البحث

عبارات مقترحة:

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

حقيقة الإسلام

العربية

المؤلف أحمد بن محمد العتيق
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. مفهوم الإسلام .
  2. بعض ما يناقضه .
  3. مسائل القبر الثلاث .

اقتباس

فمن دعا غير الله فقد أشرك، ومن طاف بالقبور وسأل الأموات أو استغاث بهم أو ذبح لهم فقد أشرك، ومن اعتقد أن غير الله يعلم الغيب فقد أشرك، ومن اعتقد أن غير الله يتصرف في الكون أو يملك جلب المنافع ودفع المضار، أو ظن أن له من الخصائص ما لا يجوز إلا لله فقد أشرك.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله -تعالى-, واعلموا أن الله أعزنا بالإسلام, فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.

والإسلام -يا عباد الله- هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة, والبراءة من الشرك وأهله.

هو الاستسلام لله بالتوحيد، أي: إفراد الله بالعبادة الظاهرة والباطنة, والقولية والفعلية، من صلاة، وصيام، ودعاء، وخوف, ورهبة, وإنابة, وذبح, ونذر, واستغاثة, واستعاذة, واستعانة, وتوكل. (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].

فمن دعا غير الله فقد أشرك، ومن طاف بالقبور وسأل الأموات أو استغاث بهم أو ذبح لهم فقد أشرك، ومن اعتقد أن غير الله يعلم الغيب فقد أشرك، ومن اعتقد أن غير الله يتصرف في الكون أو يملك جلب المنافع ودفع المضار، أو ظن أن له من الخصائص ما لا يجوز إلا لله فقد أشرك.

والإسلام -أيضاً- هو الانقياد لله بالطاعة, وذلك بالقيام بما شرعه الله، وأمر به, وترك ما نهى عنه، ولا يحصل ذلك للمسلم إلا بمعرفة هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم-, واقتفاء آثاره, والسير على سنته، (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21]، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر:7].

والإسلام -أيضاً- هو البراءة من الشرك وأهله؛ فإن العبد لا يكون مسلما على الحقيقة إلا بذلك: أن يتبرأ أولاً من الشرك, وذلك بأن يعرفه ويجتنبه، وأن يتبرأ -أيضاً- من المشركين, وذلك ببغضهم ومعاداتهم, وعدم محبتهم وموالاتهم, أو التشبه بهم.

قال -تعالى-: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِم إِنَّا بُرَءَاؤْاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة:4]، وقال -تعالى-: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ...) [المجادلة:22].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل".

وأمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بدعوة أهل الكتاب إلى اتباعه والدخول في الإسلام, فإن لم يستجيبوا, فلا بد من إعلان البراءة والاعتزاز بالإسلام؛ لأنه الدين الحق الذي لا يسوغ لأحد -كائنا من كان- إلا الدخول فيه, قال -تعالى-: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنـَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران:64].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده! ما من أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار".

عباد الله: إن من تأمل مسائل القبر الثلاث التي يُسْألُ عنها كل مقبور, عرف حقيقة ما تقدم, وعرف السر الذي من أجله يسأل الإنسان في قبره: من ربك؟ من نبيك؟ ما دينك؟.

من ربك؟ المراد به التوحيد, وإفراد الله بالعبادة, وإلا فالكفار يعرفون أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت.

من نبيك؟ المراد به تصديق النبي -صلى الله عليه وسلم- ومحبته واتباعه, وإلا فالمنافقون يشهدون أن محمداً رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ما دينك؟ الدينُ هو الإسلام الذي أمرنا الله بالدخول فيه, والعمل بمقتضاه, والقيام بأركانه ومبانيه ظاهراً وباطناً؛ إذ ليس كل من انتسب إلى الإسلام بلسانه يكون مسلما ومؤمنا، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الأَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة:8].

فيجب على المسلم أن يتقي الله, وأن يعتزَّ بدينه, وأن يحرص على الثبات عليه، والخوف من ضعفه ونقصه أكثر من خوفه على نقص دنياه وماله.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عُدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: عباد الله، مسائل القبر الثلاث التي يُسأل عنها كل مقبور, لا يتمكن من الإجابة عليها إلا من كان مؤمنا بها وعاملا بمقتضاها, وإلا فسيضله الله عنها ويُنسيه إياها، فمن أجاب عليها فُتِحَ له بابٌ إلى النار عن يساره فيراها يَحْطِمُ بعضها بعضاً، فيُقال: هذا مكانُكَ لو عصيت الله, ثم يُفتحُ له بابٌ إلى الجنة فيرى النعيمَ والسرور، فيُقال: هذا مكانك إذ أطعت الله, فيصرخْ: ربِّ أقمِ الساعة! ربِّ أقمِ الساعة! فيُقال: نمْ نومة العروس، ويُفسَحُ له قبره مَدَّ بصره، ويُفرشُ له من الجنة، ويأتيه رجلُ حسنُ الوجه، حسنُ الثياب فيقول: أنا عملُكَ الصالح.

وأمّا من أضَلَّهُ الله عن الجواب، فسوف يقول: هاه! لا أدري! سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقُلته، فيُقال: لا دريتَ ولا تليتَ، ويُضربُ بِمَرْزَبَةٍ من حديدٍ، يسمعُه كل شيء، سِوى الثقلين، ثمّ يُفتحُ له بابٌ إلى الجنة حتى تكتملَ حسرتُه، فيُقال: هذا مكانك لو أطعت الله تعالى، ثمّ يُغْلقُ عنه باب الجنة.

فما هي حالُه تلك اللحظةِ يا عباد الله؟ حينما يُغلقُ عنه بابُ الجنة ثمّ يُفتحُ له بابٌ إلى النار، فيراها يَحْطِمُ بعضُها بعضاً، فيُقال: هذا مكانك إذ عصيتَ الله، فيصرخْ: ربِّ لا تُقمِ الساعة! ربِّ لا تُقمِ الساعة! مع العلمِ أنه في جحيم، قد ضُيّقَ عليه في قبرِه حتى اختلفت أضلاعُه، وضُرِبَ بمرزبةٍ من حديد، ومع ذلك يقول: ربِّ لا تُقِم الساعة! ربِّ لا تُقِم الساعة! لأن ما بعد الساعة أشدّ مما هو فيه، عياذاً بالله!.

اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.