمس، والجبل وصوغر كلاهما كانا قريبين من سدوم، وكانت هناك مدن أخرى قريبة من صوغر كالتي وردت عندما أنقذ إبراهيم لوطا - عليهما السلام - من الأسر، ولم يذكر أن الرب قد دمرها.
ومما يثبت وجود شعوب أخرى في المنطقة التي عاش فيها لوط ما ورد بعد ذلك في (التثنية 2: 9 - 12) من أن الله قد أورث بني لوط - عليه السلام - أرض الإيميين والرفانيين الذين يسكنون المكان الذي أقام فيه لوط، وعلاوة على ذلك فالمسافة بين صوغر و حيرون التي يقيم فيها إبراهيم - عليه السلام - لا تتعدى 70 كيلومتر، وقد رأى إبراهيم - عليه السلام - بعينيه النار المشتعلة في سدوم القريبة من صوغر وهو في مكانه.
ولا يمكن أن يقال بأي حال من الأحوال إن لوطا - عليه السلام - قد عاش منفردا هو وابنتاه بدون مخالطة شعب آخر، فهذا ما لا يطيقه الشباب فضلا عن شيخ عجوز.
6. أما فيما يختص بحادثة الزنا؛ فالتلفيق واضح فيها وبيان ذلك بالآتي:
· أن المخمور الذي لا يستطيع أن يفرق بين بناته والأجنبيات لشدة سكره، لا يكون في هذا الوقت قابلا للجماع، والغريب في باقي القصة أن الأب لم يسأل ابنتيه العذراوتين عن سبب الحمل؟ ومثل هذا الوضع لو وقع لبعض آحاد الناس لضاقت عليه الأرض بما رحبت حزنا وغما، فهل لم يهتم نبي الله بابنتيه وشرفه؟
· فحبلت ابنتا لوط من أبيهما، فولدت البكر ابنا ودعت اسمه "موآب"، وهو أبو الموآبيين إلى اليوم، والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه "بن عمي"، وهو أبو بني عمون إلى اليوم". (تكوين 19: 36 - 38). لو كان الموآبيون والعمونيون من الزنا لغضب الله عليهم أو حتى أهمل شأنهم، ولكننا نرى في سفر التثنية أن الله قد أعطى أرض الإيميين للموآبيين ميراثا: "فقال لي الرب: لا تعاد موآب ولا تثر عليهم حربا؛ لأني لا أعطيك من أرضهم ميراثا، لأني لبني لوط قد أعطيت عار ميراثا. الإيميون سكنوا فيها قبلا شعب كبير وكثير وطويل كالعناقيين". (التثنية 2: 9، 10)، كما أعطى أرض الرفائيين لبني عمون ميراثا: "فمتى قريب إلى تجاه بني عمون لا تعادهم ولا تهجموا عليهم؛ لأني لا أعطيك من أرض بني عمون ميراثا؛ لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثا، هي أيضا تحسب أرض رفائيين. سكن الرفائيون فيها قبلا لكن العمونيين يدعونهم زمزميين". (تثنية 2، 19، 20).
وقد أعطى الله الموآبيين والعمونين ميراث الأرض قبل أن يورث بني إسرائيل وقبل أن يدخلوا أرض الميعاد، بل وحرم أرض الموآبيين والعمونيين على بني إسرائيل كما ورد في (التثنية 2: 19) ولو كان الإرث يستلزم عهدا من الرب فقد حصل عليه العمونيون والموآبيون، وبذلك يكونون قد دخلوا في جماعة الرب؛ لأن الرب لا يعطي عهدا لأبناء الزنا "لا يدخل ابن زنا في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب". (تثنية 23: 2)، وبذلك يكون الموآبيون والعمونيون ليسوا من أبناء زنى ويكون كتبة هذه القصة من الكاذبين، ويكون بني إسرائيل قد ادعوا وجوب هذا العهد من الله ويكونون أيضا من الكاذبين.
