البحث

عبارات مقترحة:

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

أوصاف النار وأحوال أهلها

العربية

المؤلف صلاح بن محمد البدير
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الحياة الآخرة
عناصر الخطبة
  1. تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من عذاب النار .
  2. وصف النار .
  3. ذكر أحوال أهل النار .
  4. من أسباب دخول النار . .
اهداف الخطبة
  1. الترهيب من عذاب النار
  2. الحث على وقاية النفس والأهل من عذب النار .

اقتباس

دارٌ اشتدَّ غيظُها وزفيرها، وتفاقمت فظاعتها وحمي سعيرُها، سوداءُ مظلمة، شعثاء موحشة، دهماء محرقة، (لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) المدثر:28-30. لا يطفأ لهبُها، ولا يخمد جمرُها، دارٌ خُصَّ أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والإسعاد، (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ?لْمِهَادُ) ص:56.

 

 

  

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حق تقاته، وبادروا بالسعي إلى مرضاته، (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70، 71].

أيها المسلمون، خلق الله الخلقَ ليعبدوه، ونصبَ لهم الأدلةَ على عظمته ليخافوه، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه ليكون ذلك قامعاً للنفوس عن غيِّها وفسادها، وباعثاً لها إلى فلاحها ورشادها. فاحذروا ما حذَّركم، وارهبوا ما رهَّبكم، من النار التي ذكر في كتابه وصفها، وجاء على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نعتها.

دارٌ اشتدَّ غيظُها وزفيرها، وتفاقمت فظاعتها وحمي سعيرُها، سوداءُ مظلمة، شعثاء موحشة، دهماء محرقة، (لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر:28-30]. لا يطفأ لهبُها، ولا يخمد جمرُها، دارٌ خُصَّ أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والإسعاد، (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ) [ص:56].

قطَع ذكرها بطبقاتها ودركاتها وأبوابها وسرادقها قلوبَ خائفين، فتوكَّفت العبرات، وترادفت الزفرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثير))، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: ((رأيت الجنة والنار)) رواه مسلم، ويقول النعمان بن البشير رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: ((أنذرتكم النار، أنذرتكم النار))، حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه. رواه أحمد وغيره. وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ((لا تنسوا العظيمتين، لا تنسوا العظيمتين: الجنة والنار))، ثم قال وهو يبكي ودموعه تبلُّ جانبي لحيته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده، لو تعلمون ما أعلم من أمر الآخرة لمشيتم إلى الصعيد ولحثيتم على رؤوسكم التراب)) رواه أبو يعلى.

أيها المسلمون، ((الجنة أقربُ إلى أحدكم من شراك نعله، والنارُ مثل ذلك))، و((نارُكم هذه التي توقِدون جزءٌ واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم، فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلها مثل حرِّها)). وإنَّ ما تجدون من حرِّ الصيف وهجير القيظ نفسٌ من أنفاسها يذكِّركم بها، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفسٍ في الشتاء ونفسٍ في الصيف، فأشدُّ ما تجدون من الحرِّ وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير، وإن شدَّة الحرِّ من فيح جهنم)).

يؤتَى بجهنمَ يوم القيامة تقاد، لها سبعون ألفَ زمام، مع كل زمام سبعون ألفَ ملك يجرونها، يؤتى بها تطفح عن شدة الغيظ والغضب، ويوقن المجرمون حين رؤيتها بالعطب، ويجثو الأمم حينئذ على الركب، ويتذكر الإنسان سعيه، (وَأَنَّى لَهُ الذّكْرَى يَقُولُ يالَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) [الفجر:23-26]. قعرها وعمقها سبعون خريفاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع وجبةً: ((هذا حجر رُمي به في النار منذ سبعين خريفاً، فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها)) رواه مسلم.

وينصب الصراط على متن جهنم بفظاظتها وفظاعتها وقصف أمواجها وجلبة ثورانها، دَحْض مزلة، فيه خطاطيب وكلاليب وحسَك، فيمر المؤمنون على قدر أعمالهم، كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مسلَّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم.

منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته. يُساق أهلها إليها، نصبون وجلون، يدَعُّون إليها دعًّا، ويُدفعون إليها دفعاً، يُسحبون في الحميم ثم في النار يسجَرون. النار تغلي بهم كغلي القدور، (إِذَا أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا وَهِىَ تَفُورُ) [الملك:7].  يستغيثون من الجوع، فيغاثون بأخبث طعام أعِدَّ لأهل المعاصي والآثام، (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ كَغَلْىِ الْحَمِيمِ) [الدخان:43-46]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأرض لأمرَّت على أهل الدنيا معيشتَهم، فكيف بمن هو طعامه، وليس له طعام غيره)) رواه أحمد. ويُغاثون بطعام من ضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع، شوكٍ يأخذ بهم لا يدخل في أجوافهم ولا يخرج من حلوقهم، ويغاثون من غسلين أهل النار، وهو صديدهم ودمهم الذي يسيل من لحومهم، فإذا انقطعت أعناقهم عطشا وظمأ سُقوا من عين آنية، قد آن حرُّها، واشتدَّ لفحها، وأغيثوا بحميم يقطِّع منهم أمعاءً طالما ولعت بأكل الحرام، ويضعضِع منهم أعضاء طالما أسرعت إلى اكتساب الآثام، ويشوي منهم وجوها طالما توجَّهت إلى معصية الملك العلام، (بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف:29]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الحميم ليصبُّ على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه، حتى يمرق من قدميه، ثم يعاد كما كان)) رواه أحمد والترمذي.

و((إن أهونَ أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً)).

يعانون في جهنم ما بين مقطَّعات النيران وسرابيل القطران ما يقطِّع الأكباد ولا تطيقه الجبال الصمُّ الصلاب الشداد، يتجلجلون في مضائقها، ويتحطَّمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها، مقرَّنين في الأصفاد، أثقلتهم السلاسلُ والأغلال والقيود، قد شدَّت أقدامهم إلى النواصي، واسودَّت وجوههم من ذلِّ المعاصي، لهم فيها بالويل ضجيج، وبالخلاص عجيج، أمانيهم الهلاك، وما لهم من أسر جهنم هكاك، (وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) [الحج:21]، (كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ) [الحج:22].

وتؤصد عليهم الأبواب، ويعظم هناك الخطب والمصاب، (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ جُزْء مَّقْسُومٌ) [الحجر:44]، ويلقى عليهم البكاء والحزن، فيصيحون بكِيًّا من شدَّة العذاب، وهم في فجاجها وشعوبها وأوديتها يهيمون: (يامَـالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّـاكِثُونَ) [الزخرف:77]. فحزنهم دائم فما يفرحون، ومقامهم محتوم فما يبرحون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت، وإنهم ليبكون الدم)) يعني مكان الدمع، أخرجه الحاكم بإسناد صحيح. يبكون على ضياع الحياة بلا زاد، وكلما جاءهم البكاء زاد، فيا حسرتهم لغضب الخالق، ويا فضيحتهم بين الخلائق، وينادون ويصطرخون: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ) [فاطر:37]، (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) [السجدة:12]، (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـالِمُونَ) [المؤمنون:106، 107]، ينادون إلهاً طالما خالفوا أمره، وانتهكوا حدوده، وعادَوا أولياءَه، ينادون إلهًا حقَّ عليهم في الآجلة حكمه، ونزل بهم سخطه وعذابه، (قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ) [المؤمنون:108].

لا يُرحَم باكيهم، ولا يجاب داعيهم، قد فاتهم مرادُهم، وأحاطت بهم ذنوبهم، ولا يزالون في رجاء الفرج والمخرج حتى ينادي مناد: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، نار لا تُدفع ونفس لا تموت، (لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا) [فاطر:36]، (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى) [طه:74].

ويتلاومون ويتلاعنون ويتقابلون ويتكاذبون، (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا) الأعراف:38، (يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت:25]، ويشتد حنقهم على من أوقعهم في الضلال والردى، ومدَّ لهم في الغي مدا، يقولون: (رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّـانَا مِنَ الْجِنّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ) [فصلت:29]، ويقول من عشي عن ذكر الرحمن لقرينه الذي صدَّه عن القرآن وزيَّن له العصيان: (يالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف:38]، ولن ينفعهم ذلك لأنهم في العذاب مشتركون، و(لِكُلّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ) [الأعراف:38].

عباد الله، تلك بعضُ أوصاف النار وأحوال أهلها، فاستعيذوا بالله من النار، استعيذوا بالله من النار، ومن قول أو فعلٍ يقرِّب إلى النار، فإنكم اليوم في عصرِ فتنٍ تترى وشرور تتوالى، فتن شبهاتٍ وشهوات، يرقِّق بعضها بعضا، قد ثار نقعها وآلم وقعها، في حياة صاخبة تأخذ كل من استشرف إليها إلى الوراء في عقيدته وأخلاقه، وترجعه القهقرى في فكره وسلوكه، يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى))، وفي لفظ: ((ومظلات الفتن)) رواه أحمد، وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ((حُجبت الجنة بالمكاره، وحجبت النار بالشهوات)) رواه البخاري.

فاقطعوا مفاوزَ المكاره، وأقلقوا القلوبَ عند مراقد غفلاتها، واعدلوا بالنفوس عن موارد شهواتها، واحتموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، واعلموا أنكم في أيام مُهل، من ورائها أجل، ويحثُّه عجل، فمن لم ينفعه حاضره، فعاجله عنه أعوز وغائبه عنه أعجز، وإنه لا نومَ أثقل من الغفلة، ولا رقَّ أملك من الشهوة، ولا مصيبة كموت القلب، ولا نذير أبلغ من الشيب، ولا مصير أسوء من النار، (وَمَا هِىَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً لّلْبَشَرِ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّر) [المدثر:31-37].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

  

 الخطبة الثانية:

 
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّـادِقِينَ) [التوبة:119].
أيها المسلمون، أنقذوا أنفسكم من النار، واتعِظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعِظ بكم من بعدكم، واقتفوا آثار التوابين، واسلكوا مسالكَ الأوَّابين، فهذا أوانُ الرجوع والاستغفار، والإقلاع عن الذنوب والأوزار.

يا عبد الله، يا من تعدَّى الحدود وغاب عن الصواب، بادر بالمتاب، واغسل دنس الذنوب، وأنقذ نفسك من النار، فليت شعري، أهلُ المعاصي كيف عيشهم يطيب والله يقول: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) [سبأ:51] !.

عباد الله، أنقذوا أنفسكم من النار، واحذروا غضب الجبار، فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد إلا سيكلِّمه ربُّه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاءَ وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، ولو بكلمة طيبة)) رواه البخاري.

عباد الله، أنقذوا أنفسَكم وأزواجَكم وأولادكم ومن تحت ولايتكم من النار، واعلموا أن إضاعةَ الصلوات والتشبهَ بالكافرين والكافرات والفاجرين والفاجرات والنظرَ إلى المحرمات عبر القنوات والتبرجَ والسفور وشربَ الخمور كلّها من عمل أهل النار، وكل معصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهي من عمل أهل النار، فاتقوا النارَ عباد الله، يقول تبارك وتعالى: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [النساء:14].

أيها المسلمون، يا من رضيتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبينا ورسولاً، استجيبوا لربكم، وتوبوا وأنيبوا وأصيخوا سمعكم لهذا النداء من المولى جل وعلا: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6].

واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى ملائكته المسبحة بقدسه، وثلث بكم ـ أيها المؤمنون ـ من جنه وإنسه، فقال قولاً كريماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين...