المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
العربية
المؤلف | باحثو مركز أصول |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | تحكيم الشريعة - شبهات حول الإسلام |
مضمونُ السؤال:
يستشكِلُ السائلُ إباحةَ التسرِّي في الإسلام؛ لعدمِ وضوحِ
مختصَرُ الإجابة:
التشبيهُ بين الدَّعَارةِ والإباحيَّة، وبين التسرِّي، هو تشبيهٌ مردودٌ؛ لاختلافِ الصورتَيْنِ في كثيرٍ مِن الجوانب، ولأن للتسرِّي أحكامًا وضوابطَ، تحافِظُ على مقاصدِ الإسلامِ في المحافَظةِ على طهارةِ المجتمَع، وعدمِ اختلاطِ الأنسابِ، أو تناقُلِ الأمراض. ومِن تلك الأحكامِ: أن مِلْكَ اليمينِ لا يجامِعُها إلا سيِّدُها، ولا يجوزُ أن يجامِعَها؛ إذا كانت متزوِّجةً مِن غيرِه، أو سبَقَ أن جامَعَها أبوهُ، أو ولَدُهُ، أوكانت مَحْرَمًا له، وأنها تُستبرَأُ قبل الوَطْءِ، وإذا ولَدَتْ للرجُلِ، فإنها تَعتِقُ بموتِه.
كما أوجَبَ الإسلامُ على السيِّدِ أن يُنفِقَ على جَوَاريهِ، وأن لهنَّ ما يَحتَجْنَ إليه مِن الطعامِ والكِسْوة، وأن يُكرِمَهنَّ. ومعنى هذا: أن جِماعَ الجواري كان يُعْطي لهنَّ - في حكمِ الإسلام - مِيزاتٍ خاصَّةً، ممَّا قد يَجعَلُ كلَّ واحدةٍ منهُنَّ تحلُمُ بذلك.
الجوابُ التفصيليّ:
كان مِن المعروفِ - قبل الإسلامِ - أن الجوارِيَ غيرُ مشمولاتٍ بالرِّعايةِ الاجتماعيَّة، وأن الممارَسةَ الجنسيَّةَ معَهُنَّ مفتوحةٌ لكلِّ أحدٍ، وحتى إن بعضَ الأسيادِ كان يَفرِضُ عليهِنَّ البِغاءَ مِن أجلِ تحصيلِ المال.
أما الإسلامُ، فقد ضبَطَ جِماعَ الجواري (الممارَسةَ الجنسيَّة) بضوابطَ شرعيَّةٍ حاسمةٍ، فلم يَسمَحْ به إلا في إطارِ نكاحٍ، أو مِلْكِ يمينٍ، عندما كان موجودًا.
وأعطى في هذه الحالةِ أحكامًا خاصَّةً للجاريةِ التي يجامِعُها سيِّدُها، كما هو معروفٌ في كتاباتِ العلماءِ عن «أمَّهاتِ الأولادِ»، ومِن ذلك:
أ- عدمُ السماحِ للسيِّدِ بجِماعِها إذا كانت متزوِّجةً مِن غيرِه، أو سبَقَ أن جامَعَها أبوهُ، أو ولَدُه، أو كانت مَحْرَمًا له.
ب- أن خِدمَتَها تكونُ في إطارٍ محدودٍ داخلَ البيت.
ج- أنها إذا ولَدَتْ منه، فإنها تُصبِحُ حرَّةً بعد موتِهِ تِلْقائيًّا.
ومعنى هذا: أن جِماعَ الجواري كان يُعْطي لهنَّ - في حكمِ الإسلام - مِيزاتٍ خاصَّةً، ممَّا قد يَجعَلُ كلَّ واحدةٍ منهُنَّ تحلُمُ بذلك.
د- وأمَّا السَّبَايا، فإنهنَّ يدخُلْنَ في حكمِ الجواري؛ لكنَّ الجديدَ الذي جاء به الإسلامُ في هذا المجالِ، هو: إزالةُ ما كان في الموضوعِ مِن تسيُّبٍ؛ فلم يَسمَحْ بجماعِ المَسْبيَّةِ إلا بعد أمرَيْن:
- حصولُ القسمةِ واستقرارُها في حظِّ شخصٍ محدَّد.
- التأكُّدُ مِن براءةِ رَحِمِها مِن الحَمْل.
وهذانِ الأمرانِ في غايةِ الأهميَّةِ فيما يخُصُّ المحافَظةَ على طهارةِ المجتمَع، وعدمِ اختلاطِ الأنسابِ، أو تناقُلِ الأمراض.
وإذا أُسِرَتِ المرأةُ مع زوجِها، وصارا في مِلْكِ رجُلٍ واحدٍ مِن المسلِمين، فإنه لا ينفسِخُ عقدُ الزوجيَّةِ بين تلك الكافرةِ وزوجِها، ويَبْقَيانِ على عقدِهما، وعليه: فلا يستطيعُ مالكُ تلك المرأةِ أن يجامِعَها.
إذا عُلِمَ ذلك، فأين هو مما يُوجَدُ الآنَ مِن إرسالِ الجنودِ الذين يشعُرون بنشوةِ الانتصارِ في المجتمَعاتِ المهزومةِ، مع إطلاقِ الحرِّيَّةِ الحيوانيَّةِ الهَمَجيَّةِ لهم في العَرْبَدةِ والاغتصاب، وما يَتبَعُ ذلك مِن انتشارٍ للرذيلةِ والأمراض، واختلاطِ الأنسابِ والجهلِ بها، بل عدمِ الاهتمامِ بها، وما يَتبَعُ ذلك مِن ميلادِ جِيلٍ مِن أبناءِ الخِزْيِ والعار، والهزيمةِ والسِّفاح، بلا نسَبٍ ولا هُوِيَّة. لقد حرَّم الإسلامُ أن تكونَ الجاريةُ مَتاعًا مُشاعًا، فأوجَبَ أن تكونَ الجاريةُ أو الجواري مِلكًا لرجُلٍ واحدٍ، ولا يجوزُ - بل يحرُمُ - أن يجامِعَهنَّ غيرُهُ، كما أوجَبَ الإسلامُ عليه أن يُنفِقَ عليهِنَّ، وأن لهنَّ ما يَحتَجْنَ إليه مِن الطعامِ والكِسْوة، وأن يُكرِمَهنَّ؛ كما حَثَّ الرسولُ ^ على الزواجِ بهنَّ؛ ليُصبِحْنَ حُرَّاتٍ سيِّداتٍ، كما حَثَّ ورغَّب فيتعليمِهنَّ وتأديبِهنَّ، ونَهَى عن ضربِهنَّ؛ فقد قال عليه السلامُ:
«أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ، فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا -: فَلَهُ أَجْرَانِ»
رواه البخاري (5083)، ومسلم (154)
أجرُ النكاحِ والتعليم، وأجرُ العِتْق.
وفي ملكِ اليمينِ حِكَمٌ أخرى؛ فهو يَحفَظُ كثيرًا منهنَّ مِن أن يُترَكْنَ يتَسكَّعْنَ في الطرُقاتِ والشوارعِ، ولا مُعِيلَ لهنَّ، أي: أنَّ مِن حِكَمِ الإسلامِ: أنْ شرَعَ مِلْكَ اليمينِ حرصًا على مصلحتِهِنَّ، وخوفًا عليهِنَّ مِن أن يتشرَّدْنَ فيتعرَّضْنَ للإهانةِ في شَرَفِهنَّ وكرامتِهنَّ.
كما أن في هذا التشريعِ حفظًا للبلادِ مِن انتشارِ الفسادِ؛ إذا تُرِكْنَ بغيرِ مُعيلٍ يُعِيلُهُنَّ، ولا راعٍ يَرْعى شؤونَهنَّ.
وفي بقاءِ الإنسانِ تحت حكمِ الرِّقِّ، ومشاهَدةِ حال المسلِمين -: داعٍ لدخولِهِ في الإسلام، وهو خيرٌ له مِن بقائِهِ حرًّا على كفرِه. ولغيرِ ذلك مِن الحِكَم؛ فما أعظَمَ هذا الدِّينَ، وما أرحمَه، وما أسمى معامَلتَهُ حتى مع خصومِه.
خاتِمةُ الجواب - توصية:
فهذا التشريعُ له حِكَمٌ كثيرةٌ باختلافِ الأحوال، وله حِكَمٌ غيرُ حكمةِ الاسترقاقِ في أصلِهِ؛ لأن سببَ الرِّقِّ في الأصلِ: هو عقوبةُ الكفَّارِ المحارِبين للهِ ورسولِهِ ﷺ؛ فلا يُسترَقُّ إلا مَن كان كذلك، وفي ذلك عقوبةٌ للكفرِ وأهلِه، وأما المسلِمُ، فلا يُسترَقُّ، لكنْ قد يَبْقى على رِقِّهِ إن استُرِقَّ وهو كافرٌ ثم أسلَمَ؛ لبقاءِ الحقِّ عليه. ومع ذلك: ففي الشريعةِ دواعٍ كثيرةٌ وطرُقٌ ميسَّرةٌ لمن كان رقيقًا، وأراد الحرِّيَّةَ.