الودود
كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...
العربية
المؤلف | عايد بن علي القزلان التميمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
لقد أصبح الإنترنت شرّاً مستطيراً، وبلاء خطيراً، ووسيلةً لهدم الدين والأخلاق والقيم, ولقد ضيّع أوقات كثير من الشباب والفتيات، ونقلهم إلى عالم افتراضي يدعو إلى الفوضى والانحلال، والبعض لا يدركون عواقب الأمور ومصيرها، ولذا فمعظم المستخدمين له من فئة الشباب والفتيات يرون أن في الإنترنت وسيلةً للهرب من المشاكل اليومية، وأصبحت إغراءات الألعاب الإلكترونية وتصفح الإنترنت لأبناء هذا الجيل لا تُقاوم، وقد تصل بالفعل إلى حد الإدمان. وقد ثبت من خلال دراسات كثيرة أن خطر الإنترنت أشد على بعض الفئات من خطر الحروب والكوارث؛ لأن العدو في الحروب واضح ظاهر يُقاوم بكل وسيلة متاحة، أما خطر الإنترنت فيكمن في كون العدو خفيًّا غير معروف، ولذا يصل إلى مبتغاه دون مقاومة تذكر.
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله العليِّ الكبير، المتفرِّد بالخلْق والملك والتدبير، أحمده تعالى حمدًا يليق بجلاله وهو اللطيف الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيء قدير، تعالى عن الشريك والشبيه والنظير، سبحانه وبحمده (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11].
وأشهد أنَّ نبينا محمّدًا عبد الله ورسوله الهادي البشير والسراج المنير، صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آل بيته المخصوصين بالتطهير، وصحابته النماذج العُليا في الجدِّ والإخلاص والتشمير، والتابعين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم المرجع والمصير.
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أيها المؤمنون بتقوى الله فهي جماع كل خير؛ فمن اتقى الله وقاه وكفاه وحماه من كل الشرور (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
عباد الله نحن نعيش في هذا العصر انفتاحاً عالمياً، وثورة معلوماتية، وتقنيات حديثة لها آثار خطيرة على شبابنا وفتياتنا الذين هم عماد الأمة وسبيل نهضتها وهم زينة حاضرها وأمل مستقبلها، ولذا وجَّهَ الأعداء لهم سِهَامَهم وَرَمَوهُم بِها.
وحاولوا تضليلهم وإغْرَاءهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وأخطرها وأكثرها ضرراً الإنترنت الذي يبثون من خلاله ما يشاءون، ويشوهون صورة الخير وأهل الخير، ويدسون السُّم بالدَّسم.
لقد أصبح الإنترنت شرّاً مستطيراً وبلاء خطيراً ووسيلةً لهدم الدين والأخلاق والقيم, ولقد ضيّع أوقات كثير من الشباب والفتيات ونقلهم إلى عالم افتراضي يدعو إلى الفوضى والانحلال، والبعض لا يدركون عواقب الأمور ومصيرها ولذا فمعظم المستخدمين له من فئة الشباب والفتيات يرون أن في الإنترنت وسيلة للهرب من المشاكل اليومية، وأصبحت إغراءات الألعاب الإلكترونية وتصفح الإنترنت لأبناء هذا الجيل لا تقاوم، وقد تصل بالفعل إلى حد الإدمان.
وقد ثبت من خلال دراسات كثيرة أن خطر الإنترنت أشد على بعض الفئات من خطر الحروب والكوارث؛ لأن العدو في الحروب واضح ظاهر يقاوم بكل وسيلة متاحة، أما خطر الإنترنت فيكمن في كون العدو خفيًّا غير معروف، ولذا يصل إلى مبتغاه دون مقاومة تذكر.
عباد الله: لقد تحولت شبكة الإنترنت إلى ساحة فيها معركة شرسة تستهدف أجيال الغد في نشر الإباحية وإفساد العقيدة, ولقد أفسدت بعض المواقع في هذه الشبكة في وقت قصير ما لم تفسده بعض القنوات الفضائية في سنوات.
عباد الله: إن أعداءنا يحاربوننا ويحاولون تغيير الثوابت والعقيدة الصحيحة عند أبناء المسلمين؛ وذلك عن طريق الألعاب الإلكترونية في شبكة الانترنت، والتي أدمن عليها الشباب والأطفال حتى أثَّرت على تحصيلهم الدراسي وحياتهم العامة.
عباد الله: ولقد تخطت هذه الألعاب مرحلة التسلية البريئة إلى مرحلة الإدمان؛ بحيث إن الطفل أو الشاب لا يستطيع أن يمر يوم دون الجلوس أمام شاشات هذه الألعاب يقضي فيها جزءاً كبيراً من ساعات يومه.
إلا أنه يكفي القول أنه ليس كل ما هو متوفر من ألعاب إلكترونية يمكن استخدامه بأمان.
عباد الله: ولا تزال تلك الألعاب تعني بالنسبة لكثير من أولياء الأمور مجرد تسلية وترفيه رغم الاعتراف بأن لها المساوئ الكثيرة.
