المقتدر
كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...
العربية
المؤلف | باحثو مركز أصول |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | حُجيَّة السُّنة، ووجوب العلم بها، وبالآحاد |
مضمونُ السؤال:
يريدُ السائلُ أن يُجيبَ عن دَلالاتِ الآياتِ الآمِرةِ بطاعةِ الرسولِ ﷺ على حجِّيَّةِ السنَّةِ النبويَّة؛ فتلك الآياتُ - مِن وجهةِ نظرِهِ - لا تدُلُّ على حجِّيَّتِها؛ لأنها إنما تأمُرُ بطاعةِ الرسولِ ﷺ بالأخذِ بما جاء في القرآنِ فحَسْبُ؛ فهو بناءً على ذلك يَسْألُ: ما المانعُ مِن أن تُفسَّرَ الآياتُ الآمِرةُ بطاعةِ النبيِّ ﷺ على هذا النحو؟!
مختصَرُ الإجابة:
القولُ بأن المرادَ بطاعةِ الرسولِ ﷺ طاعتُهُ في الأخذِ بما جاء في القرآن: هو مِن التأويلاتِ المخالِفةِ لكونِ القرآنِ هُدًى ونورًا؛ إذْ لا معنَى لتخصيصِ الرسولِ ﷺ بالأمرِ بطاعتِهِ على هذا التأويل؛ لأن كلَّ مَن أمَرَ بالأخذِ بما جاء في القرآنِ، فطاعتُهُ - على هذا النحوِ - واجبةٌ.
فلا بدَّ أن يكونَ للآيةِ معنًى هو أشرَفُ وأَعْلى وأجَلُّ مِن هذا المعنى العَبَثيِّ؛ وهو أن يكونَ الأمرُ بطاعةِ الرسولِ ﷺ أمرًا شاملًا لطاعتِهِ في كلِّ ما صدَرَ عنه مِن قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو بيانٍ وتفسير.
وأيضًا: فإن فسادَ اللوازمِ المترتِّبةِ على هذه المقالةِ، كافٍ في بطلانِها؛ ومنها تحليلُ ما أجمَعَ المسلِمون على تحريمِه؛ مِن الجمعِ بين المرأةِ وعمَّتِها والمرأةِ وخالتِها، وأنه لا يحرُمُ مِن الرَّضاعةِ ما يحرُمُ مِن النسَب، وغيرِ ذلك مما عُلِمَ مِن الدِّينِ بالضرورةِ، ومصدرُ تشريعِهِ السنَّةُ؛ فكلُّ هذه الأحكامِ لم تُشرَعْ في القرآن، وإنما جاءت في السنَّة.
الجوابُ التفصيليّ:
تأتي هذه الشبهةُ في محاوَلةٍ لتثبيتِ دعوى موافَقةِ مسلكِ إنكارِ السنَّةِ للقرآنِ الكريم، والجوابِ عن احتجاجِ أهلِ السنَّةِ بالآياتِ الآمِرةِ بطاعةِ الرسولِ ﷺ مطلَقًا على حجِّيَّةِ السنَّةِ النبويَّة.
ومِن المعلومِ: أن القولَ بعدمِ حجِّيَّةِ السنَّةِ مناقِضٌ للقرآن؛ حيثُ إن دَلالةَ القرآنِ على ذلك واضحةٌ، وإنكارُ السنَّةِ يعودُ على الدِّينِ بالإبطال.
فإنكارُ السنَّةِ النبويَّةِ يؤدِّي إلى تعذُّرِ إقامةِ الدِّين، وإضاعةِ مصدرٍ مِن مصادرِ تبيينِ معاني القرآن، لا عِوَضَ عنه، والطعنِ في النبيِّ ﷺ؛ بنسبتِهِ: إما إلى عدمِ الفائدةِ مِن بعثتِه، وإما إلى التلبيسِ والتضليل.
أما تأويلُ الآياتِ الواردةِ في الأمرِ بطاعةِ الرسولِ ﷺ: بأن المقصودَ بطاعتِهِ الأخذُ بما جاء في القرآن، فإذا أمَرَ الرسولُ ﷺ بما جاء في القرآنِ العظيمِ، وجَبتْ طاعتُه؛ وإلا لم تجبْ -: فالجوابُ عن ذلك يكونُ بسؤالَيْن:
1- إذا كانت طاعتُهُ ﷺ محصورةً في المنصوصِ في القرآن، فلماذا يأمُرُنا اللهُ مِن الأساسِ بها؟! إذْ لا فرقَ بين الرسولِ وغيرِهِ في هذا؛ فكلُّ مَن أمَرَ بشيءٍ أوجَبَهُ القرآنُ، وجَبتْ طاعتُه؛ فما معنى تخصيصِ الرسولِ بالطاعةِ هنا؟!
فلا ريبَ أن هذا التأويلَ للآياتِ القرآنيَّةِ الآمِرةِ بطاعةِ الرسولِ ﷺ: هو حملٌ له على معنًى يُنافي شرَفَ ألفاظِ القرآنِ وعُلُوَّها، ويَجعَلُ الكلامَ عَبَثًا لا معنَى له.
ومِن المعلومِ: أن مِن التأويلِ الباطلِ التأويلَ الذي يُوجِبُ تعطيلَ المعنى الذي هو في غايةِ العُلُوِّ والشرَف، ويحُطُّهُ إلى معنًى دونه بمراتبَ كثيرةٍ؛ وهو شبيهٌ بعزلِ سلطانٍ عن مُلكِه، وتوليتِهِ مرتبةً دون المُلْكِ بكثير.
2- ثم نُجيبُ بأن قائلَ هذه المقالةِ لو تصوَّر لوازمَها، فسيقفُ على مقدارِ مخالَفتِها لمَا استقَرَّ عليه المسلِمون، فنسألُهُ السؤالَ الثانيَ: هل أنت تُجيزُ الجمعَ بين المرأةِ وعمَّتِها، والمرأةِ وخالتِها؟ وهل أنت تقولُ: بأن ما يحرُمُ مِن النسَبِ يحرُمُ مِن الرَّضاعة؟:
فإن أجاب بالنفيِ، نقَضَ أصلَ مقالتِه؛ لأن هذه الأحكامَ لم تُشرَعْ في القرآن، وإنما جاءت في السنَّة.
وإن أجاب بالإيجابِ، لَزِمهُ تحليلُ ما أجمَعَ المسلِمون على تحريمِه؛ مِن الجمعِ بين المرأةِ وعمَّتِها وخالتِها.
وإن نَفَى القولَ: بأنه يحرُمُ مِن النَّسَبِ ما يحرُمُ مِن الرَّضاعةِ، فهذا إنكارٌ لمعلومٍ مِن الدِّينِ بالضرورة. وهذا مثالانِ فحَسْبُ، وإلا فما عُلِمَ مِن الدِّينِ بالضرورةِ، ومصدرُ تشريعِهِ السنَّةُ -: كثيرٌ.
خاتِمةُ الجواب - توصية: فشهادةُ «أن محمَّدًا رسولُ الله» تقتضي تصديقَهُ فيما أخبَر، وطاعتَهُ فيما أمَر، وهو ليس رجُلًا مجرَّدًا، وإلا كان شأنُهُ شأنَ أيِّ حافظٍ للقرآن، بل هو رسولُ الله، وطاعةُ الرسولِ طاعةٌ للمرسِلِ سبحانه وتعالى.