ولو صدقنا قول التوراة أن العمونيين والموآبيين من نسل الزنا، وقد حصلوا على عهد من الله وعلى إرث، يكون قد نال عهد الله أبناء الزنا والأطهار (بني إسرائيل)، فلا ميزة إذن للأطهار عن أبناء الزنا، ويصبح قول التوراة بأن بني إسرائيل شعب الله المختار؛ لأنهم أخذوا عهدا من الله بتملك الأرض، قولا كاذبا.
وإذا كان هذا شأن الله مع أبناء الزنا وهم أبرياء مما اقترفه آباؤهم، فكيف يكون شأنه مع المحتالين واللصوص؟ فجاء في سفر التكوين: "وحدث لما شاخ إسحاق وكلت عيناه عن النظر، أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له: "يا ابني". فقال له: "هأنذا". فقال: "إنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي. فالآن خذ عدتك: جعبتك وقوسك، واخرج إلى البرية وتصيد لي صيدا، واصنع لي أطعمة كما أحب، وأتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت". وكانت رفقة سامعة إذ تكلم إسحاق مع عيسو ابنه. فذهب عيسو إلى البرية كي يصطاد صيدا ليأتي به. وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة: "إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلا: ائتني بصيد واصنع لي أطعمة لآكل وأباركك أمام الرب قبل وفاتي. فالآن يا ابني اسمع لقولي في ما أنا آمرك به: اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى، فأصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب، فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك قبل وفاته". فقال يعقوب لرفقة أمه: "هوذا عيسو أخي رجل أشعر وأنا رجل أملس. ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاون، وأجلب على نفسي لعنة لا بركة". فقالت له أمه: "لعنتك علي يا ابني. اسمع لقولي فقط واذهب خذ لي". فذهب وأخذ وأحضر لأمه، فصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب. وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبست يعقوب ابنها الأصغر، وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى. وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها. فدخل إلى أبيه وقال: "يا أبي". فقال: "هأنذا. من أنت يا ابني؟" فقال يعقوب لأبيه: "أنا عيسو بكرك. قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك". فقال إسحاق لابنه: "ما هذا الذي أسرعت لتجد يا ابني"؟ فقال: "إن الرب إلهك قد يسر لي". فقال إسحاق ليعقوب: "تقدم لأجسك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا"؟ فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه، فجسه وقال: "الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو". ولم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فباركه. وقال: "هل أنت هو ابني عيسو"؟ فقال: "أنا هو". فقال: "قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي". فقدم له فأكل، وأحضر له خمرا فشرب. فقال له إسحاق أبوه: "تقدم وقبلني يا ابني". فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: "انظر! رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب. فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر. ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين". وحدث عندما فرغ إسحاق من بركة يعقوب، ويعقوب قد خرج من لدن إسحاق أبيه، أن عيسو أخاه أتى من صيده، فصنع هو أيضا أطعمة ودخل بها إلى أبيه وقال لأبيه: "ليقم أبي ويأكل من صيد ابنه حتى تباركني نفسك". فقال له إسحاق أبوه: "من أنت"؟ فقال: "أنا ابنك بكرك عيسو". فارتعد إسحاق ارتعادا عظيما جدا وقال: "فمن هو الذي اصطاد صيدا وأتى به إلي فأكلت من الكل قبل أن تجيء، وباركته؟ نعم، ويكون مباركا". فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا، وقال لأبيه: "باركني أنا أيضا يا أبي". فقال: "قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك". فقال: "ألا إن اسمه دعي يعقوب، فقد تعقبني الآن مرتين! أخذ بكوريتي، وهوذا الآن قد أخذ بركتي". ثم قال: "أما أبقيت لي بركة؟" فأجاب إسحاق وقال لعيسو: "إني قد جعلته سيدا لك، ودفعت إليه جميع إخوته عبيدا، وعضدته بحنطة وخمر. فماذا أصنع إليك يا ابني"؟ فقال عيسو لأبيه: "ألك بركة واحدة فقط يا أبي؟ باركني أنا أيضا يا أبي". ورفع عيسو صوته وبكى. فأجاب إسحاق أبوه: "هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق. وبسيفك تعيش، ولأخيك تستعبد، ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك". فحقد عيسو على يعقوب من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: "قربت أيام مناحة أبي، فأقتل يعقوب أخي". فأخبرت رفقة بكلام عيسو ابنها الأكبر، فأرسلت ودعت يعقوب ابنها الأصغر وقالت له: "هوذا عيسو أخوك متسل من جهتك بأنه يقتلك. فالآن يا ابني اسمع لقولي، وقم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران، وأقم عنده أياما قليلة حتى يرتد سخط أخيك. حتى يرتد غضب أخيك عنك، وينسى ما صنعت به. ثم أرسل فآخذك من هناك. لماذا أعدم اثنيكما في يوم واحد"؟ (التكوين27: 1ـ 45).
