البحث

عبارات مقترحة:

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الإيمان بالرسل

المسلمون يؤمنون بالرسل جميعاً: من سمى الله منهم ومن لم يسم، من أولهم آدم عليه السلام إلى آخرهم وخاتمهم وأفضلهم نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليهم أجمعين. والإيمان بالرسل إيمان مجمل، والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إيمان مفصل يقتضي اتباعه فيما جاء به على وجه التفصيل.

التعريف

التعريف لغة

الإيمان لغة: قال ابن فارس: «الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان: أحدهما الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها: سكون القلب، والآخر: التصديق». "مقاييس اللغة" (1 /133). «إلا أن الإيمان إنما يطلق على التصديق الذي معه أمن، وليس على مجرد التصديق فقط». "موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة" لمجموعة من الباحثين (1 /468). قال الجوهري: «وأصل آمن: أأمن بهمزتين لُيِّنَتِ الثانية، وهو من الأمن ضد الخوف». "الصحاح" (5 /2071). وقال الراغب: «أصل الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف». "مفردات ألفاظ القرآن" (1 /48). وقال أيضا: «الإيمان هو التصديق الذي معه أمن». "مفردات ألفاظ القرآن" (1 /48). والإرسال في اللغة: التوجيه، فإذا بعثت شخصًا في مهمة فهو رسولك، وقد يريدون بالرسول ذلك الشخص الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أخذاً من قول العرب: (جاءت الإبلُ رَسَلاً) أي: متتابعة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (2 /1166-1167)، "المصباح المنير" للفيومي (ص 266).

التعريف اصطلاحًا

الإيمان اصطلاحًا: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالجنان، وعملٌ بالأركان. انظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (7 /505). والرسل هنا: هم الموجهون من قبل الله تعالى إلى الخلق، المبعوثون برسالة أساسها توحيد الله تعالى، المُكلَّفون بحملها وتبليغها ومتابعتها. انظر: "الرسل والرسالات" لعمر الأشقر (ص: 13). والإيمان بالرسل: هو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمةٍ رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بما يعبد من دونه، وأَنَّ جميعهم صادقون مصدقون، بارُّون راشدون، كرام بررة، أتقياء أمناء، هداة مهتدون، وبالبراهين الظاهرة والآيات الباهرة من ربهم مؤيدون، وأنهم بلَّغوا جميع ما أرسلهم الله به، لم يكتموا حرفاً ولم يغيروه، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفاً ولم ينقصوه، وأنهم كلهم كانوا على الحق المبين، والهدى المستبين. انظر: "الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة" لعبد الله الأثري (ص: 141)، "معارج القبول" لحافظ حكمي (ص: 830).

الأقسام والأنواع

يمكن تقسيم الرسل بحسب ذكرهم في القرآن الكريم إلى قسمين: الأول: من ذُكروا بأسمائهم في القرآن، وهم خمسة وعشرون رسولاً، وهم: أبو البشر آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، شعيب، أيوب، ذو الكفل، موسى، هارون، داود، سليمان، إلياس، اليسع، يونس، زكريا، يحيى، عيسى، ومحمد خاتم الأنبياء والرسل؛ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وأفضل أولي العزم نبي الإسلام، وخاتم الأنبياء والمرسلين، ورسول رب العالمين؛ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. انظر: "الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة" لعبدالله الأثري (ص: 141)، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (1 /276). الثاني: من لم يُسموا في القرآن الكريم، والله أعلم بعددهم وأسمائهم. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (1 /276). والله تعالى قد يرسل برسالته إلى أقوام بأعيانهم وقد يرسل بها إلى الناس عامة، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة» أخرجه البخاري (438)، فالرسالات السماوية باعتبار المرسَل إليه على قسمين: 1 ـ الرسالات السماوية لأقوام خاصة؛ كالرسالات السماوية للأمم السابقة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [الروم: 47]. 2 ـ الرسالة السماوية لجميع الناس؛ كالرسالة المحمدية، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 28]. انظر هذا المفهوم في: "الرسل والرسالات" للأشقر (ص240).

الأدلة

القرآن الكريم

الإيمان بالرسل في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿إِنَّاۤ أَوْحَیْنَاۤ إِلَیْكَ كَمَاۤ أَوْحَیْنَاۤ إِلَىٰ نُوحࣲ وَاْلنَّبِیِّـۧنَ مِنۢ بَعْدِهِۦۚ وَأَوْحَیْنَاۤ إِلَىٰۤ إِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسْمَـٰعِیلَ وَإِسْحَـٰقَ وَیَعْقُوبَ وَاْلْأَسْبَاطِ وَعِیسَىٰ وَأَیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَـٰرُونَ وَسُلَیْمَـٰنَۚ وَءَاتَیْنَا دَاوُۥدَ زَبُورࣰا * وَرُسُلࣰا قَدْ قَصَصْنَـٰهُمْ عَلَیْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلࣰا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْكَۚ وَكَلَّمَ اْللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِیمࣰا * رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اْللَّهِ حُجَّةُۢ بَعْدَ اْلرُّسُلِۚ وَكَانَ اْللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا * لَّـٰكِنِ اْللَّهُ یَشْهَدُ بِمَاۤ أَنزَلَ إِلَیْكَۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلْمِهِۦۖ وَاْلْمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَشْهَدُونَۚ وَكَفَىٰ بِاْللَّهِ شَهِیدًا﴾ [النساء 163-166]. وقال سبحانه: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیْنَـٰهَاۤ إِبْرَ ٰ⁠هِیمَ عَلَىٰ قَوْمِهِۦۚ نَرْفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ * وَوَهَبْنَا لَهُۥۤ إِسْحَـٰقَ وَیَعْقُوبَۚ كُلًّا هَدَیْنَاۚ وَنُوحًا هَدَیْنَا مِن قَبْلُۖ وَمِن ذُرِّیَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَیْمَـٰنَ وَأَیُّوبَ وَیُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَـٰرُونَۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجْزِی اْلْمُحْسِنِینَ * وَزَكَرِیَّا وَیَحْیَىٰ وَعِیسَىٰ وَإِلْیَاسَۖ كُلࣱّ مِّنَ اْلصَّـٰلِحِینَ * وَإِسْمَـٰعِیلَ وَاْلْیَسَعَ وَیُونُسَ وَلُوطࣰاۚ وَكُلࣰّا فَضَّلْنَا عَلَى اْلْعَـٰلَمِینَ * وَمِنْ ءَابَاۤىِٕهِمْ وَذُرِّیَّـٰتِهِمْ وَإِخْوَ ٰ⁠نِهِمْۖ وَاْجْتَبَیْنَـٰهُمْ وَهَدَیْنَـٰهُمْ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسْتَقِیمࣲ * ذَ ٰ⁠لِكَ هُدَى اْللَّهِ یَهْدِی بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ مِنْ عِبَادِهِۦۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا۟ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ یَعْمَلُونََ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ اْلَّذِینَ ءَاتَیْنَـٰهُمُ اْلْكِتَـٰبَ وَاْلْحُكْمَ وَاْلنُّبُوَّةَۚ فَإِن یَكْفُرْ بِهَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمࣰا لَّیْسُوا۟ بِهَا بِكَـٰفِرِینَ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ اْلَّذِینَ هَدَى اْللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ اْقْتَدِهْۗ قُل لَّاۤ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْرًاۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنعام: 83-90]. وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلࣰا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَیْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَیْكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن یَأْتِیَ بِـَٔایَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اْللَّهِۚ فَإِذَا جَاۤءَ أَمْرُ اْللَّهِ قُضِیَ بِاْلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ اْلْمُبْطِلُونَ﴾ [غافر: 78]. وقال سبحانه: ﴿وَقَالَ اْلَّذِینَ أَشْرَكُوا۟ لَوْ شَاۤءَ اْللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیْءࣲ نَّحْنُ وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیْءࣲۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ فَعَلَ اْلَّذِینَ مِن قَبْلِهِمْۚ فَهَلْ عَلَى اْلرُّسُلِ إِلَّا اْلْبَلَـٰغُ اْلْمُبِینُ * وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ اْعْبُدُوا۟ اْللَّهَ وَاْجْتَنِبُوا۟ اْلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اْللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ اْلضَّلَـٰلَةُۚ فَسِیرُوا۟ فِی اْلْأَرْضِ فَاْنظُرُوا۟ كَیْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ اْلْمُكَذِّبِینَ﴾ [النحل: 35-36]. وقال سبحانه: ﴿قُلْ أَطِیعُوا۟ اْللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ اْلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَإِنَّمَا عَلَیْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَیْكُم مَّا حُمِّلْتُمْۖ وَإِن تُطِیعُوهُ تَهْتَدُوا۟ۚ وَمَا عَلَى اْلرَّسُولِ إِلَّا اْلْبَلَـٰغُ اْلْمُبِینُ﴾ [ النور: 54]. وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ اْلنَّبِیِّـۧنَ مِیثَـٰقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحࣲ وَإِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَى اْبْنِ مَرْیَمَۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّیثَـٰقًا غَلِیظࣰا * لِّیَسْـَٔلَ اْلصَّـٰدِقِینَ عَن صِدْقِهِمْۚ وَأَعَدَّ لِلْكَـٰفِرِینَ عَذَابًا أَلِیمࣰا﴾ [الأحزاب: 7-8]. َوقال سبحانه: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ اْلدِّینِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحࣰا وَاْلَّذِیۤ أَوْحَیْنَاۤ إِلَیْكَ وَمَا وَصَّیْنَا بِهِۦۤ إِبْرَ ٰ⁠هِیمَ وَمُوسَىٰ وَعِیسَىٰۤۖ أَنْ أَقِیمُوا۟ اْلدِّینَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِیهِۚ كَبُرَ عَلَى اْلْمُشْرِكِینَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَیْهِۚ اْللَّهُ یَجْتَبِیۤ إِلَیْهِ مَن یَشَاۤءُ وَیَهْدِیۤ إِلَیْهِ مَن یُنِیبُ﴾ [الشورى: 13]. وقال سبحانه: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إليه مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285]. وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: 150–152]. وقال سبحانه: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا اْلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ءَامِنُوا۟ بِاْللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَاْلْكِتَـٰبِ اْلَّذِی نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَاْلْكِتَـٰبِ اْلَّذِیۤ أَنزَلَ مِن قَبْلُۚ وَمَن یَكْفُرْ بِاْللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَاْلْیَوْمِ اْلْـَٔاخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدًا﴾ [النساء: 136]. وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الصف: 6–7]. وقال سبحانه: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُؤْتِیَهُ اْللَّهُ اْلْكِتَـٰبَ وَاْلْحُكْمَ وَاْلنُّبُوَّةَ ثُمَّ یَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا۟ عِبَادࣰا لِّی مِن دُونِ اْللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُوا۟ رَبَّـٰنِیِّـۧنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ اْلْكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا یَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا۟ اْلْمَلَـٰۤىِٕكَةَ وَاْلنَّبِیِّـۧنَ أَرْبَابًاۗ أَیَأْمُرُكُم بِاْلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَإِذْ أَخَذَ اْللَّهُ مِیثَـٰقَ اْلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیْتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكْمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمْ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُمْ إِصْرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقْرَرْنَاۚ قَالَ فَاْشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ اْلشَّـٰهِدِینَ * فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ اْلْفَـٰسِقُونَ﴾ [آل عمران: 79-82].

السنة النبوية

الإيمان بالرسل في السنة النبوية
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ، وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». أخرجه مسلم (8). وهذا الحديث دليل ظاهر على أن الإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان. كما يدل على وجود الرسالات السماوية قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة» أخرجه البخاري (438)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود». أخرجه مسلم (521).

الإجماع

أجمع المسلمون على الإيمان بالرسل إجمالاً، وبمن صح به الدليل تفصيلًا ممن سماه الله ورسوله ، والإيمان بالرسل من أركان الإيمان، وهذا أمر أجمعت عليه الأمة، وهو معلوم من الدين بالضرورة. والمسلمون يؤمنون ويعتقدون اعتقادًا جازمًا بأن الله سبحانه أرسل إلى عباده رسلاً مبشرين ومنذرين، ودعاة إلى دين الحق، لهداية البشر، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، فكانت دعوتهم إنقاذاً للأمم من الشرك والوثنية، وتطهيراً للمجتمعات من التحلل والفساد، وأنهم بلغوا الرسالة، وأدوا الأمانة، ونصحوا الأمة، وجاهدوا في الله حق جهاده، وقد جاؤوا بمعجزات باهرات تدل على صدقهم، ومن كفر بواحد منهم، فقد كفر بالله تعالى، وبجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. انظر: "الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة" لعبد الله الأثري (ص: 141)، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز الحنفي (1 /276).

مسائل متعلقة

اتفاق الرسالات في التوحيد وأصول الشرائع

وقد بيَّن النبي صلّى الله عليه وسلّم اتفاق الرسل في التوحيد، واختلافهم في الشرائع بمثال فقال: «الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتّى، ودينهم واحد» أخرجه البخاري (3443) ومسلم (2365). قال ابن حجر رحمه الله: «معنى الحديث: أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع». " فتح الباري" (6/597). 2- أن الرسالات السابقة كانت تخص بعض الأقوام بأعيانهم، وأن الرسالة المحمدية هي عامة لكافة الناس، وخاتمة الرسالات، ومهيمنة على جميعها، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ: 28] ، وقال: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40] ، وقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: 48]. 3 - وجوب الإيمان بجميع الرسالات السماوية ، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيْسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ *﴾ [البقرة] ، وفي حديث جبريل المشهور قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله». أخرجه البخاري (4777) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة، ومسلم (8) من حديث عمر. وكيفية الإيمان بالرسالات السابقة تكون بـ«التصديق الجازم بالرسالات التي أنزلها الله إلى عباده بواسطة رسله، والتصديق بأنهم بلّغوها الناس، وأن الانقياد لها، والحكم بها كان واجبًا على الأمم التي نزلت إليها الكتب، والكتب السماوية يصدق بعضها بعضًا، والقرآن نسخ الكثير مما في التوراة والإنجيل، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 157]، ومجرد التصديق لا يكفي في القرآن؛ فلا بد مع التصديق من الأخذ به والعمل بما أمر به وترك ما نهى عنه». " الرسل والرسالات" (229 -231).

منزلة الإيمان بالرسل

تظهر علو منزلة الرسالات السماوية في الأمور: أنها سفارة الله عزّ وجل، والله سبحانه وتعالى يصطفي لها من يشاء من عباده، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: 75] ، وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الزخرف: 31، 32]. أن الإيمان بالرسالات السماوية ركن من أركان الإيمان. أن الكفر والتكذيب بإحدى الرسالات السماوية كفر وتكذيب بجميعها، قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ *﴾ [الشعراء] ، وقال: ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ *﴾ [الشعراء] ، وقال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ *﴾ [الشعراء] ، ولم يبعث إلى كل من هؤلاء إلا رسول واحد؛ فدل هذا على أن الكفر والتكذيب برسالة رسول واحد كفر وتكذيب بجميعهم.

الثمرات

ثمرات الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام «أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام، للهداية والإرشاد. ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى. ثالثاً: محبة الرسل، وتوقيرهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا لله بعبادته، وتبليغ رسالته، والنصح لعباده، والصبر على أذاهم». "عقيدة أهل السنة والجماعة" لابن عثيمين (ص: 40).

المواد الدعوية