اللطيف
كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...
العربية
المؤلف | أحمد بن عبد العزيز الشاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب |
أن يحتفل النصارى بالألفية الثالثة بإبرازها لديهم كحدث ديني عقدي، وتسخير الإمكانات الهائلة، وصرف المبالغ الطائلة، واتخاذ الإعلام الواسع لخدمة أهدافهم، فهذا أمر واضح جلي، بل قد تجاوز الحد، لكن؛ أن يسيطر الأمر على أهل الإسلام، ويتسابق الجميع للاحتفاء والاحتفال به، فهذا أمر خطير، وباب شر مستطير، وهو من أوضح مظاهر التبعية، والانهزام النفسي.
الخطبة الأولى:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بهذا الدين، فهو خير دين وأزكى ملة، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَـامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَـاسِرِينَ) [آل عمران:85].
أيها المسلمون: منذ أكثر من عام والناس يتحدثون عن عام ألفين، فمنهم من يتحدث عن دخول الألفية الثالثة، وأنها مناسبة عيد سعيد، ويوم عام جديد، أعد كثير من الأقوام العدة للاحتفال به، وروجت لذلك وسائل الإعلام المختلفة، وصنعت الملابس والأجهزة الكهربائية والمنزلية، وهي تحمل رمز عام ألفين، ورتب كثير من الناس برامج لاستقبال هذا العام، ومنهم من حرصَ على إعداد حفل ترويحي، أو إجراء تخفيضات وعمل دعايات، ومنهم... ومنهم...
كما أن كثيرًا من دول العالم وضعت برامج احتفالية بهذا العام من خلال معارض ومهرجانات مختلفة، وانساق لهذا الأمر كثير من الناس حتى المسلمين، وفريق آخر من الناس من الأحبار والرهبان يهودًا ونصارى، من الذين يعلقون على هذه الألفية آلامًا وآمالاً يجزمون بتحقيقها لما يجدونه في كتبهم المحرفة من توراة وإنجيل.
أيها المسلمون: أن يحتفل النصارى بالألفية الثالثة بإبرازها لديهم كحدث ديني عقدي، وتسخير الإمكانات الهائلة، وصرف المبالغ الطائلة، واتخاذ الإعلام الواسع لخدمة أهدافهم، فهذا أمر واضح جلي، بل قد تجاوز الحد، لكن؛ أن يسيطر الأمر على أهل الإسلام، ويتسابق الجميع للاحتفاء والاحتفال به، فهذا أمر خطير، وباب شر مستطير، وهو من أوضح مظاهر التبعية، والانهزام النفسي.
لقد تصدت وسائل الإعلام لإبرازه، وتبارى الكتّاب في الحديث عنه، وأخذت الاستعدادات تغزو عواصم العالم الإسلامي ومدنه وقراه وبيوته. في مقابل ذلك؛ ما نصيب الأحداث الإسلامية التي يمزق فيها المسلمون ويشردون ويقتلون؟!.
وأمر الألفية يرَتّب له بعناية لرفع شأن النصرانية، وإظهار قوتها، وإبراز رموزها، مع ما يصاحب تلك الاحتفالات من شرب للخمور، وانحلال في الأخلاق، وظهور للصور المحرمة، وكم من طفل مسلم -مع الأسف!- سوف نراه يحمل شعارات وكلمات وحركات الألفية، وكم من رجل عاقل فطِن سوف يضيِّع الصلاة لمشاهدة تلك الاحتفالات، وكم من شهوة ستغرس، وكم من شُبه ستثار باسم تلك الاحتفالات والمهرجانات!.
أيها المسلمون: ونتيجة لذلك؛ فإن واجبنا أن ندرك موقف الإسلام من مثل هذه المناسبات، وذلك من خلال عدة وقفات:
الوقفة الأولى: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران:139]، نحن الأعلون، وعقيدتنا الأعلى؛ لأننا نسجد لله وحده وهم يسجدون لشيء من خلقه أو لبعض من خلقه، ومنهجنا الأعلى؛ لأننا نسير على منهج من شرع الله وهم يسيرون على مناهج من صنع البشر، ودورنا الأعلى؛ فنحن الأوصياء على هذه البشرية كلها والهداة لهذه البشرية كلها، وهم شاردون عن النهج، ضالون عن الطريق، ومكاننا في الأرض أعلى، فلأمتنا وراثة الأرض التي وعدنا الله بها، وهم إلى الفناء والنسيان صائرون.