عباد الله إن لتلك الألعاب الالكترونية الآثار السيئة:
وأولها: التأثير على العقيدة الصحيحة:
حيث إن تلك الألعاب تغرس في عقل الطفل أن في الكون قوى خارقة تستطيع فعل أي شيء، ولا يقدر عليها شيء، وفيها أن نجاة العالم كله من التدمير النووي متوقف على بطل اللعبة، وهذا يخالف اعتقاد المسلمين أن المَلِك المُدبر المُتصرف في الكون هو الله -سبحانه وتعالى-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران: 26].
عباد الله: ومن الأثر العقدي في تلك الألعاب كثيراً ما تظهر الكنائس والأجراس والصلبان في هذه الألعاب، وفيها يُقَدِّسُون الأحبار والرهبان وعباد بُوذا، وفي بعض الألعاب يلبس بعض اللاعبين الصليب، ويقوم بعضهم بالتثليث حال دخولهم الملعب أو إحراز أحدهم هدفاً، وأقل هذه الآثار أنه سوف يعتاد على رؤية مظاهر الكفر ولا ينكرها.
ومن الأثر العقدي في تلك الألعاب:
الاعتقاد في الحظ والأبراج والسحر والسحرة، وتعلم تحضير الشياطين وغيرها من أمور الدجل والشعوذة، وكلها أمور محرمة في الشرع؛ كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-" (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
عباد الله: ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب..
ضياع الأوقات فيما لا يفيد وتضييع الصلوات: ولا يمكن لأحد إنكار ذلك، فهذه الألعاب كالمغناطيس في جذب الأطفال والمراهقين بل والكبار أيضاً، ولقد حذرنا ربنا –سبحانه- من تضييع الصلاة بقوله -عز وجل-: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) [مريم: 59] والغي: وادٍ في جهنم.
عباد الله ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب: عقوق الوالدين: فالأم - مثلا - تأمره لقضاء بعض الحاجات لها؛ فلا يسمع لها ولا يطيع أمرها، فيقع في العقوق والعياذ بالله، وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله –تعالى-، وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكبائر، أو سئل عن الكبائر فقال: "الشرك بالله،...وعقوق الوالدين...» (متفق عليه).
عباد الله: ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب الأثر السلوكي:
حيث تؤدي كثرة مزاولة هذه الألعاب إلى ازدياد ظاهرة العنف لدى الأطفال؛ لأن الكثير من الألعاب تشجّع على القتل والضرب والتخريب والخطف وحب الانتقام وإيذاء الآخرين ونحو ذلك.
عباد الله: ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب الأثر الأخلاقي:
حيث يكثر خلال المحادثة في كثير من الألعاب السب والشتم بين المتسابقين، وهذا ليس من صفات المسلم كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ" (رواه أحمد).
عباد الله: ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب عرض صور حية لنساء كاسيات عاريات، ويدل هذا بوضوح على رغبة صانعي تلك الألعاب في مزيد من التدهور الأخلاقي للمراهقين.
عباد الله: ومن الأثر السيئ لتلك الألعاب: آثار صحية من ضعف البصر والإصابة بانحناء الظهر، وتقوس العمود الفقري، ورعشة تصيب أصابع اليدين.
عباد الله: هذه دعوة للتعقل في ممارسة تلك الألعاب، والحد منها، والعمل على تجنب آثارها السلبية؛ وذلك باختيار ما يناسب منها وما يفيد، وتجنب ما لا يفيد مع استبعاد أي لعبة تحتوى على مخالفات شرعية.
أيها المؤمنون استجيبوا لأمر ربكم حيث قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.....
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاعلموا أيها المؤمنون: أنه لا بد من تضافر الجهود للحيلولة دون هذا الخطر الداهم، فبعض الأسر تركت الحبل على الغارب للشباب والفتيات يجلسون أمام الشاشة الساعات الطويلة دون رقيب أو حسيب، ومع أننا نحترم خصوصية الشباب والأطفال ذكوراً وإناثاً؛ إلا أنه لا ينبغي بحال أن يُسمح لهم باستخدام الإنترنت وإغلاق الغرف عليهم، بل يكون الإنترنت في مكان مفتوح متاح لأن يطلع عليه كل واحد من أفراد العائلة، ولا بد من تحديد مدة استخدامه حسب وقت الشباب والفتيات.
عباد الله: لا بد من الاعتراف أن "الإنترنت" أصبح واقعاً مفروضاً، وعلى الرغم مما فيها من خير - فإنها تحمل من المخاطر الشيء الكثير، ولا شك أن تجاوز هذه المخاطر يكون بالقيام في غرس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، مع زرع خوف الله ومراقبته في نفوس الشباب، وتربيتهم على الرغبة فيما عند الله من الأجر والثواب. والعمل على ربط شباب الأمة بعلمائها وأصحاب الشأن فيها، وتنمية حب العلم والعمل في نفوسهم، والحرص على إبراز شخصية الشاب المسلم بصورة المسلم الحقيقي، الراغب في إعمار الكون.
وأخيراً وبشيء من المتابعة، وبشيء من التوجيه والإرشاد والتوضيح، يمكن أن نستفيد من خيرات هذه الوسيلة، ونحفظ أبناءنا من شرورها. والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
هذا صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين...