البحث

عبارات مقترحة:

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

شواهد من التاريخ

العربية

المؤلف أحمد بن مسفر المقرحي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. كثرة أهل المكر والخداع والحِيَل في هذا الزمن .
  2. خصائص وفضائل أهل السنة والجماعة .
  3. الولاء والبراء عقيدة .
  4. جرائم الروافض في اليمن والعراق والشام .
  5. استجابة المملكة لدعوة الهدنة في اليمن لمساعدة اللاجئين .
  6. جرائم الرافضة اليوم تصديق لما كتبه سلفنا الصالح عنهم. .

اقتباس

نعم صدّق آخر التاريخ ما جرى في أوله، فما كتبه سلف الأمة عن جرائم الرافضة وغيرهم من المفسدين ها هو يطبق في واقع الحياة، ليرى أولئك المثقفون الذين يتهمون علماء الأمة بالحيد والجور فيما كتبوه، وما دوّنوه عن الرافضة وأذنابهم في سالف الأزمان، ها هي الحقيقة تظهر جلية، وتشهد للطرفين؛ فتشهد لأهل السنة والجماعة بأنهم أرحم الناس بالناس، وخير مثال لذلك الدعوة إلى الهدنة بأرض اليمن، ولسنا بحاجة إليها، ولكنها الرحمة التي ورثناها من سلفنا. فنحن ندعو إلى الهدنة لإنقاذ الناس، وإغاثتهم، ونطالب بمناطق آمنة للمدنيين في سوريا والعراق،...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

عباد الله: كثر أهل المكر والخداع والحِيَل في هذا الزمن، وكثر أدعياء الإصلاح والإنقاذ الذين يزعمون أنهم يحملون هموم الشعوب والأمم، وإذا تأملنا حال أولئك المصلحين، وحال أولئك المنقذين نجد أنهم سبب القلاقل والفتن، وأنهم سبب الكوارث والمحن، فما قُتل الأبرياء إلا بسببهم، ولا انتُهكت الأعراض إلا بسببهم، ولا شُرّد الأطفال والنساء إلا بسببهم، ولا هُدمت مقومات الحياة إلا بسببهم.

ومع ذلك نجد أولئك القتلة وأولئك الفجرة وأولئك الخونة يجدون مَن يغتر بتصريحاتهم، ويستجيب لنداءاتهم؛ مما جعلهم يتمادون في نشر الفساد في كل صقع من أصقاع البلاد حتى اكتوى بنار فسادهم الحاضر والباد، والمشكلة كل المشكلة أن هؤلاء العملاء الخونة لدينهم وشعوبهم ينشرون فسادهم من عشرات السنين، ومع ذلك يجدون من النصرة المطلقة من أتباعهم الذين يناصرونهم الشيء الكثير، يجدون مَن يناصرهم باسم الشعوبية أو الحزبية القائمة على عقيدة منحرفة، ولو تأمل العقلاء في حال هؤلاء الأدعياء المزيفون لوجدوهم يركزون اهتمامهم ورعايتهم على عشرات من آلاف الأتباع الذين سخروهم لضبط الأمور وقمع الشعوب.

فنجد أن شعوب أولئك القادة المزيفون ترزح تحت خط الفقر من عشرات السنين، دون أن يجدوا سبيلاً إلى الحياة الكريمة؛ لأن أولئك القادة لا همّ لهم إلا إغداق الأموال على أنصارهم الذين يقمعون الشعوب عند أدنى حراك أو مطالبة، ومع ذلك تجد كثيرًا من أبناء تلك الشعوب يبلع غيظه، ويكتم ما في صدره، لعل الله أن يجعل من هؤلاء فرجًا ومخرجًا.

فإذا بالأمر يزداد سوءًا، وإذا بالحال تزداد تدهورًا.

عباد الله: ما مضى مقدمة لعدد من التنبيهات المهمة حول ما يجري هذه الأيام لإخواننا من حولنا.

التنبيه الأول: أن أهل السنة والجماعة هم المجتمع الوحيد الذي يستطيع أن يتعايش مع سائر أنواع البشر، فاحذروا أن تتزحزح هذه العقيدة من قلوبكم، ولذلك كم يعيش بيننا في هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين من أهل الملل والنحل، هل رأيتم أحد منا اعتدى على جاره؛ لأنه غير مسلم، أو لأنه غير سني؟! أبداً بل والله نتعبد الله بالإحسان إليهم وبدعوتهم إلى الله وبحسن التعامل.

 وها أنتم ترون بأم أعينكم ترون الرافضة في العراق، طردوا أهل السنة؛ جيرانهم وشركائهم في الوطن، طردوهم ومنعوهم من دخول بلادهم، إلا بكفيل لمن رغبوا منهم، بل وأرغموهم على تغيير أسمائهم المطابقة لأسماء الصحابة.

فهل فعل ذلك أحد من أهل السنة في أي زمان أو مكان؟  أنصفوا بالله عليكم.

التنبيه الثاني: الولاء والبراء عقيدة ينبغي أن تكون لله ولرسوله وللمؤمنين لقول الله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 55- 56].

فتنبهوا من موالاة أولئك القادة الذين يتكلمون باسم الدين وهم أبعد الناس عن الدين، وتمعنوا في الآية السابقة كيف بيَّن الله مَن هم الأحق بالولاء عندما قال سبحانه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، فسر ذلك بقوله (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) [التوبة: 55]، فبيَّن سبحانه الأولياء حتى ينكشف الأدعياء فلا يكفي الادعاء، وإنما لا بد من العمل لمن أردنا أن نواليه أو نعاديه.

التنبيه الثالث: انكشف القناع فتأملوا ما يجري في العراق والشام، وقارنوه بما يجري في اليمن؛ حتى يتبين لكم الأمر جليًّا بأن الناس تبع لعقائدهم، فها هم أهل السنة في اليمن يدعون لهدنة، ويدعمونها بمليارات، وهم ليسوا بحاجة إليها، وإنما لأجل إغاثة الناس، وإنقاذ الناس، وإسعاف الناس، إنها الرحمة التي جاء بها سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107].

نوقف الحرب رغم اعتداءات الأعداء المتكررة، ونتفرغ لإغاثة الناس وإسعاف الناس، نعم الحروب لا بد فيها من ضحايا، الحروب لا بد فيها من أخطاء، الحروب لا بد فيها من كوارث، وإن ما يحدث في اليمن إنما هو بسب الحوثيين، هم الذين يقصفون المنازل، وهم الذين يقتلون الأبرياء، وهم الذين شردوا الأطفال، وهم الذين قتلوا النساء، وهم الذين فعلوا ما فعلوا، ومع ذلك نوقف الحرب عليهم من أجل أن ننقذ الناس، من أجل أن نسعف الناس، هذه هي عقيدتنا.

وانظروا إلى ما يجري في الشام والعراق، هل رأيتم رافضيًّا في يوم من الأيام قدم دينارًا أو درهمًا أو ريالاً لمسلم مستحق، هل رأيتموهم دعموا مخيمات اللاجئين، هل رأيتهم قدموا شيئًا للمسلمين، بل يجمعون الحشود الشعبية الغوغائية من أجل إبادة الناس، وحرق الناس وإهلاك الناس، ومع ذلك إذا دخلوا قرية مكلومة على أنها قد حرروها إذا بهم يحرقونها، وإذا وجدوا طفلاً أو وجدوا امرأة أو وجدوا عاجزًا أجهزوا عليه، وتعبدوا الله بقتله.

إنها العقائد المنحرفة، إنها العقائد المنحرفة التي مُنِيَ بها أهل هذا الزمن، فتنبهوا مَن توالون ومن تعادون.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 أما بعد: عباد الله: التنبيه الرابع: ما يجري هذه الأيام هو صورة حديثة ملونة واضحة بينة لما عانت الأمة في القرون الماضية من الرافضة وأذنابهم، وهنا اتضحت الرؤية، وزال الغبش من خلال ما يجري على الأرض، فلقد صدق آخر التاريخ أوله.

نعم صدّق آخر التاريخ ما جرى في أوله، فما كتبه سلف الأمة عن جرائم الرافضة وغيرهم من المفسدين ها هو يطبق في واقع الحياة، ليرى أولئك المثقفون الذين يتهمون علماء الأمة بالحيد والجور فيما كتبوه، وما دوّنوه عن الرافضة وأذنابهم في سالف الأزمان، ها هي الحقيقة تظهر جلية، وتشهد للطرفين؛ فتشهد لأهل السنة والجماعة بأنهم أرحم الناس بالناس، وخير مثال لذلك الدعوة إلى الهدنة بأرض اليمن، ولسنا بحاجة إليها، ولكنها الرحمة التي ورثناها من سلفنا.

 فنحن ندعو إلى الهدنة لإنقاذ الناس، وإغاثتهم، ونطالب بمناطق آمنة للمدنيين في سوريا والعراق، وأقمنا المخيمات للاجئين، ودفعنا الأموال من أجل إسعاد اللاجئين، ندعمهم من أجل تخفيف ما حلّ بهم، ومن أجل تخفيف ما جرى لهم على أيدي الرافضة، بينما تشهد هذه الحقيقة على الرافضة وأتباعهم بأنهم يتلذذون بإبادة الناس، فها هي إيران تسعى جاهدة لاستغلال هذه الهدنة بإمداد أتباعها بالسلاح متجردة بذلك من كل القيم الإنسانية.

وها هم الرافضة يستهدفون مخيمات اللاجئين، وحتى يزداد الأمر وضوحًا، فهل رأيتم إيران أو حاكمها في سوريا أو ممثلها في العراق، هل رأيتم أولئك قدموا شيئًا للاجئين من أبناء وطنهم في بلدانهم، هل قدموا ولو درهمًا واحدًا، هل فعلوا شيئًا من أجل ذلك؟!

إنهم متفرغون للقتل والإبادة لا همّ لهم إلا السير على عقائدهم التي بيّنها سلف هذه الأمة وأوضحوها، فاتهمها مثقفو هذا الزمن، وقالوا: إن أولئك العلماء قد حافوا وجاروا ود الرافضة كتبوا عنهم كتابات لا يمكن أن يصدقها عقل!

نقول: انظروا الآن على أرض الواقع الشاهد أمام أعينكم، بينما الملك سلمان -حفظه الله- يأمر بمائتين وأربعة وسبعين مليون دولار لإغاثة أهل اليمن، وينشئ صندوقًا بمبلغ ملياري ريال من أجل إنقاذ الإنسانية، ولدعم الأعمال الخيرية التي تعود بالنفع والفائدة على الناس دون أن يحدد الوجهة أو الديانة التي تستفيد من ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: "في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" (متفق عليه).

ولسنا هنا نمنّ ما يقدمه ولي أمرنا -وفقه الله- في هذه البلاد أو نتفاخر به، ولكن نبيّن وجه الشبه بين أول التاريخ وآخره، فما كتبه سلفكم ها أنتم تشاهدونه بأم أعينكم.

التنبيه الخامس: يجب علينا جميعًا أن نكشف حقائق أهل الفساد، ولا ندعهم ينشرون فسادهم ويتسترون خلف شعارات التضليل والإرجاف، بل نبيّن حقيقتهم للأجيال، ونبيّن حقيقتهم للجهال، فنحذر منهم في مجالسنا، ونحذر منهم في مدارسنا، ونحذر منهم في إعلامنا، ونحذر منهم في كتاباتنا، وإنني والله لأرى الحجة قائمة على المثقفين الذين تبينت لهم حقائق التاريخ من خلال الواقع، فعليهم أن يربطوا ما قرءوه عن سلف الأمة وما رأوه حتى تبرأ بذلك ذممهم وتبرأ حجتهم عند خالقهم.

نعم لقد قرءوا أشياء شبه مستحيلة، وهم يرونها الآن على الساحة، فلا تبرأ ذمم أولئك إلا بكتابة ذلك وتدوينه، وربط الماضي بالحاضر؛ ليستفيد أهل المستقبل، وهذا هو النهج الذي سرنا عليه منذ زمن رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ أولنا يكتب لآخرنا، وآخرنا يدون للاحقنا، وهكذا، ولذلك فزنا نحن أهل السنة والجماعة بفضيلة الإسلام.

لا يوجد سنَد عند الأمة إلا عند أهل السنة والجماعة، السند المتصل لا يوجد إلا عندنا، وهذه من مزايانا، ومن فضائل الله علينا، لا نأخذ ديننا إلا من وجهته الصحيحة.

صلوا وسلموا على ما أمركم بالصلاة عليه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ أجمعين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابع التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.