إننا -نحن المسلمين- نملك مقومات العزة والقيادة، والعزة لأهل الإيمان والحق باقية ما استقاموا على المنهج، وأصلحوا نفوسهم، وحافظوا على الصلاح، وأخذوا بدروب الاستقامة ومسالك الفضيلة، ذلك أن العزة لا تجتمع مع السفاسف والدنايا والبعد عن الله ومحادَّاة الله ورسوله، والجرأة على انتهاك حرماته، والمجاهرة بالفسوق والمعاصي.
نحن خير أمة أخرجت للناس، ديننا خاتم الأديان وأكملها، وقرآننا هو المهيمن على ما سواه، ونبينا هو أفضل الرسل وأزكى البشر، فنحن الآخرون الأولون، فلم الانسياق وراء أمم الكفر بعباداتهم وتقاليدهم وأعيادهم؟! قال -تعالى-: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى السَّمَـاوتِ وَلأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [آل عمران:83]، وقال -تعالى-: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلَـامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَـاسِرِينَ) [آل عمران:85].
الوقفة الثانية: ما علاقتنا نحن المسلمين بعيد ميلاد المسيح -عليه السلام-؟! لو كنا متخذين عيدًا لميلاد أحد من البشر لكان رسولنا وسيدنا وقدوتنا محمد هو الأولى والأحق، لكننا أمة محكومة بشرع الله، لا نحيد عنه، ولا نشرع لأنفسنا ما لم يأذن به الله، ولا عيد في الإسلام إلا العيدان ويوم الجمعة، وما سواها فبدعة، وكل بدعة ضلالة.
إننا -نحن المسلمين- لا يربطنا بعيسى -عليه السلام- إلا إيماننا بأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، وأنه لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله إليه، وأنه سينزل في آخر الزمان كما قال: "والذي نفسي بيده! ليُوشِكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حَكَمًا عدلاً، فيَكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها" أخرجه البخاري ومسلم.
الوقفة الثالثة: إن عام ألفين هو تاريخ نصراني صليبي، لا صلة له بتاريخ بقية الأمم في شرق الدنيا وغربها، وهو تاريخ لم تثبت صحته تاريخيًا حتى عند النصارى أنفسهم، إذ الواقع أن هذا التقويم قد تعرض لتغيرات كثيرة في عصور متفرقة، حيث زاد فيه ملوك الفرنجة حسب مصالحهم، وفي ضوء ذلك فإن التاريخ الذي يعتد به والذي يُقطع بصحته هو تاريخ هجرة نبينا محمد، وهو التقويم الذي يجب الأخذ به واتخاذه تاريخًا لسائر المعاملات.
الوقفة الرابعة: إن كان الأحبار والرهبان يعتقدون بحدوث المصائب والنكبات في عام ألفين، فهو عام شر وبلاء في معتقدات اليهود والنصارى، وهو عامٌ خاص في معتقداتهم، فهم المعنيون به؛ ولكن في الإسلام تعد العدة بالعمل الصالح والحسنات وطيب القول، استعدادًا ليوم مخوف على الكافرين وغيرهم إلا من آمن واتقى، فيقول -تعالى- مخاطبًا جميع الناس دون تحديد بعامٍ خاص، ولكن بيوم حقيقي يعلمه الجميع، إنه يوم القيامة الذي يقول عنه -سبحانه-: (ياأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ) [الحج:1].
فهل تنبه الناس إلى ذلك اليوم ذي الأمر العظيم، والخطب الجليل، والطارق المفظع المفزع، والحادث الهائل؟! ذلك اليوم الذي تنسى فيه الأمهات ولدها ممن أرضعت وحملت، ذلك اليوم الذي تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار، ذلك اليوم الذي تتعطل فيه ألسنة الناس عن الكلام، وتشخص أبصارهم، وتشهد عليهم جوارحهم، ينطقها الذي أنطق كل شيء، وليس تعطُّل الأجهزة الدنيوية ذا أثر كتعطل ألسنة الناس وشخوص أبصارهم في ذلك اليوم الشديد وليس من يصلحه.
