البحث

عبارات مقترحة:

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الرءوف

كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

تبشير الأمة بموجبات الجنة

العربية

المؤلف خالد بن علي أبا الخيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. تبشير الأمة بموجبات الجنة .
  2. هل دخول الجنة بالأعمال أم برحمة الله تعالى؟ .
  3. الأعمال الموجبة للجنان .
  4. بعض مفاتيح الجنة والطرق الموصلة إليها .
  5. أعمال تُدخل صاحبها الجنة .

اقتباس

هذا وليُعلم أن الأعمال الموجبة للجنان، لا تصح بدون إيمان، فالإيمان شرطٌ للفرائض، والنوافل وفضائل الأعمال، الأسباب كثيرة والأبواب مفتوحة، والطرق متاحة، وكثرتها وتنوعها لحكمٍِ وأسرار، ومنها رحمة وفضل الواحد القهار، ومن الحكمة أنه قد يتهيأ لبعض المؤمنين البعض والآخر البعض، والآخر البعض الآخر فتنوعها ليأخذ كلٌ بما فتح الله عليه، وصلح لحاله ووقته، وقد يتهيأ للمؤمن عدة أسباب، وذلك فضل الكريم الوهاب. والقاعدة السلوكية: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله. والموفق...».

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله الذي جعل للجنة أبوابًا، ولم يجعل دونها بابًا ولا حجابا، وأشهد أن لا إله إلا الله يسير على من شاء فانفتح له للجنة بابا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بيَّن طرق الجنة بيانًا وتبيانًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه الذين تزودوا واستعدوا استعدادًا.

أما بعد:

عباد الله التقوى: كنزٌ لا يفنى، وعدةٌ باقيةٌ لا تهوى، أهلها هم أهل جنة المأوى، معشر الموحدين في هذه اللحظات موضوعٌ ينبغي أن تشغل به الحياة، ويلجه من أراد الراحة والجنات، إذ وقته في الحياة، وزمنه في الدنيا، وزمرته دنيا وأخرى؛ إنه تبشير الأمة بموجبات الجنة.

 وقد تنوعت الموجبات واختلفت به الدرجات، والمقصود الوصول إلى الجنات، ومن المتقرر أن الجنة إنما تدخل برحمة الله كما في الحديث عن رسول الله «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ»، وفي لفظٍ «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الجَنَّةَ عَمَلِهِ» وفي لفظٍ «لنْ يَنْجُوَ أحدٌ منكم بِعَمَلِهِ» وعليه ليس عمل العبد مستقلًا بدخولها، وإنما هي أسبابٌ يعملها (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:32].

فالجمع بين النفي في الحديث، والإثبات في الآية: أن النفي نفيُ المقاضاة والمعاوضة، وإثباتُ باء السببية لدخول الجنة، فلا يغتر الإنسان ويجنح إلى الرجاء فيصور له الشيطان إنما يعمل ويرجو ويطمع رحمة ربه ويدعوه.

 يقول ابن القيم -رحمه الله-:

وتأمل الباء التي قد عينت

سبب الفلاح لحكمة الفرقان

وأظن باء النفي قد غرتك

في ذاك الحديث أتي به الشيخان

لم يدخل الجنات أصلًا كادح

بالسعي منه ولو على الأجفان

والله ما بين النصوص تعارضٌ

والكل مصدرها عن الرحمن

لكن بالإثبات للتسبيب

والباء التي للنفي بالأثمان

والفرق بينهما ففرق ظاهر

يدريه ذو حظٍ من العرفان

هذا وليعلم أن الأعمال الموجبة للجنان، لا تصح بدون إيمان، فالإيمان شرطٌ للفرائض، والنوافل وفضائل الأعمال، الأسباب كثيرة والأبواب مفتوحة، والطرق متاحة، وكثرتها وتنوعها لحكمٍِ وأسرار، ومنها رحمة وفضل الواحد القهار، ومن الحكمة أنه قد يتهيأ لبعض المؤمنين البعض والآخر البعض، والآخر البعض الآخر فتنوعها ليأخذ كلٌ بما فتح الله عليه، وصلح لحاله ووقته، وقد يتهيأ للمؤمن عدة أسباب، وذلك فضل الكريم الوهاب.

والقاعدة السلوكية: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله. والموفق من يغتنم الفرصة ويقتنص الحصة قال خالد بن معدان: «إذا فُتح لأحدكم باب الخير فليسرع إليه، فإنه لا يدري متى يغلق عنه».

 ومن باب قول القائل:

ولا ترج فعل الخير يومًا إلى غدٍ

  لعل غدًا يأتي وأنت فقيدُ

فهذه الموجبات أملٌ يبدد يأس اليائسين، وقمرٌ يتفاءل أمامه الجادون، وبشائرٌ وطمعٌ للراجين، وحافزٌ للسائرين، تخفى على كثيرٍ من المسلمين فأحببت الإشارة إليها، ورؤوس أقلامٍ في فضلها علها تكون لنا حافزة، وللتواصل والسير حائزة.

 فتلكم مفاتيح للجنة، وطرقٌ موصلةٌ للمنازل العالية، في وقتٍ تكالبت فيه الأعداء، وكثر فيه الغفلة والداء، في وقت كثرت فيه الهموم، وتلاحمت فيه الغموم، وكثر القلق والمكلوم في وقتٍ تناسى الناس الآخرة، وغفل الكثير عن المنازل الفاخرة، في وقتٍ انشغل الناس في هذه الدنيا وزخرفها، وحضارتها وزينتها، فعند ذلك قلت العبادة، وضعف الإيمان، وتناست الهمم، وأصبح المرء يخاف على الفرض وتركه، والواجب ونسيانه، في وقتٍ كثرت فيه الفتن، وتلاحمت المحن، كل فتنةٍ ترقق أختها، وتنسي ما قبلها انشغلت الأذهان، وأصبح الحليم العاقل حيران، فمن هذا نضع النقاط على الحروف، ونأخذ ما تيسر من موجبات الجنة والحتوف.

فدونك على عجالة، بشائر للسير والسلامة، والثبات على التوحيد والعبادة، فالموفق من بادر وقته، وسارع إلى ربه، واستعد لموته، وراقب ربه، وحفظ وقته، واغتنم أنفاسه ونفسه.

فمن ذلك القيام بالفرائض والواجبات، وهذا هو الأصل في العبادات، ثم التثنية بالنوافل والمستحبات، ومنها تلاوة القرآن فهو أعظم موصلٌ إلى الجنان، ومحبة الرحيم الرحمن، فيقال لصاحب القرآن «اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».

وما تقرب المتقرب بمثل تلاوة القرآن، ومنها إحصاء أسماء الله الحسنى، ففي الصحيحين عن المصطفى «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ» وإحصاؤها دعاءُ الله بها، والعمل بمدلولها، والإحاطة بمعانيها، وقراءة آية الكرسي دبر كل صلاةٍ مكتوبة، فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ» (رواه النسائي في اليوم والليلة).

 وكذا تحقيق التوحيد والعقيدة، فمن لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، فهو السالم من الشرك قليله وكثيره، صغيره وكبيره، ورأسها، وأساسها ذكر الله، ويدخل فيه التسبيح والتكبير، والتحميد والتهليل وقراءة القرآن، وألوان الأذكار المحدودة والمطلقة، ومنه الحوقلة، «لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ» وكذلك ذكر الشهادتين بعد الوضوء والطهارة.

يقول ابن القيم:

وما علمت بأنها القيعان فاغرس

  ما تشاء بذا الزمان الفاني

وغراسها التسبيح والتكبير والت

  حميد والتوحيد للرحمن

تبًا لتارك غرسه ماذا الذي

  قد فاته في مدة الإمكان

ومن الموجبات -أيها الإخوة والأخوات- المحافظة على الصلوات المكتوبات لاسيما صلاتي الفجر والعصر، فقد جاء عن سيد البشر: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ» (متفق عليه).

 ومنها السنن الرواتب: أربعٌ قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر.

وكذا سنة الوضوء، وكثرة السجود، وقيام صلاة الليل، وصلاة الضحى، والمشي إلى المساجد للصلوات، وصلاة ركعتين بحضور قلبٍ، وخشوعٍ في غير أوقات النهي، ففي مسلم أيها الأخ المسلم: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلٌ بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة"، وهي سنةٌ مغفولٌ عنها مع يسرها وسهولتها.

ومن الحسنات الموصلة للجنات، التوبة النصوح، والإقبال على الله (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) [مريم:60].

 وكذا سؤال الله الجنة، ففي صحيح السنة «من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة» اللهم إنا نسألك الجنة.

ومن الوسائل والأعمال الفضائل: ذكر سيد الاستغفار في أوراد المساء والصباح فمن قالها ومات عليها فهو من أهل الجنة.

 والحادي العشر أيها المعشر أعظم النوافل والعبادات، وأفضل ما أفنيت فيه الأوقات: طلب العلم ابتغاء وجه الله، فعند مسلم رحمه الله «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة».

 وكذلك منها جعلني الله وإياكم من أهلها: بناء المساجد لله «من بنى مسجدًا لله بنى الله له بيتًا في الجنة».

ومنها السنة المهجورة، وهي متابعة المؤذن للصلوات المكتوبة، فمن أجاب مثلما ما قال مخلصًا من قلبه دخل الجنة.

 وكذلكم بارك الله فيكم الصوم فرضه ونفله، فله بابٌ مشهورٌ في الجنان يسمى باب الريان، وإذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنان.

 والخامس والسادس عشر: الحج والعمرة لمن اعتمر، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ويستوي الفضل للفرض والسنة، وكذا الجهاد والمرابطة والنفقة في سبيل الله من أسباب دخول الجنة.

 والعشرون: الصدقة، والإحسان إلى الفقراء والمعوزين، والأيتام والمحتاجين، والأرامل والمساكين، لاسيما الأقربين، ومن الموجبات التجاوز عن المعسرين والتخفيف والتسامح مع البائعين والمشترين، وإقالة المستقلين، ومنها أربع طاعات: إذا اجتمعن في يومٍ وليلة أورثن الجنات كما في مسلم «صيام النافلة والإطعام وعيادة المريض وتشييع الجنازة فما اجتمعن امرئٍ في يومٍ إلا دخل الجنة» وقد اجتمعن لأبي بكرٍ أفضل الأمة.

ومنها: إماطة الأذى عن طريق المسلمين موجبٌ لدخول جنة رب العالمين، والإحسان إلى الحيوان رفقًا وإطعامًا، ذبحًا وحملًا وإكرامًا، ومن موجبات الجنة إخوة الكتاب والسنة كفالة اليتيم والعطف عليه، وتربية وإعالة البنات، والإحسان إليهن، والقيام بشئونهن، «فمن عال جاريتن كنت أنا وهو كهاتين» كما ثبت عن سيد الثقلين.

ومن أسبابها حُسن الخلق، وتقوى الحق، وعند الترمذي: «سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: تقوى الله وحسن الخلق، ومن الأسباب ترك المراء والجدال في الباطن والارتياب، ومنها: الصدق في الحديث، وترك الكذب، وحفظ اللسان عن الهذيان، وحفظ الفرج عما حرم الله، ففي الصحيحين: «من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة».

ومنها: كظم الغيظ وكف الغضب، وسلامة الصدر من الحسد والحقد والكذب أسبابٌ جليلة، وأوصافٌ جميلة، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، الحمد لله ذي الفضل والمنة، نسأل الله بكرمه وفضله الفضل والجنة.

 أيها الأصحاب ومن الأسباب ثناء الناس الحسن بما فيك من الخصال والمنن، وحسن التعامل وجميل الطبائع، وسخاء النفس، والتواضع الجم، وحب الخير للغير، فهو عنوان الإيمان، ومن ذلك بر الوالدين والإحسان إليهما، وعدم عقوقهما «فرغم أنفٌ، ثم رغم أنفٌ، ثم رغم أنفٌ من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما، ثم لم يدخل الجنة».

واستغفار الولد للوالد، والدعاء له في كل صادر ووارد وزيارة المريض، وزيارة الإخوان في الله، زيارتان جميلتان موجبتان للجنان، والصبر عند فقد الأحباب، لا سيما الأولاد شريطة الاحتساب.

 ومنه من فقد بصره عوضه الله منهما الجنة، ومنه الصبر عند الصرع موجب للجنة والدفع.

ومن الأسباب أمة السنة والكتاب طاعة المرأة لزوجها، وعدم سؤال الناس تكففًا وتعففًا، والرضا بالله ربًا خالقًا، ورازقًا ومدبرًا، وإلهًا ومعبودًا مستحقًا، وبالإسلام دينًا تمسكًا وانقيادا، وبمحمدٍ نبينا طاعةً وإتباعًا، فمن رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمدٍ نبيا وجبت له الجنة.

ومن البشائر: إفشاء السلام وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، وإلانة وحلاوة الكلام سببٌ لدخول جنة السلام، والمتواضع الضعيف لتواضعه «ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيفٍ متضعف»، ومنه الفقير والمسكين الصابر على أمور الدنيا والدين، ومن الخصال وجميل الأفعال السماحة بالبيع والشراء والقضاء والاقتضاء، وكذا خلق الحياة، يورث (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى) [يونس:26].

ولزوم الجماعة سبب لبحبوحة الجنة كما في صحيح السنة «مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ»، وهو عامٌ لجماعة المسلمين وإمامهم، ولزوم أهل العلم الفقه والحديث وصلحائهم، وذي السلطان المقسط، والرجل الرحيم الرقيق وذو العيال المتعفف هم من أهل الجنة، ومن قضى فعدل وحكم فأصلح، واجتهد فأنجح فهو من أهل الجنة، ومن قوي توكله ووثق بربه، وتأصل إيمانه دخل جنة ربه «الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون».

والكلمة من رضوان الله دعوة ونصحا، أمرًا ونهيا، وقولًا لينا حسنًا سببٌ لدخول الحسنى، واسمع إلى هذه الخلال: "فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرًا عن طريق الناس، أو شوكة أو عظمًا عن طريق الناس، وأمر بالمعروف، أو نهى عن المنكر عدلت تلك الستين والثلاثمائة السلامة فإنه يمشي وقد زحزح نفسه عن النار".

فهذه خصالٌ محمودة، خمس وستون خصلة سبب لدخول الجنة منصوصة، وغيرها في أماكنها مسطورة، وتلكم قاعدة عامة، وهي فعل الطاعة على حسب الاستطاعة كما في البخاري «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى»، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى قال: «من أطعاني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» والقيام بالمفروضات سببٌ لدخول الجنات مع الصدق وإخلاص النيات.

جاء رجلٌ إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وقال يا رسول الله: «أرأيت إن صليت المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام أأدخل الجنة؟ قال: نعم» (رواه مسلم).

 وحتى التعاملات مع الأخلاق والمعاملات رغب فيها سيد البريات كما في مسلم «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأتيه منيته وهو يحب أن يأتي للناس ما يؤتى إليه».

ومن السبل العامة والوسائل الجامعة: الصبر على المكاره لأجل الطاعة، ففي الحديث المتفق عليه "حُجبت الجنة بالمكاره".

 ومن البشائر والسرور النظائر ما رواه البخاري قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز ما من عاملٍ يعمل بخصلةٍ منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة، فلا يهلك على الله إلا هالك، وما هناك عذرٌ على ما هنالك».

ومن البشائر والتفاؤل: حسن الظن والتكافل، قوله سبحانه: (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) [غافر:40]، فلا حصر ولا حد للعمل الصالح فسارع، وسابق وبادر، ولاحق ونافس واعمل وجد واجتهد (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ) [فصلت:46]، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه)[الزلزلة:7]، (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ) [العنكبوت:6]، (مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) [النحل:96].

إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وخاتمة المطاف ونهاية الألطاف هذا وفتح الباب ليس بممكنٍ إلا بمفتاحٍ له أسنانٍ، مفتاحه بشهادة الإخلاص، وتوحيد تلك شهادة الإيمان، أسنانه الأعمال وهي شرائع الإسلام، والمفتاح بالأسنان.

لا تغلين هذا المثال فكم به

من حل إشكالٍ لذي العرفان

والله أعلم.