فكيف يكون شأنه مع من صارعوه وقهروه؟ فهل هؤلاء أيضا لهم عهد من الرب وميراث؟ أم أن هذه القصة من وحي خيال كاتب مخمور؟ فقد جاء في سفر التكوين أن يعقوب - عليه السلام - صارع الرب: "فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال: "أطلقني، لأنه قد طلع الفجر". فقال: "لا أطلقك إن لم تباركني". فقال له: "ما اسمك؟" فقال: "يعقوب". فقال: "لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت". وسأل يعقوب وقال: "أخبرني باسمك". فقال: "لماذا تسأل عن اسمي"؟ وباركه هناك. فدعا يعقوب اسم المكان "فنيئيل" قائلا: "لأني نظرت الله وجها لوجه، ونجيت نفسي". (التكوين 32: 24 - 30).
· "لا يدخل ابن زنا في جماعة الرب حتى الجيل العاشر، لا يدخل منه أحد في جماعة الرب". (التثنية 23: 2)، ومعنى "حتى الجيل العاشر" أي: للأبد. ومع ذلك فإننا نجد أن راعوث كانت مؤابية وهي أم نبي الله داود الذي كان من ذريته كل ملوك يهود حتى السبي، والذي قال عنه الرب: "أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا إن يعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن رحمتي لا تنزع منه كما نزعتها من شاول الذي أزلته من أمامك. ويأمن بينك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كرسيك يكون ثابتا إلى الأبد". (صموئيل الثاني 7: 14ـ 16).
فلا يمكن لمن شرفه الله بهذا الشرف أن يكون من سلالة زنا، كما أن سليمان قد تزوج من نعمة العمونية وأنجب منها رحبعام (ملوك الأول 14: 21)، ولا يمكن أن يكون رؤوس جماعة الرب من أمهات زنا، فضلا عن أنهم من نسل الرب تبعا للتشريع النصراني. فلا بد أن يكون هذا التشريع مدسوسا علي التوراة. لكن ما أسباب ذلك؟
يقول السموءل بن يحيى المغربي صاحب كتاب "إفحام اليهود" وأحد أحبار اليهود الذين هداهم الله للإسلام وقد كان أبوه حبرا يهوديا كبيرا وإماما ضليعا في اليهودية، وكذلك كانت أمه، مما جعله قادرا على الحكم على التوراة: "وأيضا فإن عندهم أن موسى جعل الإمامة في الهارونيين، فلما ولي طالوت - شاول - وثقلت وطأته على الهارونيين وقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم انتقل الأمر إلى داود، بقي في نفوس الهارونيين التشوق إلى الأمر الذي زال عنهم، وكان عزرا هذا خادما لملك الفرس، حظيا لديه، فتوصل إلى بناء بيت المقدس، وعلم لهم هذه التوراة التي بأيديهم، فلما كان هارونيا، كره أن يتولى عليهم في الدولة الثانية داودي. فأضاف في التوراة فصلين للطعن في نسب داود، أحدهما قصة بنات لوط، والآخر قصة ثامار مع يهودا، ولقد بلغ - لعمري - غرضه، فإن الدولة الثانية كانت لهم في بيت المقدس، لم يملك عليها داوديون، بل كان ملوكهم هارونيين"[5].
ومن ثم فهل يصدق عاقل ما قاله الكتاب المحرف عن سيدنا لوط - عليه السلام - وهو كما سبق أن علمنا مملوء بالمغالطات والتناقضات فضلا عن شهادة المتخصصين في اليهودية بالتحريف المتعمد من قبل من سطروا هذه التوراة لأغراض سياسية وسعيا منهم للملك والسيادة.
ثالثا. خيانة زوجة لوط - عليه السلام - لم تكن في أمر البغاء والفحشاء، بل مخالفة في العقيدة:وأما عن خيانة زوجة نبي الله لوط - عليه السلام - فإننا نقول لمن يدعي أن خيانتها كانت بغاء وارتكابا للفاحشة: لا بد لكم بداية أن تسألوا أهل الذكر والعلم إن كنتم تبغون الحق وما هي أقوال أهل العلم في
* قول الله سبحانه وتعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم: 10]
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: "فخانتاهما" قال: «ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت قولها للناس عن زوجها: إنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل على الضيف فتلك خيانتها»[6]. وروي عن ابن عباس أنه قال: "ما بغت امرأة نبي قط"[7]. ووجاء عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله: "فخانتاهما" أنه قال: "كانتا كافرتين مخالفتين ولا ينبغي لامرأة تحت نبي أن تفجر".
وجاء عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله )ضرب الله مثلا( (التحريم: 10) أنه قال: لن يغني صلاح هذين عن هاتين - المرأتين - شيئا، وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون، والله أعلم[8].
أضف إلى ذلك أن أنبياء الله - عز وجل - جميعا معصومون، وزنا زوجاتهم يقدح في هذه العصمة؛ لأن عصمتهم منع وحفظ من الوقوع في الخطأ والمعاصي وخاصة الكبائر، ومن ثم فاختيارهم لزوجاتهم يندرج تحت هذا الحكم، ومن هنا نتساءل: كيف اختار نبي الله لوط - عليه السلام - زوجة بغيا [9] زانية، أما كانت في النساء صالحة فيتزوجها؟! والجواب لم تكن كذلك، بل خيانتها له كفرها به. ثم إن بيوت الأنبياء هي ملاذ[10] المؤمنين به ودار أمنهم وراحتهم، فكيف تكون كذلك، وفيها زوجة باغية، فالعقل لا يقبل ذلك؛ حيث إن من أشد الأمور وطأة[11] وتأثيرا بالسلب في نفس الرجل خيانة زوجته له بالمعنى الذي يتوهمون.
وختاما نقول: لولا القرآن لهلك الناس؛ لأن منهم من يريد أن يهدم كل فضيلة ويقيم كل رذيلة ونقيصة، من المؤسف أن هؤلاء خاضوا في أطهر الخلق وخير البرية (الأنبياء) لذلك جاء هذا القرآن ليقوم المعوج ويصحح المسار ويري الناس حقيقة الأنبياء دحضا لشبهات أصحاب الأهواء ومن لا يتبعون إلا الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.
الخلاصة:· أنبياء الله - عز وجل - هم خير البرية؛ فهم المكلفون بتوصيل رسالات الله إلى خلقه فكان حقا لهم أن يكونوا كذلك لإتمام المهمة التي خلقهم الله من أجلها، ومن ثم فليس لهم أن يكونوا كما يصفهم المدعون بأوصاف لا يوصف بها إنسان عادي، فضلا عن أن يوصف بها نبي.
إن الكتاب المقدس كتاب مزيف لتناقض نصوصه؛ لأنه إذا سلمنا بصحة زعمهم من أن لوطا - عليه السلام - زنا بابنتيه؛ لاستوجب ذلك أن من أنبياء الله تعالى من جاء من نسل زنا وبغاء، والفطرة والعقل والشرع يأبون ذلك كل الإباء، وهنا يأتي دور القرآن العظيم كتاب الله المحفوظ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها يدافع عن أنبياء الله - عز وجل - ويضع الحقيقة التي زيفت ويبرز الصدق الذي كذب وحرف. ومن ثم نقول: لولا القرآن لهلك الناس؛ لأنه لن تكون القدوة الصالحة قائمة بين البشر إذا سقط الأنبياء من عيون الناس.