الوقفة الخامسة: إذا كان الناس سيحتفلون بالألفية الثالثة عند دخولها فإننا -نحن المسلمين- نفخر ونعتز بأننا سنكون في ذلك الوقت بعون الله قائمين بين يدي الرحمن، مالك الملك والأزمان خالق الإنسان، سنكون صائمين نهار أول يوم في الألفية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، مستقبلين ليلة الخامس والعشرين من ليالي الوتر، مؤملين أن تكون ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، سنكون -نحن المسلمين- ما بين راكعين وساجدين وعاكفين، فهل يستوي الأعمى والبصير؟! أم هل تستوي الظلمات والنور، والظل والحرور؟! وهل يستوي الأحياء والأموات؟! أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟! والحمد لله أن جعلنا مسلمين موحدين.
الوقفة السادسة: يستغل النصارى هذه المناسبة للدعوة لما يسمونه زَمالة الأديان أو التقارب بين الأديان والمسيحية، ويراد من هذا التقريب والزمالة المزعومة إضاعة تميّز المسلم وانصهار شخصيته في تيار هذه الدعوة المشبوهة. وقد انطلت هذه المؤامرة على ضعفاء الإيمان والمسلمين، ودعوا إلى مثل هذه الدعوى متناسين ومتجاهلين أمثال قوله -تعالى-: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَـالِثُ ثَلَـاثَةٍ) [المائدة:73]، وقوله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) [التوبة:30]، وقوله: (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) [النساء:89].
إن سماحة الإسلام مع أهل الكتاب شيء، واتخاذهم أولياء شيء آخر، ولكنهما يختلطان على بعض المسلمين الذين لم تتضح في نفوسهم الرؤية الكاملة لحقيقة هذا الدين ووظيفته، ويغفلون عن التوجيهات القرآنية الواضحة الصريحة فيه، فهم يخلطون بين دعوة الإسلام إلى السماحة في معاملة أهل الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه، وبين الولاء الذي لا يكون إلا لله ولرسوله وللجماعة المسلمة، ناسين ما يقرره القرآن من أن أهل الكتاب بعضهم أولياء بعض في حرب الجماعة المسلمة، وأن هذا شأن ثابت لهم، وأنهم ينقمون من المسلم إسلامه، ولن يرضُوا عن المسلم إلا أن يترك دينه ويتبع دينهم: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120].
وسذاجة أي سذاجة وغفلة أية غفلة أن نظن أن لنا وإياهم طريقًا واحدًا نسلكه للتمكين للدين أمام الكفار والملحدين! فهم مع الكفار والملحدين إذا كانت المعركة ضد المسلمين.
كيف ننسى أن أهل الكتاب هؤلاء هم الذين كانوا يقولون للكفار: (هَـؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً) [النساء:51]، وهم الذين ألّبوا المشركين على المسلمين في المدينة، وكانوا لهم درعًا وردءًا، وهم الذين شنوا الحرب الصليبية خلال مائتي عام، وقتلوا آلاف المسلمين في المسجد الأقصى، حتى سالت ميازب المسجد دمًا، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذين شردوا المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم، والنصارى هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان؟! كيف ننسى ما فعله النصارى في البوسنة وكوسوفا، وأخيرًا ما يفعله نصارى الروس في الشيشان؟!.
إن الدين الذي نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الدين عند الله، والتسامح مع النصارى يكون في المعاملات الشخصية لا في التصور الاعتقادي ولا في النظام الاجتماعي، أما دعاة التقريب بين الإسلام والمسيحية فإنهم يحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم الذي يقرر أن الله لا يقبل دينًا إلا الإسلام، وأن على المسلم أن يحقق منهج الله المتمثل في الإسلام، ولا يقبل دونه بديلاً ولا يقبل فيه تعديلاً ولو طفيفًا. (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) [آل عمران:19]، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران:85].
إن المبدأ الذي يجب الإيمان به هو أن الكفر ملة واحدة، وأنه لا مجال للتقريب بين الإسلام وغيره من الديانات، فلا تستوي الظلمات والنور، وكتاب الله يقرر أن النصارى لن يألوا جهدًا في إلحاق الضرر بالمسلمين: (وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران:118].
وكـلّ العداوات قد تُرجَى مودَّتُها | إلا عداوة من عاداك في الدينِ |
وستبقى أفعال النصارى في إخواننا المسلمين جرحًا غائرًا في قلوبنا، لن يندمل على مرور التاريخ والأيام، ليذكّرنا أنه لا ولاء إلا لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن العداوة كل العداوة والبغض كل البغض لحزب الشيطان من اليهود والنصارى، عداوة لن يمحوها من صدورنا الدعوات المضللة ولا الدعايات المغرضة، عداوة لن تضعفها مؤتمرات السلام، ولا مرور ألفين من الأعوام، (وَللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف:21].
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: أخي المسلم، إذا تقرر هذا وعلمت أن دين الإسلام هو الحق وأن ما سواه باطل فاعلم أنه لا يجوز حضور احتفالات اليهود والنصارى، ولا تهنئتهم بها، قال الإمام ابن القيم: أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، وذلك كأن يهنئهم بأعيادهم فيقول: عيدك مبارك، أو تهنأ بهذا العيد، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر، فقد تعرض لمقت الله وسخطه. ويدخل في هذا أيضًا تعظيمهم ومخاطبتهم بالسيد والمولى، وذلك حرام قطعًا، ففي الحديث: "لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يك سيدًا فقد أسخطتم ربكم عز وجل" انتهى كلامه رحمه الله.
أيها المسلمون: لأن هذه المناسبة النصرانية قد ينخدع بها بعض البسطاء من المسلمين، فيشاركون في فعالياتها واحتفالاتها، أو يهنئون النصارى بمناسبتها، لذا فقد صدر عن اللجنة الدائمة للإفتاء بيان يحذر المسلمين من الانجراف وراء هذه الدعوة الضالة، ويوضح أن هذه المناسبة لا تخلو من لبس الحق بالباطل والدعوة إلى الكفر والضلال والإباحية والإلحاد وظهور ما هو منكر شرعًا، فضلاً عن كون هذه الاحتفالات وسيلة من وسائل تغريب المسلمين عن دينهم. وتضمن البيان التحذير من مشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم، ومن ذلك مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم بها.
وذكر البيان الآثار الناتجة عن مشاركة الكفار في أعيادهم، ومنها أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل، وأن المشابهة في الأمور الظاهرة توجب المشابهة في الأمور الباطنة، وأن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن.
وبناء على ذلك ترى اللجنة أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام، ولا يجوز حضورها ولا المشاركة فيها ولا الإعانة عليها بأي شيء كان؛ لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله. ولا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم، ومن ذلك إشهار أعيادهم وإعلانها، ولا الدعوة إليها بأي وسيلة كانت.
ولا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار -ومنها الألفية ونحوها- مناسبات سعيدة وأوقاتًا مباركة، فتعطل فيها الأعمال وتجرى فيها عقود الزواج أو ابتداء الأعمال، ونحو ذلك نوع من الرضا بما هم عليه من الباطل وإدخال للسرور عليهم.
وخلصت اللجنة إلى أنه شرف للمسلمين التزامهم بتاريخ هجرة نبيهم محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أجمع عليه الصحابة وأرَّخوا به بدون احتفال، وتوارثه المسلمون من بعدهم، فلا يجوز للمسلم التولي عن التاريخ الهجري والأخذ بغيره من تواريخ أمم الأرض.
وأوصت اللجنة كل مسلم بالاجتهاد في تحقيق العلم والإيمان، واتخاذ الله هاديًا ونصيرًا ووليًّا، فإنه نعم المولى ونعم النصير.
أخي المسلم: احذر أن تكون بوقًا للنصارى من حيث لا تشعر، وسل عن كل شعار أو علاقة أو إشارة يستخدمونها، ولا تقلدهم فيها، فكثيرًا ما يرمزون بذلك إلى معانٍ دينية عندهم، فإن لزوم الصراط المستقيم يقتضي مخالفة أصحاب الجحيم.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
هذا، وصلوا وسلموا على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه...